اجتمع في نوفمبر 2006 مجموعة من طلاب جامعة اليمامة، في العاصمة السعودية الرياض، لتأسيس أسبوع ثقافي. كانوا مبتهجين ببرنامجهم الفتي الذي ترعاه الجامعة، مشغولين بهموم مجتمعهم ومتطلّعين إلى طموحاتهم.
تبوأت البرنامج الثقافي الذي أعدوه، مسرحية "وَسطي بلا وسطية"، التي تعالج مفهوم التطرف وسلوكياته.
وقف الممثلون الشباب في يوم العرض على المسرح، خلف الستارة الحمراء، حابسين أنفاسهم: الأزياء جاهزة، والإضاءة مثبتة، والمخرج بخبرته المحدودة يبدو مسيطراً على كل الزوايا. يراجعون سيناريو المسرحية: ربما فكر ممثل بسطر مرتجل من هنا، أو سخرية من هناك تخفف وطأة الموقف.
يُفتتح الستار، وقبل أن ترفع الجماهير أكفها للتصفيق والتحية، قررت مجموعة من المتشددين الخروج من بين الجماهير، لارتجال مسرحية أخرى.
كان المشهد أكثر واقعية مما يحتمل أي سيناريو، وأشد اتقاناً مما فكر به المخرج نفسه، فقد هاجم المتشددون الطلاب والمسرحيّة والفكرة بالضرب والعصيّ والأحذية.
إنك لن تشاهد مسرحية عن "الوسطية" بكل هذا الاتقان.
&t=3s
مهرجان الأفلام السعودية: رمزيّة الافتتاح
قرر جيل آخر من الشباب، بعد ما يقارب الـ 11 عام، إعادة تمثيل مسرحية "وسطي بلا وسطية" التي لم تُعرض، وذلك بعد تضمين الحادثة في سيناريو الفيلم، لتكون جزءاً منه. قدمها المخرج علي الكلثمي في فيلم "وسطي"، الذي أخرجه بعد بحثٍ ونقاشٍ مع الطلاب القدامى، أبطال المسرحية أنفسهم، واختار الكلثمي صورة الحذاء، أو الشبشب، بتصمميه الشعبي ودلالته الثقافية، ساطعاً صريحاً ليكون أيقونة على غلاف الفيلم. وفي الدورة الرابعة لمهرجان الأفلام السعودية، والذي أُسدل ستاره في الدمام يوم أمس السبت، اختار منظّمو المهرجان أن يكون فيلم "وسطي" فيلم الافتتاح، تكريماً للوجوه التي تلقّت الصفعات.من وحي حادثة الضرب في جامعة اليمامة، وبعد 11 عام السعودية تفتتح مهرجان الأفلام السعودية "بالوسطية"
مسرحية "وسطي ووسطية" التي تلقاها المتشدودن بالضرب تحولت بعد 11 عام إلى فيلم عُرض في السعوديةوفي حين كان الموقف من الحدث المتشدد مُربكاً وضبابيا في عام 2006، كان أكثر وضوحاً عام 2017، وبدلاً من ضرب الطلاب خلف الستارة الحمراء، فُرشت السجادة الحمراء لاستقبال الزوار وصناع الأفلام. لذلك فإن العقد الأخير في المملكة يشير إلى السّرعة التي يتغيّر فيها المشهد العام فيها، من الضبابية إلى الرمزية.
مهرجان للصناعة الفنّية
تتولى الجمعية السعودية للثقافة والفنون في مقر مدينة الدمام مهمة إقامة المهرجان، وتحاول أن تجعله منصة لا لعرض الأفلام فحسب، بل لخلق حالة ثقافية، حيث تهتم الاحتفالية بالحراك الثقافي الداخلي، بصراعاته وموافقاته. وتضمّنت مسابقات أفلام وكتابة سيناريو غير منفذ، كما تضمنت ورش عمل متخصصة في التصوير والتمثيل وبناء القصة، وأتاحت الفرصة للشباب لنقاش ثقافي حول الصناعة الفنّية واحتضنت الاحتفالية على سبيل المثال، ندوة عن هُوية الفيلم السعودي، حضرها صناع الأفلام والجمهور، طُرحت خلالها أسئلة ذاتية رغم حداثة تجربة صناعة السينما في المملكة. عُرض أيضاً خلال المهرجان فيلم "واحد" للمخرج حيدر الناصر، والذي تناول مشكلة العنصرية المذهبية، تاركاً النهاية مفتوحة لأذهان للمشاهدين. وقد سبق وقام منظمو المهرجان بتنظيم مهرجان "أيام الفيلم السعودي" في نوفمبر الماضي، حيث عُرضت الأفلام في مدينة لوس أنجلوس، ودفعت صناع الفيلم إلى تعريض تجربتهم للنقد من زاوية مختلفة.ما الجديد هذه المرة؟
يدأب منظمو المهرجان على تنمية النشاط السينمائي في السعودية، محاولين تجاوز سؤال "أين دُور السينما؟" يبدو الموقف الأبرز في هذه الدورة الرابعة ما أعلنه سلطان البازعي، رئيس الجمعية، من أن الأفلام ستُعرض في باقي مدن المملكة، الأمر الذي لم يكن يحدث من قبل، حيث كان يُكتفى بعرضها في صالة المهرجان. بالإضافة إلى تحويل المهرجان إلى مؤسسة استثمارية للأفلام لصالح صندوق الاستثمار السعودي، الذي سيقوم بتمويل هذه الصناعة وتوفير فرص العمل، يؤهل صنّاع السينما الشباب عادة أنفسهم بأنفسهم بحضور دورات تدريبية عبر السفر أو عن طريق الانترنت، حيث فُتح المجال لمشاركة الطلاب مع تخصيص نصيب من الجوائز لهم.تقاطعات عربيّة
رغم الانطلاق الهادئ للصناعة السينمائية في السعودية والتي تم تبنيها مؤخراً، إلا أنها ومنذ بداياتها لم تستغنِ عن البحث في العواصم العربية عن ملاذات ُتثري تجربتها. ففي العام الماضي كانت السعودية "ضيف شرف" في مهرجان نواكشوط للفيلم القصير. وفي ذات العام فاز الفيلم السعودي "ماطور" للمخرج محمد الهليل بأفضل فيلم قصير في مهرجان بيروت الدولي السينمائي في دورته السادسة عشر. وقد أعلن مهرجان دبي السينمائي في دورته الأخيرة فوز فيلم "فضيلة أن تكون لا أحد" للمخرج بدر الحمود، حيث عُرضت هذه الأفلام مرة أخرى في مهرجان السعودية، وكان صنّاع الأفلام يتوقون إلى عرض أفلامهم في بلدهم. وتستدعي الذاكرة السينمائية كذلك تكريم مهرجان القاهرة السينمائي لفيلم (اغتيال مدينة) الذي سجّل فيه المخرج السعودي عبد الله المحيسن مواقفاً دراميةً للحرب الأهلية في بيروت، حيث نال جائزة نفرتيتي للفيلم القصير عام 1977.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين