
ما هي نتائج الصدام العسكري؟
عندما وصلت أرتال القوات الأمنية العراقية في 13 أكتوبر إلى مشارف كركوك وأمهلت البيشمركة حتى الساعة 12:00 من ليل الأحد في 15 أكتوبر للانسحاب، دب القلق في نفوس أغلب العراقيين، تحديداً سكان كركوك الذين لم يرسموا أي سيناريو في مخيلتهم سوى الصدام العسكري وانتشار الجثث في الشوارع.رغم أن انسحاب البيشمركة من كركوك مثّل فاجعة لمقاتليها، اعتبرت قيادات كردية أنه قرار صحيح
أزمة كركوك... المؤشرات تدل على خسارة مسعود بارزاني الكبيرة، وانتصارات لخصومه في السليمانية وبغداد
هل تدخلت دول أخرى لتأمين انسحاب البيشمركة؟
لعبت الضغوط الإيرانية والتركية على حكومة إقليم كردستان العراق، دوراً في عملية الانسحاب من كركوك، بالإضافة إلى دور حكومة المركز. يتواجد قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني منذ أيام في إقليم كردستان، ويدور الحديث عن قيامه بوساطات لدفع الإقليم باتجاه الرضوخ لأوامر الحكومة الاتحادية والانسحاب من المناطق التي طلبت الانسحاب منها. وبحسب سامان نوح، وهو كاتب ومحلل سياسي من إقليم كردستان العراق، فإن "انسحاب قوات البيشمركة الكردية من مناطق سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني، تتم عبر اتفاقات وتفاهمات سريعة حول إدارة مشتركة لها، مثل جلولاء وخانقين ومناطق أخرى". ويضيف لرصيف22: "أما الانسحابات من مناطق سيطرة الحزب الديموقراطي الكردستاني، فتتم بلا تفاهمات وبلا اتفاقات على الإدارة المشتركة، مثل قضاءي سنجار ومخمور وربما في الساعات المقبلة سهل نينوى أيضاً". ويتحدث نوح عن "خطوط حمراء" وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص المناطق المتنازع عليها. لكن بحسب قوله، فإن "انهيار الأكراد وانقساماتهم وعدم وجود قيادة تسبب بانهيار تلك الخطوط". وجاء تحذير الولايات المتحدة لكلا الطرفين من التصعيد، بعد أن انسحبت قوات البيشمركة من المواقع التي حددتها الحكومة الاتحادية، وكأنها راضية ضمناً عن عودة القوات العراقية إلى المناطق المتنازع عليها، ولا تقبل بأي تجاوز إلى داخل حدود إقلم الكردستان التي يحددها الدستور العراقي. وبرأي إحسان الشمري "لا يعطي المجتمع الدولي ضمانات لبارزاني ولم يُعطه ضمانات أساساً، لأن كل الدول كانت ضد قرار الاستفتاء الذي اتخذه منفرداً" وسرعان ما دخلت تركيا على الخط بعد ساعات من دخول القوات الاتحادية إلى كركوك، بإعلان استعدادها للتعاون مع الحكومة العراقية للقضاء على مسلحي الـPKK، وذلك بعد تداول خبر عن استقدام البيشمركة لقوات من حزب العمال الكردستاني إلى كركوك، وهو ما اعتبرته بغداد "إعلان حرب".هل أضعفت بغداد موقف أربيل؟
لن تعود العلاقة بين القوات الأمنية الاتحادية وقوات البيشمركة مثلما كانت، رغم أنها لم تكن مثالية، فتقبّل كل من الطرفين وجود الآخر في نقاط التقائهما في المناطق المتنازع عليها كان على مضض. وبرزت قوة القوات الاتحادية بعد انسحاب البيشمركة من كركوك، واتضح تضعضع صفوف "الفدائيين الأكراد"، وما حصل أعاد التذكير بمشهد بكاء بعض الجنود العراقيين عندما انهزم الجيش العراقي على يد الولايات المتحدة الأمريكية في الكويت عام 1991. يقول المحلل السياسي الكردي هوشيار مالو لرصيف22 إن "الحكومة العراقية لم تكن موفقة في التعامل مع هذه الأزمة، وكنا نتمنى أن يكون العبادي مختلفاً عن سلفه، لكنه يتخذ مبررات مشابهة لتلك التي اتخذها (رئيس الحكومة العراقية السابق) نوري المالكي عندما تعامل مع السنة في أيام حكمه". قد يكون موقف الحكومة الاتحادية في المستقبل أقوى مما كان عليه حتى في التوقعات، وربما لن يقف أثر ذلك عند الحد العسكري بل سيتجاوزه إلى الاقتصاد والسياسة. فما ظهر عليه بارزاني وبعض قادة الأكراد من قوة خلال الفترات السابقة، حدث ما يخالفه الآن. تقول النائبة الكردية عن الاتحاد الوطني الكردستاني، ريزان الشيخ، إن "بارزاني أخذ الإقليم إلى مرحلة الضعف، وأدخله في أزمات يُفترض الابتعاد عنها، وحطّم آمال وأحلام الأكراد بالدولة الكردية". وتضيف لرصيف22 أن "التصعيد الذي مارسه بارزاني أظهر ضعفه وليس قوته، وهذا كله انعكس على الإقليم بشكل عام". ويقول الباحث في الشأن العراقي يوسف إبراهيم لرصيف22 إن "العبادي أظهر ضبط نفس عالٍ خلال الأيام القليلة الماضية، وحتى خلال دخول القوات العراقية إلى كركوك، ولا مصلحة له بتصعيد كبير قد يؤدي إلى الاشتباك مع قوات من البيشمركة". كثيرون يرون أن الحكومة الاتحادية التي يترأسها حيدر العبادي تتعامل بروية وهدوء مع أزمة الإقليم، ولا يتوقعون منها أن تتخذ خطوات تصعيدية تقضي على "حلاوة التراجع الكردي". فلكل تفصيل في مواجهة بغداد وأربيل حساباته وأي تهوّر ينطلق مما حصل في كركوك لكسب المزيد قد يقلب المشهد ويذيق الحكومة "مرارة الانكسار".نشوة "الانتصار" والمناطق المتنازع عليها
نشوة "الانتصار" المتحقق لدى القوات الاتحادية العراقية وإجبارها على دفع قوات البيشمركة للعودة إلى الخلف، لن تنتهي الآن ولا حتى بعد سنوات، فالجميع سينظرون إلى الأولى على أنها منتصرة وإلى الثانية على أنها مهزومة. ستكون البيشمركة موجودة في نقاط التقاء مع القوات الاتحادية على حدود محافظات الإقليم، وربما لن تكون لدى البيشمركة الجرأة على اعتبار نفسها نظيرة أو خصماً للقوات الاتحادية، مثلما كان الحال في السابق. وبعدما ضعف دور أربيل في هذه الأزمة، صارت وجهة الحكومة الاتحادية نحو السليمانية، عاصمة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني التي ستتخذ دور المفاوض في ما يخص المناطق المتنازع عليها، وستحصل على إدارة مشتركة لما تريد من مناطق ما يساهم في إضعاف نفوذ خصمها مسعود بارزاني. خسر مسعود بارزاني السيطرة على نحو 18 وحدة إدارية كان قد سيطر عليها في مناطق سهل نينوى بعد تحريرها من تنظيم داعش، وهذه المناطق كانت ضمن خارطة الدولة الكردية المنتظرة، لكن القوات الاتحادية استعادتها مجدداً. ووفق ما يتوافر من مؤشرات، كانت خسارة مسعود بارزاني كبيرة، وقابلتها انتصارات لخصومه الأكراد في السليمانية وفي حكومة بغداد، وهذا ما سيخلق تحالفاً جديداً بين الأحزاب الشيعية والاتحاد الوطني الكردستاني الذي تقوده زوجة الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني ونجلاه قوباد وبافل.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
mahmoud fahmy -
منذ يوممادة قوية، والأسلوب ممتاز
Apple User -
منذ 4 أيامهل هناك مواقف كهذه لعلي بن ابي طالب ؟
Assad Abdo -
منذ أسبوعشخصية جدلية
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعأن تسخر التكنولوجيا من أجل الإنسان وأن نحمل اللغة العربية معنا في سفرنا نحو المستقبل هدفان...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعلم تسميها "أعمالا عدائية" وهي كانت حربا؟
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعnews/2025/03/12/nx-s1-5323229/hpv-vaccine-cancer-rfk في هذا المقال بتاريخ لاحق يشدد الأطباء على...