انتزعت اسمها من نوع الموسيقى الذي تقدمه، على الرغم من أن موسيقى الروك، وهي أحد أنواع الموسيقى الشعبية، ظهرت في الستينيات في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وتعود جذورها إلى الأربعينيات. لكن في عام 2003 كنا مع "جدل" جديد حول نوع موسيقى غربي تم تعريبه، أو بالأحرى الروك العربي، الذي تبناه عازف الغيتار والمؤلف الموسيقي الأردني، محمود الردايدة.
أطلق الردايدة على فرقته الموسيقية اسم "جدل"، لأنه علم أنها ستثير جدلاً بين المتابعين لفنون الموسيقى، لكنه وثق بنجاح تجربته لأنه عاشق للموسيقى كما عرف نفسه لرصيف22.
كل ما أقول التوبة
ظهرت فرقة "جدل باند" الأردنية عام 2003، وضمت العديد من الأعضاء على مر سنوات عدة منذ تأسيسها. وهي تحظى بمتابعين كُثر في الوطن العربي، والعالم، وتجوب بضع دول لتقديم موسيقى خاصة بها، ويتابعها مئتا ألف على فيسبوك وحده. كانت البداية مع إعادة توزيع أغنية "كل ما أقول التوبة" للراحل عبد الحليم حافظ بأسلوب الروك الخاص بالفرقة. من هنا كانت الانطلاقة التي جذبت العديد من المستمعين لأسلوب الفرقة، ما شجع أفرادها على إصدار أغانٍ خاصة مثل "سلمى"، من تأليف الردايدة، على اسم ابنة شقيقته، ثم ألفت الفرقة أغنيتين هما "أنا بخاف من الكوميتمنت" و"الماكينة". تشجعت الفرقة أكثر على انتاج أغان جديدة، لكن هذه المرة اقتحمت مجال تصوير أعمالها عن طريق الفيديو كليب بأسلوب جذب الكثير من المتابعين العرب الذين أنشدوا أغاني "جدل باند" ورددوها باللهجة الأردنية. رصيف 22 حاور مؤسس الفرقة محمود الردايدة حول الفرقة واعمالها وشؤون أخرى.اختيار الكلمات والمزج بين الروك واللغة العربية
يعتبر نشر الوعي الموسيقي في مجتمعاتنا العربية مهماً، إذ هناك حركة موسيقى مستقلة عربية تنافس حالياً الموسيقى التجارية وقد تحل محلها في المستقبل القريب. يوضح الردايدة: "المزج بين الروك واللغة العربية (اللهجة الأردنية) كان جديداً في بداية جدل (2003) لكنه كان بديهياً بالنسبة إلي، فنحن كنا نستمع لأغاني روك أجنبية منذ الطفولة، لكننا لم نسمع من يفعل ذلك ويقدمه بطريقة مميزة، وانتظرت حتى أتيحت لي الفرصة، فكونت فرقتي التي أطلقت عليها اسم جدل باند بهدف عمل موسيقى روك وبوب بصوت أجنبي، الذي هو متفوق على الصوت العربي تقنياً، لكن من خلال كلمات ومواضيع عربية أردنية. فكانت فكرتي مزج موسيقى الروك الأجنبي الأصلية بكلمات عربية وتقديمها للجمهور العربي في كل مكان".صعوبات واجهت الفرقة
من البديهي أن تواجه الأفكار الجديدة عدة صعوبات في بعض المجتمعات، لكن ما حدث مع جدل باند كان في وجهة نظر مؤسسها محمود الردايدة مختلفاً إلى حد بعيد. قال الردايدة: "لا أؤمن بالصعوبات، خصوصاً إذا كانت واضحة ومعروفة ومدروسة بالنسبة إلي، والحديث عن الصعوبات بات منعطفاً قديماً، لأن الوضع الحالي اختلف. لكن منذ البداية إلى الآن لم نجد شركات إنتاج واعية تفهم الفرصة التي أمامها، وما قد يحدثه فن جديد يتم تقديمه. كان لدى جدل منذ البدايات أغاني هيتس على الإذاعات الأردنية والعربية، لكن برأيي ما كنا نفعله كان إلى حد ما سابقاً لوعي شركات الإنتاج آنذاك. ومع المعدات المتوفرة حالياً، لم يعد هناك حاجة ماسة لهذه الشركات، فعدد جيد من الفرق المستقلة لها متابعون في شتى أنحاء الوطن العربي، ومشاركات في مهرجانات مستقلة ضخمة يحضرها 30 ألف شخص، على خلاف العديد من الفنانين المدعومين من شركات الإنتاج". ويرى الردايدة أن الفن المقدم من بعض الشركات هابط، وهدفه الوحيد جني المال، لأهداف تجارية فقط، لذا، فإن معظم الفن المقدم يعد ضعيفاً وساذجاً، ولا يرتبط بمشاعر الفنان، ومن المؤكد أن هناك استثناءات خارج هذا الإطار الهابط.وماذا عن انتشار الفرقة؟
يؤكد مؤسس الفرقة أن فكرة الانتشار في أنحاء الوطن العربي، وإقامة مزيد من الحفلات والمشاركة في مهرجانات، ليست الهدف الأكبر والأسمى. فأهم شيء هو الاقتناع التام بما تنتجه الفرقة من أغانٍ وأعمال. ويقول: "لا أفكر في الانتشار أولاً، بل في إصدار أعمالي من خلال فرقتنا بطريقة تشرفنا وترفع رأسنا وتجعلنا فخورين، ونأمل في أن تصل هذه المشاعر، التي تحولت إلى أعمال فنية وموسيقية، إلى كل من قد يستسيغها ويستوعبها ويحبها. فنحن غير مجبورين على إصدار أي عمل، أفعل ذلك عندما يكون هناك أغانٍ كافية بالنسبة إلي لإصدار ألبوم أو أغنية بطريقة نكون نحن راضون عنها أولاً، حتى أننا لا نقبل جميع عروض الحفلات التي تصلنا، ولا نحبذ المكوث كثيراً في البلد نفسه. نحن في العادة نعرض خارج الأردن أكثر من داخلها، فقد ذهبنا إلى العديد من الدول وقدمنا الروك العربي، وحصدنا استحساناً كبيراً لدى معظم جمهورنا، وأؤكد أنه لا توجد خطط للانتشار، لكن بالطبع نتمنى أن تتيح لنا الفرصة للغناء في جميع الدول العربية وفي الخارج، حيث الجاليات العربية التي تتواصل معنا في كثير من الأحيان. لذلك نحاول، بالتعاون مع بعض المنظمات، إقامة حفلات مميزة في بعض الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية وكندا، ونحاول جاهدين زيارة جمهور جدل في تلك الدول في الفترات المقبلة، حين يتاح لنا ذلك، لكن بشرط وجود فرصة مناسبة".والموسيقى العربية الأخرى
لا يعتبر الردايدة أن "جدل" هي الوحيدة المسيطرة على الساحة، ويؤمن أن الفن الجيد لا بد أن ينتشر، وأن الأذواق تتعدد في الوطن العربي، وأن الجمهور ذواقة بطبعه. ويقول: "لكل فرقة موسيقية دورها، وأسلوبها وفنها الخاص، مثل فرقتنا، والموسيقى الجيدة تظل جيدة، بغض النظر عن المنشأ، ولا أنفي أن هناك بعض الأعمال العربية التي تلقى انتشاراً واسعاً لأنها جيدة ولها أسلوبها الخاص، سواء كانت حديثة ومبتكرة وتحاول تقديم فن جديد، أو تراثية وشعبية". يؤكد الردايدة أن مشروع الفرقة لن يقف عند حد معين، فهو ديناميكي يعبر عن أحلام جيل من الشباب في موسيقى الروك. وعن انتشار الفرقة، يقول: "أتمنى أن تصل خبراتنا للأجيال المقبلة. بعد ظهور جدل في أوائل 2003 ببضع سنوات، خصوصاً بعد 2008، بدأت بعض الفرق الأخرى في الظهور في الأردن والوطن العربي، ما يؤكد رغبة العديد من الجيل الحالي في تقديم نوع موسيقي يحبه هو قبل أن يتعلق به الجمهور، ومشروعنا لن يتوقف حتى علي أنا شخصياً، فجدل فكرة مستمرة وستنتقل للأجيال المقبلة". خارج إطار حب الردايدة وفريقه لما يقدمانه، ماذا لو قررت الفرقة الاستماع لموسيقى أخرى؟ يقول الردايدة إنه يفضل الاستماع للفن الأجنبي، لأنه يعد الأعلى من ناحية التقنية والأدوات المستخدمة في تقديمه. وفي ما يتعلق بالفن العربي، هناك موسيقى عربية قليلة تجذبه، ويعترف مؤسس "جدل" أن هناك فرقاً وأعمالاً ناجحة. وهو يرى أن هناك صعوبات تواجه الفن المستقل، لكن "جهد الشباب الراغبين في التحسن والذين شاركوا في الثورة الموسيقية، ولقوا استحساناً لدى الجمهور العربي، بسبب تميز ما يقدمونه عن الموسيقى الشائعة، حصلوا على دعم الملايين في العالم العربي والعالم، وتفوقوا على ألوان شتى من الموسيقى التقليدية، حتى بدأت الشركات الضخمة تستجيب لطموحاتهم وموسيقاهم".حالة جميلة لا أتمناها أن تزول
يأمل مؤسس فرقة "جدل" أن ينشأ جيل واع للموسيقى الحقيقية، التي يراها تعبيراً عن الذات، لا حالةً عابرة وتزول، أو موضة يقلدها فنانون أو مدعون للفن لكنهم غير مؤهلين لتقديم فن حقيقي، فهؤلاء لن يكملوا الرحلة. ويختم: "نحن كرّسنا عشرات السنين من الجهد المتواصل والحب والشغف قبل أن نتجرأ على إصدار أي عمل، لأن سقف المقارنة كان عالياً جداً (فرق الروك الأجنبية وغير الروك). هدفي في جدل هو المواظبة على رفع السقف، فلا أصدر عملاً إلا إذا كان ذا جودة أكثر مما سبقه، وهذا ما حاولت الوصول إليه في الألبوم الثالث "مليون"، من حيث التقنية والكلمة واللحن".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون