شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
صحافي يتلاعب بداعش:

صحافي يتلاعب بداعش: "أوهمتهم بأنني جهادي ألماني"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 26 يوليو 201706:39 م
لطالما أثار عالم تنظيم داعش اهتمام العديد من الصحافيين، وتحديداً طرق تواصلهم والإستراتيجيات التي يعتمدونها لاستقطاب المجاهدين، والتخطيط لتنفيذ أي هجوم. يتواصل أفراد التنظيم على مجموعات خاصة مستخدمين تطبيقات مثل "تلغرام" و"ويكر"، كما يستخدم التنظيم مجموعات "تلغرام" لبث الأخبار الخاصة به، بالإضافة إلى وجوده المستمر على شبكات التواصل الاجتماعي وتحديداً "تويتر"، على الرغم من محاولات القيّمين على الموقع الحد من هذا الوجود. قرر الصحافي الألماني بيون شترتسل، المتابع عن كثب لأخبار التنظيم، الغوص في عالمه عبر استخدام أسلوب مثير للجدل، اعتمده العديد من الصحافيين إلى الآن للتوصل إلى معلومات حول الجماعات الإرهابية. slack-imgs.comslack-imgs.com حاول الصحافي من خلال انخراطه المزيف في صفوف الجهاديين تحت اسم "أبو عثمان الألماني"، والتواصل مع أفراد من التنظيم عبر تلغرام، الإجابة عن عدد من الأسئلة، أبرزها: كيف يوجه تنظيم داعش الجهاديين الموجودين في الخارج (أوروبا)؟

"تنظيم داعش أراد أن يحولني إلى قاتل"

تحت هذا العنوان، نشر الصحافي مادته التي لاقت رواجاً خلال الساعات الماضية. أرفق بيون صوراً للمحادثات التي جمعته بأشخاص يرجه أنهم أعضاء في التنظيم، وذلك في تحقيق نشره على موقع "بيلد" الألماني. استخدم بيون هويته المزيفة لعدة أشهر لإكمال سلسلة من النقاشات والمحادثات مع كلّ من "أبو ك" و"أبو عبدالله"، الشخصين اللذين أوكل التنظيم إليهما متابعة مهمة الصحافي المتخفي: "أبو عثمان الألماني". كيف بدأت القصة؟ وجّه الصحافي سؤالاً بسيطاً في محادثة على تطبيق "تلغرام"، وتحديداً على مجموعة خاصة بتبادل أخبار التنظيم: "كيف يمكنني إرسال فيديو شخصي لوكالة أعماق؟". طلب منه شخص في المجموعة عندها حذف حساب "تلغرام" المتعلق برقمه والانتقال للتواصل على "ويكر". كما نصح أعضاء المجموعة الصحافي بمتابعة مجموعتي "السرايا" و"جندي الله" لأن أفرادهما يستخدمون اللغة الانكليزية.
بعد مشاركته رمزاً خاصاً يمكّنه من التواصل مع الأعضاء على "ويكر"، انتقل الصحافي إلى المحادثة التي شرح فيها لأعضاء التنظيم خطته. يقول بيون في تغريداته على تويتر إن أعضاء الفريق كانوا متعاونين جداً واستطاعوا على الفور استيعاب الخطة التي ينوي القيام بها، لذلك نصحوه فوراً باستخدام "ويكر" للتواصل مع من وصفوهم بـ"المدربين"، مشددين على أهمية تخلصه من بطاقة هاتفه لخطورة الوضع ودقة المهمة.
"المدرب" طلب من الصحافي التصرف بسرعة وعدم الإسهاب في التخطيط للعملية المرجوة، قائلاً: "كلما خططت أكثر للعملية ازدادت احتمالات فشلها، توكل على الله، تأكد أنك مستعد، وانطلق فوراً". عمد بيون إلى شرح أسباب قيامه بالهجوم والأشخاص الذين كانوا ملهمين له ومنهم أبو طلحة الألماني، وهو مغني الراب المعروف باسم دنيس كوسبرت، وذلك بهدف اقناع "المدربين" أنه شخص جدّي.
تحول إلى "أبو عثمان الألماني" وأقنع أفراداً من داعش بأنه سينفذ عملية إرهابية. هذا ما دار بينهم من أحاديث
"تنظيم داعش أراد أن يحولني إلى قاتل" صحافي ألماني يروي تجربته في التواصل مع أفراد من التنظيم
هدف "أبو عثمان الألماني" المعلن كان معرفة كيفية مشاركة فيديو خاص به مع داعش، بُعيد تنفيذه "عمليته المزعومة"، إلا أن المدربين، على الرغم من أهمية الفيديو والبصريات التي لطالما تبعت هجمات داعش، أكدوا أن الفيديو لا يعتبر ضرورياً لإثبات تنفيذه العملية قائلين: "إن أرسلت لنا الفيديو سنتأكد من وصوله إلى الجهة المناسبة ولكن لا تجهد نفسك بالعمل عليه". وحرصاً على إيصال الرسالة بالطريقة المناسبة، ساعد المدربون الصحافي على تحضير سيناريو فيديو تبنيه الهجوم، كي يكون مشابهاً للفيديوهات التي نشرها التنظيم عن هجمات سابقة. كان بيون مهتماً أيضاً بفهم ما إذا كان المدربون يعملون مع أشخاص من ألمانيا، فشدد على أنه يفضل نشر الفيديو بلغته الأم، وبالفعل ساهم المدربون في تصحيح النص الذي أرسله الصحافي، ما يشير إلى اطلاعهم على لغات عدة، واستعدادهم للتجاوب. طلب المدربون من بيون تفادي بعض العبارات، كأن لا يقول "أنا أقوم بهذا لانكم تقتلوننا أو إذا توقفتم سنتوقف"، مطالبين إياه بأن يكون حازماً ويقول: "أقوم بهذا لأن دولة الخلافة أمرتني بالهجوم على الصليبيين ومدنهم". وشرح له أحد المدربين: "يمكن أن تذكر أموراً مثل: هل ظننتم أنكم ستهاجمون مسلمين وتبقون بلا عقاب؟ المسلمون جسد واحد"، مؤكداً له أن لديهم مترجمين سيترجمون الفيديو من الألمانية إلى العربية والإنجليزية. المسودة التي أرسلها الصحافي تضمنت - عمداً - بعض الأخطاء اللغوية، كي يتأكد أن لدى المدربين القدرة على تصحيحها. يقول بيون إن واحداً من المدربين قد يكون مسؤولاً إعلامياً في وكالة "أعماق"، وقد حذره من ازدياد الاعتقالات في ألمانيا في الفترة الأخيرة وذكّره بضرورة التحرك بسرعة تفادياً لمواقف مماثلة.
استخدم بيون هاتفاً آخر لتوثيق مجريات المحادثات خلال وجوده في المجموعة على "ويكر" وذلك لأن التطبيق يكشف لأصحاب المجموعة بسهولة ما إذا كان مشارك ما قد التقط صورة بالهاتف نفسه (سكرين شوت). أراد الحفاظ على سرية هويته لأطول فترة ممكنة وتوثيق أكبر عدد من المحادثات. وعن الخطر الذي قد تتسبب به محادثات مماثلة في أوروبا، وتحديداً ألمانيا، مع ازدياد الهجمات الإرهابية أخيراً، يقول بيون لرصيف22: "تلقيت عدداً من الأسئلة المماثلة عن خطورة ما قمت به ولكنني أؤكد أنني تواصلت مع الجهات الحكومية والأمنية المناسبة وأطلعتهم على المشروع كاملاً، خطتي هي الكشف عن طرق سير خطط داعش ببساطة". وهل تلقى بيون رسائل أو ردود فعل سلبية أو حتى تهديدات بعد نشره التحقيق؟ أجاب: "لم أتلقَّ أي نوع من التهديد حتى الآن، أعتقد أن الاشخاص الذين تواصلت معهم غير سعداء بالنتيجة، ولكن بالتأكيد لديهم مشاكل أكبر من متابعة مقالات صحافي ما". فهل أسدى بيون شترتسل خدمة لأجهزة الأمن الألمانية والأوروبية، من خلال الإضاءة على بعض تفاصيل الوسائل التي يستخدمها التنظيم الإرهابي للتخطيط لهجماته وجذب المزيد من الجهاديين، أم أن مهمته تضعه على لائحة داعش السوداء؟ يعد الصحافي بالمزيد من الإجابات في الجزء الثاني من تحقيقه الذي سيُنشر في الأيام المقبلة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image