شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
إغلاق النوافذ... حين يحدد النظام للمصريين أيّ المواقع عليهم دخولها وأيّها لا

إغلاق النوافذ... حين يحدد النظام للمصريين أيّ المواقع عليهم دخولها وأيّها لا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 22 فبراير 201807:13 م

بدأ النظام المصري منذ أشهر يمارس سياسة حجب مواقع الإنترنت المعارضة على نحو لم يحدث حتى أثناء حكم الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك الذي ثار عليه المصريون في العام 2011.

ويبيّن تقرير حديث أصدرته مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة مجتمع مدني، مقرها القاهرة) أن عدد المواقع التي تم حجبها في مصر أخيراً بلغ 500، وهو ما تراه المؤسسة محاولة تقوم بها السلطة المصرية لفرض السيطرة على الأخبار المتداولة على الإنترنت.

يعتبر التقرير أن ثقافة الحجب تعدّ أمراً جديداً على ثقافة المصريين، لم تمارسها - على الأقل بهذا الشكل - الأنظمة السابقة، ولم يتعود مستخدمو الإنترنت المصريون ما يمكن أن نطلق عليه مهارات تجاوز الحجب، على عكس دول عربية عدة كانت تتعامل بحساسية شديدة مع الإنترنت منذ ظهوره.

في الأشهر الأخيرة، وبسبب زيادة المواقع التي قررت السلطات المصرية حجبها، ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي نصائح من نشطاء في هيئة منشورات أو مقاطع فيديو تعلم المستخدمين كيفية الدخول على المواقع المحجوبة، وانتشر أخبار عن متصفح تور (متصفح يساعد من يستخدمه على إخفاء المعلومات الخاصة بنشاطاته على الإنترنت).

كما بدأت المواقع الاعتماد على منصات بديلة لنشر محتواها المحجوب، منها صفحاتها على موقع فيسبوك، فضلاً عن الاستعانة بخدمة صفحات الهواتف المحمولة المُسّرعة أو ما يطلق عليها AMP وهي خدمة يقدمها جوجل وتعتمد عليها ملايين مواقع الإنترنت، لكن حتى هذه الخدمة لم تسلم من النظام المصري.

ما هي خدمة AMP؟

لم يكن الهدف الأساسي من خدمة AMP التي أطلقها جوجل عام 2015، بالتعاون مع شركات تكنولوجيا عالمية، الوصول للمواقع المحجوبة، بل تحسين أداء صفحات الإنترنت على الهواتف المحمولة. هذه الخدمة توفّر للمستخدمين طريقة عرض محترفة مناسبة للهواتف الذكية، مهما كان حجم شاشاتها، أو أنواعها، وتوفر أيضاً سرعة شديدة في تصفح المواقع.

لكن المواقع المحجوبة وجدت في الخدمة بديلاً عملياً يمكّن جمهورها من الدخول إليها، علماً أن الإحصاءات تؤكد أن النسبة الأكبر من جمهور الإنترنت يمتلك هواتف ذكية.

وفي شهر أكتوبر 2017 كشفت شركة جوجل رسمياً أن عدد المواقع التي تعتمد على هذه الخدمة 25 مليوناً، وعدد الصفحات 4 بلايين.

يؤكد تقرير مؤسسة حرية الفكر والتعبير الذي أعده الباحث محمد الطاهر أن المواقع المحجوبة وجدت في تقنية AMP ضالتها، نظراً لأن تلك الخدمة تعطي المستخدم روابط بديلة للروابط الأصلية في نتائج البحث على محرك بحث جوجل، وهي روابط من نطاق جوجل.

فإذا ظهر موقع محجوب في نتائج بحث جوجل وكان هذا الموقع يستخدم الـAMP  فسيتم توجيه المستخدم لصفحة غير محجوبة، فيقرأ المنشور على الموقع المحجوب.

وعليه، ما الأزمة التي تواجهها المواقع المحجوبة إذا كانت غالبيتها تستخدم خدمة AMP؟ يجيب التقرير أن الحكومة المصرية حين وجدت أن بعض المواقع المحجوبة تستخدم هذه التقنية، ومنها موقع مدى مصر (موقع صحافي مستقل)، قررت حجب الخدمة في 3 فبراير 2018.

