بعد الثورات العربية، زاد حلم السفر والهجرة من الدول العربية إلى الغرب، بهدف الهروب من ظروف اقتصادية وسياسية صعبة. فهل الغرب فعلاً جنة للمهاجرين، خصوصاً لمن يعتنقون الديانة الإسلامية، وهم كثرٌ في العالم العربي؟ أحدث البحوث الحكومية البريطانية تحمل إجابة عن السؤال. بحسب بحث بريطاني صادر عن لجنة الحراك الاجتماعي الحكومية، فإن الخوف من الإسلام ومعتنقيه يجعل مئات الشركات في بريطانيا لا ترحب بتوظيف مسلمين ضمن كوادرها. البحث الحكومي الذي نشرت نتائجه صحيفة الغارديان البريطانية، وجد أن العنصرية والتمييز يعدان سببين رئيسيين لعدم قدرة كثرٍمن المسلمين على إيجاد فرصة عمل، على رغم أن كثراً منهم مؤهلون ولديهم مرونة وقدرة على إثبات الذات. البحث توصل إلى أن فرص توظيف مسلمين في وظائف بدوام كامل أقل بكثير من فرص توظيف البريطانيين البيض، لدرجة أن إحدى العائلات اقترحت على ابنتها أن تغير اسمها الذي يدل على أنها مسلمة بهدف إيجاد فرصة عمل. أرقام عدة حملها البحث الحكومي، منها أن هناك 19.8%فقط من المسلمين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و74 عاماً يعملون بدوام كامل، في مقابل 34.9% من مجموع السكان في بريطانيا. هل التمييز والعنصرية هما كل ما يواجه المسلمين في بريطانيا؟ للأسف الأمر أكبر من ذلك، فالبحث الحكومي وجد أن الفتيات المسلمات بشكل خاص يواجهن صعوبة إضافية وهي اقتناع بعض الأسر المسلمة بأن الفتاة خلقت للزواج لا للعمل، وهو ما يجعل أسراً في بريطانيا ترفض أن تعمل بناتها من الأساس، وتشجعهن على الزواج والأمومة لا على العمل والنجاح. وجد البحث الحكومي أن 18%من المسلمات في الفئة العمرية من 16 إلى 74 سنة يقمن فقط بالأعمال المنزلية والاهتمام بحاجات أسرهن، مقارنة بـ6% من إجمالي النساء في بريطانيا. من النتائج المهمة التي توصل إليها هذا البحث هو أن عدم إعطاء المسلمين فرصاً للترقي، على رغم تحصيلهم العلمي المميز، جعل جيلاً جديداً من الشباب المسلم لا يجد قدوة مسلمة ناجحة أمامه يسعى إلى اعتبارها مثلاً أعلى له. كما أن الأسماء التي تدل على أن أصحابها مسلمون مثل محمد، أحمد، إسلام، جهاد وغيرها تقلل من فرصة أن يجد أصحاب هذه الأسماء وظائف بدوام كامل.
الأسماء التي تدل على أن أصحابها مسلمون مثل محمد أو أحمد تقلل من فرصة أن يجد أصحابها وظائف بدوام كامل
العنصرية والتمييز يعدان سببين رئيسيين لعدم قدرة كثرٍمن المسلمين على إيجاد فرصة عمل في بريطانيا...كان تحقيق لرصيف22 توصل إلى أن الأسماء التي تدل على أن أصحابها من المسلمين تعرضهم لصعوبات عدة في الغرب بشكل عام من ضمنها التمييز وعدم وجود فرص عمل. وأظهر البحث البريطاني الذي نشرته الغارديان أن خوف المسلمين من أن يتعرضوا لمضايقات أو فصل من وظائفهم جعلهم يشعرون بأنه يجب عليهم بذل جهد مضاعف أكثر مما يقوم به زملاؤهم البريطانيون البيض. كما أن الفتيات المسلمات المحجبات يواجهن تمييزاً عنصرياً إضافياً بسبب زيهن الذي يدل على هويتهن حين يقررن دخول مجالات العمل المختلفة. وصف الوزير البريطاني السابق آلان ميلبرن نتائج هذا البحث بالمقلقة، داعياً الحكومة والمجتمع البريطاني وأصحاب الشركات والمؤسسات المختلفة إلى التحرك لمعالجة هذا الوضع.
نتائج طبيعية السبب فيها تصرفات بعض المسلمين
يرى الباحث الإسلامي محمد الأباصيري أن الخوف الغربي من المسلمين أمر قد يكون مبرراً، على رغم أنه يحتوي أحياناً على مبالغات غير مقبولة. "سبب ذلك في الحقيقة هو أفعال بعض المسلمين أنفسهم وإساءاتهم إلى دينهم وإلى أنفسهم وإلى غيرهم من البشر، خصوصاً الجماعات والتيارات الدينية التي تجعل من نفسها ناطقاً رسمياً باسم الله"، يقول الأباصيري لرصيف22. يضيف الباحث الإسلامي أن بعض المسلمين اعتبروا أنفسهم ناطقاً حصرياً بلسان الإسلام، معتبرين أنهم ولا أحد غيرهم يمثلون الدين وهم واجهته، وبعد ذلك يمارسون الإرهاب والدموية والعنصرية وهي تصرفات أدت بالفعل إلى نفور أعداد كبيرة من المسلمين أنفسهم من الإسلام ذاته وتحول عدد كبير، غالبيتهم من الشباب إلى الإلحاد وترك الدين. "فإذا كان هؤلاء الإرهابيون من الجماعات الدينية المختلفة نفّروا بعض المسلمين أنفسهم من دينهم وشكّكوهم في إسلامهم وجعلوه في أنفسهم وعقولهم وقلوبهم مرادفاً للإرهاب والعنف والدم، فكيف بغير المسلمين بالأساس؟"، يسأل الأباصيري.هل تقبل أن يكون جارك مسلماً؟
في شهر أغسطس الماضي، خلصت دراسة لمعهد بيرتلسمان ستيفتانج الألماني أن كثراً من المسلمين، خصوصاً في فرنسا يواجهون تمييزاً في سوق العمل. وأظهرت الدراسة ارتفاع نسبة البطالة بين المسلمين في فرنسا مقارنة بغيرهم لتصل إلى 14%. وحين طرحت الدراسة على مواطنين أوروبيين سؤالاً هو هل تقبل بأن يكون جارك مسلماً؟ رفض 25% في النمسا أن يكون عندهم جار مسلم، وكانت نسبة الرفض 21% في بريطانيا، ثم ألمانيا 19% وسويسرا 17% وأخيراً فرنسا 14%.لكن ما زال هناك بعض الأمل
أظهرت هذه الدراسة المهمة أنه على رغم كل الصعوبات التي تواجه المسلمين في أوروبا، إلا أنهم قادرون على مواجهتها بنجاح وأن هناك تقدماً حقيقياً في ما يتعلق باندماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين