تجلسون قبالة التلفاز وتشاهدون عرضاً مسرحياً أو برنامجاً تلفزيونياً لساحر عربي أو أجنبي، وتصيبكم الدهشة والحيرة: هل يملك الساحر قوىً سحرية؟ أو هي مجرد خدع بصرية؟
سؤال يتكرر في أذهان مشاهدي هذه العروض حول العالم، ويتجنب الكثير من لاعبي الخفة الإجابة عنه، كي لا يفقدوا جاذبيتهم وتأثيرهم على الجمهور، الذي يؤمن في غالبيته بأنهم سحرة يمتلكون قدرات غير طبيعية. والإجابة عن ذلك السؤال قد تكون مخيبة للكثيرين.
فجميع العروض السحرية، حتى المعقدة منها والخطيرة، كالطيران في الهواء والسير على الماء، ما هي سوى خدع بصرية وتقنية مدروسة ومصممة بدقة، لتخدع عيون الناس، ثم عقولهم، يمارسها مختصون يتميزون بالموهبة والخبرة والخفة في الأداء.
فإذا كنتم ترغبون في معرفة أسرار بعض هذه الخدع السحرية، تعالوا معنا في جولة على عدد من عروض الخفة العالمية، التي قام بها لاعبون عرب كالسعودي أحمد البايض في برنامجه التلفزيوني "خفة".
خدعة ثني الشوكة وسكب الملح
قام أحمد البايض في أحد مشاهد برنامجه التلفزيوني باختيار شوكة من عدة شوكات موجودة على طاولة، وأثبت للجمهور أنها غير مكسورة، من خلال طرقها على كأس زجاجية، ليقوم بعدها بثني الشوكة عبر تركيز نظره عليها، ثم كسرها إلى نصفين، وسط ذهول الجالسين. فكيف قام بذلك؟ هل هي فعلاً قوى ذهنية خارقة؟ بالطبع لا. السر يكمن في اختيار الشوكة التي تكون معدة مسبقاً للكسر، فيتم حف طرفها بمنشار منزلي، وبينما تظاهر أحمد البايض بأنه يركز عليها بنظره، لواها من الطرف المحدد للكسر، ليوهم المشاهدين أنه يقوم بثنيها وكسرها من خلال قواه الذهنية، فقوة يده لا تكفي لكسرها. وفي المشهد نفسه، قام البايض بخدعة سكب الملح، التي تعرف بخدعة إخفاء المنديل. فقام بسكب كمية كبيرة من الملح في كفه بعد إغلاقها، ثم فتح كفه بسرعة ليؤكد للمشاهدين اختفاء الملح وخلو كفه منه، لكنه لا يلبث أن يخرج الملح ثانية من كفه بعد إغلاقها وسكبه في يده الأخرى. فكيف اختفى الملح وعاود الظهور ثانيةً؟ من المؤكد أن الملح لم يختف بقوى خفية، بل تم سكبه في إصبع مزيفة يرتديه البايض فوق إصبعه الحقيقية، وبحركة سريعة يرتدي الإصبع بعد تعبئتها بالملح، فتبدو اليد فارغة، ثم يقوم بخلعها وسكب الملح المخبأ فيها في اليد الأخرى. وعلى الرغم من بساطة هذه الخدعة، فإنها تحتاج لخفة وسرعة في الحركة، كي لا يتنبه الحضور لوجود الإصبع المزيفة فوق الإصبع الحقيقية. https://youtu.be/dc2flxH9MBw?t=50mخدعة إخراج أوراق اللعب أو النقود من المحمول
تعتبر واحدة من أشهر الخدع البصرية المطبقة في العالم، وقد طبقها البايض مع أحد ضيوفه. قام بإخراج قطعة نقدية من جهازه الجوال، وسط دهشة الحضور، والسر في هذه الخدعة يكمن في أن لاعب الخفة بمهارته، يجعل الذي أمامه يختار ما يريد هو، وبذلك يحضر مسبقاً ورقتين أو قطعتين نقديتين متماثلتين يخفي إحداهما بسرعة تحت جهاز الجوال ويبقي الأخرى أمام الضيف، ثم لا تلبث هذه الورقة أن تنتقل إلى جهاز الجوال ليخرجها اللاعب منه بحركة سريعة. السؤال هنا، كيف تنتقل القطعة النقدية أو الورقة إلى داخل الجهاز، وكيف تخرج منه ؟ في الحقيقة، يتم ذلك بواسطة تطبيق يدعى تور دو موجيه، يسمح لمستخدميه بإظهار صور لأوراق اللعب أو قطع نقدية وغيرها على شاشة الجهاز، لدى تشغيل البرنامج، بعد حمله وهزه بطريقة معينة، ليقوم بعدها البايض بخفة يده بسحب القطعة النقدية من الشاشة، وإخراج المخبأة تحت الجهاز في آن واحد، لتبدو القطعة المعدنية وكأنها قد خرجت من الجهاز المحمول.الطيران في الهواء
واحدة من أكثر الخدع غرابة، يقوم من خلالها لاعب الخفة بجعل فتاة تطفو في الهواء بعد استلقائها على لوح خشبي، ودون وجود أسلاك بلاستيكية أو حبال تربطها. فيقوم الساحر عادةً بتمرير يده فوق الفتاة وتحتها، أو تمرير طوق معدني لدحض تلك الفكرة عند المشاهدين. فكيف يمكن للاعب الخفة القيام بهذه الخدعة؟ السر الأول لهذه الخدعة يكمن في إخفاء جهاز ميكانيكي متصل باللوح الخشبي الطائر بواسطة ملاءة، وحين يقف اللاعب على المنصة يقوم بإخفاء الجهاز بجسده، بينما يلف الفتاة بتلك الملاءة، ليحرك بعدها يديه فوق الفتاة، ويرفعها في الهواء. وهنا تكمن الخدعة الثانية، فالمنصة التي يقف عليها اللاعب أو الساحر، مخبأ تحتها محرك موصول بأسطوانة هيدروليكية قوية بما فيه الكفاية لرفع الفتاة، وزر التشغيل موجود تحت قدم الساحر، عندما يقوم بتشغيله ترتفع الفتاة. فكيف يمكن للساحر أن يخفي الأسطوانة الهيدوليكية التي ترفع الفتاة خلال تمرير الطوق المعدني حولها؟ يعود ذلك إلى تصميم تلك الأسطوانة، إذ تتصل باللوح الخشبي من أقصى الطرف الأيسر وليس من المنتصف، ويتعمد بذلك الساحر الوقوف أمامها لإخفائها.خدعة كاسات الأرز والماء
يبدأ البايض خدعته بالكلام عن الأرز ومناطق زراعته، فيقوم بسكب الأرز الموجود في صحن على الطاولة ليملأ به كاساً معدنية، بعدها يحضر كأساً معدنية أخرى فارغة، ومماثلة للسابقة المملوءة بالأرز، ويضعها فوق كأس الأرز، ويهزهما بطريقة دائرية، ليتساقط الأرز من الكأس الفارغة. لكن الخدعة لم تنته هنا، إذ قام بعدها بإفراغ كأس الأرز السفلية، وقلبها فوق الكأس الفارغة السابقة، لتكون المفاجأة، بأن الكأس العلوية بدأت بإخراج الماء، فكيف حصل هذا؟ السر في هذه الخدعة يكمن في الكؤوس المعدنية المصممة خصيصاً لهذا الغرض، فتحتوي كل كأس على ثقبين يتم من خلالهما إدخال الأرز والماء فيهما إلى داخل الكأس في وقت سابق، وعند هز الكأسين بطريقة دائرية يتم إخراج محتوياتهما، وبالطبع يقوم لاعب الخفة عادةً بإخفاء تلك الثقوب بأصابعه حتى لا تظهر للحضور. https://youtu.be/dc2flxH9MBw?t=10m8sخدعة قراءة العقل
تتنوع التقنيات التي يتبعها لاعبو الخفة في ألعابهم التي تعتمد على قراءة العقل. ولعل أكثرها تعقيداً تلك التي تقوم على قراءة اللاعب لأرقام، كرقم بطاقة بنكية، أو معرفة تاريخ الميلاد في بطاقة شخصية مثلاً، وهو معصوب العينين. فكيف يقوم بذلك؟ في الواقع، لا يقوم اللاعب بقراءة الأفكار كما يبدو للحضور، إنما يقوم بالتمرن على شفرات رياضية كشفرة موريس، التي تتضمن عدداً معيناً من الحركات أو الإشارات لكل حرف أبجدي أو رقم، وبمهارة لاعب الخفة وتدربه على فهمها بسرعة، يمكنه أن يقرأ بطاقة ائتمانية وهو مغمض العينين، وذلك بمساعدة زميل له يتولى قراءة تلك المعلومات وإيصالها له من خلال جهاز للاهتزاز مثلاً موصول بينهما، ليقوم بدوره بترجمة الاهتزازات إلى أحرف وأرقام، مدعياً قدرته على قراءة العقل والتخاطر عن بعد. ومن الذين طبقوا هذه الخدعة، الثنائي الشهير تومي وأميلي، في عروضهما المسرحية في برنامج American Gots Talent والتي أبهرت العالم، وحققت شهرة واسعة لهما.خدعة التخاطر
في إحدى حلقات برنامج خفة، أبهر أحمد البايض ضيفه بقدرته على قراءة أفكاره، بعدما طلب منه أن يمسك بدفتر مكتوب بداخله أسماء لمطربين عرب وأهم أغانيهم، وأن يختار ورقة من الدفتر ويحفظ اسم المطرب الذي كتب عليها وأغنيته. ووقع اختيار الضيف على ورقة عليها اسم المطرب محمد عبده وأغنيته الأماكن، ولكن الطريف في القصة أن الضيف حاول خداع أحمد البايض عندما طلب منه أن يستحضر الاسم والأغنية في عقله محاولاً إيهامه بأنها مطربة لا مطرب، لتكون المفاجأة بأن أحمد البايض كتب الاسم والأغنية الصحيحين على الورقة، ما أذهل الضيف وجعله في حيرة من أمره. ولكي نزيل من عقولنا الذهول، دعونا نفسر ذلك معاً. الخدعة بسيطة جداً، والسر يكمن في الدفتر نفسه الذي حُضر مسبقاً، ليحتوي نصفه على أسماء لمطربين مختلفين والنصف الآخر يحتوي على اسم مطرب واحد هو محمد عبده. ووفقاً لطريقة إمساك الدفتر، لن يتمكن الضيف من مشاهدة اسم محمد عبده المكرر وستظهر له أسماء بقية المطربين، وبحيلة بسيطة تمكن البايض من إجبار الضيف على اختيار ورقة محمد عبده، فقام بقص اسم واحد من كل ورقة لتعليمها، ما أجبر الضيف على اختيار إحدى الأوراق المقصوصة، والتي يعلم البايض محتواها مسبقاً، ليعطي الإجابة الصحيحة بدون تردد. https://youtu.be/dc2flxH9MBw?t=36mخدعة كريس إينجل المشي فوق الماء
لابد أنكم أصبتم بالذهول عند رؤية الساحر الأمريكي كريس إينجل وهو يمشي على الماء، فكيف يمكن لرجل أن يمشي على الماء من دون أن يمتلك قوىً خارقة؟ خدعة بصرية من أقوى الخدع وأنجحها، حيرت عقل كل من شاهدها، قام بها إينجل. لكنها لا تتعدى كونها خدعة تلفزيونية متقنة، قام بها الساحر المعروف، مستفيداً من خاصية الشفافية التي يتمتع بها نوع من الزجاج يدعى plexiglass، عند غمره بالماء. وقام كريس وفقاً لذلك، بتجهيز ألواح زجاجية شفافة مختلفة الأحجام ليمشي عليها، بعد غمرها بمياه المسبح، وتدعيمها بقواعد شفافة تصل إلى قاع المياه، كما ترك بين الأعمدة قنوات تسمح للحضور بالسباحة والعبور منها لإيهام المشاهدين بعدم وجود أي دعامة زجاجية في المسبح. تلك الألواح، على الرغم من أنها غير مرئية من زوايا معينة، تبدو واضحة للمشاهدين من زوايا أخرى، وبناءً على ذلك تم تصوير الخدعة من زوايا معينة، حتى لا تكون الألواح الزجاجية مرئية، أما المشاهدون الذين ذهلوا وصفقوا للخدعة، فهم ممثلون يدّعون عدم رؤيتهم لألواح البليكسي غلاس مقابل أجور مادية، فالغرض من هذا العرض كان الخداع التلفزيوني فقط.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه