"إياك وأن تعكر صفو المومياوات". هل كانت هذه الجملة التي استعان بها ملوك الفراعنة لإبعاد أي متطفل عن قبورهم، كافية لمنع فضول وشغف مكتشفي الآثار من البحث والنبش والتنقيب، طمعاً في مجد الإعلان عن اكتشاف مقبرة ومومياء ما؟
بالطبع لا، والدليل أنه حتى يومنا هذا، وبعد آلاف السنين، يُضبط شخص أثناء محاولته العثور على كنز فرعوني. وحوادث تهريب الآثار لا تخفى عن أحد. هذا بالإضافة إلى المحاولات المستميتة لحل اللغز الفرعوني المحيّر، ذلك اللغز الذي نشغف به لدرجة أننا لا نريد ربما أن نصدق تفسيرات العلماء له، فنصدق أغرب قصصه.
رغم أن الحديث عن "لعنة الفراعنة" ليس بجديد، يصر البعض على أن جميع الدراسات والآراء العلمية التي نفت الشبهة الخفية، ونفت فكرة اللعنة من أساسها باعتبارها تخاريف، جاءت غير مقنعة.
يقال إن هناك فطريات قاتلة زُرِعت في المقابر المغلقة عمداً، لمعاقبة السارقين، وتم إطلاقها في الهواء عندما فُتِحت المقابر. كما أن إغلاق المقبرة لسنوات طويلة يسمح للحشرات السامة بأن تسكنها، وكذلك الفيروسات، لذا حين تُفتح مقبرة بعد آلاف السنين، من الطبيعي أن تُخرج مواد تتسبب في مقتل المُنقبين، بحسب غالبية الأثريين.
نرصد هنا أبرز الحوادث الغريبة التي تحمل شبهة "لعنة فرعونية".
لعنة توت عنخ آمون
"لا تفتح المقبرة... سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك". نقشت هذه الجملة على مقبرة الملك الصغير، كتعويذة احترازية لمنع المساس به. وحين اكتُشفت المقبرة عام 1922 "حلّت اللعنة"، التي بدأت بإصابة عالم الآثار الإنجليزي اللورد "كارنافرون" أحد مكتشفي المقبرة، بحُمّى. توفي اللورد في القاهرة، بعد حلاقته لذقنه بسبب تعرضه للدغة بعوضة أودت بحياته. [caption id="attachment_115879" align="alignnone" width="700"] كارنافرون[/caption] الإعلام في العشرينات من القرن الماضي، اعتبر أن هناك من يعاقب الأفراد الذين فتحوا مقبرة توت عنخ آمون، إذ لم تتوقف حوادث الموت عند اللورد كارنافرون، بل لحقت بالعصفور الذي كان يملكه اللورد، والذي انتهى كطعام الأفاعي، بينما توفي كلبه لحظة افتتاح المقبرة. وتوفي الأخصائي الذي أخضع المومياء لصورة الأشعة، وكذلك أحد أثرياء أمريكا الذي قام بزيارة المقبرة، وغيرهما.إغلاق المقبرة يسمح للحشرات السامة والفيروسات بأن تسكنها فحين تُفتح مقبرة بعد آلاف السنين الموت هو المصير
العديد من الآثاريين الممتازين كان مصيرهم الانتحار، وحتى الذين نجوا من ذلك المصير، فقدوا عقولهم
زاهي حواس يتحدث عن تجربته
أثناء لقائه في برنامج على شاشة سي بي سي، تحدث عالم المصريات الشهير زاهي حواس عن "لعنة الفراعنة"، وتحديداً لعنة توت عنخ آمون. ولفت إلى أنه سمع بالطبع كثيراً عن الأمور التي أصابت كل من حاول الاقتراب من المقبرة، ورغم عدم قناعته الكبيرة بفكرة اللعنة، إلا أنه يتحدث عن أمور سيئة وخارقة للطبيعة واجته وهو في طريقه لفحص مومياء توت عنخ آمون بالأشعة المقطعية. يروي أن سائقه كاد يقتل طفلاً صغيراً وهو في طريقه، وبعدها أخبرته أخته عبر التلفون، بوفاة زوجها، فضلاً عن هبوب عاصفة قوية جداً، كما أن جهاز الفحص الذي كان جديداً تماماً أصابه عطل مفاجئ.التايتانيك ولعنة مومياء؟
تعرف العالم البريطاني الشهير دوغلاس موراي على تاجر أمريكي عرض عليه شراء مومياء فرعونية لأميرة تسمى آمن رع كُتب على تابوتها "من يزعج الأميرة ملعون ومنحوس حتى الموت"، فوافق. [caption id="attachment_115883" align="alignnone" width="700"] آمن رع[/caption] ثم علم في اليوم التالي بوفاة التاجر في ظروف غامضة، وبعدها بيوم آخر مات العاملان اللذان ساعداه في نقل المومياء إلى منزله. وبعد يومين، خرج دوغلاس في رحلة للصيد كعادته، فخرجت طلقة من بندقيته في يده، ونقل إلى المستشفى فوراً، وظل يعاني من الآلام التي امتدت إلى ذراعه حتى أجريت له عملية جراحية تم خلالها قطعه، فقرر التخلص من المومياء وأرسلها إلى المتحف البريطاني. وفي اليوم نفسه، توفي الموظف المسؤول عن استلامها، والمصور الذي كان يصور المومياء داخل التابوت الخاص بها، ثم تم الاتفاق على إرسالها إلى متحف نيويورك، وكانت وسيلة نقلها هي السفينة العملاقة تايتانيك عام 1912، لكن السفينة غرقت في ظروف غامضة بعد اصطدامها بجزيرة ثلجية عائمة. انتشرت هذه القصة قديماً على لسان العديد، وتم تناقلها من دون معرفة مصدر محدد لها. ومع انتشارها الكبير، تحدثت صحف كثيرة عنها.مقتل عالم آثار مصري
تحدث الباحث الألماني فاندنبرغ أثناء لقائه بعالم الآثار المصري جمال محرز عن "لعنة الفراعنة". فقال إن محرز أكد له أنه إذا وضعنا الوقائع الغامضة بعضها إلى جانب بعض، ربما يرسخ اعتقادنا في وجود هذه اللعنة. وأضاف: "لكن أنا ببساطة لا أؤمن بهذه اللعنة، لقد أمضيت حياتي غارقاً وسط المقابر الفرعونية وتعاملت مع مومياوات الفراعنة، وها أنا ذا، أعيش سليماً". ويقول فاندنبرغ إنه في اليوم التالي توفي الدكتور جمال محرز، وهو اليوم نفسه الذي أطلقت فيه راحة القناع الذهبي للملك توت عنخ أمون في المتحف المصري، الذي كان محرز يتولى منصب مديره العام. يشير فاندنبرغ إلى أن العديد من الآثاريين الممتازين كان مصيرهم الانتحار، حتى الذين نجوا من ذلك المصير، فقدوا عقولهم، والأمثلة عديدة، منها ما جاء عن حياة هنريك بروجش، أحد أفضل علماء الآثار المصرية في برلين، الذي ظهرت عليه بوادر خلل عقلي بعد أن أمضى سنوات عدة في مصر. وقال جاستون ماسبيرو، مدير مصلحة الآثار المصرية، قديماً، إن بروجش كان يخترع الوقائع التي تؤيد بحوثه النظرية، واكتشفَتْ الكثير من التناقضات في كتاباته عن مسألة واحدة، عدا أنه كان ينقطع عن العالم إذا قابلته مشكلة ما، كما عرف عنه أنه كان يعامل المومياوات كما لو كانت بشراً."هناك من أراد تصديق وجود اللعنة فصدقها"
يعتبر د. أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار، في تصريح لرصيف22 أنه لا أساس من الصحة لكل المُعتقدين في وجود لعنة فرعونية، معتبراً أن الأمر كله مجرد مصادفات ليست لها علاقة بوجود "لعنة" من عدمه. كما يرى أن السبب في كل الحوادث، هو إغلاق المقابر لآلاف السنين ما يجعلها تربة خصبة للغازات السامة، وقديماً كانت تُفتح بشكل مفاجئ ما يعرض المُنقبين للموت أو المرض. أما مع العصور الحديثة، فأصبح لدى الخبراء إدراكاً لتلك السموم، فأصبحت تُفتح أي مقبرة بحرص شديد، فيفتح جزء ثم تترك حتى تُخرج ما بداخلها من غازات سامة، ثم تُفتح كاملة. كما أشار إلى أن سرقة مقابر الملوك الملكية، أمر ليس بجديد، ووُجِد على برديات الفراعنة أن الكهنوت والسحر في عز مجدهما لم يتمكنا من منع لصوص المقابر من سرقة الذهب في التوابيت، وأقصى ما استطاعوا القيام به هو استجواب اللصوص فقط، فكيف إذن لم تحمِهم تلك "اللعنة"؟ وختم عشماوي أن البعض أراد تصديق فكرة وجود لعنة وصدقها دون دليل."لعنة الفراعنة كذبة"
أما دكتور محمد الكحلاوي، الأمين العام للاتحاد العام للآثاريين العرب، فأجاب عن التساؤل بشأن لعنة الفراعنة، بجملة "كل هذه مجرد تخاريف"، ومن يؤكدها كمن يكذب الكذبة ويصدقها. ولفت إلى أن "المشعوذين الذين يتم استجلابهم من بلدان عربية لمساعدة سارقي ومنقبي الآثار على إتمام مهمتهم من دون أذى من أصحاب المقابر، هم من المحتالين الذين يتقاضون آلاف الدولارات في نصب التنقيب وقراءة التعاويذ المضادة لتعاويذ الفراعنة لحماية أنفسهم". وعن الجمل التحذيرية المكتوبة على جدران المقابر الفرعونية، والتي ارتبطت بفكرة اللعنة أيضاً، أوضح الكحلاوي أن هذا أمر دارج في الآثار الإسلامية كذلك، ومرتبط بالحماية فقط. وختم: "إنها مجرد كلمات لطلب العون والحماية".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 9 ساعاترائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.