تسلمت إدارة حرس الرئاسة الفلسطيني معبر رفح مؤخراً، بعد اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، لتعود الحياة جزئياً مرة أخرى إلى قطاع غزة، وتمنح أبناءه فرصة الاتصال بالعالم الخارجي. فمَن هم هؤلاء الذين يُعتبر وجودهم على المعابر شرطاً لفتحها؟
"وجودنا في المعبر لإدارته هو الوضع الطبيعي"، يقول شاكر ريان، أحد أعضاء حرس الرئاسة متحدثاً عن دورهم على معبر رفح.
لماذا الحرس الرئاسي؟
كان الإشراف على هذا المعبر وعلى معبر كارني، منذ عام 2005، من مهام حرس الرئاسة وهو جهاز أسسه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 1994، كنسخة حديثة من قوات الـ17 التي كانت مكلفة بحمايته في بيروت ثم انتقلت معه إلى تونس واستقرت في بداية التسعينيات، بعد اتفاق أوسلو، في الأراضي الفلسطينية. بدأ عمل ريان على المعبر منذ الاتفاق الذي وُقّع عام 2005 برعاية مصرية وبرقابة أوروبية، والذي نصّ على أن يتولى حرس الرئاسة من الجانب الفلسطيني إدارة المعبر. وبرأي ريان، وقع الاختيار على الحرس آنذاك دون غيره من الدوائر الأمنية "بسبب توافر الكفاءة والمهنية العالية لدى عناصره أكثر من باقي الأجهزة" كجهازي الأمن الوقائي والحرس الوطني. ويؤكد العقيد في الحرس نظام السالمي أن اختيار الحرس كان مطلباً أوروبياً حسب اتفاقية 2005 الخاصة بالمعابر والمطار والميناء والممر الآمن، واختير حرس الرئاسة تحديداً لتلك المهمة لأن أغلبهم مدربون في أوروبا، ويثق الأوروبيون في كفاءتهم. وفي الحقيقة فإن هذا الجهاز هو الوحيد القادر على تلبية الحد الأدنى من مطالب الأطراف الخارجية المعنّية بحركة تنقل أبناء غزة، من مصر إلى إسرائيل والاتحاد الأوروبي، خاصة أن من أبرز مهماته منع دخول أسلحة لحركة حماس أو خروج أسلحة من غزة عبر المعابر. ويقول ريان لرصيف22 إن هناك عدة دوائر في حرس الرئاسة من دائرة المرافقين الشخصيين إلى دوائر تتوزع مهامها بين حماية شخصيات، وإدارة معابر، وقوات إسناد، وتدخل سريع. وقال مسؤول العلاقات الخارجية في حركة فتح ياسر أبو سيدو لرصيف22 إن حرس الرئاسة يقوم بحل المشاكل اليومية بسرعة ويضع الاستراتيجية التي تقرها الرئاسة بالتنسيق مع الأجهزة الأخرى، كل في اختصاصه. وأضاف أن الحرس ينسق بين الأجهزه الأمنية المختلفة في إدارة المعابر، فهو يتكوّن من عسكريين ومدنيين يحملون شهادات عليا متخصصة في مجالاتهم المختلفة، ولذلك يثق الرئيس فيهم كثيراً بالرغم من سنوات الانقسام.أعوام الانقسام الصعبة
"لو أردت الحديث عن ويلات الانقسام، سأحتاج إلى 11 عاماً حتى ينتهي الحديث". بهذه الكلمات، تحدث ريان عن كيفية تبدّل أحوال الحرس في مرحلة الانقسام الفلسطيني عام 2007، مضيفا أن أفراد الحرس في غزة مكثوا 11 سنه من دون عمل، وسط تمييز في التعامل معهم من إدارة حماس. وتعقبت سلطة حماس البعض وتعرّض آخرون للمطاردة لمنع خروجهم من غزه، وكان التواصل مع رام الله، عاصمة الضفة الغربية، تهمة بنظر حركة حماس.حرس الرئاسة الفلسطيني... تدريبات خاصة وعتاد خاص خلقت جهازاً مختلفاً عن باقي الأجهزة الأمنية
