"تدفق مادتي الأدرينالين والدوبامين يسبب رد فعل قد يصل إلى نوبة هلع وسلوك عداوني وتسارع دقات القلب".
تلك الأعراض قد تمثل للبعض قلقاً غير اعتيادي، يؤدي للذهاب إلى الطبيب من أجل التخلص منها، بينما يدفع كثيرون المال كي يشعروا بها لدى تعرضهم لخوف عارم.
ما هي ردة فعلكم في لحظات الخوف الشديد؟ إلى أي مدى أنتم متماسكون؟ ما حجم قوة صبركم وذكائكم للخروج من المأزق؟ هل تعتبرون أنكم أقوياء بما فيه الكفاية؟
تلك الأسئلة كانت كافية للولوج لعالم ألعاب الخوف، الذي لقي انتشاراً كبيراً بين الشباب خلال الفترة الماضية، واستطاعت هذه الألعاب أن تجد معجبين كثراً، وكان أكبر دليل هو انتشار هذه الألعاب المتطورة في الكثير من المجمعات (المولات) التجارية الحديثة، عدا الأماكن التي صممت خصيصاً لإثارة الرعب لدى الإنسان.
بيوت الرعب
تتضح الصورة أكثر عند محمود السيد، الطالب في جامعة 6 أكتوبر، إذ يروي قصة ذهابه إلى ما يعرف بـ«بيت الرعب»، وهو عبارة عن منزل مظلم تماماً تدخلونه سيراً في اتجاه واحد، ما يجعلكم تمرون على كل غرف البيت، بما فيها من مفاجآت مخيفة تظهر لكم من جميع الاتجاهات. "الهدوء المخيف، ازدياد سرعة ضربات قلبك"، أبرز الأعراض التي دفع من أجلها محمود 200 جنيه (11.3$) ومدتها نصف ساعة، ليبدأ المغامرة، التي تتمثل في وجود 3 شقيقات في هذا المنزل يتحولن إلى كائنات مخيفة. الأولى تتحول إلى إنسان متوحش يصعب السيطرة عليه، ويساعد في تلك الصورة «مكياج» هؤلاء الفتيات، والثانية تمسك بزجاجات من اللون الأحمر، الشبيه بلون الدماء لتنثره على وجه من يدخل البيت، أما الثالثة، فهي مكلفة بإصدار أصوات تساهم في خلق الحالة المرعبة. https://youtu.be/QK96HmEoFtw "أنا مدمن أفلام رعب، وكان عندي فضول لخوض التجربة". سبب دفع محمود لخوض التجربة، التي يوضح فيها مشاعره. فبمجرد دخول هذا البيت، الذي صمم على طراز الأفلام الأجنبية، تشعرون بالخوف الممتزج بالفضول، وتتساءلون: "من أين ستأتي لحظات الرعب الحقيقية"، حتى تلتقوا الفتيات الثلاث: «فزع وشهقة والحقوني وصرخات»، وكلمات ستنطقون بها، حتى عند عودة صدى الصوت سيزداد إحساسكم بالرعب. عزاؤكم الوحيد أنكم تعرفون أنها مجرد لعبة وستنتهي. ولكن هناك بعض الأصدقاء لا يتحملون نصف ساعة من الخوف فينسحبون. اللعبة ليست من دون قواعد. أخبرنا القائمون على هذا البيت، أن هناك شروطاً معينة، إذ يتم إعطاء كل زائر مثلاً عن إحدى ممارسات الفتيات الثلاث، وتجري مراقبته طوال مدة اللعب من خلال الكاميرات للدخول في الوقت المناسب إذا تعرض لأزمة جسدية أو أي مضاعفات أخرى. إشعاره بالأمان حافز قوي ليخوض تلك التجربة، بالإضافة إلى أن كل المواد المستخدمة، مثل اللون الأحمر، لا تؤذي بأي شكل من الأشكال، وفق ما أكد القيمون على اللعبة. يقول سيد، أحد المسؤولين عن بيت للرعب، إن الفكرة هي محاكاة لألعاب كثيرة في الخارج، ومع تزايد نسبة مشاهدة أفلام الرعب ورغبة الشباب في الخروج عن المألوف بات هذا النوع مألوفاً، لافتاً إلى أن عدد مرتادي «بيت الرعب» يومياً يراوح بين 200 و300، ولا يتم الدخول إلا بشكل مفرد للتمتع الكامل، بجانب جاهزية البيت بكل أنواع الإسعاف من باب الاحتراس. https://youtu.be/Ekd3JJyjth8 بدأت أولى ألعاب الرعب التي تجسد هذا النوع من خلال شركة Frictional السويدية، التي صنعت لعبةً تدفع لاعبيها إلى استكشاف معمل أبحاث مهجور تحت الأرض. ويوضح سيد أن أكثر المقبلين على هذه المغامرة هم شباب لا تتعدى أعمارهم الـ30، وأن هناك بعض النصائح لمرضى القلب والمسنين بعدم خوض التجربة، خصوصاً أن ثمة ألعاباً تحتاج إلى الركض في بعض الأحيان داخل البيت. يخبرنا سيد أنه منذ افتتاح بيت رعب لم يحدث أي مشكلة إلا حالتين، وتم التعامل معهما وعادا سالمين. أما تقنية العمل فتعتمد على الأضواء الخافتة والأصوات والألوان المرعبة لا أكثر، كل شيء آمن تماماً، كما يؤكد. https://youtu.be/XLEPqlc3Jhwخوف بلا أذى؟
الخبير النفسي أحمد الباسوسي يؤكد قول سيد، ويوضح أن السبب هو أن الإنسان عدو ما يجهل، ولأن تجربة الخوف غير واردة في حياة بعض الناس، فإن الشباب يقبلون على هذا النوع الذي يسمى بالخوف الآمن. ففي النهاية لن يتأذى الزائر، ولكن في الوقت نفسه سيتمتع بإحساس الإثارة والمتعة والصراخ والضحك الهستيري في آن واحد. يشير الباسوسي أيضاً إلى أن معرفة الإنسان أنه آمن يقلل من نسبة إفراز الأدرينالين المسؤول عن إثارة الخوف، لكن للأمر جوانب أخرى. إذا كان لدى اللاعب/ة «فوبيا» مثلاً من الدماء أو الأماكن المظلمة، فذلك يزيد من تلك المادة، وقد تحدث حالات من الانهيار العصبي، أما أصحاب أمراض القلب والقولون العصبي فتلك ألعاب غير مسموحة لهم.عيش اللحظة المرعبة
رواج ذلك النوع دفع إلى تكرار التجربة مع أفكار أكثر جنوناً مثل أحد بيوت الرعب، الذي يعتمد على وجود ضحية موثوقة بالحبال، وتكون مهمة اللاعب/ة تحريرها، وفي العادة لا يستطيع أحد ذلك كما يوضح مروان محمود العامل في هذا البيت. النشاط المفرط أو الـ Hyperactivity هو ما دفع هبة محمود للذهاب إلى هذا البيت، وعلى الرغم من أنها لا تميل كثيراً إلى أفلام الرعب ومشهد الدماء، فإن رغبتها في الخروج إلى أماكن غير تقليدية، دفعتها لخوض التجربة. تقول إنها تجربة ممتعة. عكس صديقتها روان، التي قالت: "ماذا يمكن أن يحدث أكثر مما نحن فيه، فلنخض التجربة ولنعرف ما ردة فعلنا ونحن قاب قوسين أو أدنى من الموت، للعبة فلسفة أخرى وتجربة حقيقية لمشاعرنا".للرعب أشكال أخرى
بالفعل، فغرفة الرعب المعتمدة على نظارات 3D، تلقى هي الأخرى رواجاً بين مجموعة من الأصحاب، 6 على الأكثر، ليعيشوا في فيلم رعب ويشعروا بكل ما يشعر به أبطال الفيلم. https://youtu.be/tT6Hom8BSPw تلك اللعبة التي انتشرت في العديد من المجمعات التجارية الحديثة في مصر، تعتمد على الكثير من التقنية التكنولوجية، يقول محسن محمد المسؤول عن تشغيل اللعبة في أحد هذه المجمعات التجارية، إن الإقبال عليها يزداد، ويراوح عدد المجربين لها بين 100 و1500 يومياً خصوصاً أن سعر الـ150 جنيه (8.5$) ملائم للجميع، أما الأفلام التي يتم عرضها وربطها بتلك النظارات من خلال الآليات التكنولوجية الحديثة فهي أفلام عادية مثل «It» وغيرها.الحبس
هل جربتم الحبس يوماً؟ فكرة أخرى لألعاب الرعب، تعتمد على دخولكم إلى حجرة مصممة على غرار السجن، تبقون بداخلها مقيدين من الأرجل والأيدي، حتى تستطيعوا فك بعض الرموز في الحجرة، التي يوجد فيها المفتاح. كلفة تلك اللعبة الآخذة أيضاً في الانتشار 100 جنيه (5.6$)، ومدتها نصف ساعة ولا تُلعب إلا فردياً. https://youtu.be/ooDQmY_vwkcأين القانون من الرعب؟
يوضح محمود كبيش أستاذ القانون الجنائي في جامعة القاهرة، مشيراً أن الأمر مثل عرض فيلم رعب في السينما، من لديه القدرة فليدخل، ومع دامت الألعاب ملتزمة بإرشادات حماية، فإن المسؤولية يتحملها الفرد فقط. إذا كنتم لا تغوون الأفلام السينمائية أو بيوت الرعب، فهناك ألعاب أخرى أيضاً في انتظاركم، وتمنحكم الشعور بالخوف نفسه، مثل التسلق بين جبلين، على غرار التدريبات العسكرية. فقد انتشرت هذه اللعبة في القاهرة ببعض المناطق التي تملك طبيعة جبلية، وتعتمد إحداها مثلًا على حبل بين مرتفعين، وما عليكم سوى التعلق به حتى الوصول إلى الجهة الثانية، ما يعطي احساساً بالمتعة. "السينما ذهب زمنها، فالأفلام تنتشر على الانترنت بعد أسبوع من عرضها، وبقية الأماكن نذهب إليها في أيامنا العادية"، يوضح مصطفى سيد، الذي يروي تجربته بأحد بيوت الرعب في منطقة وادي دجلة في القاهرة الكبرى، ويقول "كانت تجربة قوية، ممزوجة بالخوف والانطلاق، لكنها آمنة تماماً، وسيارات الإسعاف جاهزة دوماً".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...