شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
حقائق وفتاوٍ جندرية وأخلاقيات حول مادة جدلية صغيرة: العلكة

حقائق وفتاوٍ جندرية وأخلاقيات حول مادة جدلية صغيرة: العلكة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 18 ديسمبر 201703:32 م
واظبت الشعوب البدائية منذ آلاف السنين على مضغ مختلف أنواع الأعشاب والأوراق، وحتى الشمع، وقد شهدت عملية المضغ تطوراً ملحوظاً. فقد كان الشعب اليوناني مثلاً يمضغ "الماستيك" في حين أن شعب المايا كان يمضغ الصمغ المستخرج من شجرة السابوديلا إلى أن ظهرت العلكة بالشكل الذي نعرفه اليوم على يد توماس أدامز في العام 1888. وقد اكتسبت العلكة أو اللبان شعبية ساحقة في العالم أجمع، خاصةً في عالمنا العربي، حيث أدرجت عدة نكهات مميزة وباتت العلكة المطعمة بالمستكة من صميم ثقافة الدول العربية نظراً لسعرها المنخفض وفوائدها الطبية الكثيرة، إضافة إلى مذاقها اللذيذ. via GIPHY وبخلاف الدول الأجنبية حيث يسود مبدأ " لكل قرش أهميته"، أثرت العلكة في بعض الدول العربية على قيمة النقود، في ظل قيام الزبائن، خاصةً في الدول الخليجية، بأخذ العلكة من البائع عوضاً عن تحصيل الدراهم المتبقية، فالعلكة للبعض أمتع من حفنة دراهم في الجيب. من تأثير العلكة على تجربة التسوق مروراً بالعلاقة بين اللبان من جهة والسمنة والتدخين من جهة ثانية وصولاً الى نظرة الناس للشخص الذي يمضغ العلكة، إليكم مجموعة من الحقائق المثيرة عن العلكة.

تأثير العلكة على التسوق

مضغ العلكة قد يؤثر على عادات التسوق الخاصة بكم، الأمر الذي يفسر الإستراتيجية التي تعتمدها بعض المتاجر حين تستقبلكم بـ"سلّة" ملونة من اللبان. أظهرت دراسة كندية أن العلكة تجعل الزبائن يتسوقون لفترات طويلة من دون أن يشعروا بمرور الوقت. وفي هذا الإطار، قال الباحث "مارك لي":" عندما يمضغ الناس العلكة فإنهم يقومون بطريقة غير مباشرة بتعزيز القدرة المعرفية، مما يجعلهم يفكرون على نحو أفضل حين يكونون في المتاجر". ففي إحدى الدراسات التي شملت 300 طالب، قسّم الباحث هؤلاء الطلاب إلى مجموعتين: فئة تمضغ العلكة وفئة من دون علكة، وطلب من المشتركين القيام بمهام تراوح بين شراء كتاب من أحد المواقع الإلكترونية وشراء هدايا لأفراد الأسرة والأصدقاء، مع تدوين عدد العناصر التي كانوا ينظرون إليها قبل إجراء عملية الشراء. النتيجة: اتضح أن أولئك الذين كانوا يمضغون العلكة قضوا المزيد من الوقت وهم يتصفحون المنتجات قبل أن يجروا عملية الشراء، مما يشير بوضوح إلى أن العلكة تؤثر كثيراً على سلوك المتسوقين والوقت الذي يصرفونه في الشراء.

اللبان للتركيز

للعلكة قدرة سحرية على تنشيط التركيز، ولعل سلوك بعض الرياضيين هو خير مثال على ذلك، فعندما نراقب تصرفاتهم نلاحظ أنهم يكثرون من مضغ العلكة أثناء الإستحقاقات الرياضية المهمة. نتذكر هنا اللاعب اللبناني الشهير في كرة السلة إيلي مشنتف والعلكة التي كانت ترافقه دوماً أثناء اللعب، تماماً كحال المدرب اللبناني فؤاد أبو شقرا، الذي قلما نراه من دون العلكة خاصةً في الأوقات الحاسمة والتي تتطلب منه تركيزاً عالياً لإنقاذ الفريق من الخسارة. via GIPHY وبهدف إظهار العلاقة بين اللبان والتركيز، أجرى الباحثون اختبار ذاكرة يعتمد على حاسة السمع، وفي التفاصيل التي نشرها موقع "ساينس ديلي" فقد تم تقسيم المشتركين البالغ عددهم 38 الى مجموعتين: مجموعة تمضغ العلكة والأخرى تجري الاختبار من دون العلكة، وطلب من الفئتين الاستماع لقائمة من الأرقام الموضوعة بشكل عشوائي من واحد الى تسعة لمدة 30 دقيقة. وقد تبيّن أن الفئة التي كانت تمضع العلكة أثناء الاختبار كانت أسرع وأكثر دقة في ترتيب الأرقام من الفئة الثانية. وقالت الباحثة كيت مورغان إن المشتركين الذين لم يمضغوا العلكة كانوا الأفضل عند بداية الاختبار، إلا أن أداءهم قد تراجع في وقت لاحق، مؤكدةً أن العلكة تساعد المرء في إتمام المهمة التي تتطلب تركيزاً لمدة طويلة. من هنا ينصح الباحثون جميع الطلاب بمضغ العلكة أثناء الامتحانات بهدف تقوية الذاكرة والتركيز بشكل أفضل، مع العلم أن "مفعول" العلكة يتلاشى تدريجياً بعد مرور 20 دقيقة على عملية المضغ.

الانطباع الأول

لطالما ارتبطت العلكة بوصمة إجتماعية لأن العديد من الثقافات كانت تعتبر أن مضغ العلكة "قلة أدب" وإهانة للمحيطين، خاصةً في بعض المواقف الاجتماعية الحساسة: العزاء، أثناء المراسم الدينية، مقابلة عمل، اجتماعات رسمية... الأمر الذي دفع سنغافورة مثلاً إلى "تغريم" كل من يمضغ العلكة في الشارع. via GIPHY غير أن شركة "بلدنت" أرادت تلميع صورة العلكة والتشديد على أهمية هذا المنتج وفوائده من الناحية الاجتماعية، خاصةً لجهة إكساب المرء جاذبية في عيون الآخرين. وقامت الشركة بإجراء إختبار على عدة توائم متطابقين مع فرق واحد: جعل شخص واحد من كل مجموعة يمضغ العلكة. وفي محاولة منها لمعرفة رأي الأشخاص ونظرتهم الأولية تجاه التوائم، طرحت الشركة على المشتركين مجموعة من الأسئلة من بينها: أي شخص من الثنائي التوأم هو الأكثر سحراً؟ والأكثر ودوداً؟ والأكثر تساهلاً في العمل؟ والأكثر نشاطاً من الناحية الجنسية؟ وبخلاف كل التوقعات، فضل 73% من المشتركين الأشخاص الذين كانوا يمضغون العلكة، في حين أن الصورة السلبية اقترنت بالأشخاص الذين لم يستخدموا العلكة. وخلص الاختبار إلى القول:" إنهم غير متطابقين. الشخص الذي يمضغ العلكة يعطي انطباعاً أفضل".

جندرية العلكة والفتاوى

مضغ العلكة قد يثير تساؤلات البعض حول مدى شرعيتها اجتماعياً، وحتى ذهب البعض إلى التساؤل هل في مضغ العلكة للرجال تشبه بالنساء، فأجابهم موقع إسلامويب: "إن مضغ اللبان مباح للرجال والنساء ولا حرج فيه. ولذلك يجوز استعماله ـ على كل حال وبأي وسيلة ـ ما لم يكن الشخص صائماً، ولا يعتبر مضغه تشبهاً بالنساء إلا إذا كان ذلك في بيئة اعتاد أهلها أن مضغه خاص بالنساء، فينبغي تجنب مضغه أمام الناس من باب الحفاظ على المروءة والكرامة، فقد كره بعض علماء الحنفية مضغه للرجال لغير حاجة، وتزول الكراهة عندهم إذا كانت لغرض صحيح، كما في الفتاوى الهندية: ومَضْغُ الْعِلْكِ لِلنِّسَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَاخْتُلِفَ في مَضْغِهِ لِلرِّجَالِ: قال شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ في حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جميعاً إذَا كان لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، هو الصَّحِيحُ". كيف يمكن أن تتحول العلكة إلى خجل جندري اجتماعي؟ وما الذي يدفع الإنسان على تشخيص الأشياء ووضعها في خانة جندرية معينة؟ via GIPHY ربما الجواب يكون أيضاً بحوزة موقع إسلامويب، الذي يجيب عن تساؤل أحدهم إن كان يحرم مضغ المرأة لللبان بشكل يلفت انتباه الرجال لئلا يظنوا بها سوءاً، بالتالي: "لا يوجد دليل يمنع المرأة من مضغ العلك أمام الرجال إن كان لا يثير فتنة، فيبقى على أصل الحل، وقد رخص بعض الأئمة في أكل المرأة للطعام أمام غير المحارم، ففي الموطأ: سئل مالك هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها، أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال، قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله، أو مع أخيها على مثل ذلك. اهـ. وأما إن كان مضغ المرأة للعلك بطريقة فيها إثارة للرجال وفتنة لهم: فلا ريب في أنه ممنوع، فالشرع الحكيم قد نهى المرأة عن كل ما فيه فتنة للرجال، حتى مجرد ضرب المرأة برجلها لإعلام الرجال بما يخفى من زينتها ممنوع، كما قال سبحانه: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ".

محاربة الوزن الزائد بالعلكة

في البرنامج التلفزيوني The biggest looser يمضغ المشتركون العلكة الخالية من السكر بشكل مستمر، فهل تساعد هذه العلكة فعلاً على إنقاص الوزن وخسارة بعض الكيلوغرامات الإضافية؟ أظهرت أبحاث قامت بها جامعة رود أيلاند أن الاشخاص الذين يمضغون العلكة الخالية من السكر يستهلكون 68 سعرة حرارية أقل عند تناول الغذاء، كما أنهم لا يقومون بتناول الطعام العشوائي في وقت لاحق من النهار، إذ تبين أن العلكة تشعر المرء بالشبع، عدا أنها تساعد على حرق السعرات الحرارية بشكل أسرع، وبدورها أكدت جامعة ولاية لويزيانا أن مضغ اللبان مفيد لناحية السيطرة على الشهية والتقليل من تناول الوجبات العشوائية. وتحدثت أخصائية التغذية "مونيكا سلافيا" عن الفوائد المذهلة للعلكة في عملية إنقاص الوزن وتحسين عملية الأيض، إضافة الى "خدع" عقلنا وجعله يفكر بالشبع عوضاً عن فتح الشهية وتناول الأطعمة الغنية بالدهون بين الوجبات.

الإقلاع عن التدخين ممكن معها

صحيح أن الإقلاع عن التدخين ليس بالأمر السهل بل خطوة تحتاج الى إرادة قوية، إنما هناك بعض الطرق التي تعتبر مفيدة في هذا الخصوص ومضغ العلكة من بين الوسائل الكثيرة التي يستخدمها الأشخاص للتوقف عن التدخين. وبحسب ما أكدته الخبيرة في الإقلاع عن التدخين "ميشيلا كريستنسن" فإن مضغ العلكة قد يكون الحل الأنسب للراغبين في التخلص من مادة النيكوتين، مشيرةً إلى أن العلكة الخالية من السكر بطعم القرفة هي الخيار الأفضل كونها تساعد على بقاء الفم منتعشاً وتقاوم الرغبة الشديدة في التدخين، لا سيما أن نكهة القرفة لا تتماشى على الإطلاق مع نكهة السجائر. الجدير بالذكر أن العلكة تحولت على مر التاريخ من مجرد "عادة سيئة" إلى علاج فعال لعدة مشاكل نفسية وصحية، خاصةً الكآبة والأرق. وقد حاول البعض محاربة اللبان من خلال تداول أساطير تتحدث عن ضرر ابتلاع العلكة، والإدعاء بأنها تبقى في المعدة 7 سنوات قبل أن يتم التخلص منها، وهو بالطبع أمر غير دقيق علمياً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image