حرس الرئاسة الفلسطيني... النسخة الحالية من قوات الـ17 التي كانت مكلفة بحماية ياسر عرفات في بيروتولكن، لم تنقطع العلاقه بين الحرس في غزة وبين زملائهم في الضفة أو رؤسائهم، طيلة فترة الانقسام. تتداخل في حياة يوسف عزايزة، أحد أعضاء حرس الرئاسة، عناصر تشبه التداخل والتشابك بين مصر وغزة. فهو من سكان غزة، ولكنه يحمل الجنسية المصرية وزوجته مصرية وأبوها فلسطيني. التحق عزايزة بحرس الرئاسة حين كان عمره 20 عاماً، مؤكداً أن اختيار عناصره يتم وفق شروط ومعايير خاصة، مثل الطول، الوزن، اللياقة البدنية، سرعة البديهة، الأخلاق والقدرة على التحمل. ويشير إلى أن للحرس تدريبات خاصة وعتاد خاص. "نختلف عن باقي الأجهزة الأمنية"، يقول لرصيف22. في سنوات الانقسام الفلسطيني التي يصفها بـ"سنوات الانقسام العجاف"، اكتفي عزايزة بتسلم راتبه كل شهر، مبيناً أن الأحوال حين تم خفض الرواتب من قبل السلطة الفلسطينية قبل بضعة أِهر كانت صعبة جداً. وقال السالمي لرصيف22 إنه خلال سنوات الانقسام، بعض الحرس ذهب إلى رام الله، وجزء تم تكليفه بأعمال إدارية في غزة، ولم تنقطع رواتبهم طيلة فترة الانقسام. لم تكن المعضلة الوحيدة في حياة عزايزة هي ترك البدلة العسكرية، ولكن المعاناة من التمييز على مستوى الحقوق بين أفراد الفصائل. وبين ريان أن إغلاق معبر رفح بشكل مستمر أثناء الانقسام جعل السفر أمراً صعباً على سكان قطاع غزة، متحدثاً عن جهات تقاضت رشوات خلال إشرافها على المعبر.
ماذا بعد؟
عن المرحلة القادمة وتحدياتها، يشرح أبو سيدو أن حماس تريد إشراك عناصر لها في إدارة المعابر، وهي مصممه على ذلك. وبرأيه، فإن أصل هذه المشكلة تعيين حماس عناصرها في مفاصل الإدارات ومنها المعابر، وطبعاً، فإن إخراج هؤلاء من عملهم يعني أن كلفة إطعامهم ستقع على رأس حماس. وأوضح أبو سيدو أن أحد الحلول قد يتمثل في دمج بعض عناصر حماس بعد مراجعة قانون شؤون الموظفين التابع للسلطه. ولكن في الوقت الحالي، يؤكد أبو سيدو أن جميع عناصر حماس انسحبوا من المعابر وسلموها للسلطة الفلسطينية. ويلفت ريان النظر إلى ارتباط معبر رفح بمستوى الاستقرار في مصر، وبالتحديد في سيناء المحاذية للقطاع. فتحقيق هذا الاستقرار هو من أبرز العوامل المؤثرة على فتح المعبر. وأضاف أنه ستتم إعاده تأهيل كوادر حرس الرئاسة، وإذا احتاجوا إلى عناصر إضافية سيجرون دورات لشباب مهتمين، ولكن سيكون أي توسع ممكن محدوداً لأن حرس الرئاسة والمخابرات العامه في القانون الفلسطيني تتبع تعليمات الرئيس. وبالنسبة إلى إعادة تأهيل عناصر الحرس، لفت العزايزة إلى أن الرئيسين المصري والفلسطيني اتفقا على تكليف مدربين من أكاديمية السادات الحربية لتدريبهم وإعادة تأهيلهم، فـ"بعد 11 سنة بعيداً عن الحياة العسكرية من الصعب أن ترجع بدون إعادة تأهيل".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...