مستطيل، مربع، دائري، عريض... تختلف الوجوه من شخص الى آخر وقد تعطي ملامح كل شخص إشارات عن شخصيته، ما الذي يسعده، ما هي العلاقات التي تكمله، وكيف يعيش بسلام مع نفسه ومحيطه، بحسب جين هانر صاحبة كتاب "حكمة وجهك"، الذي يستند إلى 3000 سنة من البحث والتطوير في قراءة الوجوه وفق الثقافة الصينية. للوجوه مكنونات دفينة، وبحسب هانر، شكل وجهكم قد يكشف الكثير عن رغباتكم الجنسية. فما هي هذه العلاقة بين شكل الوجه والسلوك الجنسي لدى المرء؟ وما دور العدوانية والخيانة في هذا الموضوع؟

هل يمكن للوجه فعلاً أن "يفضح" الرغبة الجنسية؟

يبدو أن شكل الوجه يقول الكثير من الأمور عنكم، وقد "يفضح" سلوككم الجنسي بحسب النتائج التي توصلت إليها دراسة كندية حديثة في مجلة "أرشيف السلوك الجنسي". فقد أجرى الباحثون من جامعة "نيبيسينغ" في كندا، مقابلة مع 459 شخصاً وطلبوا منهم تعبئة استمارة حول حياتهم الجنسية وسلوكهم العاطفي ( خيانة، معدل العلاقات الجنسية في الشهر، الملذات الفردية...) وبعدها طلب من المشتركين إرفاق صورهم الشخصية. وفي وقت لاحق، قام الباحثون بتحليل أشكال وجوه المشتركين في الدراسة من خلال تحديد معدل الطول والعرض لكل وجه، ومقارنة النتائج بإجابات الاستبيان بهدف توضيح العلاقة ما بين شكل الوجه والأداء الجنسي الخاص بكل مشترك. بناء على تحليل البيانات، توصل الباحثون إلى النتيجة التالية: كلما كان شكل الوجه عريض، كان النشاط الجنسي أكبر. إلى ذلك، خلص المؤلف الرئيسي للدراسة، "ستيفن أرنوكي" إلى أن "ملامح الوجه بإمكانها أن تنقل معلومات مهمة عن الدوافع الجنسية البشرية".

ولكن كيف يمكن شرح ذلك من الناحية الفيزيولوجية؟

أظهرت الدراسات المختلفة أن بعض خصائص الوجه يمكن أن ترتبط بسلوكيات بشرية متعلقة بهرمون "التستوستيرون" الذي يلعب دوراً كبيراً في تكوين بنية الوجه، بحسب ما يكشفه البروفيسور "أرنوكي"، وبالتالي يمكن القول إن صاحب الوجه العريض لديه معدل تستوستيرون أعلى من غيره، مما يعني أن رغبته الجنسية قد تفوق مثلاً رغبة الشخص الذي لديه وجه طويل. via GIPHY

والعلاقة ما بين شكل الوجه والرغبة الجنسية لا تنحصر فقط بجنس محدد، فالمرأة ذات الوجه المربع الواسع لديها نشاط جنسي أكثر من غيرها. وفي سياق تحليل شخصية الناس وميولهم الجنسية، بالاستناد إلى شكل وجوههم، كانت صحيفة الغارديان البريطانية قد أحدثت ضجة عندما تحدثت عن برنامج على الكمبيوتر طوره علماء من ستانفورد، قادر على تخمين ما إذا كان الشخص مثلياً، وذلك من خلال الاستناد إلى صوره الشخصية فقط، وهو أمر استنكرته بشدة الجمعيات الداعمة لحقوق الإنسان، وخاصة حقوق المثليين، على اعتبار أن الذكاء الاصطناعي ينتهك بذلك خصوصية الأفراد ويستهدف حرياتهم الشخصية.

قد يكون لديهم استعداد للخيانة...

لم تتوقف الدراسات عند الربط فقط ما بين شكل الوجه والرغبة الجنسية لدى المرء، إنما ذهبت أبعد من ذلك من خلال تبيان مدى العلاقة ما بين شكل الوجه واستعداد الشخص لخيانة الطرف الآخر في المستقبل. سأل باحثون 314 طالباً من مختلف الجامعات في كندا عن تجاربهم وخبراتهم الشخصية ومدى استعدادهم لخيانة الشريك في المستقبل، وتبيّن أن الرجل الذي يتمتع بوجه واسع وعريض هو أكثر ميلاً للخيانة والغش من غيره. via GIPHY

قد تبدو هذه النظرية منطقية للذين يستندون إلى تحليل العلماء واعتبارهم أن صاحب الوجه الواسع لديه معدل "تستوسترون" مرتفع مقارنة بغيره، وبالتالي فإن هذا الأمر يدفعه إلى الشعور بالملل من شريكه الحالي ومحاولة البحث دوماً تجارب جنسية أكثر تشويقاً وإثارة.

مؤشر للعدوانية وحب السلطة؟

تشير بعض الدراسات إلى أن الرجال الذين يتمتعون بوجه عريض هم أكثر عدوانية وهيمنة من أولئك الذين لديهم وجوه طويلة، والسبب يعود بشكل

رئيسي إلى الهرمون الذكوري. 

via GIPHY

فالأشخاص الذين يرتفع لديهم معدل "تستوستيرون" غالباً ما تكون وجوههم عريضة وعظامها أكبر حجماً من عظام وجوه غيرهم، إضافة الى شخصيتهم التي تكون "فذة" وعدوانية في الكثير من الأحيان، أو تحب السيادة وتطمح إلى فرض سيطرتها. في الختام، قد يكون هناك ارتباط فعلي ما بين شكل الوجه والسلوك البشري، ولكن بالتأكيد لا يمكن التعميم والقول إن الشخص الذي يتمتع بوجه عريض هو بالضرورة إنسان عنيف، خائن ومتعطش للجنس. من هنا ضرورة التنبه لمسألة التحيّز الإدراكي لكونها خطوة مهمة في تصحيح ميلنا التلقائي إلى إطلاق الأحكام المسبقة والنمطية استناداً إلى الشكل الخارجي للأفراد ووجوههم.