شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
أكشاك للفتاوى في المترو... السلطة الدينية فوق الأرض وتحتها

أكشاك للفتاوى في المترو... السلطة الدينية فوق الأرض وتحتها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 20 يوليو 201705:37 م
داخل كشك صغير لا تزيد مساحته عن الأربعة أمتار تم نصبه داخل إحدى محطات مترو الأنفاق المصرية، يجلس اثنان من الدعاة الإسلاميين التابعين لمجمع البحوث الإسلامية في انتظار من يحتاج لفتوى، ولسان حالهما "اطلبوا الفتوى فوق الأرض وتحتها". INSIDE_MetroFatwaEgypt2INSIDE_MetroFatwaEgypt2 عدد البرامج التليفزيونية التي تعتمد على استضافة داعية إسلامي يجيب على أسئلة المشاهدين الدينية في الفضائيات المصرية تزيد عن تلك التي تقدم لهم محتوىً ثقافياً أو علمياً. حقيقة يعلمها كل متابع جيد للإعلام المصري. الفتاوى لا تقدم للمصريين عبر البرامج فقط، فهناك موقع رسمي لدار الإفتاء يوفر تلك الخدمة، إلى جانب مكاتب فتاوى توفرها الدار في القاهرة ومحافظات مصرية أخرى. لكن الجديد هو أكشاك الفتاوى التي حجزت لنفسها مساحة تحت الأرض هذه المرة، وبالتحديد في محطة مترو الشهداء (رمسيس) التي تعد من أهم محطات مترو أنفاق القاهرة نظراً لأنها محطة تربط عدة خطوط بعضها ببعض ويمر عبرها ملايين المصريين يومياً. INSIDE_MetroFatwaEgypt1INSIDE_MetroFatwaEgypt1 الخدمة الجديدة التي تتبع مجمع البحوث الإسلامية التابع بدوره للأزهر الشريف تأتي كمحاولة لتسهيل وصول المصريين إلى رجال دين مؤهلين غير متشددين يساعدونهم على فهم دينهم، بحسب ما قاله محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لرصيف22. وبحسب عفيفي، فإن الفكرة تأتي تأكيداً لدور المجمع في تجديد الثقافة الإسلامية وإظهار الإسلام بشكله الحقيقي الخالي من التعصب والتشدد. ويضم الكشك أربعة دعاة أزهريين يتبادلون العمل، حيث يداوم اثنان منهم من التاسعة صباحاً للثانية بعد الظهر، ثم يأتي اثنان آخران من الثانية حتى الثامنة مساء. وبذلك تنضم الأكشاك إلى العديد من الأكشاك الأخرى التي تحجز لنفسها مساحة داخل محطات مترو الأنفاق وتبيع للمصريين منتجات مثل المخبوزات وخطوط الهواتف المحمولة ومنتجات أخرى. لكن الفرق هو أن إدارة المترو لا تحصل على بدل مادي من الأزهر مقابل توفير الأكشاك له. وقال أحمد عبد الهادي المتحدث الرسمي باسم شركة مترو الأنفاق، في مداخلة عبر فضائية إكسترا نيوز المصرية يوم الخميس، إن عدد زوار الكشك يوم الأربعاء الذي يعد أول يوم عمل له لم يزد عن 142 شخصاً.

حرب كشك الفتاوى على فيسبوك

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي أثارت الفكرة جدلاً كبيراً وتسببت في توجيه اتهامات للحكومة المصرية بهدم فكرة الدولة المدنية. وساخراً تساءل مستخدم على فيسبوك "هيعملوا إمتى (متى سيقومون) بعمل كشك العظات والتعاليم للأخوة المسيحيين؟"، وفي الأطار نفسه كتب مستخدم "أتوقع أن كشك الفتاوى المسيحية سيتم تنفيذه فى محطة سانت تريز (إحدى محطات مترو الأنفاق)". ويعلق آخر "خايف أروح (أخاف أن أذهب) إلى الشيخ في كشك الفتاوى فيديني (فيعطيني) بالباقي لبان (علكة)" في إشارة لعادة يقوم بها البائعون في الأكشاك التي تبيع منتجات غذائية وسجائر حيث يعطون للمشترين لباناً بدلاً من المتبقي من أموالهم بسبب عدم توافر فكة معهم. وبسخرية يقول مستخدم "كشك الفتاوى: ممكن علبة مناديل و ٢ بيبسي لو سمحت؟" فيعلق عليه مستخدم "لقد سمعت أن في كشك الفتاوى تذاكر مجانية لمن يرغب في النزول في محطة مترو الجنة". لكن مستخدم آخر اعترض على حجم السخرية من الفكرة قائلاً "ما مشكلتكم مع هذه الأكشاك؟ هي توفر خدمة مجانية لمن يحتاجها، كفاكم سخرية من كل ما يتعلق بالدين".

الهدف محاربة شيوخ التطرف

من جانبه يقول الباحث الإسلامي محمد الأباصيري لرصيف22 إن أكشاك الفتوى فكرة جريئة يمكن اعتبارها خطوة أولى نحو تجفيف منابع الإرهاب الفكري. بحسب الأباصيري فإن المواطن المصري كان يقع فريسة سهلة لشيوخ الإرهاب والتطرف لأنه لم يكن يجد من يسأله من أهل العلم الموثوق بهم فلا يجد سوى شيخ الزاوية (الزوايا هي أماكن صغيرة للصلاة لا تشرف عليها الحكومة المصرية) بجوار بيته، والتي يسيطر عليها في الغالب مشايخ التطرف والإرهاب . "انتشار مجموعات من المتخصصين في أماكن عامة يستطيع المواطن الوصول إليها بسهولة كمحطات المترو يقطع الطريق على هؤلاء المتطرفين ويمنعهم من التسلل إلى عقول الناس والشباب وبث سمومهم وإرهابهم"، يقول الأباصيري. يرى الأباصيري أن الفكرة يمكن أن تعوض سنوات طويلة من انسحاب الأزهر الشريف ودار الإفتاء من الساحة مما سمح للتيارات والجماعات الإرهابية بالظهور مستغلةً الفراغ الناجم عن ذلك الغياب.

أكشاك ضد المدنية

لكن النائب البرلماني محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعى والأسرة، رفض الفكرة، معتبراً أنها تتعارض وفكرة الدولة المدنية. وقال النائب على صفحته الرسمية على فيسبوك "كيف تسمح الدولة بهذا العبث والسطحية اللذين يعبران عن عدم فهم الأزهر لحقيقة تطوير الخطاب الديني ويؤكد أنه مؤسسة تعاني انفصالاً عن واقع المجتمع". وأضاف أبو حامد أن أكشاك الفتاوى تتعارض مع ما أكده الدستور من أن مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image