في أبريل الماضي فقد المواطن السوري علاء اليوسف نحو أربعين من أقاربه في هجوم خان شيخون (بلدة تقع شمال غربي سوريا) الذي تقول منظمات حقوقية أن النظام السوري استخدم فيه غازات سامة ضد مدنيين بينما ينفي النظام ذلك. ملف خان شيخون فتح مجدداً بعد أن حمل تقرير صادر عن الأمم المتحدة يوم الخميس الحكومة السورية بشكل رسمي المسؤولية عن هذا الهجوم الذي راح ضحيته العشرات من المدنيين. بحسب شهادة علاء اليوسف الذي يعمل في مركز شيخون الطبي فأن السوريين أثناء هجوم خان شيخون كانوا يقومون بدفن أقاربهم بينما تحلق فوقهم الطائرات، يقول اليوسف في شهادته التي نشرها بالفيديو موقع بي بي سي أنه وأطفاله استنشقوا الغازات السامة لكنه استطاع أن يسعفهم. لكن قدرة اليوسف على إنقاذ نفسه وأطفاله بسبب خبرته في العمل لسنوات في مركز طبي لم تتوفر لعشرات السوريين الذين ماتوا بعد الهجوم الذي وقع صباح يوم الرابع من إبريل الماضي وسبب صدمة للعالم كله. تكذب شهادة اليوسف التي تتشابه وشهادات الكثير من السوريين الذين تواجدوا في خان شيخون وقت الهجوم، رواية النظام السوري الذي يقول أن المسلحون هم من استخدموا الغازات السامة. حيث يقول علاء "لا يوجد مسلحين في خان شيخون، والمنطقة التي قصفت تقع أمام منزلي، لو كان هناك مستودع أسلحة مثلما يقول النظام ما سكنت في هذه الحارة".
ما الذي جاء في تقرير الأمم المتحدة؟
في العام 2015 كلف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لجنة مشتركة ببدء تحقيق موسع لتحديد الأطراف التي تستخدم الأسلحة الكيميائية في سوريا. التقرير الذي صدر بشكل رسمي يوم الخميس الماضي حمل النظام السوري كامل المسئولية عن هجوم خان شيخون، ويعد هذا التقرير نتيجة تحقيق مشترك لكل من منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية والأمم التحدة. توصلت نتائج تحقيقات الفريق الذي عمل على التقرير إلى أن الحكومة السورية هي من قامت بالهجوم وليس اي تيار أخر مثلما ادعى النظام السوري وروسيا. وقال معدو التقرير أنهم "واثقون" أن الحكومة السورية استخدمت غاز السارين الذي أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين، بحسب ما نشره موقع The New York Times. حمل التقرير سلاح الجو السوري المسئولية المباشرة عن الهجوم وبهذا يصبح هذا التقرير هو الأول من نوعه "المستقل سياسياً" الذي يحمل طرف بعينه المسئولية عن الهجوم. "أدى الهجوم الذي وقع في الصباح الباكر إلى مقتل عشرات المدنيين، منهم أطفال، أنه واحداً من أسوأ الفظائع التي ارتكبتها الأسلحة الكيميائية في الصراع السوري" يقول التقرير. التقرير ذكر ايضاً أن مسلحي الدولة الإسلامية نفذوا هجوماً أخر باستخدام غاز الخردل في محافظة حلب يوم 16 سبتمبر من العام 2016. يمكن اعتبار هذا التقرير إحراجاً جديداً على روسيا، التي تعد الحليف الأهم للحكومة السورية، والتي تعهدت قبل أربعة سنوات بأن تكون الضامن في أن يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بالتخلص من كل أسلحته الكيميائية. وبحسب المواثيق والمعاهدات الدولية فأن استخدام الأسلحة الكيميائية في الصراعات السياسية يعد جريمة حرب. وأكدت تقارير سابقة لنفس اللجنة أن القوات السورية استخدمت قنابل الكلور ثلاث مرات على الأقل في النزاع وأن مقاتلي الدولة الإسلامية استخدموا خردل الكبريت مرة واحدة على الأقل.ما هي ردود الفعل الدولية على التقرير؟
تسبب تقرير الأمم المتحدة في ردود فعل دولية كبيرة، فقد قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أن نتائج تحقيق خان شيخون تمثل "خرقاً مروعاً لقواعد الحرب" داعياً " المجتمع الدولي إلى التعاون من أجل محاسبة نظام الأسد" على حد تعبيره. أما فرنسا فأكدت إن الهجوم يظهر أن النظام السوري ارتكب "انتهاكات جسيمة"، لاتفاق وقعته دمشق في عام 2013 بشأن تفكيك وتسليم المواد الكيماوية وأسلحة الدمار الشامل. ووصفت التقرير بأنه "دليلاً موثوقاً" على مسئولية النظام السوري على الهجوم، وأن فرنسا "ستواصل العمل مع شركائها لتحديد أفضل طريقة لمعاقبة المسؤولين عن هذه الهجمات ومكافحة انتشار الأسلحة الكيماوية". من جانبها علقت الولايات المتحدة الأمريكية على التقرير بأنه يؤكد ما توصلت إليه المعلومات الاستخباراتية الأمريكية التي أعلنت مبكراً أن النظام هو المسئول عن الهجوم. وبعد يومين فقط من هجوم خان شيخون أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامر بضربات على أهداف تخص الحكومة السورية، وهو ما أثار غضب روسيا وسوريا.وقتها، وكان يعد أول هجوم أميركي مباشر على هدف عسكري سوري في الصراع المستمر منذ العام 2011. من جانبها وصفت وزارة الخارجية الروسية، يوم الجمعة، التقرير بأنه يتضمن "عناصر متضاربة" كثيرة و"شهادات مشكوك في صحتها". واعتبرت الخارجية الروسية أن التقرير به "الكثير من التناقضات والأدلة غير المؤكدة، وأن الهدف استخدامه كسلاح لتحقيق أهداف بعض الدول الجيوسياسية الخاصة في سوريا". أما دمشق فقد قالت أن التقرير "تزوير للحقيقة وتحريف" نافية كل الاتهمات التي جاءت فيه باعتباره يمثل تزويراً للحقيقة وتحريفاً لكل المعلومات الدقيقة حول ما جرى في خان شيخون. قد لا يعيد تقرير الأمم المتحدة الخاص بهجوم خان شيخون السوريين الذين ماتوا فيه إلى الحياة مرة أخرى، لكنه قد يحمل بعض الأمل في معاقبة المتسبب في موتهم.. فهل يحدث ذلك أم أن الحسابات السياسية تتعامل مع الأمر بمنطق مختلف؟ الإجابة تحملها الأيام القادمة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين