شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل يعيد أرشيف 858 زخم ثورة يناير إلى المحروسة؟

هل يعيد أرشيف 858 زخم ثورة يناير إلى المحروسة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 17 يناير 201806:10 م
يمكن اعتبار مشروع 858 الثوري الذي يهدف إلى أن يكون أرشيفاً مصوراً يوثق جميع حوادث ثورة يناير في مصر، المحاولة الأكثر جدية التي ظهرت منذ الثورة بهدف تذكير المصريين بها، عبر مئات الفيديوات المهمة التي توثق للحظات عدة بدأ كثر من المصريين حتى من شاركوا فيها، نسيانها. 858 في مترو أنفاق القاهرة الكبرى، وقف مصري خمسيني اسمه محمود فرغلي، مستنداً إلى الباب في انتظار النزول في محطته دار السلام (منطقة شعبية في القاهرة)، على وجهه ملامح حزن بات مسيطراً على وجوه كثر من المصريين في الفترة الأخيرة. يقول فرغلي لرصيف22، أن شهر يناير أصبح يمثل ذكرى سيئة له بسبب الأزمات الاقتصادية التي ظهرت منذ ثورة الخامس والعشرين عام 2011. موقفه يتشابه وموقف كثر من المصريين الذين باتوا رافضين فكرة الثورة، ظناً منهم أنها السبب في الحال الصعبة التي وصل إليها بلدهم، والذي تقول تقارير عدة أن اقتصاده أصبح مهدداً والغلاء تحول وحشاً ينهش من غير رحمة أجساد ملايين الفقراء. ويعدّ التحدي الأبرز الذي يواجه جيلاً كاملاً شارك في الثورة ووجد فيها حلماً ومعنى جديداً قادراً على تغيير بلده مصر إلى الأفضل، هو كيف يثبت لمعارضي الثورة الكثر أن اعتقادهم غير سليم، وأن الثورة بالفعل كان يمكن أن تجعل حياتهم أفضل لو أخذت فرصتها كاملة. من أجل ذلك، قررت مجموعة من الشباب إطلاق مشروع جديد على الإنترنت يحمل اسم أرشيف 858، وهو عبارة عن موقع ضخم يحوي مئات الفيديوات التي توثق لثورة يناير منذ اليوم الأول لها مروراً بحوادثها كلها، حتى عام 2017. يتميز الموقع بواجهة بسيطة، في محاولة لجعل استخدامه سهلاً لكل من يريد مشاهدة فيديوات عن الثورة، واختار القائمون على الفكرة استخدام رخصة المشاع الإبداعي، والتي تعني أن من حق الجميع استخدام الفيديوات التي يعرضها الموقع من دون استئذان، شرط عدم استخدامها بغرض التجارة. أُرشف الموقع بطريقة سهلة، حيث يمكنكم الوصول إلى جميع الفيديوات بعد الضغط على رابط "دخول الأرشيف"، ومن ثم اختيار التاريخ، المكان والسنة التي تريدون مشاهدة الفيديوات الخاصة بها. يحوي الموقع أرشيفاً كاملاً منذ عام 2011 وحتى 2017، أما الحوادث المهمة مثل موقعة الجمل، اشتباكات شارع محمد محمود، حوادث ماسبيرو، مذبحة بورسعيد... وغيرها فلها فيديوات خاصة توثق لها بشكل كامل. ويمكن تحديد البحث أكثر لتظهر لكم فيديوات معينة عبر اختيار جمل بحث مثل، قنابل الغاز، علم مصر، شارع القصر العيني، لافتات ضد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وغيرها... ما يُعاب على الموقع تركيزه الشديد على القاهرة مقابل تجاهله تحركات ثورية مهمة انطلقت في محافظات مصرية أخرى أثناء الثورة، ربما لو كان الموقع قام بمجهود أكثر، لكان وصل إلى فيديوات مهمة تجعله المنصة التي يمكن أن نطلق عليها "توثق للثورة في كل أنحاء مصر". سبب اختيار الرقم 858 تحديداً اسماً للموقع، هو أن القائمين عليه نجحوا حتى موعد إطلاقه في الحصول على فيديوات تصل مدتها مجتمعة إلى 858 ساعة، لكن بعد انطلاق الموقع بساعات قليلة زادت الفيديوات لتشكل ما مدته أكثر من 874 ساعة حتى كتابة هذا التقرير. في وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقع تويتر، احتفى العشرات من الناشطين بالفكرة، ووجدوا فيها محاولة جادة لدعم ثورة يناير وتوثيق حوادثها في ظل وجود محاولات من الثورة المضادة لتشويهها وربطها بجميع المشكلات التي حدثت في مصر منذ عام 2011، بحسب ما يقول الناشطون. في المقابل، شكك أشخاص – خصوصاً أنصار النظام المصري الحالي – في الهدف الحقيقي للمشروع، معتبرين أن استخدام القائمين على الفكرة، مصطلحاً مثل "الانقلاب العسكري" في وصف ما حدث عام 2013 حين خرج ملايين المصريين ضد الرئيس المصري المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، دليلاً على أن المشروع ممول أو على علاقة بجماعة الإخوان.

من هم القائمون على فكرة 858؟

لم يكن الوصول إلى القائمين على الفكرة سهلاً، فهم وضعوا فقط بريداً إلكترونياً لمن يريد التواصل معهم، لا أرقام هواتف، لا مقر، لا معلومات واضحة تبين من هم. لم يجب القائمون على الموقع على الرسالة الإلكترونية التي أرسلها إليهم رصيف22، حتى كتابة هذا التقرير، فكان البديل أن نحاول الوصول إلى معلومات عنهم بمساعدة موقع إنترنت عالمي يتيح لنا معرفة مالك اسم نطاق الموقع والبلد الذي ينطلق منه. توقعنا أن يكون القائمون على الفكرة لأسباب أمنية، في دولة غربية مثلاً، حيث نتفهم أن وجودهم في مصر قد يعرضهم لمشكلات أو مضايقات، لكن المفاجأة أن المشروع بالكامل انطلق من دولة عربية لم تقم فيها أي ثورة منذ الربيع العربي، وهي على علاقة جيدة بالنظام المصري الحالي. تحدثنا هاتفياً مع مسؤول في الشركة العربية التي نفذت الموقع (نحتفظ بتلك المعلومات حتى لا نعرض أصحاب الفكرة لأي مشكلة أمنية) لكنه رفض الحديث معنا أو الإجابة عن أسئلتنا حول مصادر تمويل المشروع أو سبب انطلاقه من تلك الدولة العربية بالذات. بعيداً من الاتهامات التي يوجهها بعض أنصار النظام الحالي إلى كل فكرة تذكر الناس بثورة يناير بأن هناك أهدافاً غير معلنة لها، يظل موقف أرشيف 858 بقعة ضوء حقيقية تظهر مدى أهمية التوثيق لثورة مهمة ساهمت في تغيير المنطقة العربية بالكامل. كما أن الأمر يعيد التذكير بأهمية الإنترنت في أن تقدم تجارب بديلة تمكنها مواجهة أي تزييف للتاريخ. التخوف هنا هو من أن يحجب النظام المصري الذي حجب بالفعل عشرات المواقع المعارضة له، الموقع حين ينتشر، لكن ربما يراهن منفّذو الفكرة على أن جيل الإنترنت لا تصلح معه سياسات الحجب، فهو يجيد الدخول إلى المواقع كلها بعشرات الطرائق التكنولوجية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image