شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
شركات غامضة في السعودية تروّج لهاشتاغات غريبة في تويتر، وهدفها...

شركات غامضة في السعودية تروّج لهاشتاغات غريبة في تويتر، وهدفها...

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 5 مارس 201806:03 م
أظهر تحقيق خاص أجراه موقع "بي بي سي" إقدام بعض الشركات في السعودية على إنشاء حسابات وهمية بهدف الترويج لهاشتاغات مقابل مبالغ مالية، ما يعتبر انتهاكاً واضحاً لقواعد تويتر. وقد بيّن التحقيق قيام بعض هذه الشركات الغامضة التي لها حسابات وهمية، بالترويج لهاشتاغ معيّن لبضع ساعات مقابل نحو 150 جنيهاً إسترلينياً، أي ما يعادل 200 دولار أميركي. واللافت أن هذه الهاشتاغات غالباً ما تكون غريبة وتثير تعجب البعض من السبب الكامن وراء انتشارها بهذه الطريقة السريعة. ففي مطلع ديسمبر مثلاً، تصدرت عبارة "الخروف_مشوي_المجمر" قائمة "الترند" في المملكة العربية السعودية، وقد حصلت هذه الجملة على نحو 17 ألف تغريدة، كانت بمعظمها تروّج لمطعم واحد وتذكر رقم هاتفه. فتلك الشركات تجعل التغريدات والأحاديث تبدو طبيعية وعفوية في حين أن المسألة أكبر من ذلك بكثير.

"الترند"

عادةً، تعني قائمة "الترند" اللائحة التي تشمل أكثر الهاشتاغات انتشاراً في بلد أو مدينة معيّنة وفق اختيار المستخدمين، وغالباً ما تتصدر هذه القائمة الصفحة الأولى. علماً أن "المواضيع الترند" لا يتم قياسها فقط بالشعبية، أي بإجمالي عدد التغريدات، بل بسرعة انتشارها على الشبكة، ولهذا السبب غالباً ما تتصدر الهاشتاغات المرتبطة بالأخبار العاجلة وعناوين المواقع الإخبارية الشهيرة قائمة "الترند" بسرعة قياسية. ورغم أن تويتر سمحت للشركات بأن تدفع مبلغاً مالياً مقابل أن تظهر في القائمة، فإن هذا النوع من "الترند" يندرج ضمن خانة الإعلانات، وبالتالي لا علاقة له بالحسابات المزيّفة التي تنشئُها بعض الشركات من أجل الترويج لنفسها.

"ألف مبروك فهيمه"

بهدف تأكيد الهاشتاغات الزائفة، قام فريق "بي بي سي ترند" بالتواصل مع الشركة التي تقف وراء هاشتاغ "الخروف مشوي المجمر" الذي تمكن من الوصول إلى قائمة الترند في السعودية. وبعد سلسلة من المفاوضات عبر واتس آب، وافقت الشركة المزعومة على ترويج هاشتاغ اخترعه فريق "بي بي سي" حمل عنوان "ألف مبروك فهيمه" ليصل إلى قائمة "المواضيع الترند" في السعودية مقابل 200 دولار أميركي. وتعهّد شخص يعمل في الشركة إيصال الهاشتاغ والترويج له في الخليج العربي، إلا أن المحاولة فشلت بعدما تصدر حفل زفاف أحد المشاهير قائمة "الترند". ولكن بعد مرور عدة أيام نجحت الشركة في إيصال الهاشتاغ إلى قائمة أكثر الهاشتاغات تداولاً في مدينة جدة السعودية، إذ وصلت العبارة المقترحة إلى المرتبة السادسة في قائمة "الترند". واللافت أن الشركة استخدمت حسابات وهمية لضخ أكثر من 600 تغريدة، بما في ذلك هاشتاغ "ألف مبروك فهيمه". وحالما وصل هذا الهاشتاغ إلى "الترند" بدأ الناس فعلاً بتداوله بكثرة، متسائلين "من هي فهيمه"؟ حتى أن البعض زعم بأنه يعرفها وبأنها صديقته، فقد كتب أحد المغردين: "أعرف فهيمه! لقد أنجبت للتو 4 توائم!".

القيود

لا شك أن هناك قيوداً محددة لقدرات تلك الشركات على الترويج لهاشتاغ معين. فرغم أن هذه الحسابات الوهمية نجحت في إيصال الهاشتاغ إلى لائحة "الترند" في جدة، لم تفلح في جعله يتصدر الاتجاهات العامة في المملكة العربية السعودية، بخلاف هاشتاغ "لحم الخروف" الذي انتشر على الصعيد الوطني. وعليه، أكد فريق موقع "بي بي سي" أن مزاعم هذه الشركات بإيصال الهاشتاغات إلى المملكة المتحدة وغيرها من الدول الأجنبية، تبقى إدعاءات واهية. ومع ذلك، اعتبر الموقع أن قدرة تلك الحسابات على إيصال هاشتاغ إلى قائمة الترند في بلد يحظى"تويتر" بشعبية كبيرة، هو أمر مثير للإعجاب.

التأثير السياسي

في السياق نفسه، كشفت إحصائية صدرت في العام 2014 أن هناك 2.4 مليون مستخدم نشط لتويتر في المملكة العربية السعودية، وهو ما يشكل أكثر من 40% من إجمالي المغردين النشطين العرب. وبرغم أن أغلبية الهاشتاغات التي تروج لها الشركات الغامضة في المملكة هدفها الترويج التجاري، هناك احتمال للتلاعب السياسي، وفق ما يؤكده مارك اوين جونز، وهو محاضر في تاريخ الخليج والجزيرة العربية في جامعة إكستر. يقول:"لاحظت خلال الأزمة السعودية-القطرية الأخيرة أن هناك آلاف الحسابات التي تطلق معلومات مزيّفة أو دعائية"، مشيراً إلى أن "الشق المثير للاهتمام يكمن في كون هذه الحسابات قادرة على التلاعب بما يراه الناس من حول العالم"، وبالتالي فإن انتشار هذه الهاشتاغات كـ"ترند" يجعل الناس في الخارج تعتقد أن هذا ما يتم تداوله حقاً في الخليج.

تويتر يردّ

وفي بيان لتويتر، أكدت الشركة للـ"بي بي سي" أنها على مر السنين تحاول إحباط الرسائل غير المرغوب غيها وغيرها من محاولات التلاعب بالهاشتاغات، باتخاذ تدابير فعالة، أهمها استبعاد بعض المستخدمين إلى جانب التغريدات الآلية من قائمة "الترند". وتشير الشركة إلى أنها تحاول تعديل وتطوير قدراتها التكنولوجية للتصدي للتكتيكات التي يتّعبها بعض المستخدمين. وأعلنت شبكة "تويتر" أنها منذ يونيو 2017 نجحت في الكشف عن نحو 130 ألف حساب يومي حاولت التلاعب بقائمة "الترند".

الشهرة المزيّفة

"تويتر آلة مصممة لتوليد مشاعر قبيحة، إذ يخضع كل شيء للكمية: عدد الناس الذين يحبون تغريداتكم، عدد الذين يشاركون كلماتكم مع المتابعين، والأهم هو عدد المتابعين لكم. وإذا كنتم تنفقون الكثير من الوقت على المنصة، فإن تلك الأرقام سرعان ما تصبح مؤشراً لقيمتكم الذاتية، وبغض النظر عن مدى ارتفاع تلك الأرقام فإنكم ستشعرون دوماً بأنها قليلة جداً"، كتب "جاكوب بروغان" في مقال على موقع "سلايت". ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً مفصلاً يغوص في السوق السوداء لوسائل التواصل الإجتماعي، كشفت فيه قيام العديد من الممثلين وعارضات الأزياء والرياضيين ورجال الأعمال بشراء متابعين مزيفين من شركة غامضة تدعى "ديفومي" من باب تضخيم الشهرة. هكذا يحصل المؤثر الذي لديه مثلاً 100 ألف متابع على تويتر على 2000 دولار مقابل إطلاق تغريدة ترويجية، في حين أن المؤثر الذي لديه مليون متابع يحصل على 20 ألف دولار مقابل كل تغريدة ترويجية. من هذا المنطلق، تختلف الأرقام بحسب درجة الشهرة والتأثير. وعليه، اعتبرت الصحيفة أن الجميع يريدون أن يكتسبوا شعبية على الإنترنت، وبعضهم مستعد لدفع ثمن هذه الشهرة "المزيّفة".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image