شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
المهمة الشاقة قبل المتعة: كيف يشتري جمهور الصيدليات الواقيات والمنشطات الجنسية؟

المهمة الشاقة قبل المتعة: كيف يشتري جمهور الصيدليات الواقيات والمنشطات الجنسية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 15 فبراير 201807:08 م

خارج نطاق العلاجات الطبية، هنالك أدوية ومنشطات في المتاجر العامة، يمكن طلبها من دون وصفة طبية، يطلق عليها otc اختصاراً لـ"Over the Counter". تنتمي إلى هذه العائلة جميع المنتجات التي تسبب إحراجاً للمستهلك العربي بشكل عام، مثل أنواع المنشطات الجنسية للذكور والإناث، والفوط الصحية للسيدات ومراهم إزالة الشعر والواقيات الذكرية والمزلقات وغيرها. يعدّ الجنس أحد أهم تابوهات الثقافة العربية، التي تلقي بظلالها على التعاملات اليومية خارج إطار السرير أو العلاقة الجنسية، ويظهر ذلك جلياً في الصيدليات، التي تعتبر المصدر الأساسي للمنتجات المتصلة بالجنس والجسد، والتي تُباع أيضاً في المتاجر العامة كما هو الحال في دول كثيرة.

اللبيب من الإشارة يفهم: "هات له العلبة اللي عليها الست بتزغرط"

وعلى اختلاف جمهور المتعاملين مع الصيدلية، فإن السلوك العام تجاه تلك المنتجات، يتسم بالخجل والإحراج، ومن النادر أن يطلب أحد تلك المنتجات بشكل طبيعي. يقول "عبد العزيز" الذي يعمل بصيدلية مناطق الجديدة بالقاهرة: "لا يطلب الزبائن هذه المنتجات بصوت مسموع مثلما يسألون عن تفاصيل الأدوية المعالجة للأمراض عامة، أو كما يطلب الرجل أحد المسكنات، أو كما تسأل سيدة عن بديل جيد لدواء طفلها، وعما إذا كان هناك تعارض بين أدوية أخرى يتعاطاها الوالد، وغيرها من الأسئلة التي يتعامل الصيدلاني معها يومياً". وبحسب عبد العزيز، من النادر أن يدخل أحدهم ليقول بصوت عالٍ "مساء الخير، ممكن حباية فياجرا" أو يطلب عبوة واق ذكري أو يسأل عن النوع الأفضل أو المناسب، أو يستفسر عن مشكلة واجهها كأن يكون نوع ما من المنشطات قد سبب له صداعاً ويريد تجربة نوع آخر، وذلك "بغض النظر عن وجود سيدات في الصيدلية، ودون شعور بالإحراج أو الخجل من الصيدلاني".

اللف والدوران

يذكر "عبد العزيز" أنه إذا كانت الصيدلية مزدحمة بالرجال أو بالنساء، يقف أحدهم بعيداً، منتظراً أن يسأله الصيدلاني عن طلبه، فإذا كانت هناك سيدة قال الزبون: "لما تخلص مع الجماعة الأول"، أو "خلص براحتك" فيفهم الصيدلاني أنه يريد أحد المنتجات الجنسية، ليقترب بعدها قائلاً بصوت خفيض: "عاوز شريط كذا" أو "الحباية الزرقا" أو "حضرتك في حباية كده مثلثة لونها أصفر"، "النهارده الخميس وعايز حاجة خفيفة ما تعليش الضغط". وأحياناً يظل أحدهم متفرجاً على منتجات العناية الشخصية حتى يسأله الصيدلاني عما يريد، فيقول "كنت بدور على كذا (منشط أو واقٍ)، وإذا سأله الصيدلي أي نوع يريد، يقول "أي حاجة مش مشكلة" مع تمثيل أنه لا يعرف هذه المنتجات حتى يعطي انطباعاً بأنه لا يستخدمها إلا نادراً، على الرغم من أنه قد جهز سعر المنتج في يده مسبقاً.

