انتشرت قبل شهرين أنباء عن زيادة جديدة لأسعار المواد البترولية، الأمر الذي أحدث جدلاً بين المصريين قبل نفي بعض المسؤولين للخبر لتهدأ الأمور.
ثم عادت الأنباء أكثر قوة قبل يومين وسط عدم تصديق المواطنين إمكانية اتخاذ الحكومة مثل هذا القرار الخطير في ظل الغليان بسبب أمور عديدة، أبرزها التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وارتفاع أسعار الكهرباء والمواد الغذائية والخدمات، وتدهور الأوضاع الأمنية والاجتماعية نتيجة جميع هذه الضغوط.
في النهاية خرج رئيس الوزراء شريف إسماعيل صباح اليوم الخميس، في مؤتمر صحافي، بمقر مجلس الوزراء، معلناً زيادة أسعار المواد البترولية ليحسم الجدل، ويخلف ثورة هائلة من التعليقات الغاضبة عبر مواقع التواصل.
التسعيرة الجديدة تضمنت زيادة سعر لتر بنزين 80 من 2,35 إلى 3,65، ولتر السولار من 2,35 جنيه إلى 3,65 جنيه، فيما وصل سعر بنزين 92 إلى 5 جنيهات لكل لتر، وإسطوانة الغاز المنزلية إلى 30 جنيهاً بدلاً من 15 فقط.
تصريحات إضافية
أتبع إسماعيل قراره بيصريحات قائلاً إن "الأسعار الجديدة للوقود تأتي ضمن خطة خفض الدعم التي بدأت 2014 وتنتهي 2019 وفق توصيات صندوق النقد الدولي، وأنه لا مفر من القرار قبل حسم قضية الدعم العام القادم". كما لفت إلى أن "المرحلة الحالية لا تحتمل تأجيل القرارات إذ لا بد من مواجهة قرارات الدعم بحزم ليصل إلى مستحقيه، وإلا فالعواقب وخيمة على الجميع والقادم سيكون أسوأ". كما أعلن عن زيادة في أسعار الكهرباء يبدأ تطبيقها في أغسطس المقبل لفواتير يوليو، مشيراً إلى أن الحكومة تتحمل مسؤولية قراراتها، مؤكداً أن حجم الدعم وصل إلى 150 مليار جنيه وأن الموازنة العامة للدولة لم تعد تتحمله. وبالمقابل، أوضح أن الزيادة لن تؤثر على تذاكر المترو والقطارات وحتى على رغيف العيش إذ أعلن وزير التموين أن الحكومة ستتحمل فارق تكاليف إنتاجه بسبب رفع سعر الدولار. وقد أثار تصريح أبو بكر الجندي، رئيس جهاز التعبئة العامة والإحصاء، استغراب المواطنين، حينما أعلن عن حرص الرئيس السيسي على معرفة تأثير القرار على محدودي الدخل بشكل خاص والمواطنين بشكل عام، مما دفع المركز لإجراء دراسة على مختلف المحافظات ووسائل المواصلات لمعرفة نصيب الفرد من الزيادة.نقاط جدلية وتساؤلات
الزيادة الجديدة والكبيرة في الوقت ذاته تثير العديد من التساؤلات، أولها من ينصح الرئيس باتخاذ كل هذه القرارات المستفزة للشعب في ظل الغليان؟ فقد جاء القرار عقب تصديقه أخيراً على اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وبعد فترة قصيرة من آخر زيادة لأسعار الوقود ثم أسعار المنتجات الغذائية والسلع التموينية دون تخوف من رد فعل المواطن.يسأل الشعب: كيف تعلن الدولة عن زيادة أسعار البنزين في ذكرى التظاهرات التي أتت بالسيسي إلى الحكم؟في الوقت ذاته، يعد اختيار توقيت إعلان الزيادة محل جدل وحيرة بين المصريين، فكيف تعلن الزيادة في ذكرى التظاهرات التي أتت بالرئيس السيسي إلى سدة الحكم؟ وقد تساءل بعض المغردين هل هذا عقاب أم رد الجميل؟ واعتبره المغردون المنتمون لجماعة الإخوان المحظورة "عقاباً إلهياً" لظلم المخلوع محمد مرسي. وثاني تلك التساؤلات، إذا صح إدعاء رئيس الوزراء ومسؤولي الحكومة بأن الزيادة تهدف لإعادة توجيه الدعم لمستحقيه على اعتبار أن الأغنياء هم المستهدفون بالزيادة، فكيف لم يدرك هؤلاء أن المواطن البسيط سينفق مزيداً من دخله على المواصلات التي ستزيد بالتبعية لزيادة أسعار الوقود؟ فالسائقون لن يتحملوها وحدهم بالطبع. وكيف تخيلوا أن المواطن البسيط يستطيع تحمل مضاعفة سعر أنبوب الغاز من 15 إلى 30 جنيهاً قد تصل بالسعر التجاري إلى 35 وربما 37 مع عدم القدرة على مراقبة الأسعار كما حدث من قبل؟ ومن الأمور المثيرة للحيرة أيضاً أن وزير البترول طارق الملا ظل يؤكد حتى مساء أمس: "لم يتم الاتفاق بعد على توقيت الزيادة". والتساؤلات المطروحة بقوة هنا هل حاول الملا الكذب على الشعب أم أن القرار اتُخذ فجأة من سلطة أعلى من الوزير نفسه؟ واكتفى الملا عقب إقرار الزيادة بالثناء على القرار والتأكيد أنه يهدف إلى "حياة أفضل للمصريين" بل يوفر من 35 إلى 40 مليار جنيه للدولة.
غضب حاد على تويتر
في موازاة ذلك، نشط المصريون عبر مواقع التواصل للتعبير عن غضبهم من القرارات المتتالية بزيادة الأسعار، مع قلة ساخرة على غير المعتاد، وذلك من خلال هاشتاغ #البنزين و #4_سنين_خراب: فأكدت النسبة الغالبة عدم القدرة على تحمل الزيادة والاضطرار للتخلي عن السيارات واتهموا السيسي بعدم الشعور بهم واتهم البعض الحكومة بحرمان الشعب حتى من فرص الانتحار حرقاً وسخر آخرون من الاضطرار لركوب الحمير بدل أكلها! ومن تتابع زيادة الأسعار لكل الخدمات حتى الكهرباء ومن تصريحات الوزراء والرئيس برفع مستوى المعيشة خلال 6 أشهر! واكتفت نسبة من المغردين الشديدي الإحباط بتنبؤ بالزيادة المقبلة! وجاء تزامن القرار مع ذكرى تظاهرات 30/6 سبباً لنقمة الكثير من المغردين عليهادفاع عن السيسي
في المقابل، انقسم مؤيدو الرئيس المصري بين من وصفوا القرار بأنه "من أجل مستقبل أفضل" وبين من اكتفوا بإلقاء اللوم على الحكومة أو على توصيات صندوق النقد الدولي قبل منح مصر قرضاً بتخفيض الدعم، مع نفي ضلوع الرئيس بأي دور في القرار. ودشن الفريقان هاشتاغ #ثلاثين_يونيو_ثوره_ملايين للدفاع عن وجهة نظرهما. يشار إلى أن أسعار الوقود شهدت 4 زيادات خلال السنوات العشر الأخيرة، بدأها أحمد نظيف رئيس الوزراء إبان حكم حسني مبارك، في مايو 2008 بمعدل يراوح بين 35 و45 قرشاً لكل لتر، بعد سنوات من استقرار أسعارها. بعد ذلك، أعلن إبراهيم محلب، رئيس الوزراء وقتها، زيادة مقدارها 78% في أسعار المواد البترولية في يوليو 2014، قبل أن يعلن شريف إسماعيل نفسه زيادة ثالثة في نوفمبر 2016 تراوحت بين 40 و 50 قرشاً لكل لتر، وعاد ليعلن الزيادة الرابعة بعد أشهر قليلة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...