شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
هل يكون العرب بوابة العالم إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟

هل يكون العرب بوابة العالم إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 11 ديسمبر 201703:32 م
إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل، قوبل بتهليل إسرائيلي واستهجان عربي ودولي. أعلنت الدول العربية رفضها وشجبها وإدانتها لهذه الخطوة وبعضها حذّر وهدّد من انعكاساتها السلبية على الشرق الأوسط والعالم... لكن كثيرون يرون أن ردّ الفعل العربي الرسمي لا يرقى إلى خطورة إعلان ترامب، وأن بعض الإدانات هي فقط لحفظ ماء الوجه. فهل يمكن أن تصبح الدول العربية بوابة الدول غير العربية للسير على نهج الرئيس الأمريكي والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟

تحضيرات مسبقة

يقدّم موقع "دبكا" الإسرائيلي، المعروف بقربه من دوائر الاستخبارات في تل أبيب، معلومة ستشكّل، لو صحّت، إحدى قطع البازل لفهم الصورة القادمة لمنطقة الشرق الأوسط. يقول نقلاً عن مصادر داخل البيت الأبيض، إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان أخبر ترامب بأن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها لن يمثل أيّ عائق أمام استمرار العلاقات الأمريكية - السعودية - الإسرائيلية وتعاون الدول الثلاث ضد إيران. وأضافت المصادر، بحسب الموقع الإسرائيلي، أن المملكة العربية السعودية ستعترض بشكل علني على خطوة ترامب وتدينها، لكن من وراء الكواليس فإنها ترى أن هذه الخطوة لا تضرّ بمجريات الأمور في الشرق الأوسط. Are-Arabs-the-gateway-to-recognition-of-Jerusalem-as-the-capital-of-Israel_AFPAre-Arabs-the-gateway-to-recognition-of-Jerusalem-as-the-capital-of-Israel_AFP يُضاف ما ذكره "دبكا" إلى ما كتبه المحللان الإسرائيليان، ألون بن دافيد وتسفي حزقيال، ونشره الموقع الإلكتروني للقناة العاشرة الإسرائيلية. كتبا، قبل يوم واحد من إعلان ترامب، أن الخطوة الأمريكية لا يمكن أن تدخل حيّز التنفيذ ما لم تتم حياكتها على مستوى عالٍ من التفاهمات الإقليمية بين الولايات المتحدة والسعودية ومصر. وأضافا أن الفلسطينيين يدفعون ثمن التغيرات الإقليمية الكبيرة المرتبطة بـ"النزعة الإيرانية العدوانية" والانتفاضة السعودية المضادة لها. قد لا يصيب ما ذكره المحللون الإسرائيليون كبد الحقيقة مئة في المئة، إلا أنه يتقاطع أيضاً مع ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها، قبل أيام من إعلان ترامب، تناول كواليس اللقاء الذي جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
"على الدول العربية اتخاذ خطوات للرد على الولايات المتحدة، مثل إدخال فرنسا، ممثلةً عن الاتحاد الأوروبي، وروسيا، منافسة أميركا الكبيرة، كرعاة لمفاوضات السلام"
هل يمكن أن تصبح الدول العربية بوابة الدول غير العربية للسير على نهج ترامب والاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل؟
أشار التقرير إلى أن بن سلمان عرض على أبو مازن تفاصيل خطة لإقامة دولة فلسطينية تتضمن التخلي عن القدس، والحصول على أراضٍ في شبه جزيرة سيناء مقابل تخليه عن أراضٍ لصالح إسرائيل في الضفة الغربية والتنازل عن فكرة القدس عاصمةً للدولة الفلسطينية. وذكرت الصحيفة أن بن سلمان هدد ضيفه بالإطاحة به إذا لم يوافق على الخطة، كما أنه عرض عليه أن تكون عاصمة الدولة المستقبلية هي ضاحية أبوديس، الملاصقة للقدس. وتحدثت الصحيفة الأمريكية عن اللقاء الذي جمع بين بن سلمان، وصهر الرئيس الأمريكي ومستشاره جاريد كوشنر، في الرياض، قبل نحو أسبوعين من إعلان ترامب، وقالت إنهما بحثا في الخطة الأمريكية للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، أو ما تسمّيه بعض وسائل الإعلام "صفقة القرن".

سيناريو مستقبلي

رغم أن ما كتبه المحللون الإسرائيليون مجرد تحليل لا يرقى إلى مستوى الحقائق المؤكدة، ورغم أن ما ذكرته الصحيفة الأمريكية نفاه المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، ورغم تكرار الرفض المصري والفلسطيني لأي حديث حول احتمال استقطاع جزء من شبه جزيرة سيناء للمساهمة في حل القضية الفلسطينية مقابل حصول مصر على جزء مساوٍ له من صحراء النقب، إلا أن تجارب التاريخ العربي مع إسرائيل، قد تضعنا أمام سيناريو مستقبلي محتمل حدوثه في إطار التغيرات الجيوسياسية التي تحدث في المنطقة. عندما شنت إسرائيل عدوانها على الدول العربية عام 1967، قطعت عدة دول إفريقية وآسيوية علاقاتها معها، اعتراضاً على الخطوة الإسرائيلية وتضامناً مع الدول العربية. لكن بعد حرب أكتور 1973 وما آلت إليه من اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل، بادرت تلك الدول إلى إعادة علاقاتها بإسرائيل مرة أخرى. فهل ستكون هناك خطوة عربية مشابهة تؤدي إلى تكرار تلك التجربة والمساهمة في فتح العالم أمام إسرائيل؟

ردّ الفعل العربي الرسمي لا يرقى إلى خطورة إعلان ترامب، وبعض الإدانات هي فقط لحفظ ماء الوجه.. هل تسهّل الدول العربية على الدول غير العربية خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟

لم يستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي احتمالية الضغط الدولي على الرئيس الفلسطيني بشأن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها في أبوديس، مشيراً إلى أن هذه الفكرة ليست جديدة، بل قديمة وتروّج لها أطراف دولية حالياً، لكن لن يجرؤ أبو مازن أو غيره على تبنّيها. وقال فهمي لرصيف22 إن تعامل الدول العربية مع الزيارة المرتقبة لنائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إلى المنطقة، سيحدد طبيعة السيناريوهات المستقبلية للتعامل مع الخطوة الأمريكية. وأشار إلى أن الدول العربية لو استقبلت بنس بصفته مسؤولاً أمريكياً رفيع المستوى، فهذا يعني أنه سيكون هناك المزيد من التنازلات وستتعامل الدول العربية مع الموضوع بسياسة الأمر الواقع، وهو ما سيفتح الباب أمام دول أخرى للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ولفت إلى أن إسرائيل أجرت اتصالات مع دول إفريقية وآسيوية لنقل سفاراتها إلى القدس قبل إعلان ترامب بفترة طويلة، وتوصلت إلى اتفاقات بهذا الخصوص، مؤكداً أنها تسعى حالياً للاستفادة من الاعتراف الأمريكي خارجياً لإقناع مزيد من الدول بالسير على نهج واشنطن. وتابع فهمي أنه لو اتخذت الدول العربية موقفاً موحداً، وأعلنت سحبها للمبادرة العربية، أو رفضت زيارة المسؤول الأمريكي وربما قابلته لكن بفتور ينم عن غضبها الشديد من الخطوة الأمريكية، من مبدأ ترك باب الحوار مفتوحاً، فهذا لن يأتي على الأرجح بنتائج أفضل بكثير إذ قد يعيد تكرار سيناريو المفاوضات العربية - الإسرائيلية التي قادت في النهاية إلى السماح لإسرائيل بفتح ممثليات لها في عدد من الدول العربية مثل المغرب وقطر، وهو ما يعني أيضاً التسليم بسياسة الأمر الواقع والقبول بالتفاوض على بقية بنود الخطة الأمريكية من حدود ومسائل أخرى. فبعد مؤتمر مدريد عام 1991 الخاص بحل الصراع الإسرائيلي - العربي، على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام"، شهدت العلاقات الإسرائيلية مع عدة دول عربية توسعاً ملحوظاً، وأجريت مفاوضات علنية وسرية أسفرت عن فتح ممثليات إسرائيلية مع عدد من الدول العربية مثل تونس والمغرب وسلطنة عمان، لكن هذه الممثليات أغلق معظمها بسبب الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وشدد فهمي على أنه على الدول العربية اتخاذ خطوات للرد على الولايات المتحدة، مثل إدخال فرنسا كراع لمفاوضات السلام يمثّل الاتحاد الأوروبي، وأيضاً الجانب الروسي، المنافس الكبير للولايات المتحدة. وأعرب الخبير في الشؤون الإسرائيلية عمرو زكريا عن عدم اعتقاده بأن هناك تورّطاً مصرياً في الاتفاق مع الجانب الأمريكي أو التنسيق معه بخصوص إعلان القدس عاصمة لإسرائيل. وقال لرصيف22 إن أوراق اللعبة اليوم تتركز في الرياض، لافتاً إلى أن رد الفعل السعودي تجاه ما حدث لا يتناسب على الإطلاق مع ما تمتلكه المملكة من مقومات، سواء استغلال مكانتها الدينية في دول العالم الإسلامي أو قدراتها الاقتصادية والتهديد بسحب استثماراتها من الولايات المتحدة أو إلغاء صفقات عسكرية واقتصادية معها. ولم يستبعد زكريا أن يكون هناك تنسيق سعودي مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل هيمنة ولي العهد على مقاليد الأمور هناك، وفي ظل المخاوف السعودية من إيران وبحثها عن عامل ردع مكافئ لإيران، وهو ما لا تجده إلا لدى الجانبين الإسرائيلي والأمريكي. من جهة أخرى، رأى الصحافي الفلسطيني أيمن العالول أن الجانب الفلسطيني ذاته يمكن أن يكون بوابة دول العالم للسير على خطى ترامب والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأوضح العالول لرصيف22 أنه لو صح ما ذكرته الصحيفة الأمريكية بشأن عرض إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها ضاحية أبوديس، ووافق الجانب الفلسطيني على هذا الأمر، فإن ذلك سيكون صافرة البداية لدول العالم والدول العربية للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مشيراً إلى أن ردود الأفعال الفلسطينية سواء على مستوى السلطة الوطنية الفلسطينية أو على مستوى حماس في القطاع لا ترقى على الإطلاق إلى مستوى الحدث.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image