"في غضون أيام قليلة سأفقد لقبين عالميين، لأنني قررت عدم الذهاب إلى المملكة العربية السعودية"، هذا الكلام جاء على لسان بطلة الشطرنج آنا موزيشوك، التي رفضت المشاركة في بطولة الشطرنج التي تستضيفها الرياض.
لماذا كل هذا الجدل الحاصل حالياً حول كأس الملك سلمان للشطرنج؟ لماذا لن تشارك قطر بالبطولة؟ وماذا عن مشاركة اللاعبين الإسرائيليين؟
شطرنج "تحت القمع"
انطلقت بطولة كأس الملك سلمان للشطرنج يوم الثلاثاء في الرياض وسط مشاركة عدد كبير من نجوم اللعبة على غرار اللاعب الأول عالمياً ماغنوس كارلسن. وبالرغم من الميزانية الضخمة التي خصصت لهذه البطولة، فإن كأس الملك سلمان للشطرنج يشهد الكثير من الجدل والأحداث المتسارعة، آخرها المفاجأة التي قدمتها البطلة الأوكرانية آنا موزيشوك، وشكلت صدمة كبيرة لعشاق لعبة الشطرنج في العالم. فقد أعلنت موزيشوك (27 عاماً)، وهي بطلة العالم مرتين في الشطرنج، رفضها المشاركة في البطولة لأنها تعقد على الأراضي السعودية، معتبرةً أن النساء في المملكة يعشن "تحت القمع". وأوضحت اللاعبة الأوكرانية أن مشاركتها في البطولة تعني السير بعكس مبادئها، معبرةً عن رفضها الخضوع للقوانين السعودية التي تفرض على المرأة، خاصة فيما يتعلق بارتداء الحجاب وعدم السير في الشارع من دون وجود رجل بصحبتها. وفي هذا السياق، كتبت آنا على فيسبوك: "قررت عدم اللعب وفق قوانين أحد، عدم ارتداء الحجاب، عدم صطحاب أي رجل معي في الخارج، والأهم من كل ذلك ألا أشعر بأنني مخلوق ثانوي". وتابعت موزيشوك:" قبل عام، فزت بلقبين عالميين وكنت أسعد شخص في عالم الشطرنج، إلا أني هذه المرة أشعر بالسوء، فأنا على استعداد للدفاع عن مبادئي ومقاطعة هذا الحدث، إذ كان من المتوقع أن أكسب في غضون 5 أيام أكثر مما أكسبه في عشرات الأحداث المجتمعة". وبرغم اتخاذ مثل هذا القرار الصعب، فإن بطلة العالم للشطرنج تؤكد أنها ستبقى متمسكة بآرائها ومبادئها.والحجاب؟
تضم بطولة كأس الملك سلمان التي تستمر فعالياتها حتى يوم السبت، نحو 240 لاعباً ولاعبة من 70 بلداً. ومن أجل السماح لها باستضافة البطولة وتغيير إسمها، أشارت صحيفة الديلي ميل البريطانية إلى أن المملكة العربية السعودية قامت بدفع 1.5 مليون دولار أميركي للاتحاد العالمي للشطرنج مما يشكل 4 أضعاف الرسوم السنوية المعتادة للاتحاد. وفي سياق محاولة كسب ثقة نجوم لعبة الشطرنج، وخاصة اللاعبات الأجنبيات، تخلّت المملكة عن الحجاب كعنصر أساسي وسمحت للنساء المشاركات في كأس الملك سلمان بارتداء سراويل رسمية زرقاء داكنة أو سوداء، مع بلوزات بيضاء عالية العنق. وبالرغم من كل هذه الإصلاحات التي تعتمدها المملكة وتأكيد القيّمين على "حسن ضيافة واستقبال اللاعبين واللاعبات الأجانب"، فإن اللاعبة الأوكرانية "آنا موزيشوك" وجدت أن المملكة تقيّد حرية النساء لناحية فرض لباس معيّن، الأمر الذي دفعها وشقيقتها إلى عدم مشاركتهما في البطولة لهذه السنة. واعتبر الكاتب "جيمس دورسي" في مقال له في صحيفة الهافيغتون بوست أن هناك أهدافاً سياسية وراء استضافة المملكة لبطولة الشطرنج، بما في ذلك سياسة منح التأشيرات السعودية وحجبها والتغاضي عن قواعد لبس النساء التقليدي.السياسة تلعب الشطرنج
ليست موزيشوك الوحيدة التي أحدثت جدلاً كبيراً نتيجة مقاطعتها كأس الملك سلمان للشطرنج، فقد ألقت الصراعات السياسية بثقلها على بطولة الشطرنج في المملكة، خاصة بعد الأخبار التي تحدثت عن تجاهل المملكة إعطاء تأشيرات دخول لسبعة لاعبين إسرائيليين من أجل المشاركة في البطولة. فبالرغم من أن لوائح الاتحاد العالمي للشطرنج تنص على عدم رفض مشاركة أي لاعب/ة في البطولة، فإن المملكة على ما يبدو اتخذت قرارها بالتمسك والمحافظة على موقفها تجاه إسرائيل التي لم تربطها بها أي علاقة دبلوماسية على مر التاريخ، وفق ما ألمحت إليه "فاطمة باعشن"، المتحدثة باسم السفارة السعودية في الولايات المتحدة الأميركية في تغريدة لها على تويتر. كذلك استنكر المتحدث باسم الاتحاد الإسرائيلي للشطرنج ليور إيزنبرغ قرار المملكة بالمنع، قائلاً: "هذه ليست بطولة للعالم. وكل لاعب يجب أن يكون له الحق في المشاركة على أسس تتعلق بالاحتراف، بغض النظر عن مكان صدور جواز سفره أو الأختام التي يحملها"، مؤكداً أن إسرائيل تسعى للحصول على تعويضات مالية من الاتحاد العالمي للشطرنج للاعبيها الذين تضرروا من هذه المسألة. وإعتبر إيزنبرغ أن قرار المملكة بمنع اللاعبين الإسرائيليين من المشاركة في البطولة جاء لأسباب سياسية بامتياز:" يجب فصل الرياضة عن السياسة بشكل واضح"، وأضاف:"نريد للاعبينا المشاركة في جميع المسابقات...ما يحدث في العالم العربي لا يهمنا". في سياق الحديث عن التوترات السياسية وانعكاساتها على لعبة الشطرنج، أشارت بعض المزاعم إلى أن المملكة تشترطت على لاعبي قطر المشاركين في بطولة كأس الملك سلمان عدم رفع أعلام بلادهم، الأمر الذي أثار حفيظة القطريين ودفع الاتحاد القطري للشطرنج إلى اتخاذ قرار بعدم مشاركة بلاده في بطولة العالم للشطرنج السريع والخاطف التي تستضيفها الرياض. يُشار إلى أن كأس الملك سلمان للشطرنج يعدّ أول بطولة دولية للشطرنج تستضيفها المملكة العربية السعودية بعد نحو عامين من صدور فتوى مفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ، وخلاصتها أن ممارسة لعبة الشطرنج حرام ومخالفة للشريعة الإسلامية كونها مضيعة للوقت وتؤدي إلى خلق العداوة والكراهية بين الأفراد.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين