بقرار واحد، حسم وزير التعليم السعودي، الدكتور أحمد العيسى جدلاً استمر أكثر من عشر سنوات، إذ سمح بمزاولة الرياضة النسائية في مدارس التعليم العام.
الشرط، بحسب صحيفة الرياض المحلية، هو أن يكون التنفيذ وفق ما وصف "بالضوابط الشرعية"، وأن يكون بالتدريج "حسب الإمكانات المتوفرة في كل مدرسة، إلى حين تهيئة الصالات الرياضية المناسبة في مدارس البنات وتأمين الكفاءات النسائية المؤهلة" لتعليم الرياضة.
وبحسب قرار الوزير الذي يبدأ تطبيقه بعد ثلاثة أشهر، سيتم تشكيل لجنة عليا، تُشرف على بناء وثيقة البرنامج متضمنةً الأهداف ومؤشرات الأداء، وإعداد خطة تنفيذية والعمل مع الجامعات لإعداد متخصصات يسهمن في تطبيق البرنامج بمدارس البنات.
وكشفت مصادر في الوزارة لرصيف22 أن القرار جاء بعد دراسة استمرت عدة أشهر، وقضت بأهمية إعادة تأهيل الصالات الرياضية الموجودة في المدارس حالياً، ثم إنشاء صالات جديدة وتجهيزها بالأدوات اللازمة.
جدل طويل
لأكثر من عشر سنوات، كان تطبيق الرياضة في مدارس البنات، مثار جدل كبير في الشارع السعودي، وسط معارضة شديدة من التيار الديني الذي يعتبرها بداية الفساد في المجتمع، وانجراف سافر نحو "التغريب". أخذت الفكرة حيزاً أكبر قبل سبعة أشهر عندما أقر مجلس الشورى توصية "غير ملزمة" تنص على إضافة برامج للياقة البدنية والصحية للبنات، وهي تجديد لتوصية قديمة أصدرها قبل 11 عاماً أكد فيها على ضرورة: "دراسة إدخال مادة التربية البدنية في مدارس البنات بمختلف المراحل الدراسية بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية ويتناسب مع طبيعة المرأة". منذ ذلك الحين، ظل الأمر بين أخذ ورد، فمع أن المفتي السابق للسعودية الشيخ عبدالعزيز ابن باز، أكد في فتوى رسمية أن ممارسة البنات للرياضة في محيط مدارسهن "ليس حراماً، طالما أنهن لا يخالطن الرجال"، إلا أن بعض المتشددين لبثوا يصرون على أن هذه الخطوة "ستجلب مفاسد كبيرة". منهم عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالكريم الخضير، الذي أكد في فتوى خاصة به أن "الخطوة الأولى أن تُلعب الرياضة مع الحشمة وفي محيط النساء، ثم تنازلوا عن هذه الشروط شيئاً فشيئاً، إلى أن وصل الحد إلى وضع لا يرضاه مسلم عاقل غيور". ومن المتوقع أن تزيد حدة الجدل بعد قرار وزير التعليم. "كيف يمكن أن يعارض أحد أمراً صحياً ومهماً مثل الرياضة؟". برز هذا التساؤل في ذهن أستاذ علم الاجتماع الدكتور محمد العتيقي، الذي شدد على أنه ولسنوات طويلة كان كثيرون يحذرون من ممارسة المرأة للرياضة، لدرجة أنه تم إيقاف كاتب صحفي لأنه طالب بذلك علناً. ويضيف العتيقي لرصيف22 أن "هناك من علق المشانق لكل من كان يدعو لممارسة البنات للرياضة، وكأن في ذلك فساداً عظيماً، وكانوا يقدمون مبدأ درء المفاسد على جلب المصالح، مع أنهم لم يقدموا دليلاً واحداً على تلك المفاسد المزعومة".بداية لنشاط أوسع
"أن لا تكون خطوة يتمية"، هذا ما يأمل به بعض المؤيدون للقرار، متمنين بدء حركة رياضية نسائية أكثر اتساعاً. "قرار إدراج الرياضة البدنية في مدارس الفتيات يعد خطة مهمة لنشر ثقافة الرياضة والتشجيع على ممارستها وصولاً إلى بناء مجتمع صحي رياضي"، كان هذا هو التعليق الأول لوكيلة الهيئة العامة للرياضة، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، في بيان صحفي نشر في مختلف وسائل الأعلام. فالهدف هو أن يكون القرار هو الأول في سلسلة قرارات تنتهي بإقرار ممارسة السعوديات للرياضة بشكل واسع.مخاطر السمنة
تعاني الفتاة السعودية، خاصة في عمر الدارسة، من السمنة، بشكل يفوق المعدل العالمي، والسبب بحسب رأي مختصين في التربية، هو عدم ممارسة السعوديات للرياضة. وللحد من انتشار السمنة، أطلقت وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الصحة برنامج رشاقة، الذي يهدف لخفضها بين الأطفال والمراهقين بنسبة 5% خلال الخمس سنوات المقبلة، علماً أن نسبتها بين البنات بلغت 70%. عالمياً، تعتبر السعودية واحدة من أكثر عشر دول في العالم في معدلات السمنة، خاصة بين النساء، بحسب تقارير لمنظمة الصحة العالمية. وفي تقارير أخرى تتفق مع دراسة صحية لوزارة الصحة السعودية نشرت في منتصف العام الماضي، كشفت أن نسبة السمنة في السعودية بلغت7.2%، فيما تبلغ نسبة زيادة الوزن 30.7% بين الرجال والنساء الذين تجاوز عمرهم الـ15 عام، حسب ما نقله موقع وزارة الصحة عن المسح الوطني للمعلومات الصحية عام 2013. يعتقد مدير برنامج مكافحة السمنة، الدكتور شاكر العمري أن العلة تكمن في "التغير السريع في النظام الغذائي وقلة النشاط البدني ونمط المعيشة". في الاتجاه ذاته، يؤكد ماجد الماروني، خبير التربية البدنية، أن خطوة وزارة التعليم بداية لوضع حد للأرقام المرتفعة للسمنة، ويقول لرصيف22 :"قلة الرياضة والحركة، هي السبب الأول للسمنة".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين