في تقرير جديد، لفتت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن تعاوناً عسكرياً سرياً بين مصر وإسرائيل تعززت روابطه منذ قدوم عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم. وكشفت عن ضربات جوية نفذتها تل أبيب ضد عناصر جهادية في سيناء.
وأوضحت الصحيفة أن طائرات دون طيار ومقاتلات إسرائيلية أدارت منذ العام 2015، نحو 100 ضربة جوية داخل الأراضي المصرية، بموافقة السيسي.
وتحدثت عن سخرية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عام 2016، من مقترح أمريكي بدعم مصر والأردن أمن إسرائيل، كجزء من اتفاق لإقامة دولة فلسطينية، قائلاً «الجيش الإسرائيلي يدعم فعلاً الجيش المصري... وإذا كانت مصر غير قادرة على السيطرة على حدودها، فإنها في موقف صعب لا يمكنه دعم أمن إسرائيل».
يأتي تنامي العلاقات بين البلدين في وقت تفرض حكومة بنيامين نتينياهو رقابة عسكرية على ما ينشر في الصحافة المحلية الإسرائيلية عن الدور العسكري في سيناء، بينما ترى أوساط أمريكية أن جهود القاهرة لإخفاء ذلك عن مواطنيها «ليست بظاهرة جديدة».
تحول كبير في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب
قتل الجهاديون المئات من الجنود المصريين وضباط الشرطة، وتمكنوا عبر تحالفهم مع «الدولة الإسلامية» من السيطرة لفترة قصيرة على مدينة حيوية في شمال سيناء، وبدأوا في إقامة نقاط تفتيش. وفي أكتوبر 2015 أسقطوا طائرة ركاب روسية. وعندما ظهرت مصر غير قادرة على إيقافهم، تحركت إسرائيل لمواجهة التهديدات الماثلة على حدودها. ولأكثر من عامين، شنت طائرات دون طيار ومروحيات ومقاتلات «مموهة» أو غير مُرقمة، حملة جوية «سرية» تضمنت نحو 100 ضربة في داخل مصر، بموافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي. هذا التعاون يسجل مرحلة جديدة من تطور فريد للعلاقات بين البلدين، بعدما كانا عدوين في ثلاث حروب، وهما الآن حليفان ضد عدو مشترك، بحسب «نيويورك تايمز». وبالنسبة للقاهرة، فإن التدخل الإسرائيلي ساعد مصر في استعادة موضع قدمها في معركتها المستمرة منذ قرابة خمس سنوات ضد المسلحين، فيما عززت إسرائيل أمن حدودها. واعتبرت «نيويورك تايمز» تعاون البلدين في شمال سيناء أبرز دليل على إعادة تشكل السياسات في المنطقة، لافتةً إلى أن أعداءً مشتركين مثل «داعش» وإيران والإسلام السياسي، دفعوا العديد من قادة الدول العربية إلى تدعيم علاقاتها مع إسرائيل، برُغم مهاجمة مسؤولي حكوماتها ووسائل إعلامها للدولة اليهودية. وأكد 7 مسؤولين أمريكيين وبريطانيين، سابقين وحاليين، رفضوا الكشف عن هويتهم، وجود حملة جوية إسرائيلية، في وقت رأى مسؤولون أمريكيون أنها لعبت دوراً حاسماً في أن يكون للجيش المصري اليد العليا في قتال المسلحين، وهذا سيكون له تبعات على المنطقة، بما في ذلك مفاوضات السلام في الشرق الأوسط. يأتي هذا في وقت رفض متحدثا الجيش الإسرائيلي والجيش المصري التعليق على الأمر، ومثلهما متحدث وزارة الخارجية المصرية. وتخفي الجارتان حقيقة الدور الإسرائيلي في الضربات الجوية، في ظل مخاوف من ردود فعل غاضبة داخل مصر، حيث لا يزال المسؤولون الحكوميون ووسائل الإعلام الموجهة من الدولة يتحدثون عن إسرائيل كعدو، معلنين الإخلاص للقضية الفلسطينية. وفي حين تفرض إسرائيل رقابة عسكرية على ما ينشر من تقارير عن الضربات، من غير الواضح أي من القوات الإسرائيلية أم القوات الخاصة لها موطىء قدم في الأراضي المصرية.تقرير لنيورك تايمز يتحدث عن تعزز التعاون العسكري السري بين مصر وإسرائيل منذ قدوم عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم، والمتحدث باسم القوات المسلحة المصرية ينفي
عام 2016، سخر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو من مقترح أمريكي بدعم مصر والأردن أمن إسرائيل قائلاً "الجيش الإسرائيلي يدعم فعلاً الجيش المصري"
السيسي اهتم بإخفاء التعاون العسكري مع إسرائيل
بحسب مسؤول أمريكي، فإن السيسي اهتم بإخفاء من ينفذ الضربات الجوية عن الجميع، عدا دائرة محدودة من ضباط الجيش والمخابرات، بينما أعلنت الحكومة المصرية شمال سيناء منطقة عسكرية، مانعةً الصحافيين من جمع المعلومات عما يجري هناك. ولكن جنرالات مصريين كبار عززوا علاقاتهم مع نظرائهم الإسرائيليين منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد قبل 40 عاماً، في العام 1978، إذ ساعدت قوات الأمن المصرية إسرائيل في التضييق على تدفق البضائع الداخلة إلى قطاع غزة والخارجة منه. وللمخابرات المصرية والإسرائيلية تاريخ طويل من تبادل المعلومات عن المسلحين في جانبي الحدود. وبعد عام من إطاحة وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، رحبت تل أبيب بتغيير الحكومة وحثت واشنطن على قبوله، وهو ما عزز الشراكة بين جنرالات البلدين. وبعد أسابيع قليلة على سيطرة السيسي على مقاليد الأمور في أغسطس 2013، حدث انفجاران كبيران أسفرا عن مقتل 5 مسلحين في العريش، وقتذاك نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين مصريين، لم تسمهم، قولهم إن طائرات دون طيار إسرائيلية أطلقت صواريخ على المسلحين، ربما بعد تحذير مصري من مخطط عابر للحدود لضرب مطار إسرائيلي. آنذاك، نفى المتحدث العسكري المصري، العقيد أحمد علي، وجود ضربات إسرائيلية داخل مصر. كما لم تعلق تل أبيب على ذلك، والقصة برمتها نُسيت.إسرائيل قتلت العديد من قادة المسلحين
وكشفت الصحيفة أن موجة الغارات الإسرائيلية انطلقت في نهاية 2015، وكانت بمثابة إذن لقتل المزيد من قادة المسلحين. وبمرور الوقت، شكا الإسرائيليون إلى واشنطن من أنَّ المصريين لا يلتزمون بالاتفاق، إذ أخفقت القاهرة في اتباع الغارات بتحركاتٍ منسقة لقواتها على الأرض، حسب مسؤولين أمريكيين. وفي 2016، تحايلت الصحافة الإسرائيلية على الرقابة العسكرية، ونشرت تقريراً لوكالة «بلومبيرج»، نقل عن مصدر إسرائيلي، لم تسمّه، قوله إنه توجد «درونز» إسرائيلية في سيناء.ضربات إسرائيل في مصر تُعامل بسرية مثل برنامجها النووي
يقول ذاك جولد، وهو باحث في الشؤون الأمنية بشمال سيناء، ويعمل في إسرائيل، إن الضربات مثل أسلحة البرنامج النووي «كلاهما سر. الغارات تعامل بالطريقة نفسها، ففي كل مرة يتحدث أي شخص عن البرنامج النووي، عليه إضافة عبارة (وفقاً للصحافة الأجنبية). مصلحة إسرائيل الإستراتيجية الرئيسية في مصر هي الاستقرار، ويعتقدون أن الإفصاح الصريح عن هذه المسائل سيهدد ذلك الاستقرار». علماً أن الضربات معروفة على نطاق واسع بين الدبلوماسيين ومسؤولي الاستخبارات في الإدارة الأمريكية، الذين يناقشونها مع أعضاء الكونجرس. كما تحدث المشترعون في جلسات استماع مفتوحة عن موافقة واشنطن على التعاون المصري الإسرائيلي في شمال سيناء. وأجرت «نيويورك تايمز» مقابلة هاتفية مع السيناتور الديمقراطي عن ولاية ميريلاند، بنجامين كاردين، أبرز أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، رفض خلالها الحديث عن الضربات، لكنه أكد أن إسرائيل تتعامل من منطلق «حسن الجوار، فهي لا تريد أن تحدث أمور سيئة في سيناء قد تنتقل إليها». في حين يشكو بعض المؤيدين الأمريكيين لإسرائيل من أن الحليف العسكري المصري لإسرائيل، عليه أن يوقف مسؤوليه الحكوميين ودبلوماسييه ووسائل الإعلام الخاضعة لسيطرته عن مهاجمة إسرائيل، خاصةً في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة. «تتحدث إلى السيسي وتراه يتحدث عن التعاون الأمني مع إسرائيل، وتتحدث إلى الإسرائيليين وتراهم يتحدثون عن التعاون الأمني مع مصر، لكن بعد ذلك تستمر اللعبة المزدوجة. هذه مسألة محيرة بالنسبة لي». هذا رأي إليوت إنجل، النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك، وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، لدى تعليقه على ما يقوله المسؤولون المصريون علنًا وما يتم سرًا مع إسرائيل.السلطان المصرية تنفي
وقد نفى المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العقيد تامر الرفاعي، ما ورد في تقرير صحيفة «نيويورك تايمز»، وقال إن الجيش المصري وحده هو الذي يقوم بعمليات عسكرية في مناطق محددة في شمال سيناء.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يوممقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 4 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.
mohamed amr -
منذ اسبوعينمقالة جميلة أوي