شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
نواعير الفرات وسُمّ السمك والزواج في عسير... أعجب مشاهدات الرحّالة الأجانب في البلاد العربية

نواعير الفرات وسُمّ السمك والزواج في عسير... أعجب مشاهدات الرحّالة الأجانب في البلاد العربية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رود تريب

الخميس 15 فبراير 201802:17 م

الرحَّالة هو النسخة الشعبية من عالِم الأناسة (الأنثروبولوجيا)، وفي كتاباته بُعد تأريخي. وبرغم أنها مجرد انطباعات لا تبرأ من الذاتية وقد تحمل أحياناً أبعاداً أيديولوجية، إلا أن الكثير منها يمتاز بقيمة توثيقية، غالباً ما اعتمدت عليها كتب التاريخ، قديمها وحديثها. اكتسب أدب الرحلات شهرة واسعة، وكان بعضه ذا هدف علمي جاد. وكان بين الرحالة عالم اللغة والباحث الأثري وعالم النبات وعالم الأرض والجغرافي والتاجر، وغيرهم. فيما يلي نبذة من كتابات رحالة زاروا بلادنا العربية، وكتبوا عن مشاهدات لفتت انتباههم وفضولهم وأحياناً اندهاشهم.

1ـ بلاد الشام

زار الرحالة الإيطالي كاسبارو بالبي سوريا والعراق في النصف الثاني من القرن السادس عشر، وأعجب بما شاهده في سوريا.

نواعير حماه

نواعير الفرات: ذكرها بقوله "رأينا جهازاً غريباً مكوناً من ثلاث دوائر كان يسحب الماء من النهر ويصبه في ساقية من أجل سقي الحقول".

قوارب البيرة: أعجب بالبي بنوع من القوارب في مدينة البيرة، التابعة لولاية حلب العثمانية، وذكر أنها تكاد تكون محصنة ضد الغرق، لأنها مصنوعة من "قاع مزدوج لكي لا تغرق بسهولة في حالة اصطدامها".

وزار عالم النبات والرحالة الهولندي ليونهارت راوولف، بلاد الشام والعراق، في النصف الثاني من القرن السادس عشر، وأبرز ما أعجبه فيها: صناعة البارود: دُهش راوولف من طريقة صناعة بارود المدافع في بلاد الشام، من دون ملح البارود أو نترات البوتاس، وقال إنه لا يُصنع من ملح البارود كما في أوروبا وإنما يُستخرج من عصير شجرة الغرب وهي من نوع الصفصاف، إذ يتم حرق أغصان الشجرة الصغيرة وتُحوّل إلى مسحوق يُنقع في الماء إلى أن تنفصل ذرات الملح عنه.

القهوة: فوجئ راوولف بشراب القهوة في الشام لأول مرة في حياته وكتب: "من بين الأشربة التي يتعاطونها في هذه البلاد، شراب حسن جداً يسمونه ‘قهوة’، أسود اللون كالجير تماماً، وهو مفيد جداً للمرض ولا سيما أمراض المعدة".

وزار الرحالة الفرنسي جان باتيست تافرنييه العراق ماراً بسوريا في النصف الثاني من القرن السابع عشر، وأبرز ما أعجبه: خبز البادية: أعجب بطريقة البدو في إعداد خبزهم اللذيذ، وبدفنه في الرماد حتى ينضج.

فسقية أورفة: كما أعجب بفسيقة (حوض فيه ماء ونافورة) مدينة أورفة التابعة لولاية حلب العثمانية، والتي تنبع من تحت أسس جامع إبراهيم الخليل، كانت زاخرة بالسمك الملون ولا يجرؤ أحد على صيده.

2ـ العراق

سم السمك: دهش راوولف من طريقة العراقيين في اصطياد السمك بالتسميم، من خلال نبات "سم السمك" أو دم السمك. يقول: "حين أراد ملاحو قاربنا اصطياد السمك شرعوا يرمون في النهر بحبات ممزوجة بمادة الكوكولوس Cocculos وهو ثمر يسمونه (دم السمك) وبعد أن يطفو السمك على سطح الماء، يمسكون بأعداد منه".

الحمام الزاجل: ذُهل بالبي من استعمال الحمام الزاجل في البريد بين البصرة وبغداد، وذكر طريقته التي لم تكن معروفة في أوروبا، وهو الأمر الذي أدهش الرحالة نيبور بعد قرنين تقريباً عندما رآه.

عادات المندائيين: دُهش تافرنييه من عادات المندائيين (الصابئة) التي تحرّم سكن منطقة لا تجري فيها الأنهار، وترى أن زواج المرأة غير العذراء خطيئة كبيرة، كما وجد أنهم لا يلمسون اللون الأزرق قط لسبب ديني.

دُهش الرحالة تافرنييه من عادات المندائيين (الصابئة) التي تحرّم سكن منطقة لا تجري فيها الأنهار... ما الذي لفت نظر الرحالة الأجانب في بلاد العرب؟
أُعجب الرحالة نيبور بالتسامح الديني في مسقط وذكر أن الإباضيين يسمحون لكل طائفة أن تعيش وتمارس شعائرها بكل حرية... ما الذي لفت نظر الرحالة الأجانب في بلاد العرب؟
الكلك النهري: تعجّب تافرينييه من الكلك المستخدم في النقل النهري، وهو مربع الشكل ويتكون من أعمدة خشبية طويلة بعضها فوق الآخر وتحتها نحو مئة جراب مملوءة بالهواء، وهو ما أعجب الرحالة الهولندي ليونهارت راوولف وأشار إلى أنه هو نفسه "الأرماث" المذكورة في سفر التكوين.

وزار الرحالة الإيطالي بترو ديللافاليه العراق في مطلع القرن السابع عشر، وأكثر ما أدهشه: طوافات الفرات: تعجب ديللافاليه من الطوافات المستعملة في عبور نهر الفرات سباحة. وكتب: "يأتون سباحة على زقاق (الجراب) ينفخونها ولا يربطونها بل يلقونها تحت صدورهم ويعبرون النهر بهذه الطريقة بكل مهارة". وهي نفسها "السلال" التي أشار إليها الرحالة نيبور وذكر أن أهل البصرة يستخدمونها لعبور النهر.

3ـ مصر

زار الرحالة الفارسي ناصر خسرو مصر في بداية القرن الحادي عشر، وأعجبته أشياء كثيرة، أهمها: بقلمون تنيس: أعجب بصناعة النسيج في جزيرة تنيس ذات الشهرة العالمية في هذه الصناعة، لا سيما صناعة البقلمون. ويقول ناصر عنه: "لا ينسج في مكان آخر من العالم. وهو قماش يتغير لونه بتغير ساعات النهار. وتُحمل أثوابه من تنيس إلى المشرق والمغرب".

فن البستنة: دهش خسرو من تفوّق المصريين في فن البستنة، وعلق: "إذا أراد أحدهم غرس حديقة، يستطيع ذلك في أي فصل من فصول السنة، فإذا اشترى أحدهم شجراً حمل الحمالون الأصص بالشجر ونقلوها إلى حيث يشاء، من غير أن يضار الشجر بهذا، ولم أر هذا النظام في أي مكان آخر. كما أني لم أسمع به. والحق أنه نظام جميل جداً".

وزار الرحالة التركي أوليا جلبي مصر في النصف الثاني من القرن السابع عشر وأبرز ما أدهشه فيها: ترياق الفاروق: تعجب من صناعة "ترياق الفاروق" في مستشفى"الفاروقخانة"، وهو علاج صنعه المصريون لعلاج التسمم وبعض الأمراض، وحاز شهرة واسعة، وكان يُستحضر من نوع معيّن من الأفاعي.

البنزهير الكنعاني: وهو دواء اعتبره جلبي من أعاجيب الطب وقال فيه: "دواء من قبيل الإكسير الأعظم" وهو علاج فعال للتسمم، ووصفه الرحالة بأنه "شيء حجري كالكستبان أصفر اللون".

معجون العقرب: وهو معجون طبي يستخلص في مستشفى قلاوون من دهون العقارب، ويستخدم لعلاج احتباس البول، وأعجب جلبي بمهارة تحضيره.

إنضاج العنب: ذكر جلبي حيلة يقوم بها الفلاحون المصريون لتسريع عملية إنضاج العنب، وذكر أنّه: "عندما يكون العنب حصرماً يشعل فلاحو مصر الكبريت ويبخرونه به فينضج قبل أوانه بشهر. وهذه حيلة شيطانية عجيبة".

وزار الرحالة وعالم اللغة الدنماركي كارستن نيبور مصر في النصف الثاني من القرن الثامن عشر وأهم ما أعجبه فيها: صناعة النشادر: دهش جداً بمصانع النشادر، وطريقة المصريين في صناعة ملح النشادر من السناج الناتج عن احتراق الروث المجفف، وأسهب في وصف عملية تصنيعه، ودعا الأوروبيين إلى صناعة النشادر بالطريقة الجيدة الرخيصة المعروفة في مصر.

بيمارستان قلاوون: أعجب بهذا المستشفى كثير من الرحالة، لا سيما أوليا جلبي الذي قال فيه: "بناء عجيب لا نظير له في بلاد الترك (الروم) والعرب والعجم". وكذلك أشاد به كارستن نيبور الذي ذكر: "المستشفى يقوم بكل ما يحتاج إليه المريض، لم يغفلوا منه شيئاً حتى الموسيقى".

4- الجزيرة العربية

زار كارستن نيبور الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر وأهم ما أعجبه فيها: الاهتداء بالنجوم: تعجب نيبور من مهارة العرب في معرفة الاتجاهات بالنجوم من دون الحاجة إلى بوصلة. التسامح الإباضي: ذهل نيبور بالتسامح الديني والحرية الاجتماعية في مسقط، وذكر أن الإباضيين يسمحون لكل طائفة أن تعيش وتمارس شعائرها بكل حرية وبدون تمييز بشكل منقطع النظير.

وزار الرحالة الإنكليزي تشارلز دوتي الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأبرز ما أعجبه: تمثال أبي زيد: شاهد في حائل ما وصفه بـ"معجزة تمثال أبي زيد" المنحوت في الصخر، وهو بطل أسطوري عربي، ومعه زوجته علية، ويقول عنه: "عجيبة من عجائب الصحراء". وزار الرحالة السويسري جون بركهارت الجزيرة العربية، في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وأبرز ما أعجبه: بلسم مكة: شاهد بركهارت بلسم مكة الذي جابت شهرته الآفاق، وهو زيت كان العرب يستحضرونه من صمغ شجرة البلسان، وله استخدامات طبية عديدة.

قبر النبي: أعجب بركهارت عند زيارة قبر النبي محمد بالتصاميم والنقوش الفضية وزخارف الأرابيسك والثريات الزجاجية المعلقة فوق ستارة حرير عملاقة مذهبة، ووصف الفسيفساء المتقنة الصنع المحيطة بالقبر وعدّها "واحدة من أفضل العينات في الشرق كله". وذكر نوافذ الزجاج الملونة التي تسمح بمرور الضوء ملوناً بشكل منقطع النظير.

نوى التمور: دهش عندما وجد سكان المدينة المنورة ينقعون النوى في الماء حتى يلين ثم يطحنونه ويصنعون منه الأعلاف.

5ـ بلاد المغرب

قام الطبيب وعالم النباتات الألماني ج. أو. هابنسترايت برحلة علمية شملت الجزائر وتونس وطرابلس، في النصف الأول من القرن الثامن عشر، وأبرز ما لفت انتباهه: استخراج المرجان: أُعجب بطريقة الجزائريين في استخراج المرجان من أعماق البحر في مدينة القالة من خلال قطعة خشب على شكل صليب تُرمى حتى قاع البحر ثم تُرفع مرة أخرى بالمرجان.

أعلام المساجد: أعجب الرحالة بنظام تحديد الأوقات في الجزائر برفع الأعلام فوق مآذن المساجد، وجرت العادة في الجزائر على أن تكون هذه الأعلام ذات ألوان خاصة، تُحدّد بها المواقيت.

حياة الأسرى: استغرب من نظام حياة الأسرى المسيحيين في الجزائر. يقول: "في النهار يتمتعون بحرية التجول والعمل من أجل الكسب، وفي الليل يُسجنون".

تصميم المنازل: أعجب بتصميم بيوت تونس، وذكر أن في سقوفها قنوات تنقل مياه الأمطار بعد تجميعها إلى صهاريج تحت الأرض.

مسجد القيروان: أعجب بتصميمه الرحالة هاينريش بارت ووصفه بأنه "المسجد العجيب ذو الخمسمائة سارية".

المصادر: جون لويس بوركهارت، ترحال في الجزيرة العربية - تشارلز م. دوتي، ترحال في صحراء الجزيرة العربية - أوليا جلبي، الرحلة إلى مصر والسودان والحبشة - كاسبارو بالبي، رحلة الإيطالي كاسبارو بالبي إلى حلب ودير الزور وعانة والفلوجة وبغداد سنة 1579 - ج. أو. هابنسترايت، رحلة العالم الألماني ج. أو. هابنسترايت إلى الجزائر وتونس وطرابلس سنة 1732 - تافرنييه، رحلة الفرنسي تافرنييه إلى العراق في القرن السابع عشر - ليونهارت راوولف، رحلة الهولندي الدكتور ليونهارت راوولف إلى طرابلس ودمشق وحلب والرقة ودير الزور وبغداد وعانة والفلوجة وهيت وكركوك وأربيل - ديللافاليه، رحلة ديللافاليه إلى العراق مطلع القرن السابع عشر - هاينريش بارت، سبع رسائل مخطوطة لهاينريش بارت عن رحلته إلى تونس 1845 – 1846 - كارستن نيبور، رحلة إلى مصر، الجزء الأول 1761 – 1762 - ناصر خسرو علوي، سفرنامة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image