أعاد خبر شراء شركة البث نتفليكس حقوقَ عرض فيلم إسرائيلي عن أشرف مروان الجدال حوله.
هو المصري الذي وصفته صحيفة الغارديان البريطانية بأعظم جواسيس القرن العشرين، وتعتبره إسرائيل عميلها المخلص، بينما تقول مصر عكس ذلك.
وبحسب خبر نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية يوم الأربعاء الماضي، فإن الفيلم الذي سيخرجه الإسرائيلي "آرييل فرومين" لا يزال في مرحلة الإنتاج، ومن المتوقع أن يصبح جاهزاً للعرض في أغسطس من العام المقبل.
ويعتمد الفيلم على كتاب الملاك الذي ألّفه يوري بار جوزيف وحمل عنواناً فرعياً هو الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل.
من هو مروان؟
ولد مروان عام 1944 لأب كان ضابطاً في الجيش، وتزوج ابنة الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر. توفي يوم الأربعاء 27 يونيو عام 2007، بعد أن سقط من على شرفة منزله في لندن، ولم يُعرف حتى الآن "رسمياً" ما إذا كان موته قتلاً أم انتحاراً، علماً أن وفاته سبّبت جدالاً عالمياً بسبب دوره في عالمَي الجاسوسية والأعمال على حد سواء، إذ يعتقد أنه كان عميلاً مزدوجاً لمصر وإسرائيل خلال فترة ما قبل حرب 1973. وقد رفضت منى عبدالناصر أرملة أشرف مروان التعليق على خبر إنتاج إسرائيل الفيلم عن زوجها، وقالت في اتصال هاتفي مع رصيف22: "زوجي كان يعمل لمصلحة بلده مصر، وكل ما تردده إسرائيل عنه مجرد هراء". كان آخر ظهور لمنى عبدالناصر في شهر مارس الماضي، في حفل زفاف نجلها أحمد أشرف مروان، في منزلها بمنطقة القطامية، أحد أحياء القاهرة الجديدة. وكانت قالت للغارديان قبل سبع سنوات، أنّها واثقة في أن زوجها أُلقي به من على شرفة منزله في لندن، واتهمت الموساد الإسرائيلي بقتله. وأضافت أنه في الأيام التي سبقت وفاته كان يقول لها أن حياته في خطر. وقد اكتشفوا لاحقاً أن مخطوطة مذكراته التي كان من المتوقع أن تحمل أسرار وكالات استخبارات في الشرق الأوسط اختفت من منزله. وتتكون هذه المذكرات من ثلاثة أجزاء، يقع كل منها في 200 صفحة، إضافة إلى شرائط كاسيت مرتبطة بها، وقد اختفت كلها من شقته يوم وفاته."زوجي كان يعمل لصالح بلاده مصر، وكل ما تردده إسرائيل عنه مجرد هراء"...
حكاية المصري الذي وصفته الجارديان بأعظم جواسيس القرن الـ20 وتعتبره إسرائيل عميلها فيما تقول مصر العكسوأكدت مراراً أن زوجها كان يعمل لمصلحة مصر، وأنه كان يزوّد إسرائيل بمعلومات كاذبة. "كان زوجي بطلاً يخدم مصر، وينفذ التعليمات المطلوبة منه"، بحسب ما نقلته الغارديان عنها. [caption id="attachment_116492" align="alignnone" width="350"] حفل زواح أشرف مروان ومنى جمال عبد الناصر[/caption]
عميل خدع إسرائيل؟
رسمياً، ترفض مصر الرواية الإسرائيلية جملة وتفصيلاً. وقد أناب الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك ابنه عنه لحضور جنازة مروان، بحسب الباحث السياسي محمد تهامي. كما استبعد الباحث السياسي محمد حامد أن يكون أشرف مروان عميلاً فقط لمصلحة الموساد، مؤكداً أن عبدالناصر كان يثق فيه إلى درجة أنه زوّجه ابنته، لذلك من الصعب اتهامه بأنه عميل للدولة العبرية على حد تعبيره. يضيف حامد لرصيف22، أن وثائق مخابراتية مصرية أكدت أنه كان عميلاً مزدوجاً وضلل إسرائيل أكثر ممّا أفادها. "إنتاج فيلم عنه مجرد محاولة إسرائيلية جديدة لتشويه صورة رجل مخابرات مصري وطني باعتراف الرئيس الأسبق حسني مبارك"، يقول حامد.هل الرواية الإسرائيلية هي الأكثر دقة؟
يقول أستاذ في العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة لرصيف22، أن الرواية الإسرائيلية حول دور أشرف مروان قد تكون هي الأكثر دقة. بحسب الأستاذ الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن المعلومات التي صدرت من إسرائيل عن دور مروان كتبها باحثون مهمون وكثرٌ من ضباط الموساد السابقين وهو ما يعطيها صدقية. ويبرر أستاذ العلوم السياسية الرواية المصرية بأنها لم تعتمد على أدلة وشهادات، بل على رواية غير موثقة للمخابرات المصرية. "طبيعي أن تتحدث مصر عن دور وطني لمروان، وإلا كيف ستبرر خداعه البلد، وهو الذي كان مقرباً من جمال عبدالناصر والسادات، وشغل وظائف مهمة في مصر قبل سفره إلى لندن"، يقول أستاذ العلوم السياسية. نقلت الغارديان عن رئيس الموساد السابق، تسفي زامير، قوله أن مروان تجسس بإخلاص للإسرائيليين بسبب حبه المال، وطموحه الذي يصل إلى درجة الغرور، على حد تعبيره. وأظهر زامير حزنه على موت مروان، ولومه نفسه كثيراً لأنه كان يمكن أن يحميه بشكل أفضل، بحسب قوله.حين كان رئيساً للهيئة العربية للتصنيع
توصل رصيف22 إلى مصدر خاص طلب عدم ذكر اسمه عمل لسنوات فى منصب مهم بمصنع الطائرات في منطقة حلوان في الوقت الذي كان أشرف مروان رئيساً للهيئة العربية للتصنيع. وأكد المصدر أن علاقته بمروان كانت قوية وقتذاك، وأنه حصل على دعم عربي كبير للهيئة، وكان يطبق نظام عمل صارماً. وترّأس مروان الهيئة العربية للتصنيع بين عامي 1974 و1979. "لو سرق أحد العمال مفكاً أو صامولة من المصنع كان يفصل فوراً، كان الجميع يعلم أن مروان نموذج للمسؤول الوطني الشريف"، يقول المصدر لرصيف22. ويضيف: "كانت لافتة ممنوع التدخين في كل مكان، وكان يتم فصل أي موظف يدخّن داخل المصنع، كان حازماً بشكل مبالغ فيه، وكان الجميع يتحدثون عنه كمسؤول مجتهد. "نجح مروان في بناء مستشفى على أعلى مستوى للعاملين في الهيئة، وأصبحت أجورنا وقتذاك هي الأعلى في الدولة كلها، وكانت لديه خطة ترمي إلى أن يحصل العاملون على رواتبهم بالدولار، لكن ذلك لم يحدث. "خلال السنوات التي أمضيتها مع مروان، بدا لي شخصاً وطنياً، وأستبعد أن يكون جاسوساً. كان يتحدث دائماً عن عظمة مصر وأهميتها"، يقول المصدر.من قتل أشرف مروان؟
حاول تحقيق عام 2015، للغارديان أن يجيب عن السؤال المهم الآتي: هل قفز مروان من الشرفة أم أُلقي به من عليها؟ وتحدث التحقيق عن أن الطب الشرعي عثر على أثار لمضادات الاكتئاب في دم مروان. وقال طبيب مروان في تقرير رسمي، أن الرجل كان تحت ضغط كبير وخسر 10 كيلوغرامات من وزنه خلال شهرين، لكن على رغم ذلك يؤكد تحقيق الغارديان أن مروان بالتأكيد لم ينتحر، لأنه كان يستعد للسفر إلى الولايات المتحدة مساء اليوم نفسه الذي مات فيه، لمقابلة محاميه. ويؤكد التحقيق أن مروان اشترى قبل موته بأيام قليلة جهازاً حديثاً لألعاب الفيديو لحفيده في عيد ميلاده، وخطط مع زوجته للقيام برحلة. ونقلت الغارديان عن قاضي التحقيق وليام دولمان بعد انتهاء التحقيقات في 2010 من دون الوصول إلى نتيجة، قوله أنه ليست هناك أدلة من أي نوع على اضطراب نفسي أو ذهني أو نية للانتحار لدى مروان. كما نقلت عن باحث لم تذكر اسمه أن مروان عمل خلال سنوات عدة لمصلحة الاستخبارات المصرية، والإسرائيلية والإيطالية والأميركية والبريطانية. وتشير الغارديان إلى معلومة مهمة وهي أن مروان المصري الثالث الذي يعيش في لندن ويموت في ظروف مشابهة. ففي يونيو عام 2001، سقطت الممثلة سعاد حسني من على شرفتها بعد أن تواصلت مع ناشر وعرضت عليه نشر مذكراتها. وفي أغسطس عام 1973، سقط قائد الحرس الجمهوري السابق للرئيس السادات الليثي ناصف، من على شرفته وكان أيضاً يكتب مذكراته. ووفق ما يبين تحقيق الغارديان، فإن المصريين الثلاثة كانوا على علاقة بالمخابرات المصرية. يعلق أستاذ العلوم السياسية الذي طلب عدم ذكر اسمه لرصيف22، على تحقيق الغارديان قائلاً: "التحقيق يتهم بشكل مباشر المخابرات المصرية بقتل كل من تحوم حوله الشكوك في فضحها من طريق كتابة مذكراته". لم يسقط جسد مروان فقط من شرفة منزله في لندن. سقط معه ألغاز عدة قد تقودنا حلولها ذات يوم لمعرفة أي الروايات هي الأكثر مصداقية. هل كان يعمل لحساب مصر فقط؟ إسرائيل؟ أم كان عميلاً مزدوجاً؟ المستقبل قد يحمل إجابات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...