حفاظاً على سمعة الزوج: السيدات تشتري الفياجرا

يقول محمد، صيدلاني بإحدى المناطق الشعبية، إن هنالك سيدات يشترين المنشطات الجنسية للرجال على الرغم من خجل الكثير منهن عند شراء الفوط الصحية. وينتشر تفسير لدى العاملين بصيدليات المناطق الشعبية والعشوائية أن بعض الرجال يخشى أن تتأثر سمعته لدى شراء المنشطات، فيرسل زوجته إلى صيدلية تعمل بها صيدلانيات، أو بعيدة نسبياً عن البيت. وإذا اضطرت الزوجة إلى الشراء من صيدلية لا تعمل فيها سيدات، فغالباً ما تكتب اسم الدواء في ورقة تتضمن بعض الطلبات الأخرى غير المهمة مثل المسكنات أو سوائل الاستحمام ومعطرات الجو. ويؤكد "محمد" أنه لم يصادف أي سيدة اشترت الكوندوم بنفسها "مخافة أن يظن أحدهم بها سوءاً".
لو المستهلك طلب المنتج عادي باسمه بيسهل الأمر على الصيدلي لكن إحراج الزبون هو اللي بيخلي الصيدلي محرج
ويضيف أن بعض الرجال يقومون بكتابة ورقة طلبات من الصيدلية مرفقة بورقة طلبات من السوبر ماركت ويرسلون حارس العقار (البواب) لشرائها. "يدوّن تلك المنتجات المسببة للحرج مع أدوية أخرى بنفس الطريقة، وغالباً ما تكون الورقة مكتوبة بالإنجليزية، عدا "طلبات من الصيدلية"، وأحياناً لا يفرق البواب بينها وبين ورقة السوبر ماركت".

لماذا يشعر الصيادلة بالحرج؟

يبدو أن إحراج المستهلك يسبب إحراجاً للصيدلاني أيضاً، حتى أصبح بعض العاملين بالصيدليات يخجلون من محاسبة زبون تلك المنتجات أمام بقية الزبائن. يقول ب.ج، صيدلاني ومندوب مبيعات طبية: "لو المستهلك طلب المنتج عادي باسمه، ده بيسهل الأمر على الصيدلي، وبيخلي الموضوع يتم بشكل أسرع لكن إحراج الزبون هو اللي بيخلي الصيدلي محرج وبيصعب الأمر". ويضيف "ب." الذي عمل لفترة في ترويج أحد المحفزات الجنسية للسيدات "الصيدلي في الأخر تاجر، وأهم حاجة بالنسبة له الربح. هناك من يحرجون لكن في غالب الأمر الصيدلي لا يخجل، بل يحاول أن يسأل ويستفسر أكثر حتى يعرف كيف يبيع المنتج، أو بالأحرى كيف يلعب على الخيال الجنسي لعملائه".

البحث عن المنتجات "الشِمال"

ويؤكد "ب." أن المحفزات الجنسية "زبونها الراجل مش الست رغم أنها منتج نسائي". وبالنسبة لطبيعة المنتجات التي عمل على ترويجها، يقول إنها "منتجات عادية، عبارة عن جيل غير دوائي، بل جيل تجميل، وهي مزلقات تسهل عملية الإيلاج أولاً وتثير المستقبلات الحسية لدى السيدات، لأنها تحتوي على الكافيين والنيكوتين اللذين يساعدان على نقل الإحساس في الأعصاب". يكمل "ولأن الصيادلة يبحثون عما يبحث عنه عملاؤهم، كثير من الصيادلة يفكرون كما يفكر زبونهم، يريدون المنتجات الخاصة بالعلاقات الشِمال". وهو وصف يستخدمه "ب." للحديث عن كل ما يعتبر منحرفاً اجتماعياً كالعلاقات الخارجة عن إطار الزواج. "هم عايزين المنتجات في لبانة أو في نقط/قطرة تتحط في العصير، ما يضيف الإثارة للقصة اللي الصيدلي عايز يتخيلها عشان يبيع. لأن المنتجات بتستخدم دون معرفة النساء في الغالب على العكس من الدهانات الموضعية" يقول، ويضيف: "لكن على الرغم من كده الصيدلي ما بيكلمش أي زبون في الموضوع ده إلا لو عارفه، وبيحاول يبيعه مع الفياجرا والمنشطات عامة".

الإعلانات العربية تهتم بهوس الفحولة وتتجاهل الجنس الآمن

"الخجل في الصيدلية أيضاً يعد مادة ملهمة للعديد من منتجي الإعلانات التجارية"، يقول مصطفى الصياد، مخرج ومنتج إعلانات ترويجية، سبق أن شارك في العمل على إعلانات لترويج المنتجات الخاصة بالجنس، مشيراً إلى عدد من الإعلانات التي تناولت خجل المصريين من شراء الكوندوم مثلاً من الصيدليات أو إرسال البواب لشرائه، وعملت على خدمة التوصيل إلى المنزل بناءً على الطلب عبر الإنترنت.

كثيراً ما يتم وقف بعض الإعلانات إذا تضمنت إشارات جنسية، آخرها إعلان أبلة فاهيتا لإحدى شركات الاتصالات، إذ أثار ضجة اجتماعية رافضة للإعلان". يقول الصياد، ويضيف أن بعض العلامات التجارية الكبرى لمنتجات مختلفة قد تستغل الكوندوم أو المنشطات الجنسية بشكل صريح للإعلان عن منتجها.

مع بداية صيف العام الماضي، رفعت الحكومة بالإسكندرية جميع ملصقات ولافتات دعائية ضخمة لأحد المنشطات الجنسية، استغلت الموسم السياحي لتنتشر على الشواطىء والطرق الرئيسية المطلة على البحر المتوسط. الاستنكار المجتمعي الذي تردد صداه على مواقع التواصل الاجتماعي، أدى إلى سرعة استجابة الحكومة لوقف الحملة التي رفعت شعار "القوة والثقة" وصورة الأسد من دون أي تلميح جنسي. يقول "الصياد" إن الإعلان عن تلك المنتجات كثيراً ما يركز على هوس الجمهور بالفحولة الجنسية أو تفادي الإنجاب من دون الاهتمام بمفهوم الجنس الآمن مثلما يحدث في دول أخرى تهتم وزارات الصحة فيها بتشجيع الإعلانات التوعوية عن الجنس الآمن.

ومن الممكن أن نلمح إعلانات كهذه ببعض المكتبات أو المتاجر أو في الشوارع، كما أن الإعلانات في الخارج تتناول المشاكل التي يتعرض لها الجمهور لدى استخدام المنتج، مثل مشكلة عدم الإحساس بسبب الكوندوم، فنجد إعلانات ساخرة توضح أن المنتج رفيع لدرجة أن بالإمكان نفخه كبالون.

وهناك الكثير من الإعلانات التي ظهرت في التلفزيون عن المنشطات الجنسية، ولكنها كانت تكتفي بالإشارات البسيطة، مثل الإعلانات التي حملت شعار "العبرة في الصلابة". أما في القنوات غير المرخصة، فالأمر يتجاوز ذلك قليلاً، إذ يظهر دائماً عمدة القرية أو الرجل الكبير المتزوج امرأة صغيرة السن وينال التوبيخ والإهانة حتى ينقذه أحدهم بالمنشط ليرفع رأسه ويمسد شاربيه.

ويرى "الصياد" أنه مع نجاح حملات إحدى شركات المنتجات الجنسية على مواقع التواصل الاجتماعي، اتجهت شركات أخرى إلى السوشيل ميديا من أجل الإعلان على منصاتها، حيث تكون الدعاية "واخدة راحتها ع الأخر. ناقص بس تبقى الألفاظ واضحة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image