يجمع الكثير من المفكرين والكتّاب العرب على أن الحركة الصهيونية بالأساس، هي حركة غربية المنشأ والتوجه، فإذا كان الصهاينة قد ارتكزوا على الأفكار اليهودية في سبيل إقامة دولتهم، فإنهم وفي الوقت ذاته، قد لجأوا إلى انتهاج الآليات الاستعمارية التقليدية التي لطالما لجأ إليها المستعمرون الأوروبيون إبان فترة احتلالهم لمنطقة الشرق الأوسط.
وعلى العكس من التوجه السياسي الغربي التقليدي المؤيد لإسرائيل، فإن الكثيرين من كبار الفلاسفة والمفكرين في الغرب أعلنوا دعمهم للقضية الفلسطينية، ولحق الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة على أرضه.
حنة أرندت
هي مفكرة سياسية يهودية ألمانية الأصل أمريكية الجنسية، ولدت عام 1906 وتوفيت في 1975، وقد كتبت الكثير من المؤلفات المهمة، ومنها في العنف، وفي الثورة، وأسس التوتاليتارية. ورغم كونها يهودية، ورغم تعرضها في شبابها للكثير من المضايقات من جانب السلطة النازية في ألمانيا، فقد واظبت على نقد السياسة الصهيونية تجاه القضية الفلسطينية مراراً وتكراراً. ففي أربعينيات القرن العشرين، نشرت أرندت مجموعة من المقالات المهمة، التي بينت فيها معارضتها للموقف السياسي الذي تبنته الحركة الصهيونية وقتها، والذي كان يدعو إلى إنشاء دولة لليهود على أرض فلسطين العربية، وبررت أرندت موقفها بأن الهدف الصهيوني يتجاهل إرادة وحقوق الشعب الفلسطيني. وأيدت المفكرة السياسية حل الدولة الثنائية القومية، ورفضت ما يردده الصهاينة، عن حق تاريخي لليهود في أرض فلسطين، وأعلنت أن "إنجازات اليهود في فلسطين هي مصدر الشرعية ونقطة التقاء محتمل مع العرب، فإذا كان هناك بعد تاريخي لاختيار فلسطين بدلاً من أية بقعة أخرى في العالم – بحسب الزعم الصهيوني – فهذا لا يضفي وحده شرعية على الوجود اليهودي فيها، فالشرعية لا يمكن أن تتأتى إلا من مبدأ يمكن الآخرين الاعتراف به".جان بول سارتر
هو فيلسوف وروائي وناشط سياسي فرنسي، ولد في 1905 وتوفي في 1980. عُرف عنه تأييده لحركات المقاومة المسلحة حول العالم، ورفضه للسياسات الإمبريالية التي اتبعتها القوى العظمى في القرن العشرين. تأييد سارتر للقضية الفلسطينية تجلى في زاوية جديدة، إذ برر المفكر الفرنسي في كتاباته المقاومة الفلسطينية المسلحة، وظهر ذلك بشكل واضح في حادثة الألعاب الأولمبية التي أُقيمت في ميونيخ عام 1972، عندما وقعت عملية احتجاز رهائن إسرائيليين على يد مجموعة من المسلحين الفلسطينيين. وعلق سارتر على تلك الحادثة، قائلاً "ليس أمام الفلسطينيين أي خيار آخر، في غياب الأسلحة والمدافعين، إلا اللجوء إلى الارهاب". ولكن في الفترة الأخيرة من حياته، أظهر سارتر تعاطفاً أقل تجاه القضية الفلسطينية، وأعلن اعترافه بدولة الكيان الصهيوني، وكتب عدداً من المقالات التي يؤيد فيها اتفاق كامب ديفيد ومحاولات الرئيس المصري أنور السادات الرامية إلى إقامة سلام بين مصر وإسرائيل. هذا التغير الكبير في موقف سارتر من القضية، وضح في قبوله الدكتوراه الفخرية من جامعة القدس العبرية في 1976، والذي برره بقوله: "إذا كنت اليوم منشغلاً بإسرائيل فأنا منشغل أيضاً بالشعب الفلسطيني الذي عانى كثيراً، فمن خلال الجمع بين الطرفين يمكن إيجاد حلّ لمشكلتهما، أؤمن بهذا الحلّ ولذلك قبلت تسلُّم الدكتوراه الفخرية التي أرى فيها عنصر سلام".جاك دريدا
دريدا هو فيلسوف فرنسي يهودي من مواليد الجزائر، ولد عام 1930 وتوفي عام 2004، واشتهر بنزعته الفلسفية التفكيكية، التي تدعو إلى تفكيك الخطابات وإعادة بنائها. دريدا عُرف بكونه من ضمن المثقفين الغربيين الذين انتقدوا الحضارة الغربية من الداخل، إذ حاول أن يستخدم منهجه التفكيكي في تعرية الأيديولوجيات الليبرالية الاستعمارية الغربية. ففي كتابه ماذا حدث في 11 سبتمبر، يؤكد أن ما وقع في أمريكا في ذلك اليوم، يتشابه كثيراً مع ما تعاني منه الشعوب الضعيفة في أفغانستان وفلسطين بشكل متكرر، وأن استئثار هذا اليوم بالذات بكل تلك البهرجة الإعلامية، لا يزيد عن كونه مظهراً للغرور الغربي. وفي حواره الصحافي الأخير مع صحيفة لوموند الفرنسية في 19 أغسطس 2004، (ترجمه المفكر السوري هاشم صالح)، عبّر دريدا عن رأيه في القضية الفلسطينية بقوله: "أنا ولدت في الجزائر في عائلة يهودية، وهذه هي جذوري، ولكن اسرائيل في نظري لا تمثل اليهودية ولا حتى الصهيونية العالمية التي كانت تعددية ومتناقضة". ثم دعا دريدا بعد ذلك إلى تدخل الأمم المتحدة فوراً في فلسطين للفصل بينها وبين إسرائيل ولمنع رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق أرييل شارون من تنفيذ مخططاته، وقال ما معناه: "لو كانت هناك حكومة عالمية عادلة، أي أمم متحدة حقيقية، لما سمحت بحصول كل هذه الفظائع في فلسطين".جيل دولوز
دولوز هو فيلسوف وناقد أدبي وسينمائي فرنسي، ولد عام 1925 وتوفي في 1995، وألف عدداً كبيراً من الكتب منها ما الفلسفة، نيتشة والفلسفة، منطق المعنى... الفيلسوف الفرنسي كان من ضمن المفكرين الغربيين الذين أبدوا اهتماماً ملحوظاً بالقضية الفلسطينية، وأعلنوا تأييدهم لحق الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة في وطنه. عام 1982، أجرى دولوز مقابلة شهيرة مع المؤلف الفلسطيني إلياس صنبر مؤسس مجلة الدراسات الفلسطينية. وفي تلك المقابلة عقد دولوز مقاربة بين الفلسطينيين والهنود الحمر، وأكد أن الشعبين متشابهان في ظروفهما، وبيّن أن مشكلة الفلسطينيين لا تتمثل في استعمار الصهاينة لأراضيهم فقط، بل في كونهم تعرضوا للتهجير القسري والطرد من أوطانهم أيضاً. في كتابه "جيل دولوز: سياسات الرغبة"، يحاول المؤلف أحمد عبد الحليم عطية أن يوضح حقيقة تأييد دولوز للقضية الفلسطينية. وبحسب ما يورده في كتابه، فإن تأييد دولوز للفلسطينيين لا يقوم أساساً على اعتقاد بالحق الفلسطيني، ولكنه يأتي من احتفاء بممارستهم الثورية، ومن هنا فإن الثورة الفلسطينية تمثل في نظره نموذجاً لخطاب الأقلية الذي يواجه الحكايات الخيالية المسبقة للخطاب الاستعماري.آلان باديو
ولد باديو في المغرب عام 1937، وعُرف بتبنيه للفكر الاشتراكي، وانتقاده اللاذع للسياسات الليبرالية والرأسمالية التي تتبناها الدول الغربية، وله عدة مؤلفات في السياسة والفلسفة، منها القرن، نظرية التناقض، نظرية الموضوع، هل تفكر السياسة، مانيفستو الفلسفة. مساندة القضية الفلسطينية كانت توجهاً رئيسياً للمفكر الفرنسي الاشتراكي المولود في المغرب، فقد انتقد باديو الكيان الصهيوني في الكثير من المواقف. وفي عام 2009، قام باديو بخطوة مهمة، عندما زار فلسطين برفقة زوجته وابنه وألقى محاضرة في المركز الثقافي الفرنسي والمنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني، ومما صرح به في تلك المحاضرة: "أنا صديق للشعب الفلسطيني وأقف بشكل غير مشروط إلى جانبه، وأعرف أنه يعاني بشكل فظيع من العدوان الصهيوني، وموقفي الشخصي أنه لا يمكن باسم ضحايا الهولوكوست المقترفة باسم النازية الألمانية، قيام إمبريالية وكولونيالية لدولة إسرائيلية تقبل وتسهل الجرائم ضد الفلسطينيين، فأنا ضد العسكرة والغزو والقتل بدعوى تحقيق ذات شعب" يجب أن يكون حساساً تجاه الفظاعات لأنه كان ضحية.نعوم تشومسكي
هو مفكر وكاتب سياسي أمريكي من أصول يهودية، ولد في 1928، وله أكثر من 100 كتاب منشور في فروع شتى من الفلسفة والمنطق والتحليل السياسي. يُعد تشومسكي من أهم المفكرين الغربيين المعنيين بقضايا الشرق الأوسط عموماً، وبالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي على وجه الخصوص. في 2009، انتقد تشومسكي موقف إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، من الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، إذ قال: "إن أهم ما يقوض دعائم أية تسوية سلمية هو الأعمال اليومية الإسرائيلية التي تجري في المناطق المحتلة، بدعم كامل من الولايات المتحدة، والتي يدرك الجميع أنها إجرامية: كالاستيلاء على الأراضي، ومصادر المياه". وفي كتابه "حول فلسطين" الذي ألفه بمشاركة المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، يطرح المفكر الأمريكي عدداً من الأفكار التي من الممكن أن تحقق السلام في فلسطين، من تلك الأفكار حل إقامة دولتين، وعمل تغيير راديكالي للرأي العام العالمي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث يمكن الضغط على أمريكا لكسر تحالفها القوي وغير المشروط مع إسرائيل. وفي 2012، أقدم المفكر الأمريكي على خطوة حظيت باهتمام إعلامي كبير وقتها، عندما سافر إلى غزة، والتقي برئيس الوزراء إسماعيل هنية، الذي كرمه لمواقفه المؤيدة للفلسطينيين.نورمان فينكلشتاين
هو كاتب سياسي وأستاذ جامعي أمريكي يهودي متخصص في العلوم السياسية، ولد في 1953، وشغل بعض المناصب الأكاديمية، في كلية بروكلين، وجامعة نيويورك، وجامعة دي بول. عُرف فينكلشتاين بأنه من أبرز الأكاديميين الغربيين الذين تصدوا للمزاعم الصهيونية المروجة لوجود حق تاريخي لليهود في أرض فلسطين. وأثار كتابه صناعة الهولوكوست، صخباً هائلاً في المحافل الأكاديمية الأمريكية، حيث عمل فينكلشتاين في هذا الكتاب، على كشف ما اعتبرها حقائق طمست في أكثر الدراسات المتعلقة بالهولوكوست، كما فضح الخداع الذي تمارسه المنظمات اليهودية الأمريكية بحق الدول الأوروبية، من أجل ابتزاز أكبر قدر من المال لدعم تلك المنظمات ولدعم إسرائيل وتسهيل الهجرة إليها. أدت أعمال وأفكار فينكلشتاين في نهاية المطاف، إلى دخوله في العديد من المشادات والمشاحنات مع مؤيدي الحركة الصهيونية، حتى تم فصله من عمله في جامعة دي بول في عام 2007، في ما اعتبره الكثيرون انتهاكاً واضحاً لحرية وتقاليد الحياة الأكاديمية. وقد عبر فينكلشتاين عن رأيه في المسألة الفلسطينية ببساطة، في إحدى مناظراته، بقوله: "ثمة شعبان يعيشان في تلك الأرض، أحدهما يتمتع بكامل حقوق الدولة في ثمانين بالمائة، أما الشعب الذي يعيش في تلك البلاد منذ ما قبل آلاف من السنين بدون انقطاع، فهو محروم من حق تقرير مصيره بنفسه في عشرين بالمائة من وطنه".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع