أقدم أخيراً شاب مصري على الانتحار، لكنه قبل أن يفعل ذلك بقليل كتب على حسابه على موقع فيسبوك إنه لم يعد يستطيع تحمل الحياة، وأنهى منشوره بجملة "مع السلامة".
بحسب شهادات أقاربه وزملائه التي ظهرت في التعليقات على المنشور، فإن الشاب كان يعاني من "الوحدة" ويتحدث دائماً عن إحساسه بالغربة رغم وجوده بين الكثير من الناس.
لا ينسى المصريون قصة أسد السيرك القومي (مقره منطقة العجوزة بمحافظة الجيزة المصرية) الذي قتل مدربه المصري محمد الحلو على الهواء أثناء عرض أمام الجمهور.
بعد فقده لمدربه، دخل الأسد، الذي كان يطلق عليه اسم "سلطان"، في حالة من الحزن والوحدة أدت لاكتئابه، وأضرب عن تناول الطعام حتى مات.
ما سبق مجرد قصتين من آلاف القصص التي تُظهر كيف يمكن للإحساس بالوحدة أن يكون مدمراً. وتظهر كثرة الدراسات العلمية التي تتناول موضوع الوحدة مدى قدرته على إثارة اهتمام العلماء والباحثين.
أحدث تلك الدراسات قام بها الدكتور كريستوفر فاغندس، الذي أراد معرفة كيف يمكن للوحدة أن تزيد من درجة إحساسنا بالأمراض، حتى البسيطة منها.
جنّد الأستاذ المساعد لعلم النفس في جامعة رايس وفريقه 213 مشاركاً، وعرّضوهم للمرض عبر إعطائهم قطرات أنف طبية تحتوي على فيروسات تعد هي المسؤولة عن نزلات البرد التي تصيبنا. ثم حُجز المشتركون، كل على حدة، في غرف فندقية خمسة أيام وطلب منهم أن يسجلوا مشاعرهم.
عندما قام فاغندس وفريقه بتحليل نتائج الدراسة، توصلوا لما يمكن اعتباره أمراً متوقعاً، كما يقول فاغندس في الورقة البحثية التي نشرت في المجلة الصادرة عن جمعية علم النفس الأمريكية. الناس ببساطة شديدة يشعرون بالألم أكثر وتزيد لديهم مخاطر المرض عندما يكونون بمفردهم، أكثر بكثير من أولئك الذين يكونون بين أناس يحبونهم.
توصلت الدراسة إلى أن الشعور بالوحدة يعد خطراً حقيقياً على الصحة، وقد يزيد من فرص إصابة الشخص بمجموعة من الأمراض، منها أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والاكتئاب والخرف.
الوحدة فيها سم قاتل
هناك بحر واسع من الدراسات التي تتناول مخاطر الوحدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر خرجت عام 2015 دراسة أجراها باحثون في جامعة بريغهام يونغ تؤكد أن الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية عوامل مميتة، مثلها مثل السمنة والتدخين ونقص النشاط البدني.
وقد بدأت جهات عدة حول العالم باعتبار الوحدة وباءً حقيقياً يتوجب البحث عن أفكار لعلاجه، فمثلاً، قررت الحكومة البريطانية تكليف وزيرة بتولي مسؤولية التعامل مع مشكلة الوحدة التي يعاني منها الملايين في بريطانيا، وأطلق عليها "وزيرة الوحدة".
وبحسب بي بي سي، فإن الوزيرة تراسي كراوتش تقول إنها فخورة بقبول ما قالت إنه تحدٍّ ممتد عبر أجيال، إذ يعاني من الوحدة نحو تسعة ملايين شخص في بريطانيا.
وأُنشئَت لجنة معنية بقضية الوحدة لأول مرة في بريطانيا بمبادرة من النائبة الراحلة، جو كوكس، التي أدركت مبكراً مدى تغلغل الشعور بالوحدة في أنحاء بلادها.
وبحسب إحصاءات بريطانية رسمية، فإن ما يقدر بنحو نصف الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 75 عاماً يعيشون وحدهم، أي حوالى مليوني شخص في أنحاء بريطانيا، بينما يقول كثيرون إنه قد تمر عليهم أيام بل أسابيع من دون أي تواصل اجتماعي على الإطلاق.
يصعب تحديد مدى انتشار الوحدة في الدول العربية، لأن أغلبيتها لا تصدر أرقاماً تتعلق بعدد مواطنيها الذين يعشون بمفردهم من دون أي تواصل اجتماعي.
ورغم أهمية الحفاظ على الأواصر العائلية وقوة حضور الروابط الاجتماعية في الثقافة العربية، يمكن اعتبار دور المسنين على سبيل المثال نموذجاً لفكرة من يعيشون بمفردهم بعيداً عن أهاليهم.
ففي بلد مثل مصر، كثيراً ما تعلن دور المسنين رغبتها في متطوعين يقومون بزيارة المسنين، بهدف الترفيه عنهم وإنقاذهم من إحساس الوحدة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.