شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
المرأة ثرثارة ولسانها طويل؟ اعتقادٌ ربما غايته إسكاتها خوفاً مما قد تقوله عن الرجال

المرأة ثرثارة ولسانها طويل؟ اعتقادٌ ربما غايته إسكاتها خوفاً مما قد تقوله عن الرجال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 5 مارس 201806:03 م
"طول لسان المرأة ثلاث بوصات، لكنه يستطيع أن يقتل رجلاً طوله ست أقدام". "اخترع الناس الراديو واخترع الله لسان المرأة". "إذا أردت أن تصنع حذاء متيناً، فاتّخذ جلده من لسان المرأة، فهو لا يبلى أبداً". "لسان المرأة بـ24 فراشة"... أقوال كثيرة خرجت من أفواه أناس يرون أنفسهم حكماء، بل حتى إذا حكى الرجل كثيراً يقولون له "تثرثر كالنساء؟". via GIPHY لمَ هذه الصورة النمطية عن التعبير اللغوي الذي تستخدمه المرأة؟ هل فعلاً تستخدم المرأة الكلمات أكثر من الرجل؟ عندما نقلّب صفحات التاريخ، نجد أن "الثرثرة" كانت وصمة اجتماعية تلاحق النساء. فقبل 500 عام، "تفننت" السلطات البريطانية بمعاقبة المرأة الثرثارة من خلال إجبارها على وضع قناع من الحديد لمنعها من التكلم نهائياً، كما كان يتم جرّها إلى الشارع وهي ترتدي قناعاً مصحوباً بجرس لتكون عبرة لغيرها من النساء. صحيح أن الأقنعة وأدوات التعذيب قد غابت عن مجتمعاتنا الحالية، إلا أن "صيت" النميمة بقي حكراً على النساء. وعليه، رسّخت مجتمعاتنا العربية، عن قصد أو غير قصد، مفهوم ارتباط الثرثرة بالنساء، وأضحت النميمة من الصفات التي تلاحق المرأة وتصبغها اجتماعياً. تشير الدراسات إلى أن الفتيات يتعلمن النطق في وقت مبكر، وبشكل أسرع من الذكور، إذ تكتسب الفتاة مفردات أكثر من الفتى. ولكن هل يكفي ذلك ليرشحها لمنصب أكثر الفئات ثرثرةً في المجتمع؟

ماذا تقول البيولوجيا؟

بحسب دراسة أجراها باحثون في كلية الطب في جامعة ميريلاند، تبيّن أن دماغ المرأة يحتوي على نسبة عالية من بروتين FOXP2 الذي يعرف بـ"جين اللغة". وقد علّق الباحث مايك بويرز على هذه الدراسة لموقع "توداي" بالقول إن هذا البروتين له علاقة بالنطق، وقد يكون أولى الطرائق لاستكشاف ميل المرأة للتعبير شفهياً أكثر من الرجل. كما رجحت الاختصاصية في علم النفس "لوان بريزندين" أن تكون الاختلافات المتأصلة في الدماغ بين الذكور والإناث هي السبب الذي يفسر ميل النساء إلى التحدث بطلاقة أكثر من الرجال، بعدما بدا أن المرأة تتحدث على نحو أسرع من الرجل. via GIPHY في كتابها The female brain تحدثت " لوان" عن الاختلافات السلوكية بين النساء والرجال نتيجة الهرمونات والتنشئة الاجتماعية، مشيرةً إلى أن المناطق المسؤولة عن التواصل والعاطفة والذاكرة تعود إلى مرحلة تشكيل الجنين في رحم الأم والتقدم في العمر: في مرحلة المراهقة، ومع حدوث التغيرات الهرمونية، تبدأ الإناث في التركيز على عواطفهنّ والتحدث مع صديقاتهنّ عبر الهاتف، في حين أن الصبيان يصبحون أقل تواصلاً في ما بينهم وأكثر "هوساً" ببعض الرياضات، مثل كرة القدم . كما اعتبرت "بريزندين" أن هرمون التستوستيرون يقلل من حجم المنطقة الموجودة في الدماغ والمسؤولة عن السمع: "مما يجعل الرجال يصبحون "صُمّاً" عندما يواجهون الحجج المنطقية التي تطلقها الزوجات والصديقات". وتحدثت "لوان" عن اختلاف التفكير بين الجنسين، لافتةً إلى أنه في الوقت الذي يختار فيه الرجال الصمت وعدم البوح بمشاعرهم، يكونون أكثر ميلاً من النساء إلى التفكير في النواحي الجنسية. وهذا ما أكدته إحدى الدراسات التي خلُصت إلى أن الرجل يفكر في الجنس مرةً كل 52 ثانية، في حين أن هذا الموضوع يخطر على بال النساء مرة واحدة في اليوم. وعليه، تعتقد "بريزندين" بأن اختلاف الدماغ بين الرجل والمرأة هو الذي يحدد سلوكيات كل من الطرفين، مؤكدةً أنه" لا يوجد دماغ واحد للجنسين".

لكلام الرجل صدى أكبر؟

لا يتفق العديد من العلماء مع نظرية "بريزندين" لجهة تأثير التستوستيرون وارتباطه بمسألة التعبير اللغوي المتطور للنساء، إذ يعتقدون أن طبيعة الاختلافات بين الرجال والنساء تعود لمسألة "التكيف الاجتماعي" والتربية التي يتلقاها الرجل في صغره وتؤثر على شخصيته وسلوكه في المستقبل. ترى ديبورا كاميرون، أستاذة في علم اللغويات في جامعة أوكسفورد، أن معدل الكلام الذي نتفوه به مرتبط إلى حد كبير بما نحن عليه، وبما نقوم به، وهو أمر تناولته "نيشي هودغسون" بإسهاب في مقال في صحيفة الغارديان البريطانية. via GIPHY في البداية، اعتبرت "نيشي" أن هناك فكرة شريرة تقابل الثرثرة، مفادها إسكات المرأة خوفاً مما قد تقوله عن الرجال، وتوضح هودغسون أن الحظر المفروض على كلام النساء خلال العصور الوسطى استمر حتى القرن الـ20، عندما جاءت فكرة موازية أكثر إيجابية: المرأة قد تكون بارعة أكثر في الكلمات لأسباب بيولوجية. ولكن بمعزل عن الأسباب البيولوجية، تسأل "نيتشي": هل طلاقة النساء وثرثرتهن محصورتان بالدراسة العلمية؟ يبدو أن المسألة أبعد من الهرمونات والاختلافات البيولوجية بين الجنسين، لأن طلاقة اللسان تعتمد بشكل كبير على سياق الحديث، وليس على الهوية الجنسية، وفق ما تؤكده "نيتشي". في معرض شرحها هذه المسألة، تستند الصحافية إلى تجربة "ديبورا كاميرون"، وهي من أبرز علماء الاجتماع اللغوي في بريطانيا، بعدما درست مفهوم "الهيمنة الحوارية" نحو 20 عاماً، وتوصلت إلى الاستنتاج التالي: يسيطر الرجال أكثر في الحوارات المختلطة بين الجنسين، إلا حين يكون الموضوع المطروح بحاجة إلى خبرة نسائية، كالعلاقات العاطفية أو الأطفال. ولفتت "كاميرون" إلى أن الرجال في بعض المواقف الرسمية كاجتماعات العمل والمناقشات السياسية والمقابلات التلفزيونية، يتحدثون أكثر من النساء، وهذا يعود إلى "المكانة الاجتماعية": وصول الرجال لمناصب أعلى من النساء يفسر مرة أخرى السبب الذي يجعل أصواتهم أعلى وأقوى من أصوات السيدات. في ختام تقريرها، تشير "نيشي" إلى أن النساء عندما يتحدثن بحرية، وبمستوى مشابه للرجال، ينشأ تصور غير دقيق مفاده أنهنّ يتحدثن أكثر من الرجال (وهو رأي يتبناه الرجال والنساء على السواء) والسبب، وفق الكاتبة، يعود لكوننا قد اعتدنا سماع كلام أقل من النساء لدرجة أنهنّ حين يصلن إلى نقطة التعادل مع الرجل، تتدخل أفكار المستمعين المتحاملة، مما يدفعنا إلى الظن بأن كلمات النساء تلطم كالأمواج.

إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image