اكتشف الحاخام الأمريكي يعقوب هوروفيتس أن إسرائيل باتت ملاذاً و"جنة عدن" بالنسبة إلى رجال الدين اليهود الذين دأبوا على الاعتداء الجنسي على أطفال طائفة الحريديم المتشددة في الولايات المتحدة.
قرر الحاخام البالغ من العمر 58 عاماً مقابلة المجرمين في معقلهم الجديد، عبر زيارة قام بها إلى إسرائيل، وسجَّل لمتورطين في تلك الجرائم اعترافات تحدثوا فيها عن الأمر، وقالوا إنهم كانوا في طفولتهم ضحايا جرائم مماثلة، وإنهم يستمتعون بالجنس مع الأطفال أكثر من النساء.
غطاء إسرائيلي يسمح بتكرار الجرائم
في حوار أجرته معه صحيفة ماكوريشون العبرية، أوضح الحاخام الأمريكي أنه "في الوقت الذي تسجل فيه الولايات المتحدة مجرمي الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال في قائمة خاصة بذلك، ليتسنى لكل مواطن معرفة مقر إقامة هذا المُسجَّل والحذر منه، لا تسجل إسرائيل أسماء هؤلاء المجرمين في قائمة مماثلة، أو بالأحرى تتعمد إخفاءها، بداعي أن هؤلاء ارتكبوا جرائم وعوقبوا عليها، ولا ينبغي أن تلاحقهم جرائمهم إلى الأبد".
وقد هرب كثيرون من المجرمين الذين تورطوا في جرائم من هذا النوع، بحسب هوروفيتس، إلى إسرائيل، واستوطنوا فيها دون خوف من الملاحقة القانونية، بعد أن تركوا خلفهم العشرات من الأطفال الضحايا، فضلاً عن حصولهم على غطاء في إسرائيل، يمكنهم من تكرار الجريمة مع أطفال آخرين.
ويستوطن إسرائيل ما يربو على 35 مجرماً من هؤلاء، كما يقول هوروفيتس الذي التقى خلال زيارته إسرائيل عدداً من أعضاء الكنيست، محاولاً إقناعهم بحتمية خلق مخزن معلوماتي مفتوح، يسمح بالتعرف على هوية المجرمين، للحذر منهم، كما هو الحال في الولايات المتحدة.
الحاخام الأمريكي يونا فينبرغ كان من بين المجرمين الذين لاحقهم هوروفيتس قضائياً في الولايات المتحدة. وإلى جانب نشاط عام يمارسه، يعكف فينبرغ على تدريس فرائض الديانة اليهودية لأطفال الحريديم. وفي نهاية 2014، ترك مقر إقامته في نيويورك، وانتقل للإقامة في مدينة القدس.
حاخام أمريكي يكشف أن إسرائيل باتت ملاذاً و"جنة عدن" لرجال الدين اليهود الذين دأبوا على الاعتداء الجنسي على أطفال طائفة الحريديم المتشددة
هرب مجرمون كثر تورطوا في الاعتداء جنسياً على أطفال إلى إسرائيل، واستوطنوا فيها بدون خوف من الملاحقة القانونية
قبل هذا التاريخ بخمس سنوات، واجه فينبرغ اتهامات باستغلال طفلين من تلاميذه جنسياً، وقضت المحكمة بسجنه 13 شهراً. ونشرت شرطة ولاية نيويورك التي يقيم بها اسمه وصورته في قائمة ذوي السوابق الجنائية الجنسية، وصنَّفته الأجهزة المعنية بالمسجَّل الخطر من الدرجة 3، وهي أعلى درجات الخطورة.
حينما علم هيروفيتس بسفر فينبرغ إلى إسرائيل، كتب الخبر في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ليحذّر الإسرائيليين منه.
أساليب وطرق الجناة
إلى الوراء، وقبل ثماني سنوات، وتحت عنوان "حماية أطفال طائفة الحريديم (المتشددين دينياً)"، ألقى الحاخام يعقوب هوروفيتس محاضرة في إحدى مدارس حي بروكلين في نيويورك. حازت المحاضرة إعجاب الحضور من أمهات وأبناء الطائفة، لكنها حرّكت المياه الراكدة ضد رجال دين يهود تخصصوا في الاعتداء جنسياً على براءة الأطفال، وراهنوا على الإفلات من العقاب وعلى صمت الضحية.
خلال المحاضرة، وفي كتابه الصادر تحت عنوان "Let’s stay safe"، كشف هوروفيتس أسلوب الجناة، وطريقتهم في الاعتداء على الأطفال، مؤكداً أنهم ينصبون الكمائن للضحايا في حدائق الأطفال، وحتى في دور العبادة اليهودية، ويستهدفون ذاك الطفل الضعيف الصامت الذي لن يتحدث إلى الأبد عن جرائمهم.
حمل هوروفيتس في جعبته كماً كبيراً من دراما الاعتداءات الجنسية على أطفال طائفة الحريديم، وأتاح له عمله في البداية معلماً للمراهقين المتسرّبين من الدراسة الانفتاح أكثر وأكثر على أبعاد الظاهرة، فقرر التصدي لها، وتجنيد نفسه لمطاردة المجرمين في كل مكان.
في مهمته، عمل هوروفيتس على محورين، أولهما: رفع مستوى الوعي لدى الآباء والأمهات والأطفال بخطورة المشكلة؛ وثانياً: مطاردة المجرمين داخل وسط اليهود المتشددين، وتسليمهم إلى الشرطة.
اهتمام يعقوب هوروفيتس بتلك الظاهرة، وبإلقاء الضوء على تفشِّيها في إسرائيل، فتح الباب أمام فيض من المعلومات المتعلقة بأبطالها في وسط المتدينين اليهود، إذ يشير شريط فيديو نشره موقع "سري للغاية" على اليوتيوب إلى أن إسرائيليين بعثوا باستغاثة أكثر من مرة إلى الأجهزة والجهات المعنية في إسرائيل، أدرجوا فيها أسماء وعناوين وصور المجرمين من هذا النوع في مختلف المناطق الاسرائيلية، لكن أحداً لم يعرهم اهتماماً.
قوائم المتورطين
وفقاً لشريط الفيديو، يتصدر الحاخام مردخاي (موتي) ألون قائمة أصحاب السوابق في الاعتداء جنسياً على أطفال اليهود المتشددين. وهو رجل دين يهودي معروف، ويحظى بقدر كبير من التقدير، لكنه واجه اتهامات بالتحرش والاعتداء الجنسي على أطفال كانوا يتلقون العلوم الدينية منه. وأوصت النيابة الإسرائيلية العامة بمحاكمته.
إسحاق بروفيسكي، تحرش واغتصب 29 طفلاً وفقاً للوائح الاتهام التي واجهها، وحكم عليه بالسجن 29 عاماً، لكنه ما برح يعمل مساعداً لرئيس إحدى حدائق الأطفال، ويقيم في مستوطنة حباد الإسرائيلية.
ولا يختلف بروفيسكي عن إسحاق بروسيليفسكي، الذي اعترف بارتكاب مئات جرائم الاعتداء الجنسي ضد الأطفال، لكنه لم يواجه في المقابل إلا لائحتي اتهام فقط بالاعتداء على طفلين. ويقيم في مستوطنة بني براك.
وهناك ديفيد بروكنر، فهو حريدي يقيم في القدس وارتكب واقعة اعتداء جنسي ضد طفل واحد فقط. وهناك أيضاً يوسف غولد شمير الذي يقيم في شمال إسرائيل، وارتكب 12 اعتداءاً جنسياً متنوعاً ضد تلاميذه الأطفال، حينما كان يعمل معلماً. وفي عام 2008 عوقب بالسجن 6 سنوات على خلفية جرائم مماثلة.
أما أريا غولدمان، ويقيم في رام الله، فقد تورط في عدد كبير من جرائم اغتصاب الأطفال والتحرش جنسياً بهم، وحُكم عليه عام 2000 بالسجن 16 عاماً. وتورط الحاخام شلومي فيلتسر ووالده في عدد من جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال. وفي حين هرب والده خارج إسرائيل خوفاً من الملاحقة القضائية، أصر فيلتسر الابن على البقاء ومواصلة جرائمة، اعتماداً على صمت الإسرائيليين في مستوطنة "كوموميوت" التي يقيم فيها.
وكذا الحال بالنسبة إلى الحاخام ميخائيل مخلوف زادة الذي اتهم عام 2011 بالاعتداء جنسياً على 6 أطفال من تلاميذه. وأمام الاتهام اعترف في السجن بأنه مريض ويحتاج إلى علاج. أما إفرايم يغدوييف، فوصفه شريط الفيديو، المنشور في الموقع العبري بأنه "ضليع في الإجرام في الاعتداءات الجنسية على الأطفال"، وأضاف في معلوماته عنه: "يمتلك ثروة طائلة، وتورط أخيراً في عدد كبير من جرائم الاغتصاب والتحرش والاعتداء على أطفال طائفة الحريديم، حينما كان يعمل معلماً، وحكم عليه بالسجن 25 عاماً".
اعترافات وتبريرات
إيلي (اسم مستعار)، اعتدى جنسياً خلال 15 عاماً مضت على 20 طفلاً، تراوحت أعمارهم بين 8 و14 عاماً.
في اعترافات نشرها موقع "والا" العبري، قال الرجل البالغ من العمر 39 عاماً، وهو حريدي يقيم في القدس: "المرة تلو الأخرى كنت أخرج للبحث عن ضحية في إحدى الحدائق العامة. وعندما أجد طفلاً جميلاً، أتبادل معه أطراف الحديث، ثم أقترب منه، وحينما ألحظ غفلة عنه وعني، أواصل التحرش به، وأهرب على فوري من المكان. بعد العودة إلى المنزل، أرفض لدقائق تأنيب الضمير. المهم أن أفعل ما أريد، لكنني بعدها اتضرع وأصلي إلى الله ليسامحني. في كل مرة لا أواجه فيها اتهاماً أو شكوى، أعتبر ذلك تأشيرة أو إذناً لتكرار التجربة مع طفل أو طفلة أخرى".
ويعترف إيلي بأنه شخص مريض، وأنه وغيره من المتحرشين جنسياً ومغتصبي الأطفال ضحية جريمة اعتداء جنسي في طفولتهم. وعن ذلك يقول: "أصبت ببذور المرض ذات مساء، حينها كنت طفلاً منعزلاً. تربيت داخل أسوار صمت وانغلاق على النفس، فرضته ثقافة الحياة في المجتمع الحريدي".
خلال عودتي إلى المنزل، وفي منطقة متاخمة لإحدى الحدائق العامة، اقترب مني شاب مجهول، يبلغ من العمر 16 عاماً تقريباً، وطلب الحديث معي. عندما اقتربت منه تحرش بي جنسياً. بعدها عدت مسرعاً إلى المنزل. حكيت لوالدي ووالدتي ما جرى، لكنهما نهراني. لم يصدقاني، وفي الوقت نفسه أوعزا بعدم الحديث في هذا الموضوع مجدداً. لم يندمل جرحي، وبدأت بعد بلوغي البحث عن ضحية للانتقام منها، حتى أصبح ما أفعله عادة أو مرضاً، لا استطيع الشفاء منه".
بيني (اسم مستعار)، يبلغ من العمر 45 عاماً، وهو حاخام حريدي، لديه ستة أبناء، كان من بين المعلمين الأكثر التزاماً في إحدى المدارس اليهودية، لكنه اعتدى في 2008 على إحدى تلميذاته، البالغة من العمر 14 عاماً، وعلى تلميذ آخر، فحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.
يعترف بيني: "لا تستهويني ممارسة الجنس مع النساء أكثر من الأطفال. أركض نحو أي طفل أجده وحيداً في حديقة عامة، أو في شارع منعزل. تثيرني دائماً لحوم الأطفال، وفي كل مرة أبرر لنفسي الفِعلة، خاصة أنني كنت ذات يوم ضحية لنفس الجريمة. لا أجد حرجاً. 75% من المتربصين بالأطفال في الوسط الحريدي، تعرضوا لنفس الجريمة في طفولتهم. وظلت هذه الجريمة هي التجربة الجنسية الأولى في ذاكرتهم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...