شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
تعرّفوا على الفوائد المدهشة لبعض حالات الحزن والمزاج السيء..

تعرّفوا على الفوائد المدهشة لبعض حالات الحزن والمزاج السيء..

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 25 أغسطس 201705:09 ص
تقول دراسة أجراها باحثون في جامعة كوينزلاند الأسترالية إن الدول العربية تتصدر العالم في نسبة الاكتئاب، بسبب انتشار العنف وغياب الاستقرار. ولكن هل هذا أمر سيىء في كل الحالات؟ وهل يمكن أن تكون هناك ميزات لبعض حالات الحزن والضيق والمزاج السيىء المنتشر في عالمنا العربي؟ الإجابة قد تكون نعم. فبحسب بحث قام به جوزيف بول فورجاس، أستاذ علم النفس بجامعة نيو ساوث ويلز (واحدة من الجامعات الرائدة في أستراليا في مجال البحث العلمي) فإن هناك بعض الفوائد لمرور الإنسان بحالات ضيق وحزن. البحث الصادم الذي حاول فورجاس تبسيطه في مقال نشره أخيراً على موقع The Conversation يرى أن الوقت قد حان لأن نغيّر نظرتنا لبعض المشاكل النفسية مثل المزاج السيئ في حياتنا. كذلك ينبغي إدراك أن حالات مثل الحزن والضيق قد تكون أمراً طبيعياً بل يمكن أن يصل لحد أن نصفه بالأمر المفيد للإنسان، لأنه يساعدنا على التعامل بنضج مع العديد من المواقف والتحديات اليومية.

علمياً: الحزن المعتدل أفضل من السعادة؟

يشير الباحث إلى أن أغلب علماء النفس الذين اهتموا بدراسة كيفية تطور مشاعر وسلوكيات البشر على مر الزمن، اتفقوا على أن الحالات العاطفية المختلفة، مثل المزاج والمشاعر، لها دور مفيد في حياتنا، إذ تنبهنا إلى المواقف التي يجب أن نقوم برد فعل تجاهها. وبحسب فورجاس، فإن المشاعر السلبية التي قد نعانيها من الممكن أن تكون مفيدة أكثر من المشاعر الإيجابية. فمشاعر نفسية سلبية مثل الخوف والغضب والعار وحتى الاشمئزاز ستكون مفيدة لأنها ستجعلنا ندرك الحياة بشكلها الحقيقي وتمكننا من التغلب على أي مواقف خطرة أو تهدد حياتنا.

هل هناك أمر إيجابي لبعض حالات الحزن؟

قبل أن نجيب دعونا نفرق بين الحزن الشديد والحزن الدائم الذي يؤدي لمرض الاكتئاب، وقد يجعل صاحبه يفكر في الانتحار، وفي هذه الحالة نحن نتحدث عن اضطراب خطير يحتاج لتدخل علاجي. أما إحساس الحزن المعتدل المؤقت فقد يفيد الإنسان بدرجة كبيرة ويساعده على مواجهة التحديات اليومية والمواقف الصعبة. فمثلاً لو مررنا بتجربة حزن بعد خيانة شخص معين نحبه، هل يفيدنا هذا الحزن؟ بالتاكيد نعم، فهو يجعلنا نتخذ موقفاً "إيجابياً" بالبعد عن هذا الشخص الخائن، والبحث عن شخص أفضل منه. أما السعادة فقد تجعلنا نتصرف بحماسة زائدة وقد لا نحسن التصرف.
متى يمكننا أن نقول إن ما نمر به مشاعر سلبية معتدلة وليست خطيرة؟
المزاج السيىء قد يقربنا أحياناً من الأشخاص الذين يحبوننا ويشعرون أننا بحاجة لهم...

الحزن سيقرب منكم أصدقاءكم

أحياناً، يتحول المزاج السيىء الذي نمر به إلى عامل جذب للمقربين منا، فحين يشعرون أننا نمر ببعض الضيق والمشاعر النفسية السلبية، فهذا رسالة لهم مفادها "نحن نحتاجكم بجانبنا". وبشكل تلقائي يهتمون بنا أكثر لأنهم يشعرون بالقلق علينا ويتحركون لمساعدتنا، وفي هذه الحالة يمكننا القول إن الأزمات النفسية أحياناً تعزز العلاقات الإنسانية. كما أن الحزن يمكن أن يعزز داخلنا قيماً ومشاعر مهمة مثل التعاطف والرحمة، ويحسّن أخلاقنا ويزيد من إحساسنا بالجمال. تخيلوا مثلاً أنكم فقدتم شخصاً عزيزاً عليكم، ومررتم بعد ذلك بمشاعر سلبية، منها الحزن، فسيجعلكم هذا تشعرون أكثر بالناس الذين يفقدون أحباءهم وتقررون دعمهم. هذا الأمر أشبه بتجربة الإدمان، إذ دائماً ما يكون من كانوا مدمنين سابقين هم أفضل من يستطيع دعم مدمن على العلاج. ولا تنسوا أن الحزن على مر التاريخ كان حافزاً حقيقياً للإبداع الفني. فكم من لوحة، ومقطوعة موسيقية، وقصيدة، ورواية، أحببناها ونحن نعلم جيداً أن مبتكرها أبدعها أثناء فترة نفسية صعبة مر بها. وتظهر أبحاث علمية عدة أن هناك فوائد للمزاج السيئ (المعتدل)، إذ يجعلنا هذا نفكر بطريقة أكثر نضجاً ونصبح أكثر انتباهاً وتركيزاً في المواقف الصعبة.

متى يمكننا أن نقول إن ما نمر به مشاعر سلبية معتدلة وليست خطيرة؟

يجيب هاني دسوقي أستاذ الطب النفسي أن أي مشاعر تجعلكم تفكرون في الانتحار أو إيذاء أنفسكم بدنياً هي إشارة إلى أن ما تمرون به أزمة تحتاج لدعم فعلب من طبيب أو معالج أو حتى من صديق تثقون به. "وحين تستمر الأزمة فترة طويلة، فهذه إشارة إلى أن الأمر يحتاج لتدخل علاجي" يضيف دسوقي لرصيف22. وأخيراً، تعلموا أن تنظروا لكل المشاعر التي تمرون بها بطريقة عميقة وإيجابية، فلا تخافوا من المزاج السيىء والضيق والحزن، فهي أمور طبيعية تعني أنكم بشر.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image