شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
أعطنا خبزنا، كفاف يومنا لنرميه في القمامة... عن الطعام الذي يهدره الإنسان

أعطنا خبزنا، كفاف يومنا لنرميه في القمامة... عن الطعام الذي يهدره الإنسان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 18 ديسمبر 201709:11 ص
كثيراً ما توثق كاميرات هواة ومحترفين في مصر التي تقع نسبة كبيرة من مواطنيها تحت خطّ الفقر، لقطات لأشخاص فقراء يبحثون عن طعام في صناديق القمامة. فيما يبحث أطفال الشوارع في القاهرة عن شيء يأكلونه في مقلبات القمامة المختلفة. في المقابل، نجد الناس يتناولون طعاهم من البوفيه المفتوح داخل مطاعم الفنادق، ليأتي العمال بعد ذلك ينظفون ما تبقى من الطعام في أطباق نزلاء الفندق، يجمعونها في أكياس قمامة وينتظرون سيارات جمع القمامة لحملها. من المهم أن نعرف جيداً كمية الطعام التي نهدرها كل عام، لأن ذلك سيساعدنا في محاسبة أنفسنا، وكلما قلت فضلات عالمنا من الطعام، كان من الممكن توفير الحاجات الغذائية لسكان كوكبنا في السنوات المقبلة. ما يحدث في المحروسة من تبذير في الطعام يقابله جوع يتكرر في أماكن عدة من دول العالم، وهو ما أظهره إحصاء في تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "FAO". بحسب التقرير فإن العالم يتخلص من 1.3 مليار طن من فضلات الغذاء سنوياً، وهو ما يعادل ثلث المواد الغذائية التي تُنتج. التقرير الذي حمل عنوان "تأثير الفاقد الغذائي: الآثار على الموارد الطبيعية" واطلع عليه رصيف22 كاملاً، أظهر أيضاً أن هناك أضراراً عدة لإهدار الغذاء على المناخ والمياه واستخدامات الأراضي والتنوع الحيوي. فكميات المياه المهدرة سنوياً في إنتاج غذاء ينتهي في المكبات والخسارة، تصل إلى 250 كيلومتراً مكعباً أي ما يضاهي التدفق السنوي لنهر "فولغا" في روسيا، أو ثلاث مرات حجم بحيرة جنيف، إلى جانب زيادة تقدر بنحو 3.3 مليار طن من غازات الاحتباس الحراري تضاف إلى أجواء كوكبنا. رقم صادم آخر جاء في التقرير يؤكد أن مساحة تصل إلى 1.4 مليار هكتار من الأراضي، أي حوالى 28 في المئة من أراضي العالم الزراعية المستخدمة سنوياً لإنتاج الغذاء تنتهي إلى الهدر والخسارة من دون أن يستفيد منها أي شخص. كما تصل القيمة الاقتصادية المباشرة للفاقد الغذائي (باستثناء الأسماك والمأكولات البحرية) إلى ما يقدر بنحو 750 مليار دولار أميركي سنوياً. تثبت الأرقام السابقة أننا نعيش في عالم يعاني من عدم المساواة، فبينما يلقي مواطنون كميات غير قليلة من طعامهم في صناديق القمامة، لا يجد آخرون ما يأكلونه بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة.

السعودية... عاصمة إهدار الطعام في العالم؟

نشر موقع سيق السعودي تقريراً عن ورقة بحثية أصدرتها وزارة الزراعة السعودية في فبراير من العام الحالي، لم يتمكن رصيف22 من مراجعتها، وقال التقرير أن السعودية تُعد الدولة الأولى في هدر الطعام على مستوى العالم، حيث تقدر قيمة الفاقد والهدر الغذائي في المملكة بـ49.833 مليار ريال سعودي سنوياً. وأضاف موقع سبق أن عضو مجلس الشورى السعودي السابق الدكتور أحمد آل مفرح اقترح فرض غرامات مالية على الذين يتركون فائض طعام في أطباقهم في المطاعم.  ما يحدث في السعودية يتكرر في دول أخرى مثل الولايات المتحدة وكندا، فبحسب منظمة الـFAO، فإن الدول الغنية يمكن مواطنيها الحصول على كميات كثيرة من الطعام بكل سهولة بسبب إمكاناتهم المادية، بينما الأمر ليس كذلك في الدول الفقيرة. وبحسب المنظمة نفسها، فإن الولايات المتحدة وكندا تتخلص من نحو 40% من المواد الغذائية التي يشتريها المستهلكون من دون الاستفادة منها، بسبب شرائهم أغذية تفوق احتياجاتهم الفعلية.

الولايات المتحدة وكندا تتخلص من نحو 40% من المواد الغذائية التي يشتريها المستهلكون من دون الاستفادة منها، بسبب شرائهم أغذية تفوق احتياجاتهم الفعلية.

تكون النتيجة أننا نشتري طعاماً كثيراً، ولا ننهي الطعام في أطباقنا. كما يظهر تقرير لمؤسسة Environmental Research Letters الدولية المعنية بشؤون البيئة، أن المواطن الفرنسي يلقي في صناديق القمامة ما بين 20 و30 كيلوغراماً من الأطعمة التي لا يستهلكها وهو ما تعادل قيمته المادية حوالى 12 إلى 20 مليار يورو سنوياً.

تجارب ناجحة من العالم تحارب إهدار الطعام

اختار رصيف22 تجربتين ناجحتين لتشجيع الناس على عدم إهدار الطعام، التجربة الأولى من بريطانيا، التي قررت محاربة هدر الطعام بالتكنولوجيا. ففي عام 2017، نجح تطبيق بريطاني في نشر ثقافة تقليل الأطعمة المهدرة، حيث ظهر تطبيق على الهواتف الذكية يحمل اسم Too Good To Go يهدف إلى أن تعلن المطاعم والمقاهي والمخابز بيع الوجبات والمنتجات المتبقية لديها في نهاية اليوم بأسعار رمزية بدلاً من أن تلقيها في القمامة. ويذهب الناس لشراء الكميات التي يحتاجون إليها في محاولة لتوفير نقودهم، وطبعاً لا يعلن عن هذه الأطعمة والمنتجات إلا لو كانت صالحة للاستخدام ولم تفسد بعد.

تجربة بنك الطعام في مصر

التجربة الثانية من مصر، وهي بنك الطعام المصري (كيان غير حكومي) والذي يهدف إلى توعية الناس إلى أضرار إهدار الطعام، من طريق حملات توعية لحث الأفراد على عدم إهدار الطعام الفائض عن حاجتهم وتقديمه إلى أكثر الفقراء احتياجاً في المنطقة التي يعيشون فيها كي يستفيد الجميع من الطعام. وقام البنك أيضاً بعمل اتفاقات تعاون مع فنادق كي تجمّع الأطعمة المتبقية من الحفلات الكبيرة، والتي "لم تمس" في أطباق لتوزيعها على الفقراء. تقول سلمى محمود متطوعة في بنك الطعام المصري لرصيف22، أن إهدار الطعام في العالم بشكل عام وفي عالمنا العربي بشكل خاص، هو أكبر دليل على غياب العدالة، وأمر يثبت أن عدم المساواة أصبح أمراً يميز عالمنا. تضيف المتطوعة الشابة أن الحفلات والمناسبات التي يريد الناس أن يظهروا فيها بمظهر الكرماء، تتجاهل أن عليهم واجباً آخر تجاه الفقراء وتجاه البيئة أيضاً. "حين تذهبون لشراء طعام من أي سوق أو متجر، فكروا في الكمية التي تحتاجون إليها فعلياً، وإلا سيأتي يوم لن تجدوا فيه المياه لإنتاج الطعام، وبالتالي قد لا تجدون ما تأكلونه"، تنصحكم محمود التي لديها أمل بأن تنتشر ثقافة الحفاظ على الموارد في عالمنا العربي.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image