الأزمة الأكبر هنا هي أن حجب هذه الخدمة لم يؤثر فقط على المواقع المحجوبة، لكنه أدى إلى صعوبات يواجهها مستخدمو الهواتف الذكية القادمون من محرك بحث جوجل لأي موقع يستخدم AMP، إذ أصبح هؤلاء المستخدمون غير قادرين على دخول هذه المواقع حتى لو لم تحجبها الحكومة. وهو ما جعل جوجل تقرر وقف الخدمة في مصر.

النظام المصري يحاصر المواقع الإلكترونية من كل جانب... ويبحث عن كل نافذة يستغلها المواطنون والوسائل الإعلامية لتجاوز الحجب

إصرار على منع المصريين من دخول المواقع المحجوبة

يلفت التقرير إلى أن السلطات المصرية تعاملت بوعي شديد مع ثقافة تجاوز الحجب، إذ قامت في نهاية أغسطس 2017 بحجب أكثر من 250 موقعاً تقدم خدمات تجاوز الحجب، مثل VPN، والخواديم الوكيلة Proxy Server، كما حُجب موقع متصفح تور والمواقع التابعة له.

ما قامت به السلطات المصرية جعل غالبية المواقع المحجوبة تتجه لاستخدام منصات أخرى غير مواقعها، منها صفحاتها على فيسبوك أو خدمة المقالات الفورية من هذا الموقع نفسه، وهي خدمة شبيهه بخدمة AMP .

وهنالك مواقع محجوبة اتجهت إلى منصة بديلة هي ميديام Medium التي تتيح توفير محتوى تلك المواقع لجمهورها بعيداً عن حجب الحكومة المصرية لها، لكن السلطات حجبت الموقع.

ويرى تقرير مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن حجب هذا الموقع لم يؤذِ المواقع المحجوبة فقط، فالموقع هو منصة نشر جماعي مُستخدمة على نطاق واسع بواسطة مدونين ومؤسسات، ويحتوي على ملايين الصفحات في جميع المجالات بلغات متعددة.

بداية الحجب في مصر

بدأت مصر حجب مواقع الإنترنت بشكل رسمي في مايو 2017، مستهدفةً مواقع تقدم محتوىً صحافياً لا تسيطر عليه الدولة، وبدأت رحلة الحجب بمنع الدخول على 21 موقعاً، ولم تصدر الحكومة وقتذاك بياناً يحوي أسبابها الكامنة وراء هذا الأمر، بل استمرت في حجب المزيد من المواقع، ودخلت في قائمة الحجب مدونات يديرها نشطاء غير منتمين لجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مصر جماعة إرهابية.

وفي قائمة المواقع المحجوبة دايلي نيوز إيجيبت، البديل، مصر العربية، وغيرها، كما شملت القائمة مواقع تبث من خارج مصر وأغلبها مواقع ممولة من قطر، منها جميع المواقع التابعة لقناة الجزيرة، العربي الجديد، هافنجتون بوست...

لم تكتفِ السلطات المصرية بحجب مواقع صحافية، بل حجبت أيضاً قائمة كبيرة من المواقع الحقوقية مثل موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، موقع منظمة هيومان رايتس ووتش، موقع منظمة مراسلون بلا حدود، المفوضية المصرية للحقوق والحريات.

وبحسب مؤسسة حرية الفكر والتعبير، فإن السلطات المصرية تريد من الحجب فرض سيطرتها على المجال العام، وعلى وسائل الإعلام، وهو ما تقول المؤسسة إنه يتعارض مع ما نصت عليه المادة 57 من الدستور المصري، ومفادها أن الدولة "تلتزم بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك".

ولم يكن هذا التقرير هو الوحيد الذي تصدره المؤسسة حول هذا الموضوع، فقد سبق أن أصدرت تقريرين حول الحجب، الأول حمل عنوان "قرار من جهة مجهولة... عن حجب مواقع الوِب في مصر"، أما التقرير الثاني فجاء بعنوان "بقرار أحياناً... عن حجب مواقع الوِب في مصر"، وكل من التقريرين تناول حجب المواقع والرقابة على الإنترنت في مصر من الجوانب التقنية والقانونية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image