في دبي الفارهة، ذات الأبنية الشاهقة، صالات عرض سينما كبيرة وكثيرة. تمتلئ بها المراكز التجارية ويقصدها السائحون وسكان المدينة.
لكن هناك مكاناً آخر لعرض الأفلام فيها، وهو صغير ومختلف بتصميمه وأثاثه المنزلي المريح، يتسع للمهتمين بالسينما البديلة والمستقلة من حول العالم واسمه سينما عقيل. يقع في"السركال أفنيو"، وهو الشارع الذي يعتبر ملتقى الفنون في دبي.
تأسست سينما عقيل في عام 2014، على يد شابة إماراتية إسمها بثينة كاظم مع زوجها، لتوجد للمشاهدين في مدينتها تجربة درامية تسافر بوعيهم عبر الثقافات، بحسب قولها.
كان عرضها الأول في معرض ثيرد لاين، في منطقة القوز، صيف 2014، ثم بدأت بعرض أفلام في فعاليات أخرى كمعرض "ماركت أوت سايد ذا بوكس" في وسط دبي، وخلال مهرجان "اوت بوكس" الدولي للافلام القصيرة في منطقة "السركال أفنيو".
ومنذ ذلك الحين أقامت عروضاً كثيرة في دبي والإمارات.
تريد كاظم أن تعزز النقاش بين الجمهور، وأن تتيح منصة لعرض مختلف ألوان السينما بدءاً من الأفلام الكلاسيكية حتى الأفلام المعاصرة التي لا تصل لصالات العرض التجارية العملاقة.
"لا يمكنك تناسي ما تراه (بداخل السينما)، تشعر كأنك سافرت إلى مكان العرض، وتغيرت"، تقول كاظم لرصيف22. فقد تخرج من العرض باكياً، أو ضاحكاً مختبراً الكثير من العواطف، وهنا تكمن قوة الأفلام والسينما.
البداية
نشأت كاظم في حي السطوة في دبي، وبدأت المشروع مع زوجها. جمعهما الزواج وهذا المشروع، "عقيل"، وهي الكلمة التي تعني شخصاً حكيماً وذكياً. اعتمدا على التمويل من خلال رعاةٍ مهتمين بمشروعهما وبعقد شراكات مع مؤسسات أخرى. في البدء كان عرض الأفلام مجانياً. لكن مؤخراً أصبح الدخول ببطاقة ثمنها حوالي 8 دولارات. بدأت كاظم عملها في تصميم الجرافيك، وتقدمت في عام 2008 باقتراح مشروع للمجموعة الإعلامية العربية (AMG) لإنشاء ما سمته بـ"مزيج من (مهرجان الأفلام) صندانس وقناة الأفلام المستقلة (IFC)"، وكانت فكرة تقاطع الثقافة مع الإعلام تفتنها.في دبي مدينة "الأكبر"، مكان صغير يعرض ما لن تشاهدونه على الشاشات...
مكان صغير في دبي يتسع للمهتمين بالسينما البديلة والمستقلة من حول العالم، اسمه سينما عقيلولكن ألغي المشروع بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت السوق حينها، وتُركت هي وحدها مع كل هذه الأفلام، فاتجهت إلى العمل في التلفزيون، وفي نهاية المطاف، بدأت تنظم عروضاً لأفلام مستقلة دون أن تترك وظيفتها، ثم أسست سينما عقيل. &feature=youtu.be تقول كاظم: "أتذكر أن والدي كان يعود من سفره ومعه اسطوانات أفلام ضخمة، وأصبحت تدريجياً مهتمة بقدرة تلك الأفلام على قص الحكايات وبث الحياة في كل السيناريوهات الممكنة،" وتضيف "عند مشاهدة فيلم من إخراج صانعه الذي ينحدر من منطقة ويتكلم بلغة ربما لم تكن قد سمعت بها أو درستها من قبل، تخوض تجربة حميمة مع بيئة محلية ومشاعر إنسانية دون أن تكون ممثلة في معرض فني جاف".
الوصول للأفلام العربية…
مؤخراً، افتتحت كاظم مساحة جديدة للعرض، في منطقة السركال نفسها وبالشراكة مع السركال آفنيو، تتسع لعدد كبير من المشاهدين وبشاشة أكبر. في الشتاء، وعندما يكون الجو لطيفاً، يكون العرض في الهواء الطلق، وينتقل إلى الصالة المكيفة في الصيف. وقد شهد الشهر الماضي عرض الفيلم المصري "آخر أيام المدينة"، الذي حجبته الرقابة من العرض في مهرجان القاهرة السينمائي، كما عرضت الفيلم السعودي الحاصل على عدة جوائز، بركة يقابل بركة. امتلأت الصالة خلال العرض بجمهور من الأجانب والعرب، منهم سعوديون ومصريون، يشاهدون أفلاماً عن بلدهم ولكنها لا تُعرض فيها. وبذلك تشكل صالة العرض مساحة آمنة لتخطي بعض خطوط الرقابة في العالم العربي، وليس جميعها طبعاً. تقول كاظم: "هناك عالم من السينما الذي يحتاج فقط إلى مساحة. ومن الصعب استيعاب أننا لا نستطيع الوصول إلى الأفلام التي ينتجها عرب وإيرانيون وهنود، مع أنها في الأساس ترسم صورة لاحتمالات مستقبل المنطقة – تلك الأفلام لا يشاهدها الناس الذين يعيشون هنا ويتأثرون بالواقع الاجتماعي السياسي الممثل في هذه الأفلام والسرديات".السينما المستقلة
السينما المستقلة أو عرض الأفلام خارج إطار منظومات استديوهات الأفلام العملاقة ليس بمفهوم جديد، حتى في الإمارات. فقد كانت هناك دور سينما مثل النصر وغيرها التي قدمت مثل تلك التجارب السينمائية. تقول كاظم: "أردنا إحياء فكرة خلق المساحات وأن نجتمع معاً، ونتروى ونأخذ وقتاً لنتأمل الفكرة والفيلم". فكاظم مثلاً لا تتيح اتصالاً بالانترنت في قاعة العرض، ليجتمع الناس بإيقاع أكثر هدوءاً في المدينة السريعة التي تجمع نحو 200 جنسية. تحتل دور العرض الكبيرة في مراكز التسوق والأفلام التجارية الساحة السينمائية بشكل كبير، فيما يكون مكان السينما المستقلة صغيراً، وتعرض معظم الوقت الأفلام الهندية وأفلام هوليوود وبعض الأفلام التجارية المصرية. هناك عدد قليل جداً من المبادرات التي تعرض الأفلام المستقلة، إحداها عقيل. إلا أن كاظم تقول إن منصتها استُقبلت استقبالاً جيداً في الإمارات، وهي اليوم تستقبل عشاق السينما والطلاب والأسر ومتابعي الفنون والفنانين وغيرهم. تقول كاظم إنها ستواصل القيام بما تفعله، لكنها بحاجة إلى مزيد من القوى العاملة لخلق مساحة لمزيد من النقاشات حول الأفلام. وهي حالياً تبحث عن موقع دائم لسينما عقيل. "من المفترض أن يكون الفيلم هو الوسيلة الأكثر ديمقراطية، لذلك نحن نحاول أن نتحرر جسدياً ومفاهيمياً من الدوائر الفنية لنصل إلى دوائر مختلفة في المجتمع ومن الفئات العمرية أيضاً".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...