تلقّى معظم الناس الذين يتابعون نشرات الأخبار خبر تحطم طائرة روسية مدنية قرب موسكو يوم الأحد، كما لو أنه خبر عادي، لكنه ليس كذلك لفئة كبيرة من الأشخاص تعاني خوفاً مرضياً من ركوب الطائرات، وترى في الأمر كابوساً حقيقياً.
هذه الفئة وجدت في خبر مقتل 71 مسافراً كانوا على متن الطائرة المنكوبة سبباً وجيهاً للخوف أكثر فأكثر من الطائرات.
برغم أن عدد الطائرات التي سقطت على مر التاريخ لا يمكن مقارنته بعدد حوادث الحافلات والقطارات، فإن الإعلام يتعامل مع حوادث سقوط الطائرات باهتمام كبير، وهو ما يعتبره الطبيب النفسي محمد إدريس من ضمن الأسباب التي تجعل بعض الناس يشعرون بخوف شديد من ركوب الطائرات.
بحسب إدريس، يؤمن الإنسان عامةً بأن الأرض هي مكانه الطبيعي، لذلك حظيت الطائرات منذ اختراعها باستغراب البشر، ولم يتوقف السؤال "هل يمكن لمركبة أن تطير بنا حقاً من دون أن تسقط"؟
"أحياناً تأتي إليّ بعض الحالات لمساعدتها على التخلص من الخوف من ركوب الطائرات. بعضهم مثلاً أدى خوفه هذا إلى رفضه عروض عمل بمرتب كبير في دول أخرى لأن الأمر يتطلب السفر بالطائرات"، يقول إدريس.
يلفت إدريس إلى أن الخوف من الطائرات يضاف لقائمة كبيرة من مخاوف البشر غير المبررة تجاه أمور كثيرة، مثل الخوف من الأماكن المغلقة، أو العالية، أو الخوف من الظلام.
"لكن هنا يجب أن نوضح أن خوف الشخص من الطائرات لا يعني بالضرورة أنه لن يستخدمها، لكنه في كل مرة سيعاني من بعض الأعراض، مثل زيادة نبضات القلب، والتعرق، والتوتر، والقلق".
لماذا يخاف البعض من الطائرات؟
لم يأخذ إدريس وقتاً طويلاً للتفكير في الإجابة، فقال لرصيف22 إن الخوف من ركوب الطائرات غالباً ما يفسره العلم بمشكلة تتعلق بالناقلات العصبية في الدماغ، كما أن هناك أسباباً أخرى تتعلق بتجارب سابقة سيئة، فمثلاً بعد أحداث 11 سبتمبر، زاد عدد الأمريكيين الذين أصبحوا يخافون من ركوب الطائرات. يقول غيرد غيجرنزر، وهو أخصائي نفسي بمعهد ماكس بلانك للتنمية الذاتية لـBBC إن آلاف الأمريكيين رفضوا ركوب الطائرات بعد عام من تلك الهجمات، وقرروا أن يسافروا بسياراتهم، وهو الأمر الذي قلل من عدد رحلات الطيران، وتسبب بموت أكثر من 1500 شخص في حوادث اصطدام. في التقرير نفسه، يلفت روبرت بور، وهو طيار واستشاري نفسي في سلاح الجو الملكي البريطاني، إلى أسباب أخرى خارجية للخوف من ركوب الطائرات، منها الضغوط التي يسببها العمل، أو المشاكل التي تحدث للشخص في حياته الزوجية، وربما يكون للأمر علاقة بإصابة الشخص بقلق على شخص يحبه تركه مريضاً مثلاً واضطر للسفر.مع كل طائرة تتحطم، يتجدد خوف الكثيرين من الطيران... لماذا هذا الخوف وكيف يمكن مواجهته؟
ارتفاعنا في الجو أكثر من 35 ألف قدم، يمكن أن يتسبب بأمور غريبة داخل أذهاننا، وبتغيير أمزجتنا ومشاعرنا
ماذا نفعل إذا كنا نخاف من الطائرات؟
يبيّن إدريس أن أول خطوة في طريق علاج الخوف هي أن يدرك الشخص أن الأمر غير مبرر، وأن الخوف سيسبب له مشاكل عدة في حياته، وأن الموت أمر قدري قد يحدث في أي وقت. الخطوة السابقة يطلق عليها إدريس الوعي، ويرى أن الخطوة التي تليها هي أن يصارح الإنسان نفسه بالسبب الحقيقي لخوفه من ركوب الطائرة، وسيحتاج الأمر منه لتركيز شديد حتى يكتشف السبب، ومن ثم عليه أن يواجه هذا الخوف كي ينتصر عليه. "الأمر ليس سهلاً بل يحتاج لمجهود كبير، ولو وجد الشخص أنه غير قادر على ذلك بنفسه، فيجب عليه أن يتوجه لطبيب أو معالج نفسي لمساعدته". يقول إدريس. حين تشعرون بخوف داخل الطائرة عليكم ممارسة بعض تمارين الاسترخاء البسيطة، منها التنفس بعمق، وتفادي التركيز على الخوف بل التركيز في أمور أخرى. يمكنك كذلك قراءة كتاب تحبونه، أو الاستماع لقائمة من الأغاني المفضلة لديكم على أن تكون غير صاخبة حتى لا توتركم، أو حزينة حتى لا تسبب لكم ضيقاً، ويمكنكم مشاهدة أفلام كوميدية داخل الطائرة، أو أفلام درامية عن قصص نجاح بعض الأفراد في الحياة.لماذا نشعر بحزن وبرغبة في البكاء داخل الطائرات؟
خوف البعض من ركوب الطائرات ليس المشكلة الوحيدة المتعلقة بعالم الطيران، بل هناك مشكلة أخرى هي رغبة الكثيرين في البكاء داخل الطائرة من دون سبب، أو ظهور مشاعر الحزن لديهم. وهناك عدة نظريات تفسر سبب حدوث ذلك، بعضها يرى أن الحزن عائد لترك الأحباب والحنين إلى الوطن، لكن هناك نظرية أخرى ترى أن الطيران نفسه قد يكون مسؤولاً عن بكاء بعض الركاب. وتشير أبحاث حديثة إلى أن ارتفاعنا في الجو أكثر من 35 ألف قدم، يمكن أن يتسبب بأمور غريبة داخل أذهاننا، وبتغيير أمزجتنا ومشاعرنا.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه