هنا حلايب والشلاتين
الخدمات شبه معدومة والمرافق أيضاً غائبة ووسيلة النقل الداخلية الوحيدة المتوفرة هي عربات ربع نقل بالية أكلها الصدأ وأشبه ما تكون بالنعوش المتحركة التي تحمل الأحياء وأتوبيس سياحي يقلهم إلى المحافظات القريبة بمواعيد غير منتظمة. مياه الشرب يبتاعها السكان من مسافات طويلة عبر عربات نصف نقل قادمة من محافظتي أسوان وقنا وعربات أخرى محملة بمياة من محطة التحلية القريبة تمرّ عليهم كل ثلاثة أيام، ولكنها تأخرت هذه المرة لأكثر من أسبوعين لتملأ خزاناتهم بالمياه التي يستخدمونها في الغسيل والاستحمام وإعداد الطعام والأغراض الأخرى. بنايات سكنية معدودة على أصابع اليد وغالبية السكان يقيمون في عشش خشبية وخيام مكونة من بقايا القماش التي يتم تثبيتها بمسامير وعشش أخرى من الصفيح الذي يتحول إلى جحيم لا يطاق في شهر أغسطس مع ارتفاع حرارة الصيف. باختصار، هي حياة مليئة بالأوجاع والهموم والمعاناة اليومية يعجز أي إنسان سوي عن تحملها، رغم أنهم يعيشون فوق جبال من الذهب.حياة الكفاف
لا تزال العادات والتقاليد القبلية البدوية، وكلمة شيخ القبيلة تحكم الجميع في الشلاتين وسط حالة عامة من العزلة والمعيشة في بطن الجبل، وهي ما يجعل حياتهم أشبه بالمنفى. "إحنا عايشين هنا في إهانة وذل وبقالنا أكتر من 20 يوم ما شوفناش مية الكنداسة وبقينا نستحمى ونغسل هدومنا وأطباقنا بمياه الشرب اللي بنشتريها من آخر الدنيا". بعبارات يملؤها الأسى وقلة الحيلة نقلت أم عمارة، السيدة الخمسينية الكفيفة، فصلاً من المعاناة اليومية التي يعيشها أهل المدينة وهي جالسة على خزان المياة المتهالك والفارغ والملقى في الخارج بانتظار سيارات النقل التي تنقل إليها وإلى 70 عشة خشبية في الجوار مياة البحر (الكنداسة) التي تتم تحليتها داخل محطة مياه عند منطقة حجر الأساس. هذه المرة، طال وصولها عليهم لأكثر من 15 يوماً، بينما لا تجد غالبيتهم ثمن برميل المياة القادم من محافظتي أسوان وقنا الذي ارتفع إلى 60 و70 جنيهاً. وحين اشتكوا إلى مجلس المدينة، قالوا لهم: "يومين بالضبط ونوصل لكم مواسير وحنفيات في البيوت تشربوا منها". ولكن الكهرباء وصلت إليهم بصعوبة، كما فوجئوا بحملات إزالة للأماكن التي يعيشون فيها منذ أكثر من 20 عاماً. قبل أيام، عرض مجلس المدينة على سكان العشش الانتقال إلى المساكن الجديدة التي تم بناء نحو 300 وحدة سكنية فيها، أمام قصر ثقافة الشلاتين الجديد، وهي عبارة عن غرفتين وصالة مبنية على هيئة قباب. ولكن عدداً كبيراً منهم رفضوا ذلك بدعوى أنها مساكن ضيقة "كالقبر" ولا تصلح للبناء فوقها لذويهم لاحقاً، ومن ثم رفضوا التفريط في الأرض المقيمين عليها، والانتقال إلى البنايات الجديدة، خاصة أنهم لا يعملون في وظائف حكومية ثابتة، فغالبيتهم يعملون بالعتالة والرعي ولا يزيد دخل أحدهم عن 70 جنيهاً في أضيق الأحوال. أزمة أخرى يرويها شاب عشريني من قبيلة البشارية يُدعى حسن أوشيك والذي ذكر أن أكثر ما يعانون منه هناك يكمن في قطاعي الصحة والتعليم، إذ إن أقرب مدرسة للتعليم الابتدائي هنا تقع على بعد خمسة كيلومترات من المناطق السكنية، ما يمثل صعوبة بالغة على الطلبة وعلى أولياء الأمور الذين يضطرون إلى توصيل أبنائهم إلى مدارسهم أو استئجار سيارات تقلهم إليها يومياً في ظل عدم وجود مدرسين أكفاء. هذا بالإضافة إلى المستشفى المركزي الجديد الذي تم بناؤه في المدينة، ولكن ينقصه تواجد الأطباء والاستشاريين عوضاً عن ضرورة قطع أكثر من 500 كيلومتر في حالات، منها الإصابة في حادث سير، للوصول إلى مستشفى القصير لإجراء عملية جراحية هناك. وربما يفقدون حياتهم في الطريق. ثلاثة أطباء فقط يقيمون في المستشفى الجديد أحدهم للأمراض الداخلية وآخر للأسنان وثالث للنساء والتوليد، ولكن جميع حالات الولادة تجري خارجه على مسافة 400 كيلومتر من المدينة لعدم وجود طبيب تخدير، وأطفال كثر فقدوا حياتهم قبل الوصول إلى مستشفى أسوان.يبتاعون من 15 إلى 20 ألف جمل أسبوعياً، تدر على مؤسسات الدولة حوالي 3 ملايين جنيه أسبوعياً. هنا مثلث حلايب والشلاتينمع مطلع فجر كل يوم جديد يبدأ عم محمد العبادي، 50 عاماً، عمله اليومي داخل سوق الجمال التي يتم شحنها إلى هناك يومي الأحد والأربعاء قادمة من السودان. معظم السكان لم يعد لهم عمل سوى "العتالة" بعد أن تراجعت أعمال الرعي وصيد الأسماك والعطارة. "العيشة ضاقت علينا خالص وتعبنا من شغل العتالة ومش عارفين نعيش في الغلاء ده وبنشتغل يوم وأسبوع لأ وباقي الأيام بنهرب في الجبل بحثاً عن الذهب". هكذا يروي عم محمد معاناته وأكثر من مئتي عامل بالسوق في الوقت الذي يتحملون فيه حرارة الشمس العالية مقابل 100 جنيه يتم إنفاقها في طريق العودة ولا تكفيهم لشراء كيلو لحم بحسب قوله. عم محمد يتمنى ألا يلقى نجله عبد الله وإخوته الخمسة نفس مصيره، مختتماً حديثه لرصيف22 بقوله: "نتمنى حُسن الختام... خلاص عجزت وباشتغلها غصباً عني عشان أعلم ولادي كويس وأكلهم بالحلال وعمري ما أحب إنهم يشتغلوا في العتالة ويشوفوا اللي أنا شفته في حياتي".
1000 رشيدي "بدون"
مآساة إنسانية أخرى تبعد 10 كيلومترات فقط عن سوق الجمال في منطقة نائية لا زرع فيها ولا ماء، وتحديداً داخل عزبة الرشايدة التي يسكنها ما يقرب من 1000 شخص من أبناء قبيلة الرشايدة المحرومين حتى الآن من الأوراق الثبوتية، رغم أنهم يعيشون بالمدينة منذ أكثر من أربعة عقود بحسب سليمان سليم سويلم، 33 عاماً. أبناء الرشايدة محرومون أيضاً من استخراج شهادات الميلاد ودخول المدارس والجامعات الحكومية ويكتفي الآباء بتحفيظهم القرآن عبر شيخ من الأشراف يستأجرونه بثلاثة آلاف جنيه شهرياً. ترجع أصول الرشايدة إلى منطقة شرق السودان قبل أن ينزحوا منها إلى منطقة وادي جرفان جنوب الشلاتين ويحملون بطاقات مؤقتة، وغالبية أعمالهم في العتالة وشحن وتفريغ الجمال. يروي الشاب الثلاثيني سليمان سويلم لرصيف22 سطوراً من دفتر حياتهم اليومية. يحملون بطاقات هوية مدونة عليها عبارة أبناء "شمال الشلاتين" ويتنقلون بها فقط داخل مثلث "حلايب-أبو رماد-الشلاتين"، وبالتالي فليس من حقهم الذهاب خارج المثلث إلا في حالتي "الولادة والمرض" والتي يستخرجون لها تصاريح سفر لمدة أسبوعين إلى مناطق الغردقة أو القصير أو قنا وأسوان، ويستغرق ذلك وقتاً طويلاً يتراوح من ثلاث إلى أربع ساعات، فضلاً عن اختيار مرافق أو اثنين للحالة على الأكثر. ويضيف سويلم: "في حالات كتير ماتت بسبب تأخر صدور التصريح". قبل عام 1995، كانت السلطات المصرية تصدر لأبناء الرشايدة تصاريح للسفر إلى السودان لشراء الجمال وبيعها داخل مصر دون قيود أو شروط، ولكن ذلك توقف فجأة لدواع أمنية منذ أكثر من 13 عاماً. شاب آخر يُلقّب بالخرفوشي كان يجلس في الجوار والتقط أطراف الحديث من سويلم وأثارت كلماته فضوله ليحكي: "إحنا يا زول ناس مش بتوع مشاكل أو تهريب أو خلافات مع الحكومة وعايشين كل عُمرنا هنا على الأرض دي ومن 40 سنة مافيش رشيدي اتمسك على حاجة غلط وعارفين ديننا كويس وصلواتنا. فهل يكون جزاؤنا أن نُحرم من الجنسية المصرية ويُحرم أبناؤنا من التعليم ودخول المدارس هنا ويقضون باقي حياتهم أُميين؟". وعن عمل النساء هناك يضيف الخرفوشي: "ماعندناش حريم تشتغل هنا"، فالسيدات يقمن في بيوتهن لتربية الأبناء وخدمة الأزواج الذين يتزوجون بهن دون عقود أو أوراق رسمية ويكتفون فقط بعقد الزواج شفهياً بواسطة شيخ داخل مسجد وحيد تم بناؤه بالجهود الذاتية لأبناء القبيلة. "الحكومة مقصرة في حقنا كتير، رغم إن إحنا اللي مشغلين البلد وإحنا مصريين أباً عن جد"، عبارة أطلقها الخرفوشي بعد أن فاض به الكيل وأوضح أنهم يبتاعون من 15 إلى 20 ألف جمل أسبوعياً، كل جمل يتم شحنه من السودان إلى القاهرة يأخذ عليه مجلس المدينة 87 جنيهاً والحجر البيطري 70 جنيهاً وشؤون القبائل 10 جنيهات)، أي المتوسط 160 جنيهاً والإجمالي ثلاثة ملايين و200 ألف جنيه أسبوعياً من أجل استخراج التصاريح اللازمة. على رائحة مشروب القهوة الخام المعروف بـ"الجبنة" المخلوطة بأعشاب برية التقينا الشيخ محمد زين، شيخ قبيلة العبابدة داخل استراحته على أطراف المدينة ليكشف أن مسألة الجنسية لا بد من التدقيق فيها والتحري وراءها. تساهم القوات المسلحة في حل أزمة الأوراق الثبوتية لأبناء حلايب والشلاتين عبر تقديمهم إقراراً رسمياً ممهوراً بتوقيع 10 من شيوخ القبائل المعتمدين في مكتب رعاية شؤون القبائل من أجل التأكد من وجودهم في المنطقة وسقوطهم سهواً من القيد الحكومي. والأوراق الثبوتية هي ما يترتب عليها منح الجنسية من عدمه. وبدأت الأزمة داخل حلايب والالشلاتين أثناء عملية الحصر التي تمت في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، حين سقط عدد كبير من أبناء القبائل سهواً وكان من بينهم بعض بطون قبيلتي العبابدة والبشارية. وغير هؤلاء، توجد قبائل أخرى مشكلتها أعقد، فهي تعيش في الجبال بدون إثبات هوية وأوراق ثبوتية وبطاقة رقم قومي أو حتى شهادات ميلاد وليس لها أية حقوق ولا يدخل أبناؤها مدارس ولا يؤدون الخدمة العسكرية ويتزوجون زواجاً قبلياً دون عقود زواج رسمية، أبرزها قبائل الرشايدة والهدنداوة والأتمن ويزيد عدد أبنائها عن 10 آلاف مواطن في حلايب والشلاتين وأبو رماد. ورسمياً، يتبع مكتب رعاية شؤون القبائل لوزارة التضامن الاجتماعي، ولكن المخابرات العامة هي التي تديره وتعيّن القائمين عليه، ويخضع قبول الأوراق الثبوتية لتقديراتها. ومن الضروري لقبولها وجود أحد أفراد أقارب العصب (الأب أو الأخ أو العم أو الجد) كضامن يمتلك بطاقة رقم قومي وأوراقاً رسمية على أن يوافق على ذلك 10 من مشايخ القبائل يوقعون على إقرار نسيان لتوثيق الحالات خلال عملية الحصر.رحلة عمل "الدهابة" في الجبل
يقول تاج م. أحد الدهابة إن العمل في الذهب قد يحقق لصاحبه ثراءاً سريعاً أو ديوناً أكبر وهذا يرجع إلى طبيعة المكان الذي تبحث فيه عن عروق الذهب ذات اللون الأصفر الداكن الموجودة في أحجار الكوارتز والذي تفرضه عليهم شركة الشلاتين للثروة المعدنية وتحدده لهم، وتحصل على نسبة كبيرة من الذهب المستخرج. وهذا ما يدفع عدد كبير من "الدهابة" للهروب من الشركة فيعملون بشكل غير شرعي داخل الجبل ويعتمدون على أدوات بدائية ومولدات كهربائية بقدرة خمسة كيلووات وكسارات يدوية محظورة. والشركة المذكورة هي شركة مساهمة مصرية أسست عام 2012 برأسمال محدود بلغ 10 ملايين جنيه لتقنين أوضاع البحث العشوائي عن الذهب والمعادن في مساحة 13.67 ألف كيلومتر مربع داخل حلايب والشلاتين وأسوان، وهي مملوكة لهيئة الثروة المعدنية بنسبة 75%، و24% لبنك الاستثمار القومي، و1% للشركة المصرية للثروات التعدينية. وتتمتع الشركة بحق الامتياز في الاستكشاف عبر الباحثين وتحديد المواقع التي تتواجد فيها أحجار الكوارتز التي تحتوي على عروق الذهب ومنح التصاريح اللازمة للتنقيب بالتنسيق مع جهاز المخابرات العامة وقوات حرس الحدود. وبعد ذلك تطرح الشركة مناقصة علنية أمام الشركات والمسثمرين للتنقيب في تلك المناطق التي تحددها، بمعداتهم وحفاراتهم ولوادرهم، بعيداً عن المواقع التابعة لوزارة البيئة والمحميات وقوات حرس الحدود مقابل تخصيص 20% من الإنتاج لها، وتشترى الشركة 80% من الإنتاج من "الدهابة" والشركات في النهاية. التقينا أحد هؤلاء الدهابة العشوائيين، حسون س.، ليكشف لنا عن الأسباب التي تدفعهم للهروب من التقنين، حيث أن تكلفة استئجار اللوادر التي تقل الكسارات لا تقل عن 30 ألف جنيه شهرياً بمقدم 15 ألف جنيه، فضلاً عن تكلفة استخراج تصاريح لإنشاء شركة برأسمال وتأمين كبير لا يقل عن 100 ألف جنيه في حين أن إجمالي تكلفة تلك الأدوات البدائية التي يستعملونها في التنقيب العشوائي لا تزيد على سبعة آلاف جنيه وهذا ما يدفع غالبيتهم للهروب من التقنين.الأرباح
أما عن مكسبهم من عملية التنقيب، فيروي ف. س. أنهم خلال مدة تتراوح من 10 إلى 20 يوماً من العمل الشاق في الجبل بعيداً عن ذويهم، قد ينجحون في استخراج 100 غرام من الذهب الخالص تعود عليهم بنحو 30 ألف جنيه، بعد خصم مصاريف وقود السيارة والانتقالات وأجرة كسارة الذهب التي تقوم باستخلاصه من الحجارة التي يتم جمعها من الجبال والتي تحصل على 150 جنيهاً عن "الشيكارة" الواحدة لتكسيرها واستخراج خام الذهب من هذه الأحجار. ويتم توزيع المكسب على فئتين، "السائق"، وتصل نسبته إلى 10 آلاف جنيه ومَن ينقبون عن الذهب يحصلون على 20 ألفاً. "ممكن نشتغل شهر كامل في الجبل، وما نلاقيش أي حاجة لدرجة إن ديوني وصلت إلى 50 ألف جنيه في أقل من شهرين وعربيتي اتاخدت من حرس الحدود مع 150 سيارة أخرى". هذا ما قاله فضل أ. ناقلاً جزءاً من الصعوبات التي تواجههم أثناء الحفر في ظل ظروف بالغة الصعوبة وإمكانات محدودة ومطاردات أمنية مستمرة، خاصة بعد تزايد أعداد السودانيين المتسللين إلى الجبل للتنقيب عن الذهب. وبتنهيدة طويلة اختتم فضل حديثه لرصيف22 بقوله:"إحنا عاوزين نمشي قانوني بس كتير منّا ظروفهم ما تسمحش واللي جاي على قد اللي رايح ويا ريت الورق اللي عند المسؤولين بالشركة يخلص ويدونا التصاريح عشان نشتغل بحرية دون خوف من المطاردات والسجن والموت في أي لحظة. خلاص تعبنا بما فيه الكفاية".العشوائية تحكم
يقول العميد محمد محسن، رئيس مدينة الشلاتين إن العشوائية في أي شيء لا توصل إلى النجاح ولها تأثيراتها السلبية وقبل ثورة 25 يناير 2011 كان الأهالي ينقبون عن الذهب بأساليب تقليدية في أماكن محظورة رغم أن التنقيب له أسس وأماكن محددة وتضره تلك المحاولات البدائية وهذا ما وفرته شركة الشلاتين للتعدين لتنظيم عمليات البحث والتنقيب من تخصيص للأماكن التي يظهر فيها المعدن ويتركز فيها حتى لا يتم الإضرار بالتكوين المعدني للجبال. وأكد محسن لرصيف22 أنه في غضون ستة أشهر سوف يتم الانتهاء من إنشاء أكبر مجمع صناعي خاص بالمعدات اللازمة للشركات والدهابة، لاستخلاص الذهب من الحجارة والطواحين "الحفارات"، ويبعد خمسة كيلومترات عن المدينة على طريق سُهيل، وتُنتظر فقط موافقات الجهات المعنية.قصة مثلث حلايب
مثلث حلايب هو كلمة سودانية كانت تطلق قديماً على المنطقة التي تضم حلايب، أبو رماد، والشلاتين، قبل أن تبسط مصر نفوذها عليه. ويصل عدد سكانه إلى ما يقرب من 30 ألف نسمة يتوزعون على مساحة 20 ألف كيلومتر مربع. وتقع حدود المنطقة الإدارية على ساحل البحر الأحمر ولها حدود إدارية مع محافظة أسوان، ومع الحدود السودانية.يرجع الخلاف الحدودي بين مصر والسودان على مثلث حلايب الحدودي إلى مرحة قديمة. فقد استغلت بريطانيا التي احتلت مصر عام 1882، أحداث الثورة المهدية في السودان لإجبار مصر على الانسحاب منها بعد كانت خاضعة للسلطة المصرية منذ عام 1820. ثم عام 1899، فُصل جنوب وادي النيل عن شماله عبر نظام حكم جديد عُرف باسم "اتفاقية الحكم الثنائي" ووضع أساسه المندوب السامي البريطاني في مصر اللورد كرومر.
وطالب وزير الداخلية المصري مصطفى باشا فهمي بإلحاق أراضى قبيلة البشاريين في منطقة حلايب والشلاتين الخاضعة لمصر للإدارة السودانية المدنية، حفاظاً على وحدة القبيلة، واستمر ذلك الوضع حتى عام 1956، حين حصلت السودان على حق تقرير المصير واستقلت عن دولتي الحكم الثنائي، وقد قامت بإدخال منطقة حلايب ضمن الدوائر الانتخابية للسودان، وهو ما اعترضت عليه مصر واعتبرته خرقاً للسيادة المصرية على المكان.
في ذلك التوقيت قام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، بإرسال قوات عسكرية إلى المنطقة وسحب مثلث حلايب من الإدارة السودانية المدنية وسط اعتراضات شعبية واسعة من الخرطوم.
وكانت نقطة التحول في النزاع عقب محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، عام 1995. اتهمت السلطات المصرية السودان بالتدبير لاغتياله، وأعلنت مصر سيادتها الكاملة على المثلث. وشارك أبناء المنطقة في أول انتخابات نيابية عقب ثورة 25 يناير 2011 وتم اختيار ممدوح عمارة، أول نائب ممثل لحلايب والشلاتين داخل مجلس النواب عام 2015.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...