"خرجت للعب في الثلج مع أبناء عمي. أصابتنا قنبلة. رأيت يديّ ابن عمي تتطاير أمام عينيّ. لقد فقدت ساقيّ الاثنتين. تُوفي اثنان من أبناء عمي وفقد آخر ساقيه"، بهذه الكلمات يصف سامي (14 عاماً) حياته في ظلّ الحرب الدائرة في سوريا.
عاش سامي الحرب السوريّة في درعا، جنوبيّ سوريا، لكنّه الآن يعيش في الأردن متحدياً إعاقته وباحثاً عن حياة جديدة. ولا شكّ أنه ليس الطفل الوحيد الذي غيّرت الحرب السورية جسده ليصبح من ذوي الإعاقة، فهناك الآلاف غيره من الأطفال الذين عانوا من الحرب على امتداد سنواتها السبع والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
"سيحمل هؤلاء الأطفال معهم ندوباً ترافقهم طيلة حياتهم"، هذا ما قاله تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، مركّزاً على الأطفال من ذوي الإعاقة الذين يواجهون "خطر الإقصاء والنسيان بغياب نهاية قريبة للحرب في سوريا".
العام 2017 الأسوأ على الإطلاق
"لا أمل بنجاة الأطفال السوريين، فهم إمّا قتلى وإما يعانون من إعاقات أو صدمات نفسيّة"، بحسب ما أظهره تقرير "يونيسف" الذي كشف أنّ العام 2017 كان الأسوأ على أطفال سوريا، إذ أسفر عن مقتل أعلى عدد من الأطفال منذ بداية الحرب، بزيادة 50% عن العام 2016، بينما أوضح التقرير أن عام 2018 لا يبدو أفضل على الإطلاق.
الأطفال ذوو الإعاقة الأكثر تأثّراً
وسط مشكلة عامة تحيط بأطفال سوريا، يبقى الأطفال من ذوي الإعاقة أكثر تعرضاً من غيرهم لمخاطر العنف، ويواجهون صعوبات في الحصول على الخدمات الأساسية بما في ذلك الصحة والتعليم، حسب تقرير "يونيسف".
وتزداد إمكانية تعرّض هؤلاء للعنف والاستغلال وسوء المعاملة والإهمال عند وفاة أولياء الأمر أو تفرُّق الشمل، وقد لفت التقرير إلى أنّ النزوح أدّى إلى وضع ذوي الإعاقات في أماكن أقرب إلى المخاطر مثل حوادث المرور والأنهار والقرب من مخلفات الحرب غير المنفجرة.
وكان المدير الإقليمي للمنظمة في الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا خيرت كابالاري أطلق نداء من العاصمة اللبنانية بيروت لتأمين موازنة منظمته لعام 2018، والبالغة 1.3 مليار دولار أميركي، تحت عنوان "سبع سنوات من الحرب في سوريا: الأطفال ذوو الإعاقات - مستقبل أكثر تمكيناً".
وقال كابالاري: "في حالات النزاع، يكون الأطفال من ذوي الإعاقة من أكثر الفئات هشاشة (..)، وغالباً ما يحتاج هؤلاء الأطفال إلى علاج وخدمات متخصصة. تختلف احتياجاتهم كأطفال عن احتياجات الكبار"، محذراً أنه "في حال عدم حصولهم على الخدمات والمدارس ووسائل المساعدة مثل الكراسي المتحركة، فإن العديد من الأطفال ذوي الإعاقة يواجهون خطراً حقيقياً بالإقصاء والإهمال والوصم مع استمرار هذا النزاع الذي لا ينتهي".
تعرّض أكثر من 360 طفلاً سورياً للإصابة، عام 2017، ما تسبّب في إعاقة دائمة للعديد منهم، بينما يوجد حوالي 3.3 مليون طفل داخل سوريا يتعرضون لمخاطر المتفجرات بما في ذلك الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، حسب "يونيسف"
القتل ليس الضريبة الوحيدة
لقد أصبح النزاع القائم في سوريا الآن هو أوّل سبب للوفاة بين اليافعين في البلاد، وقالت "يونيسيف" إن استخدام الأسلحة المتفجرة والهجمات العشوائية التي استهدفت المناطق ذات الكثافة السكانية العالية تسببوا بمقتل 910 أطفال، بالإضافة إلى تعرّض أكثر من 360 طفلاً للإصابة، عام 2017، ما تسبب في إعاقة دائمة للعديد منهم، مشيرة إلى أنّه من المرجّح أن تكون أعداد القتلى والمصابين من الأطفال أكثر من ذلك بكثير.
وتكلّم التقرير عن "ندوب" جسدية ونفسية سيحملها معه جيل كامل من الأطفال، لاسيّما في ظل الانتهاكات بحق الأطفال من إشراكهم في القتال إلى الإستغلال والعمالة القسرية والزواج وندرة الغذاء وصعوبة الوصول إلى الرعاية الطبيّة والتعليم، إذ تحققت الأمم المتحدة من وقوع 175 هجوماً على المرافق التعليمية والطبية وعلى العاملين فيها عام 2017.
وقال التقرير إنّ ما يُقدّر عدده بـ3.3 مليون طفل داخل سوريا يتعرضون لمخاطر المتفجرات بما في ذلك الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، ويعيش أكثر من 1.5 مليون آخرين الآن مع إعاقات دائمة نتيجة الحرب، بما في ذلك 86 ألف شخص فقدوا أطرافهم.
كما أكّد أنّ 80٪ من إصابات اللاجئين السوريين في لبنان والأردن، هي نتيجة مباشرة للحرب.
وتبيّن كذلك، حسب "يونيسف"، أن 13 مليون شخصاً داخل سوريا، نصفهم من الأطفال، بحاجة إلى مساعدات إنسانيّة، بالاستناد إلى العديد من المؤشرات الإقتصادية التي تُظهر أن السوريين مرّوا بظروف اقتصادية العام الماضي أسوأ من تلك التي عانوها عام 2016، وأنّ أكثر من 12 % من اليافعين يعانون من مرض سوء التغذية الحاد.
طموح أطفال سوريا لا يعرف الحدود... ولكن!
فيما وصفت "يونيسف" الحرب السوريّة بأنها "حرب على الطفولة"، أثنت على العزيمة والإصرار اللتان لا يزال أطفال سوريا يتمتعان بهما على الرغم من الأضرار المدمرة التي خلفتها سنوات الحرب.
وقال كابالاري: "على الرغم من الإصابات والنزوح، فإن طموح أطفال سوريا لا يعرف الحدود. عندما يتم توفير ما يحتاجه هؤلاء الأطفال وعائلاتهم من دعمٍ وخدمات، فإننا نجدهم قد تغلّبوا على التحديات التي يواجهونها وأنجزوا أعمالاً استثنائية لاستعادة بعضٍ من طفولتهم وكرامتهم وأحلامهم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين