بيع الجنس من أقدم المهن في التاريخ. ظلت هذه المهنة مقتصرة على النساء، غير أنها تطورت مع نشوء الحضارات القديمة لتشمل الرجال أيضاً. يُطلق على الرجل الذي يقدم جسده للنساء "جيغولو"، وقد عرفت الحضارة المصرية تلك المهنة قديماً كما هو واضح في بردية تورين، التي تحتوي 12 منظراً لمشاهد جنسية مختلفة، وترجع إلى عصر الرعامسة 1292 – 1075 ق.م. ومن الملاحظ في هذه البردية أن الرجال متشابهون، فمعظمهم يتسم بالصلع وطول العضو الذكري، بينما النساء يلبسن الحلي، ما يعني أنهن من علية القوم، وأن الرجال من مراتب أقل. ورغم التفسيرات المتصلة بالوضعيات الجنسية في البردية، فإن إحداها تعتبر أن المصري القديم عرف مهنة بيع الجنس للرجال أو ظاهرة الجيغولو كما تسمى اليوم.
أما أوروبا فقد عرفت الحرية الجنسية في مجتمعات عدة، وبالأخص بعد مرور القرون الوسطى، فكان من المعتاد أن تكون الأرستقراطيات المتزوجات على علاقة سرية مع شاب من طبقة أدنى اجتماعياً، هو يستفيد من خدماتها الاجتماعية وهي من خدماته الجنسية.
وفي القرن الماضي توجّت صناعة البورنو التي أخذت تتطور وتنتشر شيئاً فشيئاً، إلى أن اجتازت حقبتها الذهبية في السبعينات، وجذبت عدداً كبيراً من الشباب الذين وجدوا أنفسهم في لعب ذلك النوع من الأدوار، يبيعون أجسادهم للنساء في الفيلم الإباحي وللمشاهدين، مقابل المال والشهرة.
ومن أبرز أفلام السبعينات، فيلم سيلفستر ستالون الأول Italian Stallion، الذي يؤدي فيه دور العشيق الذي يستمتع بحياة جنسية صاخبة مع حبيبته، يتخللها سادو مازوشية خفيفة، وعلاقات خارجية متعددة.
مع التقدم الصناعي، وصعود الرأسمالية التي اجتاحت العالم، أصبحت صناعة البورنو واحدة من أهم الصناعات الحديثة، فخصصت لها شبكات الانترنت مكاناً مهماً، وتم الاعتراف بها في العديد من دول أوروبا، بل اعتمدت عليها دول كمصدر للدخل القومي، وعرفنا ما يُطلق عليه اليوم بالسياحة الجنسية. وفي هذه الأثناء، ازدهرت مهنة الجيغولو في وسط الباحثات عن المتعة.
أما في العالم العربي فقد ظلت هذه المهنة تمارس في الخفاء الذي يتسم بالفردية والغموض.
فهل حان الوقت للكشف عن هذه المهنة في مصر والعالم العربي؟
التقينا بمحمد وأيمن وسط البلد، ليخبراننا أكثر عن دهاليز مهنتهما: الجيغولو، أو أن "تكون الوجبة المفضلة للنساء"، على حد تعبير أيمن.
كيف كانت البداية؟
أيمن خريج كلية الحقوق جامعة القاهرة، لم تمكنه الظروف لأن يحترف مهنة المحاماة رغم أنه تخرج بتقدير عام جيد جداً. يقول لرصيف22: "العمل بالمحاماة في مصر يتطلب التدريب ثلاث سنوات بمكتب معتمد، تلك المكاتب لا تقدم أموالاً مقابل التدريب، أي أنني مُطالب بأن أعمل بلا مقابل لعدة أعوام". بدلاً من ذلك، لجأ أيمن إلى الأعمال الحرة، فانتقل من مهنة إلى أخرى حتى استقر به الحال كبائع في أحد محال العطور بالغردقة. يقول: "حين التحقت بالعمل في الغردقة كانت السياحة لا تزال بخير، وهناك تعرفت على إيلين التي فتحت لي باب رزق لم أتخيله".إيلين، 23 عاماً، فتاة إيرلندية، تعرف أيمن إليها في صالة الديسكو الخاصة بالفندق. ويوضح: "كنتُ جديداً بالغردقة، ولم يكن لديّ أصدقاء بعد، لذا انزويت مع مشروبي وحيداً، أتابع ما يدور وأشارك بابتسامة وهزة رأس". جاءته إيلين وعرضت عليه الرقص، لم يكن يجيده غير أنها حاولت أن تساعده بقدر الإمكان. يقول: "كانت سكرانة. تلتصق بي وترتمي في حضني". في نهاية السهرة، وجد أيمن نفسه في غرفتها. يوضح: "كنت حائراً ولا أعرف ما عليّ فعله، كانت المرة الأولى لي". قضى معها ثلاثة أيام، وفي الليلة الأخيرة تركت له مظروفاً يحوي 300 دولار أمريكي، أي ما يعادل رواتب ثلاثة أشهر من العمل المتواصل.
يؤكد أيمن: "منذ تلك الليلة، عرفت مهنة جديدة، ممتعة ومربحة". أما محمد عارف، فكانت بدايته مختلفة. هو خريج تجارة جامعة عين شمس، وشاعر أيضاً، ولكن الظروف أجبرته على أن يتخلّى عن موهبته وشهادته للعمل في بازار بالغردقة. يقول: "القاعدة الأولى التي تعلمتها من الأجانب: لا شيء بلا مقابل. حتى الجنس". العمل في قطاع السياحة يعني أن تعمل كل شيء، وأن توفر سُبل المتعة لمَن تتعامل معهم، في النهاية، يأتي السائح من أجل قضاء إجازة ممتعة، تتخلها المغامرة واكتشاف المزيد. يعلق عارف: "والسائحة أيضاً تريد أن تعود بذكرى حلوة من رحلتها، وليس هناك أفضل من مغامرة جنسية عابرة".
مشتريات الجنس أنواع
من أين يحصل الجيجولو على الزبائن؟
يقول أيمن: "بالنسبة للأجنبيات فإن أماكنهن معروفة"، ويشير إلى أن كل ما عليه فعله هو إيجاد المرأة المناسبة، التي تكون بلا رجل أو صديق. في المقابل، فإن أفضل مكان لإيجاد امرأة عربية مهتمة بخدماته، مواقع التواصل الاجتماعي. يقول: "في هذا العالم الافتراضي يمكنك أن تكون ما تريد". يشير أيضاً إلى بعض المواقع الجديدة، مثل موقع "كوكو"، الذي من خلاله تعرف على 11 زبونة. لكن عارف يرى أن مهنة بيع الجنس أصعب على الرجال، فبائعة الجنس يمكنها إيجاد الزبائن على قارعة الطريق، أو أن تلتحق ببيت أو شبكة تدير الدعارة، وبالتالي يكون زبونها دائماً حاضر. ويعتبر محمد أن الجيغولو أمره مختلف، إذ أن إيجاد الزبونة في غاية الصعوبة، لذا عليه أن "يتعب من أجل الوصول إليها".يعتبر كل من تحدثنا إليهم أن المرأة تستطيع أن تحصل على ما تريده من الرجال بسهولة أكبر، على عكس الرجل. ولكن يهملون جانباً مهماً، وهو أن عالم تجارة الجنس الخاص بالنساء يتضمن الكثير من الاستغلال. يؤكد عارف أن مهنة الجيغولو في مصر والبلدان العربية فردية، تعتمد على رجل له مقومات جذب المرأة. لذلك فإن إيجاد العاملين فيها لا يتم سوى مصادفة. ويوضح: "لا يمكنني أن أقدم نفسي كجيغولو علناً على النت أو على رصيف أو في شبكة دعارة. الأمر كله يعتمد على المحيط، وتزكية من كانت لها تجارب مميزة معي".
عليك أن تتقبل كل شيء
يحكي أيمن عن أغرب ما تعرض له في مهنته: "مرة كنتُ هدية لفتاة في عيد ميلادها، وكان هناك فتيات من فرنسا جئن للاحتفال معها. كانت تدعى لوران على ما أذكر". كان عليه أن يلبس ثوب سوبر مان، وأن يداعبها وسط الجميع، فهل كان سعيداً بذلك؟ يجيب: "نحن لا نبحث عن السعادة، إنه عمل، كان عليّ أن أقدم فقرة، هن يسعين إلى اللهو ويدفعن في المقابل". ويحكي عارف قصة أخرى: "بعد فتور الحركة السياحة، كان عليّ تقبل أي زبونة، وكانت الزبونة هذه المرة من بريطانيا، امرأة تجاوزت الستين من العمر، شهوانية طلبت مني ممارسة الجنس بعنف".يأكل من عرق النساء
يعتبر أيمن أن المجتمعات العربية تعاني من ازدواجية في المعايير، فالرجل الذي يمارس الجنس مع النساء لا عيب عليه بل ما يقوم به هو فعل يدعو للفخر، بينما المرأة التي تفعل فعله ساقطة ومنحطة. يقول: "دعني أخبرك سراً، والدي شيخ زاوية - مسجد صغير - لا يعرف أنني أعمل جيغولو، كل ما يعرفه أنني أشتغل في مجال السياحة، ومع ذلك يرفض أي أموال أقدمها له، لأن العمل مع الكفرة حرام ولا يجوز شرعاً".أما نظرة المجتمع له فهي لا تعنيه كثيراً، لأنه يعتبر أنه مجتمع بائس لا يتوقف عن تقييم الناس رغم أنه لا يقدم لهم شيئاً. وينهي عارف حديثه: "درست التجارة وأحببت الشعر، ولم أجد غير هذه المهنة، فهل أنا مجبر عليها؟ والإجابة التي قد تدهشك: لا. أحببتها فعلاً، ربما بها بعض العيوب، ففي فترات تكون مزدهرة، وفي فترات يصيبها الركود، كأي مهنة أخرى. ولكن لا أعتقد أن هناك مهنة زاخرة بالإثارة والمتعة مثل مهنة الجيغولو".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع