بأسلوبه المعهود وعلى طريقة غناء الراب، طرح أحمد مكي كليب أغنيته الجديدة "وقفة ناصية زمان"، محققاً نحو مليوني مشاهدة بظرف ساعات.
&t=2s
استجداء روح المناطق الشعبية المفقودة
بدأ مكي الكليب بحديث مع أحد رفاقه، "أنت فاكر رمضان كان الناس بتعلق زينة، وحبل النور بيتوزع على كل الجيران، ده ليه معنى كبير، والطبق اللي طالع نازل على كل شقق العمارة"، مستجدياً روح الماضي المفقودة في المناطق الشعبية المصرية، التي كانت تمتاز بالألفة والود والجدعنة، فكان: "ماكنش حد بيضرب حد من ضهره"، وإن كان شاباً يدخن سيجارة يخفيها إذا مرّ رجل كبير، وكان من المستحيل أن تدخل فتاة من المنطقة ويعاكسها أي شاب. أما الآن فالفتيات تتم معاكستهن دون تدخل من أي شخص، مؤكداً أن هذا الحال "واقع حاصل"، وأن أخلاق الحارة الشعبية وجدعنة ولاد البلد لم يعد لها قيمة في الوقت الراهن. بالإضافة إلى تفكك الروابط الاجتماعية. في الماضي كان الشارع كله أسرة واحدة، أما اليوم، فالجار الملاصق لجاره لا يعرفه، والأهالي باتوا يخشون على أولادهم من وقفة الناصية، لأنهم على الأغلب سيتعلمون منها "شرب الحشيش" و"الشتائم". "وقفتنا على الناصية كانت عزوة والناس كانت بتستنصر بينا"، يقول مكي، ولكن الآن أصبحت تجمعات الناصية تقلق أهالي المنطقة لدرجة رغبتهم في التخلص من شبابها. وفي الوقت نفسه، يرى مكي أن المصريين لديهم ثقافة جدعنة في دمهم، وما زالوا يحتفظون بروحهم الطيبة، ولتوصيل الرسالة بشكل أسلس، تمت الاستعانة بأبناء ونساء المنطقة.وقفة الناصية قديماً كانت حصن أمان
سهير، 50 سنة، ربة منزل، عاشت في إحدى حواري حي شبرا مصر، تقول: "طبعاً هناك فرق كبير بين ناصية الشارع أو الحارة اليوم وسابقاً. في الماضي، كانت الناصية تجمع شباب المنطقة بهدف التسلية وكسر الملل فقط، نظراً لانعدام الوسائل الترفيهية من كمبيوتز وانترنت وساتلايت دش، فضلاً عن أن معظم بيوت الحواري الشعبية مساحتها ضيقة، وبالتالي يصعب على الشاب أن يتجمع مع زملائه وأصحابه في منزله في ظل وجود الأهل، لذا على مر السنين أصبحت وقفة الناصية بمثابة ملاذ أمن لشباب المنطقة". وتضيف أنه لم يكن هناك خوف من هذه التجمعات الشبابية، لأن "مفيش حد غريب دول ولاد الحتة يعني إخواتنا"، حسب وصفها، بل على العكس، مثلت تلك الوقفات حصن أمان لفتيات ونساء المنطقة، فإذا رأى شاب جارته تحمل أكياساً يحملها عنها، وإذا رأى أخرى يعترضها شاب غريب يدافع عنها، ولكن هذا الحال ظل ينحدر حتى وصل اليوم إلى حالة مرعبة، وباتت وقفة الشباب اليوم محل تخوف الجميع بسبب كثرة المشاجرات وانعدام الأخلاق، كما قالت."التجمعات الشبابية تعني تحرشا بذيئا"
تقول مي، 29 سنة، وهي موظفة تقطن في حي إمبابة المصري الشعبي، إن أكثر شيء يرعبها في الحياة هو تجمعات شباب المنطقة على النواصي، فرائحة الجمعة تفوح منها المخدرات والعنف، وكلما مرت أمامهم تعرضت لتحرش لفظي بذيء. إلا أنها لفتت إلى أن قلة قليلة من شباب المنطقة ما زالوا يحتفظون بروح الجدعنة، وعلى الأقل لا يعترضون طريقها إن مرت أمامهم. ولكن الغالبية يرعبون السكان، لدرجة تمني الكثير لو يُقبض عليهم بتهمة حيازة مخدرات، أو في إحدى "خناقاتهم" المتكررة. البطالة والفراغ هما السبب في هذا الحال، تؤكد مي، قائلة: "لو كان الشباب ده فعلاً عنده حاجة مهمة يعملها ما كنش وقف كده ليل نهار"، وترى أن الحال لم يكن بهذا السوء قبل 10 سنوات تقريباً.قضية مكي
هذه ليست المرة الأولى التي يستحضر فيها أحمد مكي، روح المناطق الشعبية، فمن خلال أغنيته الأخيرة، لفت إلى المنطقة التي تربى فيها وهي الطالبية أحد أحياء الهرم، وفي عام 2012، أطلق أغنية عنوانها "منطقتي"، نقل فيها أجواء المنطقة الشعبية الشهيرة، "منطقتي ھي الطالبية، أول صحاب وحب وعدية كانت فيھا ھي، أكبر غاوي حمام شربت منھم أصل الغية، فوق كل سطح في الطالبية غية فوق طبلية". وفي أغنية "حلة محشي"، يعرض مكي بصورة بسيطة دورة حياة شاب من منطقة شعبية فقيرة، من دون أن ينسى "الطالبية" منطقته، فيرتاد "الميكروباص" حاملاً هدية لخالته وهي توصيل "الحلة المليئة بالمحشي"، الأكلة الشعبية الأكثر شهرةً في أوساط الأحياء الشعبية المصرية. ثمّ يتعامل مع سائق الميكروباص الذي يصفه بـ"المبرشم"، صاحب العينين الحمراوين. ويعرض وسيلة انتقال أخرى شهيرة بالنسبة إلى محدودي الدخل وهي الأتوبيس المحلي، فيغني أنه حين رآه "نطيت جواه، من كتر الزق لزقت في ضهر ولية ضخمة وتخينة ولَفَّت بصت بصة مفترية وبعِلو صوتها إلحقوني شاب اتحرش بيا". يعتبر أحمد مكي أنه حين يغني يجب أن تكون لديه رسالة أو أمر يلامس إحساسه، لذا نجد في غالبية ما قدمه الروح نفسها، المنطقة الشعبية، التوكتوك، الميكروباص، الأمور المجتمعية السلبية التي نلاحظها جميعاً ونرفضها، مثل التحرش، المخدرات، الزحمة، اختفاء بعض المبادىء كالشهامة، والرجولة، والصداقة القوية، وما ساهم في ذلك اتباعه غناء الراب الهادف والمستمد من تجارب شخصية أو قضية تنتمي للمجتمع الذي ينحدر منه المغني.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...