شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
اتفاق تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر...

اتفاق تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر... "كل شيء سيعتمد على شخص واحد، السيسي"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 21 فبراير 201802:30 م
"أرحب بهذه الاتفاقية التاريخية التي تم الإعلان عنها للتو، والتي تقضي بتصدير غاز طبيعي إسرائيلي إلى مصر. هذه الاتفاقية ستُدخل المليارات إلى خزينة الدولة، وستُصرَف هذه الأموال لاحقاً على التعليم، والخدمات الصحية، والرفاهية لمصلحة المواطنين الإسرائيليين". بهذه الكلمات تحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن توقيع اتفاق تصدير غاز إسرائيلي إلى شركة مصرية بقيمة 15 مليار دولار، واصفاً يوم الاتفاق بـ"يوم عيد". الاتفاقية أثارت جدلاً كبيراً في مصر بين مؤيد ومعارض، خاصة في ظل حديث المسؤولين المصريين عن أن إنتاج حقل غاز "ظهر" سيكفي احتياجات البلاد. وتساءل كثيرون: هل الاتفاق الجديد الذي وقعته شركة "ديليك دريلينغ" الإسرائيلية و"نوبل" الأمريكية مع شركة "دولفينوس" المصرية التي يملك معظم أسهمها رجل الأعمال المصري علاء عرفة، سيحقق الفائدة للمصريين؟

في صالح إسرائيل؟

يرى خبير هندسة البترول رمضان أبو العلا أن هذا الاتفاق يخدم إسرائيل أكثر من مصر، ويقول لرصيف22: "توقعت منذ عامين ونصف هذا الاتفاق أو ما يشابهه، هنالك سيناريو محبوك من إسرائيل لتكرار سيناريو حسين سالم، وكان لا يجب أن يُلدغ المؤمن من جحر مرتين". [caption id="attachment_137695" align="alignnone" width="700"]INSIDE_IsraelEgyptGas_sinaigas خزان تخزين وأنابيب غاز في سيناء[/caption] وكانت مصر تزوّد إسرائيل بـ40% من احتياجاتها للغاز، وفق عقد وُقّع عام 2005، لمدة 20 عاماً. ولكن هذا الاتفاق أثار غضب المصريين لأنه يبيع الغاز بأقل من سعره في السوق العالمية. وبعد عام 2011، أدانت محكمة مصرية مهندس الاتفاق حسين سالم، الهارب إلى ماربيلا في إسبانيا، لأنه تسبب بخسارة مصر ما قُدّر بـ700 مليون دولار، وهو رقم يقول بعض الاقتصاديين إنه أكبر من ذلك بكثير. وألغت مصر الاتفاق عام 2012، ما تسبب بصدور حكم من محكمة سويسرية يقضي بدفع شركة "إيجاس" (الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية) غرامة قدرها 1.7 مليار دولار. وبرأي أبو العلا، "إن فائدة الاتفاق لإسرائيل أكبر بكثير من فائدته لمصر" ويشبهه بـ"شخص يملك خمسة ملايين جنيه ويعطيك منها خمسة جنيهات". ويقول: "هو في المقام الأول في صالح الحكومة الإسرائيلية، ثم في صالح الشركات الإسرائيلية الخاصة العاملة في مجال الغاز، ثم رجال الأعمال في مصر، لكن فائدته على مصر وحكومتها ضعيفة، ومصر لن تستفيد من هذا الاتفاق بعكس ما أشاعه البعض". ويحلل الباحث في مجال الطاقة والبترول المهندس هشام حجاب هذا الاتفاق من عدة أوجه، يرى أن معظمها في صالح إسرائيل. وقول لرصيف22 إن الاتفاق يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لاستغلال ثرواتها الغازية "بدون مقابل أو مكسب للحكومة المصرية"، كما أنه طويل المدى، ما يلزم الجانب المصري بعدم مخالفته وإلا سيتم دفع تعويضات كما في الاتفاق الماضي، ويقدّم فرصة ذهبية لإسرائيل للتطبيع دون مقابل، كما أنه سيمنح شركات الغاز المال اللازم للتنقيب في مناطق جديدة ما يفتح الباب أمامها لتحقيق إنجازات إضافية، وسينعش الاقتصاد الإسرائيلي بتوفير العملة الصعبة له. وفي المقابل، يرى أن الفائدة الوحيدة لمصر كدولة هو تحقيق مكاسب بسيطة من عملية إسالة الغاز في مجمعي إدكو ودمياط.

"البترول"... لا علاقة لنا بالاتفاق

على الصعيد الرسمي، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة البترول المصرية حمدي عبد العزيز لرصيف22 أن اتفاق الغاز الأخير وقّعته شركات خاصة بموجب قانون الغاز المصري الصادر في أغسطس الماضي والذي يمنح كافة الشركات الحق في استيراد الغاز من أية دولة بما فيها إسرائيل. INSIDE_IsraelEgyptGas_SDOTYAM ورفض عبد العزيز الإفصاح عن هل ستمرر وزارة البترول الاتفاق تحت مظلتها أم لا، خاصة أن القانون المصري يلزم "دولفينوس" بعرض الاتفاق على الجهاز القومي لتنظيم سوق الغاز المصري، للبت النهائي فيه.
كان تطوير حقل ليفياثان يرتبط "بشكل خطير" بإيجاد "مستهلك استراتيجي". وفي أغسطس الماضي فُتح الباب أمام تحقيق ذلك مع توقيع السيسي على قانون يسمح للشركات المصرية الخاصة باستيراد الغاز من إسرائيل
من المستفيد الحقيقي من صفقة الغاز مع إسرائيل؟ وما علاقة الحكومة المصرية به؟
ويعبّر بعض المحللين عن مخاوف من الاتفاق ويطرحون سيناريوهات مثل احتمال تواجد قوات إسرائيلية في سيناء لحماية خطوط الغاز، وتمتين التحالف بين مصر وإسرائيل، ما يؤثر على مستقبل القضية الفلسطينية. وتقضي اتفاقية الغاز باستيراد شركة دولفينوس المصرية 64 مليار متر مكعب من الغاز لمدة عشر سنوات، بتكلفة 15 مليار دولار.

إسرائيل... من مستورد إلى مصدّر للغاز

تحوّلت إسرائيل إلى دولة تمتلك احتياطياً كبيراً من الغاز، بعد اكتشافها حقول كبيرة في مياهها الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط عام 2009، تغطي حاجات الدولة العبرية لمدة 40 سنة. ويقدّر مستثمرو حقل ليفياثان، الحقل الإسرائيلي الأكبر، حاجتهم لتصدير تسعة مليارات متر مكعّب سنوياً، ووقعوا عقداً مع الأردن لشراء كمية من ذلك، وتبقى الكمية الأكبر التي راحت إسرائيل تفكّر في تصديرها إلى أوروبا. وللوصول إلى أوروبا، بحسب تقرير لمجلة "إيكونوميست"، ينبغي أن تعبر الأنابيب سوريا أو لبنان، وكلاهما لا يعترفان بالدولة العبرية. من هنا جرى التفكير في خيار مد أنابيب إلى تركيا يمر بقبرص، ولكن الأخيرة اعترضت على ذلك بسبب الاحتلال التركي لشمالها. ولذلك، وقعت إسرائيل اتفاقاً أولياً لمد خط مباشر نحو أوروبا، تحت البحر، يصل إلى قبرص واليونان، بطول 2200 كيلومتر وعمق ثلاثة كيلومترات وبتكلفة قُدّرت بسبع مليارات دولار، وهذا طبعاً خيار صعب ومكلف جداً. ولكن في الثامن من أغسطس، فُتح باب جديد أمام إسرائيل مع توقيع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قانون يسمح للشركات المصرية الخاصة باستيراد الغاز.

فوائد ومخاوف

وبحسب تقرير "إيكونوميست"، فإن استيراد مصر للغاز من إسرائيل سيحولها إلى مركز للغاز في المنطقة كما سيسمح لإسرائيل بالاستفادة من محطتين مصريتين لتسييل الغاز ("إدكو"، و"دمياط"، وتمتلك الحكومة المصرية نسبة 20% و24% منهما على التوالي) وعبرهما ستجهّز غازها للتصدير بحراً إلى الموانئ الأوروبية. ويرى الرئيس التنفيذى السابق للهيئة العامة للبترول المهندس طارق الحديدي أن مصر ستجني أرباحاً غير مباشرة من هذا الاتفاق، فهي ستحصل على رسوم نظير استخدام الأنابيب المصرية، وعلى عائدات من عمل محطات الإسالة، كما أن هذا الاتفاق من شأنه حل الخلاف بين مصر وإسرائيل في قضية تعويضات الغاز المرفوعة على مصر في المحاكم الدولية. وكانت تقارير كثيرة قد أفادت بأن مصر اشترطت على إسرائيل إلغاء أو تخفيض الغرامة التي فرضتها محكمة سويسرية على شركة "إيجاس" مقابل السماح باستيراد شركات مصرية خاصة للغاز الإسرائيلي. ويتصدر خيارات نقل الغاز إلى مصر اثنان: استخدام خط الأنابيب الإسرائيلي-الأردني أو استخدام خط أنابيب غاز شرق المتوسط، وهو خط أنابيب أُنشأته شركة يتقاسم ملكيتها رجال أعمال مصريون وإسرائيليون واستُخدم لنقل الغاز الطبيعي المصري من العريش في مصر إلى عسقلان في إسرائيل ويعبر المياه الإقليمية المصرية ثم الإسرائيلية بطول نحو 90 كيلومتراً، بين عامي 2008 و2012، بموجب اتفاق العام 2005 المذكور سابقاً. وقال الخبير النفطي مدحت يوسف إن اتفاق الغاز الأخير يحوّل مصر إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز، ويقوّض التطلعات التركية وأطماعها في البحر المتوسط، ويقوي التحالف المصري القبرصي ضد تركيا، مضيفاً أن الحكومة المصرية غير ملزمة بأية ارتباطات مع إسرائيل ولا يوجد خطر من دفع تعويضات للحكومة الإسرائيلية لأن الاتفاق معقود بين شركات خاصة.

"كل شيء سيعتمد على شخص واحد"

تحت عنوان "اتفاق تصدير الغاز لمصر: انتصار عظيم مع تساؤلات كثيرة"، كتب موقع "غلوبس" الإسرائيلي أن لا أحد غير "ديليك" كان يتوقع أن تفضي المفاوضات المستمرة منذ ثلاث سنوات مع المصريين إلى نتيجة، خاصةً بعد اكتشاف حقل ظهر للغاز، وهو حقل يحتوي على ضعف ما يحتويه حقل ليفياثان. وأشار إلى أن تطوير حقل ليفياثان كان يرتبط "بشكل خطير" بإيجاد "مستهلك استراتيجي". ولكن الموقع لفت إلى أن آلية تنفيذ الاتفاق المعقود لم تتضح بعد، فمن غير الواضح كيف سيصل الغاز الإسرائيلي إلى الشركة المصرية، أكان عبر الأردن التي ستفرض ضرائب باهظة على مروره أو عبر "شركة غاز شرق المتوسط" المصرية. وذكّر بأن مرور الغاز المصري عبر أنابيب الشركة الأخيرة كان متقطعاً بسبب الاعتداءات التي كانت تستهدفه في سيناء، في عامي 2011 و2012. ولفت إلى أن التجربة الإسرائيلية مع الشركات لمصرية الخاصة ليست جيدة خاتماً بالقول: "كل شيء سيعتمد على شخص واحد، حاكم مصر الجنرال السيسي".

وماذا عن كلمة نتنياهو؟

أثارت تصريحات نتنياهو المتلفزة غضب المصريين حول اتفاق الغاز الجديد، واستشهد به كثيرون لانتقاد الاتفاق.
وقال الباحث في الشأن الإسرائيلي محمد علي لرصيف22 إن نتنياهو تعمد إثارة الرأي العام العالمي والمصري والإسرائيلي في كلمته، واستغل الاتفاق أفضل استغلال لمعالجة أزماته الداخلية خاصة أنه متهم في قضايا فساد، فحاول عبر خطابه رفع شعبيته الكبيرة بين الإسرائيليين.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image