عمل فني واحد جمع أكثر من 20 نجماً ونجمة لتصوير فيلم عن الثورة، مكون من 10 أفلام قصيرة لتوثيق تاريخ الثورة، وأُنتج بجهود القائمين عليه من دون وجود جهة إنتاج.
الفيلم الذي يرصد أيام الثورة جعل الجميع يتساءل عن سبب المنع، ولماذا لم يعرض عام 2011 أثناء الهياج الثوري.
مرّت 6 سنوات والفيلم لم يعرض وأصبح مصيره مجهولاً، حتى يئس الجميع من إمكانية عرضه. ودون مقدمات انتشر الفيلم على موقع يوتيوب أمس كالبرق.
ذهب الجميع لمشاهدة العمل الممنوع من العرض، لكن البعض صُدم من كلمات مثل "يا بن العرص- طلعت دين أهلي- يا ولاد المتناكة"، ربما لم يسمعها المشاهد في السينما العربية خلال تاريخها. وهذا ما جعل الظن يتجه نحو المنع الرقابي، لكن يظهر الفيلم الطريقة القاسية والمميتة التي يتعامل بها ضباط أمن الدولة (الأمن الوطني حالياً) مع المعتقلين، لذا سيظن البعض أن المنع سياسي.
فما سبب المنع؟ وأين اختفى فيلم 18يوم؟ وكيف عاد؟
إن كان المنع سياسي
"الفيلم لا يستحق المنع وأخيراً شاهد الجمهور عملاً فنياً بُذل فيه جهد"، تقول الناقدة السينمائية ماجدة خيرالله. وتتابع: "حكاية الألفاظ مقدور عليها بشكل كبير، كل شخصية تتحدث من جانب طبيعة حديثها ومستواها الاجتماعي والعملي. أنا استغربت في البداية لكن وجدت أن الحوار لا يأتي إلا هكذا، وليس هذا سبباً في منعه من جانب جهة ما". وتضيف: "إذا كانت الألفاظ هي سبب المنع فكان من السهل الاستعاضة بغلق الصوت ومنع هذه الكلمات بدلاً من منع الفيلم". واعتبرت الناقدة السينمائية أن الرقابة لا تمنع لسبب سوء الفيلم فنياً: "الرقابة تمنع لعوامل عدة، منها تناول قضايا سياسية أو دينية أو التعرض للأخلاقيات العامة، لكن في تصوري المنع كان سياسياً". الفيلم يتكون من 10 أفلام قصيرة، أظهرت حبكة قوية وتناولت حالات إنسانية، منها أفلام لن يستطيع صانعوها تكرارها مرة أخرى، ومنها أفلام دخلت في الزحمة، قصتها ركيكة وضعيفة. استنكرت خيرالله حذف أي جزء أو كلمة من الفيلم لمجرد عرضه على قناة تلفزيونية، وقالت: "الفيلم يعرض على الإنترنت مثلما أراد صناعه، الأفضل أن تتم مشاهدة العمل كاملاً، والمهتم بالسينما لن يتردد في الوصول إليه على الإنترنت".لا معلومات عن منع الفيلم
"ربما عجز صناع الأفلام التي تجمعت تحت اسم "18يوم" في توزيعه بشكل جيد، ولا توجد معلومة دقيقة تفيد بأن الفيلم منع من العرض"، قال علي أبو شادي، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية السابق. وتابع: "نحن أمام عمل لم تتح له الظروف فرص نجاح بسبب الأحداث السياسية التي مرت بها البلد، وتعامل المنتج والموزع مع الفيلم، بالإضافة إلى طول مدة الفيلم، إذ لم يعتد المواطن الأفلام المجمعة، التي سميت قديماً بالثلاثية". وأضاف: "لا يوجد معلومات دقيقة تفيد بأن الفيلم منع من جانب جهة أمنية، أو هناك قرار من الرقابة بعدم عرضه، وإذا كان هناك قرار ليظهره أحد صناع الفيلم". من صناع الفيلم: خالد مرعي، يسري نصر الله، مروان حامد، شريف بندراي، أحمد عبدالله، أحمد علاء. وأبرز الأفلام فيه: "19- 19، احتباس، داخلي/خارجي، حظر تجول، الطوفان، خلقة ربنا، كحك الثورة 2-2" من تأليف الفنان أحمد حلمي، والسيناريست بلال فضل، والمؤلف عباس أبو الحسن وآخرين، وشارك في بطولة الأفلام الـ10، أحمد حلمي، منى زكي، عمرو واكد، إياد نصار، أحمد الفيشاوي، باسم سمرة، آسر ياسين، وهند صبري.وصناع الفيلم؟
شريف بنداري مخرج فيلم "حظر تجول" قال: "لا أعلم كيف تسرب الفيلم عبر الإنترنت، وعرضه جيد حتى يشاهده الجميع". وأضاف: "لا أعرف من الذي منعه طوال هذه الفترة أو حتى من الذي نشره". وهو خارج مصر حالياً لا يعلم بأن الفيلم نشر على الإنترنت قائلاً : "ليس لدي إنترنت حالياً لكنني سعيد بتحقيق الفيلم نجاحاً لدى الجمهور". بينما نشر المخرج يسري نصرالله مخرج فيلم "داخلي خارجي"، بطولة يسرا، منى زكي، آسر ياسين، وتأليف تامر حبيب، منشوراً على صفحته الرسمية على فيسبوك يقول: "مش عارف مين إللي سربه، بس سعيد إن الفيلم هيتشاف شوية، في الأخر، أهو شهادة لمجموعة من الناس بيحكوا هما شافوا إيه وحسوا وحلموا بإيه في فترة قاعدة شوية شوية تنمحي من ذاكرتنا". وكان لنصرالله تصريحات عدة تشير إلى أن الفيلم ممنوع لأسباب سياسية وأمنية.المنع رقابياً
استغرب الناقد الفني رامي عبد الرازق عدم عرض الفيلم طوال هذه المدة في السينما، واعتبر أن الاعتراض كان بسبب وجود كلمات ستصدم الرأي العام. ويقول إن الفيلم لم يتبنَّ وجهة نظر سياسية تستحق المنع سبع سنوات، لكن المنع ربما كان نتيجة بعض الألفاظ التي تصنفها الرقابة خارجة عن الآداب العامة أو في دور العرض. "كان انفعالياً في طرح قضية سياسية، لعلنا نرجع إلى جملة نجيب محفوظ عندما قال إن أسوأ مؤرخ هو المعاصر، غالبية التجارب التي حاولت توثيق ثورة 25 يناير كانت انفعالية، وقلما وجدنا أعمالاً ناضجة تتضمن وجهة نظر واضحة"، يوضح عبد الرازق. ويقول إن الأعمال الفنية وظيفتها طرح وجهة نظر واستقراء الوضع وليس توثيق الحدث، وهو ما فشل فيه فيلم 18 يوم. كان هناك خوف من الجرأة في بعض الألفاظ، لكن الاعتراض السياسي لم يكن موجوداً، وتابع عبد الرازق: "هناك أفلام عدة أظهرت مساوئ أفراد داخل وزارة الداخلية ولم تمنع، وإذا عرض من 2011 حتى 2012 لم يكن أحد يعترض لأن الشرطة كانت تُهاجم كل يوم". ويرى أن الفيلم يتضمن طرحاً ثقيلاً يستدعي المنع، بالإضافة إلى عدم احتوائه على انتقادات أمنية أو سياسية ذات قيمة في سياقه الزمني في 2011 وليس في2017.شركات الإنتاج سبب منع العرض
الآراء تضاربت، هل الفيلم منع من جهة أمنية أم من الرقابة الفنية، وفي الحالتين لا يوجد قرار رسمي أو ورقة رسمية تؤكد أنه منع، لذا كان ضرورياً أن نتأكد من الدكتور سيد خطاب رئيس هيئة الرقابة على المصنفات الفنية. قال خطاب: "الفيلم لم يواجه أي مشكلة رقابية وقتذاك، لكن ربما كان لدى صناعه رغبة في عرضه داخل دور عرض سينمائية. مضيفاً: "صناع العمل كثر، لم يتعاملوا مع الفيلم كأنه عمل تجاري وربما الخلافات أو عدم التوافق وراء اختفائه". لكن كيف مر الفيلم وهو يحتوي على شتائم في فيلمي (1919 و2-2)؟ هل كان ذلك لامتصاص غضب الشارع الثوري حينها؟ الأمر كان غريباً، فالنسخة التي قدمت إلى الرقابة لم يوجد بها شتائم. يوضح خطاب: "النسخة التي قدمت إلى الرقابة لم يوجد عليها أي ملاحظات تتصل بكلمات خارج إطار الآداب العامة أو ملاحظة على تناول الوضع الأمني". إذن لماذا لم يعرض الفيلم في دور العرض للجمهور؟ يؤكد خطاب أن العمل السينمائي يأخذ تصاريح موافقة على تصويره ثم عرضه في السينما. وهي تبدأ بتصاريح مرتبطة بالنص والسيناريو المعنية والتصوير، وهو ما تقدمت به شركات إنتاج فيلم 18 يوم وحصلت عليه، أما تصاريح العرض العام، فلم تقدمها شركات الإنتاج على الرقابة لأخذ تصريح عرضه في السينما. ويضيف: "وإذا حصل الفيلم على التصريح فقد كان سيقدم لفئة عمرية محددة"، أما بشأن نشره على موقع يوتيوب، فقد قال: "الرقابة تكون على دور العرض السينمائية فقط أما الوسائط الأخرى ليس للهيئة سلطة عليها".كيف عاد الفيلم؟
في النهاية، الفيلم نشر على مواقع الإنترنت، ومنذ أيام نشرت صفحة Screen Mix المعنية بنشر تقييم وعروض الأفلام على فيسبوك تفاصيل عن الفيلم، حتى تشوق رواد الصفحة لمشاهدة الفيلم الممنوع من العرض. وبعد فترة بدأ رواد الصفحة في البحث عن الفيلم على الإنترنت، حتى وصل أحدهم إلى موقع فرنسي يعرض الأفلام المشاركة في مهرجان كان بمقابل مادي، وسجل الفيلم ونشره على الصفحة ومن ثم وصل للجميع.المنع الداخلي والعرض العالمي
في منتصف 2011 ذهب فريق العمل من مخرجين وممثلين إلى مهرجان كان السينمائي، وعُرض الفيلم هناك، كما عُرض في مهرجان هامبورغ السينمائي بألمانيا، وفي مهرجان أبوظبي، وضمن فعاليات مهرجان سينما البحر المتوسط في دورته رقم 17.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع