"ما إن أكد التشخيص أني مصابة بالسرطان حتى شعرت أن الحب خرج تماماً من حياتي، الكثير من المرضى يمرون بنفس الأفكار، ومنذ بدء العلاج الكيماوي أو الإشعاعي إلى ما بعد انتهائه، لا نفكر في الرومانسية أو الجنس مجدداً".
هذا ما تقوله سوزان جوبار Susan Gubar، الكاتبة في النيويورك تايمز عن تجربتها مع الجنس بعد معاناتها من السرطان.
وتضيف: "من الصعب التفكير في الرغبة والحاجة الجنسية مع الإصابة بالسرطان؛ هذا المرض القاسي الذي تتغير معه معالم الجسد والروح، فتكثر الندوب ويتساقط الشعر ويستمر الغثيان والهزال وغيرهما من الأعراض التي تؤثر حتى على هرمونات الجسم.
وتشير جوبار إلى مؤلف جديد في غاية الأهمية للدكتور ساكيث غونتوبالي Dr. Saketh R. Guntupalli، أخصائي سرطانات النساء، وماريان كارينتش Maryann Karinch، بعنوان "الجنس والسرطان" “Sex and Cancer”، وفيه يرصد الكاتبان تأثير الإصابة بالسرطانات التي تصيب المرأة، خاصةً في الثدي والرحم على الرغبة الجنسية لدى النساء، وكيف يمكن التعامل مع ذلك.
تأثير السرطان على الرغبة الجنسية
ويوضح المؤلفان أن "الجنس كان أقل متعة للنساء بعد الإصابة بالسرطان، وأن جميع أنواع النشاط الجنسي، سواء عن طريق الفم والمهبل والشرج، انخفضت بعد السرطان بشكل ملحوظ".
وبحسب ناجي مصطفى، أستاذ جراحة الأورام بجامعة المنصورة، فإن السرطان يؤثر على الرجال والنساء في ما يتعلق بالرغبة والقدرة الجنسية، غير أن شدة التأثير تتوقف على المنطقة المصابة. فنجد مثلاً المصابات بسرطان الثدي يعانين من جفاف المهبل وآلام الأعضاء التناسلية وانقطاع الطمث المبكر ومشاكل عديدة تتصل بالخصوبة، وهذه كلها تؤثر على الرغبة الجنسية.
ويقول لرصيف22: "لدينا فكرة مبالغ فيها عن السرطان بالبلدان العربية، فبمجرد تشخيص المريض يسأل المحيطون به كم تبقى له من الوقت، ويعتبرون الأمل الوحيد له هو "مجرد النجاة".
ويصيف: "هذا غير عادل، فقد تطور الطب وأصبح الشفاء يحالف العديد من المرضى، ورغم ذلك ننظر للجنس على أنه آخر طموح الناجين مع أنه حق مشروع بل يعتمد في الخارج كوسيلة مهمة للاستشفاء".
أما أحمد عطية، أستاذ ورئيس قسم طب وجراحة أمراض الذكورة والتناسل بجامعة القاهرة، فيلفت إلى أن كثيراً من الشركاء الأصحاء يبتعدون عن الممارسة الجنسية خوفاً على الشريك من التعب والإجهاد، وهو اعتقاد خاطىء تماماً، فـ "الحميمية" بأشكالها المتنوعة من أفضل طرق الدعم النفسي والمعنوي للمريض وإشعاره بأنه مرغوب، وهذا ما يزيد قدرته على مقاومة المرض، أما النفور فيدمره.
ويوضح لرصيف22 أن السرطان أكثر تأثيراً على الرغبة الجنسية لدى النساء، لعدم تقبل المرأة التغيرات التي تطرأ على جسدها، وشعورها بأنها لم تعد "مغرية" للشريك، بخلاف التغيرات الهرمونية والفسيولوجية، وبخاصة مع سرطانات الرحم والثدي والمبيض والمهبل.
ويتابع: "أما الرجال فأغلب التأثير يكون عند الإصابة بسرطان البروستاتا أو الخصية أو العضو الذكري، ويعاني الرجل من العجز الجنسي التام عند استئصال الخصية"، لافتاً إلى أن العلاج الكيماوي والإشعاعي يؤثر على الإنجاب لدى النساء والرجال على السواء.
الحميمية بأشكالها المتنوعة من أفضل طرق الدعم النفسي والمعنوي للمريض وإشعاره بأنه مرغوب، لأن الاهتمام يزيد قدرته على مقاومة المرض، أما النفور فيدمره
من الصعب التفكير في الرغبة والحاجة الجنسية مع الإصابة بالسرطان؛ هذا المرض القاسي الذي تتغير معه معالم الجسد والروح
نصائح لممارسة آمنة بعد العلاج
بحسب جوبار، فإن أهم نصيحة يقدمها كتاب غونتوبالي هي أن مرضى السرطان لا ينبغي لهم الاكتفاء بقبول الأمر الواقع والتسليم بأن المرض يقضي تماماً على علاقتهم "الحميمة" مع الشريك، بل يحثهم على إيجاد بدائل مناسبة لطبيعة حالاتهم المرضية، للحصول على "الرومانسية والحب".
ويشدد مؤلفا كتاب "الجنس والسرطان" على أنه لا ينبغي الخلط بين مصطلح "الجنس" الراسخ بمعنى "الرومانسية وممارسة الحب" وبين مصطلح "الجماع".
فوفقاً للدكتور غونتوبالي "لا توجد مشكلة إذا كان كل من الزوجين سعيداً بمستوى الحميمية التي يتمتعون بها، فالتقبيل والمداعبة والتدليك أساليب للشعور بالإثارة، أي الجنس بمفهومه الواسع.
ويشدد عطية على أن المرأة أكثر حاجة للعلاقة الحميمة في معاناتها مع السرطان؛ ولا يشترط بالطبع "العلاقة الكاملة" أو الجماع، لكن الشكل الأمثل للعلاقة لا تحدده الكتب ولا حتى المعالجون، بل يفضل أن يجرب الشريكان أكثر من وضع وخيار توصلاً لأنسب طرق الممارسة بشرط عدم إرهاق الشريك المصاب.
قصص ملهمة وأساليب مبتكرة للجنس
كذلك يشجع المؤلفان الناجين من المرض على إعادة تعريف الجنس كمصدر حسي للسعادة من خلال مجموعة من الأنشطة، مثل "تمارين التركيز الحساسة"، وهي عبارة عن لمس استكشافي بدون ضغط لتحقيق النشوة، وكذلك تمارين قاع الحوض، والاهتزازات، أو استخدام وسائل خارجية كدهن المناطق الحساسة بمستحضرات معينة.
ويتضمن الكتاب عدداً من القصص الملهمة، منها قصة أليس ذات الـ 49 عاماً، التي كانت تعاني من سرطان المبيض وخضعت لعملية استئصال للمثانة والمستقيم والشرج والمهبل وعنق الرحم، وقام الأطباء بإجراء فتحتين للبول والبراز تتدليان من البطن.
ورغم صعوبة الحالة فسيولوجياً، إذ لا سبيل لممارسة جنسية، فإن أليس كسرت كل القواعد والتوقعات واستطاعت أن تجد سبيلاً للشعور بالمتعة والدعم من خلال علاقتها الملهمة مع زوجها، حتى أنها جددت غرفة نومها وعززت المنبهات الحسية بها، فمرت بتجربة مختلفة ومميزة واختبرت السعادة مع شريكها من جديد.
ويختم أستاذ جراحة الأورام بالتأكيد على أن لا قواعد محددة أو نصائح "نموذجية" لممارسة آمنة بعد العلاج الكيماوي أو الإشعاعي، والمعيار الوحيد يتمثل في شعور الشريكين بالسعادة والانسجام معاً، وعادةً لا يتطلب الأمر توجيهاً من الطبيب المعالج، وكثيراً ما تكون التجارب المشابهة ملهمة بدرجة أكبر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع