بحسب دراسة حديثة قام بها معهد بيرتلسمان ستيفتانج الألماني، واطلع عليها رصيف22 فإن المسلمين في أوروبا يحاولون الاندماج وسط مجتمعات لا ترحب بهم.
الدراسة أظهرت وجود خوف من الإسلام والمسلمين في فرنسا لدرجة أن 14% ممن قابلهم الباحثون قالوا إنهم لا يرحبون بأن يكون لهم جار مسلم أو جارة مسلمة.
النتائج الصادمة التي أظهرتها هذه الدراسة إلى جانب دراسات أخرى حول الإسلام والمسلمين في الغرب، أدت لظهور العديد من مؤسسات المجتمع المدني التي تسعى لمحاربة ما يطلق عليه "الإسلاموفوبيا".
لكن قد يكون الجديد هو ظهور جمعية نسائية تعني فقط بتغيير الصورة النمطية عن المرأة المسلمة، وهي الجمعية التي ظهرت حديثاً في فرنسا على يد طالبتان فرنسيتان مسلمتان، تحت اسم جمعية "لالاب"، وبسرعة شديدة أصبحت الجمعية سبباً في جدل واضح بين مكونات المشهد السياسي في فرنسا. تعمل هذه الجمعية بشكل أساسي ضد ما تسميه الإسلاموفوبيا التي تواجه النساء المسلمات في الحياة اليومية في فرنسا، وتسعى لمحاربة ظواهر مثل العنصرية والتمييز على أساس الجنس.لكن بحسب تقرير نشر حديثاً على موقع The Atlantic وحاول تحليل لغة الخطاب التي تستخدمها هذه الجمعية، فإن أسلوب خطابها أقرب للأسلوب الأمريكي منه للأسلوب الفرنسي، وغالباً ما تستخدم الجمعية مصطلحات وتعبيرات قلما تستخدم في فرنسا حين يتم الحديث عن الإسلام والمسلمين، لكنها معروفة أكثر في المجتمع الأمريكي.
إذاً، فنحن هنا أمام أول اتهام يوجه للجمعية، وهو أن خطابها لا يعبّر عن المجتمع الفرنسي وكأنه خطاب مستورد من الخارج.
جمعية إخوانية؟
الجمعية باتت اليوم سبباً في انقسام سياسي فرنسي ما بين تيار اليسار من ناحية وتيار اليمين من ناحية أخرى، خصوصاً في مواضيع تتعلق بعلمانية الدولة ودرجة تأثير الدين فيها.
وأخيراً سعت الجمعية للتسجيل رسمياً كجمعية مجتمع مدني، بهدف الحصول على تمويل حكومي يتيح لها فتح باب التطوع والتوظيف بشكل قانوني في مجال الخدمة المدنية، لكن كثيراً ما تواجه لالاب هجوم تيارات سياسية ترى أنها أفكارها تتعارض وشرط التزام الجمعيات بالعلمانية، الذي هو ضروري للحصول على تمويل حكومي.
معارضو هذه الجمعية يرون أن أفكارها وأهدافها دينية، وبحسب تقرير موقع The Atlantic فإن هناك اتهامات للجمعية بأن لها علاقة بجماعة الإخوان المسلمين، وأن الجمعية قد تكون مجرد ستار لنشر أفكار الجماعة في المجتمع الفرنسي.
ورغم أن لالاب نفت هذه الاتهامات في بيان نشرته على موقعها، إلا أن المعارضة لها مستمرة في فرنسا. وحتى الآن لم تحصل الجمعية على التمويل الحكومي الذي سعت له.
الجدل الذي سببته هذه الجمعية وصل لدرجة تعرض موقعها لبعض محاولات القرصنة، وتقول المنتسبات إليها إنهن تلقين تهديدات جنسية من قبل أشخاص مجهولين، وتم نشر معلومات شخصية عن عضوات في الجمعية على الإنترنت في محاولة لإرهابهن.
مظاهر الجدل بدت أكثر وضوحاً حين قررت جمعية نسوية يسارية هي جمعية تحديد الأسرة في فرنسا، أن تعلن دعمها للالاب رغم أن الأخيرة معروفة بموقفها المعادي للزواج المثلي وللإجهاض لأسباب دينية.
وحين تعرضت الجمعية اليسارية لهجوم بسبب دعمها لجمعية يعتبرها البعض تتبنى أفكاراً دينية متطرفة، بررت الأمر بأن تضامنها في الأساس هو "مع جمعية نسوية بغض النظر عن الأفكار التي تروج لها".
وحتى تظهر لالاب بصورة الجمعية المنفتحة، أصدرت بياناً ترحب فيه بدعم الجمعية اليسارية لها وتقول إنها " تؤمن بحرية الاختيار رغم أن بعض العضوات المنضمات لها يعارضن الزواج المثلي والإجهاض".
الاندماج هو الحل
يرى بعض المراقبين أن انتشار الجمعيات الإسلامية في الغرب قد يكون نقطة سلبية لا تساهم في حل مشاكل المسلمين، بل قد تزيد من عزلتهم وتظهرهم وكأنهم مجموعة منفصلة عن باقي المجتمع الذي يعيشون فيه، وأن الحل في أن يندمج المسلمون أكثر فأكثر.
وبحسب مقال للباحث وائل السمري، فإن أبرز الأخطاء التي يقوم بها المسلمون في الغرب هي رفض الاندماج فى المجتمعات الغربية، وعدم احترام خصوصيات الآخرين، وتركيزهم على قضايا فرعية، ومعاداة بعضهم لفكرة الدولة العلمانية رغم أنها الضمانة الوحيدة لحصولهم على جميع حقوقهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...