شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
نقاش اليوم: الاختلاس النظري الجنسي Voyeurism والافتضاحية Exhibitionism

نقاش اليوم: الاختلاس النظري الجنسي Voyeurism والافتضاحية Exhibitionism

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 8 مارس 201805:47 م
تستمتعون بالنظر إلى خصوصية الآخر. تشعرون برغبة كبيرة حين تكونون معه في أوقات حميمة، أثناء الاستحمام، التعرّي، أو ممارسة الحب. يسكنكم شغف التلصص عليه. شغف يولّد لديكم إثارة جنسية لا تستطيعون السيطرة عليها. ولا تريدون ذلك. أو أن لديكم رغبة جامحة في ملامسة جسدكم في العلن أمام شخص آخر يراكم؟ رغبة تدفعكم إلى كسر القيود الاجتماعية التي توصي بالحشمة، فتتلذذون بمشاهدته لكم حتى تُثاروا جنسياً. هي متعة النظر تتخطى العام وتدخل في خصوصية الآخر. متعة جنسية يتآلف البعض معها، فيما تتخطى قدرة الآخرين على التحكم فيها، فتدخل في خانة ما يسمى بالشذوذ الجنسي المعروف بـ"الاختلاس النظري الجنسي" Voyeurism و"الافتضاحية" Exhibitionism. متى تتخطى متعة النظر المحظور؟ وهل من سبيل للتآلف معها؟

التعريف

يعرّف المعجم الخاص بالإضطرابات النفسية DSM6 الاختلاس النظري الجنسي باللذة الجنسية التي يجدها الشخص لدى النظر إلى الأعضاء التناسلية للآخر أو مشاهدته أثناء ممارسة الجنس من دون علمه. متعة النظر تلك تثيره جنسياً. أما الافتضاحية بمعناها الطبي النفسي، فتحصل حين يتحفّز الشخص جنسياً عندما يُري أعضاءه التناسلية للآخر أو عندما يراه الآخر وهو يمارس الجنس أو العادة السرية. هذا بالمفهوم الطبي العام. أما بالمفهوم الاجتماعي فالمسألة لا تعرّف حصراً على أنها اضطراب، لأن الكثيرين يتمتعون بهذا النوع من اللذة ولو أبقوا ذلك سرّاً. العديد من الأشخاص يستمتعون بمشاهدة الآخرين أو التنصت عليهم، وهم في أوضاع حميمة، مما يثير خيالهم الجنسي ويجعلهم يلامسون أعضاءهم الجنسية نتيجة الإثارة. وفي السياق نفسه، نجد العديد من الأشخاص يتمتعون بالظهور بمظهر مثير للنظر، إذ يكشفون عن مفاتنهم أكثر مما هو مقبول اجتماعياً، وهذا ما يثير الآخر جنسياً ويثيرهم هم أيضاً بالدرجة الثانية. إنها رغبة جنسية لدى الكثيرين، لكنها خطيرة بما فيها من لذّات ومتعة تخطي حدود الجسد وخصوصية الآخر. فإن استطاع الشخص السيطرة عليها والاستمتاع من دون أن يشعر الآخر بالتهديد، فستبقى في حدود اللذة الشخصية. أما إذا تم تجاوز الحدود وأصبح الشخص مكشوفاً أمام الآخرين، فسيشكل ذلك خطراً عليه، إما في شعوره بالذنب أو في اختلال علاقاته الاجتماعية، وهنا ندخل في خانة الاضطراب الجنسي. لكن السؤال الأهم هنا هو: هل متعة النظر تلك يجب أن تختفي ويتم التخلص منها أو "معالجتها" كما ينصح بعض رجال الدين أو متخصصون في علاج الأمراض النفسية أم أنها لذّة جنسية يجب إيجاد إطار سليم وسرّي لها؟

جولة في دماغ هؤلاء

كيف يفكر الأشخاص الذي يشعرون بلذّة جنسية لمجرد النظر إلى أعضاء الآخر التناسلية أو عندما ينظر الآخر إلى أعضائهم التناسلية؟ أين نجدهم وكيف يتعايشون مع تلك الرغبات؟ هل تستمتعون بمشاهدة أفلام البورنو ومشاهد الجنس الحميمة؟ هل يثيركم ذلك جنسياً؟ هناك بعض من الاختلاس النظري الجنسي في ذلك. بعضنا يشعر بالمتعة إن نظر إليه شخص بإعجاب حتى ولو لم يعبّر عن ذلك علناً خشية النقد. ومنا من يشعر باللذة حين يشاهد آخرين في أوضاع حميمة إن لم تكن لذّة بمعناها الصرف، فهي بالطبع فضول أو لهفة. فيما تبقى الدراسات والإحصاءات شبه غائبة في العالم العربي لكون تلك المسألة تابو، يظل الحال مختلفاً في العالم الغربي. فقد أشارت دراسة أجريت في جامعة كارولينسكا في ستوكهولم على عينة من 2450 شاباً وشابة سويدية حول  شعورهم بإحدى تلك الرغبات الجنسية. وبيّنت الدراسة أن الرجال يتفوقون على النساء في رغبة الاختلاس النظري الجنسي كما في لذّة الافتضاحية.
وتأتي أرقام مشاهدات البورنو لتثبت ذلك أيضاً، ومعها الطبيعة الجندرية للوافدين إلى الكباريهات والملاهي الليلية لتأمل الراقصات، وهنّ ينزعن عنهن شيئاً فشيئاً اللانجوري. وهذا ما يزيد من الإثارة بفعل النظر فقط لأن اللمس ممنوع. متعة النظر إذاً تكون في ذروتها في تلك الأماكن، وعلى شواطئ العراة، في الملاهي الليلية، أمام شاشات الهاتف حيث يستطيع الشخص أن يراقب الآخر من دون الحاجة إلى لمسه، مما يشعل لذّته الجنسية وخياله الجنسي. يعتبر فرويد، الطبيب والمحلل النفسي المتهم بإرجاع مشاكل الشخص إلى قمع جنسي ما، أن الإنسان بطبيعته شاذ (بمعنى الشواذ عن القواعد الجنسية المقبولة اجتماعياً). ولشواذه أشكال عدّة. أي أن لا تركيبة جنسية تشبه أخرى وكل شخص مختلف عن سواه في أهوائه ورغباته وطريقة استمتاعه بالجنس. فإن كانت إشكالية اعتبار الاستمناء بمجرد النظر إلى آخرين يمارسون الجنس أو رغبة عرض تفاصيل الجسد الحميمة ليراها الآخر والتلذذ بذلك، شذوذاً أو مرضاً نفسياً، فكيف نصنف الأشخاص الذين يتلذذون برائحة الشريك أو الذين يشعرون بلذّة إن تعرضوا للضرب الخفيف أثناء ممارسة الجنس؟ رغبات وممارسات جنسية تبقى سرّاً، وتعني الشخص وحده. رغبات إذا استطاع الشخص وضعها ضمن إطار سليم لا يؤذي الآخر ولا يرغمه على التورط بفعل جنسي، أعطت حياته متعة خاصة تخرجه من روتين الحياة الذي لا يرحم الجنس ولا يستثنيه، فتصبح الحياة الجنسية الخارجة أساساً من عقدة القواعد والقوانين مختلفة، لذيذة، متجددة، يستطيع الشخص فيها عيش حرية الرغبات والتمتع بخصوصية لذّاته.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard