هنا السعودية، حيث الفيديوات القصيرة من أهم الوسائل للتعبير عن التمرد.
تظهر فيها بين حين وآخر شخصيات تثير الجدال، فهذه تقود السيارة في مجتمع يمنع النساء من القيادة، وتلك ترتدي تنورة قصيرة وتسير بكل ثقة، وأخيراً يشعل الشاب السعودي يزيد الراجحي الإنترنت بفيديو قصير حين يهدي نفسَه سيارة بوغاتي فيرون.
بتلقائية لافتة، يتحدث الراجحي (مواليد 1981) في فيديو نشره أخيراً على حسابه على سناب شات (yazeedalrajhi) مستخدماً عصا السلفي في التصوير، قائلاً لجمهوره أنه لم يتلقَّ هدية منذ العيد، فقرر أن يهدي نفسَه.
يقول ساخراً أنه سيفاجئ نفسه بهذه الهدية، يقرأ رسالة كتبها لنفسه "إلى صديقي يزيد محمد الراجحي... أرسل إليك هذه الهدية المتواضعة تقديراً لعلاقتنا وصداقتنا القديمة". ولم ينسَ أن يوقع الرسالة باسمه.
بعد بضع ثوانٍ تظهر الهدية "المتواضعة" بحسب وصفه الساخر، لنشاهد سيارة بوجاتي فاخرة باللونين الأبيض والأسود.
اسمه يزيد
يحقق يزيد الراجحي شعبية كبيرة في المجتمع السعودي منذ سنوات، فهو رجل أعمال ناجح يملك أموالاً طائلة. كما أنه بطل راليات شارك في أهم السباقات، منها بطولة الشرق الأوسط للراليات عام 2008 مروراً ببطولة العالم فئة (WRC2) عام 2012، وانتهاءً بكأس العالم للراليات الصحراوية عام 2014. لكن شعبتيه ليست بسبب قيادته البارعة للسيارات في السباقات الصحراوية فقط، بل بسبب مقتطفات الفيديو التي ينشرها فيها على سناب شات (yazeedalrajhi) الذي يتابعه فيه أكثر من نصف مليون شخص، ويظهر فيها بذخه المال، أو تويتر (@Yazeed_AlRajhi ) الذي يتابعه فيه أكثر من ٤١٢ ألف شخص، فيما يتابعه حوالى ١,١ مليون شخص على إنستغرام (yazeedalrajhi). لم يبدأ الراجحي من الصفر، فهو الابن الثاني لأحد أهم الأثرياء العرب، محمد الراجحي، والذي قدرت فوربس ثروته بنحو 8,4 مليارات دولار. برز يزيد قبل سنوات عدة، بعد أن وزع عليه والده وعلى أشقائه ثروته التي جناها في عقود من التجارة، أسس خلالها مع أشقائه سليمان وصالح، مصرف الراجحي التجاري عام ١٩٥٧، وهو أكثر البنوك السعودية ربحاً، بأصول تتجاوز ٨٠ مليار دولار. انبثقت من البنك شركة محمد الراجحي وأولاده "منهم يزيد" وشركة منافع القابضة، وفيهما شغل يزيد مناصب إدارية كثيرة. أما نشاطه الرياضي فقد بدأ عام 2007 بمشاركته في بطولة الشرق الأوسط (MERC). كما أن له حضوراً مهماً في عالم الأعمال التطوعية والمجتمعية، وتم اختياره سفيراً للنيات الحسنة من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عام 2008. وفي فبراير 2016، أطلق يزيد حملة "عيالنا أولى" لتشجيع الشباب السعودي على العمل في المهن التي يشغلها أجانب في السعودية، وقام بنفسه بالعمل بضع ساعات في مطعم يقدم البرغر لتشجيع الشباب على أن العمل في أي مهنة ليس عيباً.مثلما حاكم المصريون محمد رمضان لنشره على فيسبوك صورة مع سيارتين فاخرتين حاكم السعوديون #يزيد_الراجحي
بطل الراليات السعودي #يزيد_الراجحي يثير الجدل بفيديو قصير حين يهدي لنفسه سيارة بوجاتي فيرون.
فيديو مستفز؟
ومثلما حاكم المصريون الممثل محمد رمضان حين نشر على حسابه في فايسبوك صورتين مع سيارتين اشتراهما من نوع "لامبورغينى" و "رولز رويس" بعد نجاح مسلسله "الأسطورة" (إنتاج عام 2016)، حاكم السعوديون يزيد الراجحي. وقارن كثرٌ بينه وبين الممثل فايز المالكي الناشط في المجال الخيري ومجهوداته. اعتبر كثرٌ أن يزيد الراجحي أخطأ، إذ ليس من حقه "استفزازهم" بأن يعرض ما يشتري بأمواله ما يريد، وبدأت محاكمة عاجلة له، القاضي فيها هو الشباب السعودي. "حالة تحتاج إلى الدراسة"، هكذا يصف المستشار الأسري الدكتور محمد الفقيهي، الجدال الذي يصاحب يزيد الراجحي، مؤكداً لرصيف22، أنها ليست حالة خاصة، لكنها تستحوذ على الاهتمام لكونها أكثر انتشاراً. "مستفزة ربما، لكنها تعكس الهوة الواسعة بين الفقراء والأغنياء"، يتابع الدكتور الفقيهي. ويتابع يزيد على حسابه الرسمي على تويتر أكثر من 410 آلاف شخص. وقد انتشر وسم #يزيد الراجحي الذي حصل على أكثر من 145 ألف تغريدة في الساعات الماضية. كتب مستخدم أن "شخصيات مثل بيل غيتس وستيف جوبز ومارك زوكربيرغ لم يتباهوا بغناهم الفاحش، لأنهم لا يعانون من عقدة النقص، ويدركون أن قيمتهم أسمى من ذلك". وكتب المغرد إبراهيم المنيف: "لست محتاجاً كي أحسد! ولست متضرراً كي أحقد! ولكن أسعى إلى توعية عقول تنبهر بشخص، يدركون أنه لولا ثروته لأصبح في أعينهم بلا قيمة!". وأضاف في تغريدة أخرى بالمعنى نفسه: "اللي يهايط بثروته متيقن في نفسه تماماً أنه لولا ثروته محد بيعطيه وجه! لذلك، هو يدرك أنه شخصياً بلا قيمة في أعين الناس". وقال مستخدم سعودي آخر أن هناك أناساً "فقراء" جداً لا يمتلكون سوى "المال". وكتب مستخدم ثالث: "مثير للشفقة هو الشخص الذي يعاني من عقدة النقص، لأنه يفني حياته في تعويض هذه العقدة بتصرفات تُشعِرُه بأنه أفضل من الآخرين". لكن، وسط سيل الإهانات الموجهة إلى الملياردير السعودي الشاب، ظهر أشخاص بكلام هادئ، فمنهم من رأى أن "كل شخص حر بمقتنياته"، وكتب أحدهم: "وأما بنعمة ربك فحدث... الله يزيدك ويزيدنا من خيره". ولم يكتفِ المغردون بوسم يزيد الراجحي فقط، بل طالب بعضهم بمقاطعة شركة المياه المعبأة التي يملكها، وهو ما دفع المغرد هاني الغامدي إلى القول منتقداً ذلك: "هاشتاقات والعياذ بالله بها الحسد والحقد على عائلته أكرمها الله. الرجل اشترى سيارة لماذا لا نقول الله يبارك له" وكتب آخر مدافعاً أيضاً: "الرجال بيسافر لندن وأنتم تسبونه، وهو ما فكر فيكم، أقول عسى اللي رزقه يرزقني". ولن يكون فيديو البوغاتي الأخير له، بخاصة أنه لا يهتم كثيراً بسيل الانتقادات التي تطاوله، فكان رده على الوسم الذي حقق انتشاراً واسعاً في اليومين الماضيين "وش مسوي بعد الله يهديني".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...