"الموسيقى هي ضجيج يفكّر" (فيكتور هيغو).
بدأت موسيقى الراب في تونس تأخذ حيّزاً واضحاً في وسائل الإعلام. وانطلق الرابرز إلى الأضواء بعد الثورة، ليعرفوا بفنهم الذي كان مهمشاً منذ ظهوره في بداية التسعينات. ولئن اختار معظمهم أن يشقوا طريقهم فرادى، فإنّ فرقة الدبو آمنت بالوحدة رغم اختلاف الرؤى، فضمّت مجموعة من الرابرز، الذين يحافظ كل منهم على ستايل خاصّ به، لكنه ينشط ويقدم موسيقاه بتنسيق مع كلّ المجموعة. طريقة طريفة في إنتاج موسيقى الراب تقلصت تدريجياً حد الاندثار فأحيتها فرقة الدبو بهدف نشر ثقافة الهيب هوبمن أميركا إلى تونس: البداية
ترابا "الدبو"منظمة وفرقة، هدفها الأساسي نشر ثقافة الهيب هوب. منذ سنة 2013، وبعد جولة دامت سنوات من أميركا مروراً بفرنسا، وصولاً إلى تونس، قام ترابا (اسمه الحقيقي محمد صديق)، مع مجموعة من الرابرز، بتنفيذ الفكرة وجعلوا من "الاستوديو" مكاناً للاجتماع ومختبراً موسيقياً للتجريب والإبداع والكتابة. ويمكن القول إن الدبو الآن بمثابة الحركة التي تتنامى وتتصاعد لتحتل مجالاً واسعاً على الساحة الموسيقيّة في تونس. فترابا متفرّغ تماماً لهذا المشروع الموسيقي، ويكرس خبرته التي اكتسبها من تجربته في الولايات المتحدة، وفي فرنسا، مع العديد من المجموعات. تعتبر هذه الفرقة خلاصة تجربة ترابا وزملائه، هي الحراك الحقيقي الساعي إلى الارتقاء بموسيقى الراب وثقافة الأندرغراوند في تونس. لهذا اجتمع الرابرز ضمن فرقة الدبو وكوّنوا مجموعة "الباندا". الباندا: التنوع في الوحدة والوحدة في التنوع في الباندا، يحافظ كلّ رابر على ستايل خاص به وطريقة إلقاء تميزه عن البقيّة. لكن الأمر اللافت هو التناغم ونقطة الالتقاء التي نجح الأعضاء في إيجادها والعمل على تطويرها.الأعضاء
بلحسن أومباير
موسيقى أومباير ذات وقع خاص على المستمع، وهو عنصر مميّز في الباندا. في كليب "عف" يظهر الرابر في بداية محاولة لتسجيل أغنية، ثم يقع اختطافه ووضعه في زنزانة. أغنية «المنفى» التي تم تحميلها على اليوتيوب في 7 يناير 2014، تؤكد توجه هذا الرابر وإصراره على جعل موسيقاه نابعة من الواقع ومرآة له. فينطلق في الكليب بأداء نصه على ألحان أغنية رييل ديتروا لأبولو براون، وجاءت كلمات بلحسن كالرصاص، تعري الواقع، وتكشف عن قمع البوليس. أما أغنية "ممنوع"، فهي آخر أعمال الرابر، وايغو-تريب على ألحان ألشيميست. تظهر الرمزية في جلّ أعماله، وهو ينقل الوضعيّة المتردية للرابر في تونس، كما ينقل معاناة أبناء الأحياء الشعبية. ينبع راب بلحسن من قلب الشارع، وهو بمثابة المرآة العاكسة لما يحصل في تلك المناطق، التي لا يمكن أن نجد لها صدى في وسائل الإعلام الرسميّة.داب أم دي
يلقي داب أم دي (اسمه الحقيقي مهدي) نصوصه باللغة العربية والإنجليزية، بطابع خاص يميّزه عن كلّ الرابرز في تونس. مواضيع أغانيه تعالج النظام العالمي الجديد، والسياسات الاستعمارية، وهو رابر لا يبالي بالشهرة والأضواء. ففي أغنية المقدّمة، يعلن عدم اكتراثه بهذا العالم وتفرغه لفنّه وموسيقى الراب. ولعل أبرز ما يميّزه أيضاً، هو ذلك التدفق السريع والإيقاعات والألحان التي تبرز تأثره بعمالقة مثل راكيم وطالب كوالي. ففي أغنية هلا ارتقينا، تظهر مرجعيات هذا الرابر. فالراب بالنسبة إليه هو وسيلة لمقاومة تغول السلطة والوقوف ضد بطشها. يعتبر مهدي أن الراب السياسي هدفه أساساً دعوة الشباب إلى الثورة من أجل تحسين الأوضاع المتردية.فيبا وماسي
فيبا هذا هو الثنائي الأبرز في المجموعة. ستايل خاص وتدفق لعوب يتميزان به عن البقيّة. الراب المرح واللامبالي، كأنهما أدارا ظهريهما لكلّ ما يحصل في البلاد والعالم، وتفرغا لممارسة هوايتهما المفضلة: التمرد على كلّ السائد، بما في ذلك اللغة. ففيبا في جل أغانيه يعيد خلق اللغة، ويبتكر معجماً يتحرك من خلاله، ويركز هو وماسي على وضعيات هزليّة بتدفق غير مستقر وموسيقى مرحة. في أغنية "تخيّل" و"القناع"، نلاحظ عالماً موسيقياً متفرداً، وديكوراً غريباً، مع كلمات مبهمة في غالبية الأحيان، وهذا تعزز أكثر مع أول البوم لفيبا، الذي صدر قبل أسابيع، إذ ينوع الرابر في التقنيات والأنماط الموسيقيّة المستخدمة (مزود، روك...)، وذلك في إطار رحلة البحث عن التجديد. يشكل فيبا وماسي ثنائياً غريباً لهما عالمهما الموسيقي الخاص. لا يباليان بالمستمع، ويحاولان الاستمتاع بالموسيقى. ما يجمعهما هو هذا الأسلوب المرح والاستهتار بالتقنيات. فيبا يلقي نصوصه كاسراً كل القيود، وضارباً بكل تقنية عرض الحائط. ما يميّز راب هذا الثنائي هو عنصر المفاجأة، فالمستمع لا يعرف متى سيرتفع النسق ومتى ينخفض. الاستماع إلى أعمال فيبا وماسي هو مغامرة مرحة. [caption id="attachment_105842" align="alignnone" width="700"] ماسي[/caption]هيا ننشر الهيب هوب
تمكّن أعضاء الدبو من إضفاء طابع خاص على الساحة الموسيقيّة، وغيّروا نظرة الكثيرين للهيب هوب. فالمجموعة وجدت الوصفة السحريّة التي عجز عنها العديد من المجموعات في تونس. تحيي الباندا باقة من الحفلات بتنسيق وتناغم، وتركز على عنصر الفرجة ومؤثرات صوتيّة مبتكرة، على عكس المعتاد في حفلات الراب الأخرى، أي حين يكون الرابر مصحوباً بدي-جي، ويعيد أغانيه بطريقة مملة. في حفلات الباندا، يحتلّ كلّ رابر الركح، فيسرّع ويخفّض الإيقاع بحسب أسلوبه، ما يجعل المستمع يخوض مغامرة متجددة، تختلف باختلاف موسيقى، وكلمات، وطريقة إلقاء كلّ واحد منهم. تكمن أهميّة الدبو – كمشروع موسيقي وفضاء – في جمعه لمجموعة رابرز موهوبين ومختلفين، جعلوا من اختلافهم نقطة قوّة، ومن حبّهم ورغبتهم في نشر ثقافة الهيب هوب هدفاً.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون