في كثير من المناسبات، يُحرج الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المسؤولين، إما لكسب ضحكات الحضور أو ليظهر في صورة الزعيم الذي يعطي التعليمات والأوامر فتنفذ فوراً.
نستعرض هنا مواقف متنوعة تختلف فيها أسباب انفعال السيسي أو إحراجه لمن يقف أمامه، ونبحث عن دلالاتها لدى مختصين.
السيسي لعضو مجلس نواب: أنت مين؟
في الثالث والعشرين من مايو الماضي، انفعل السيسي على أحد أعضاء مجلس النواب في جلسة افتتاح مدينة دمياط للأثاث حين طالب هذا النائب بتأجيل زيادة أسعار الوقود والكهرباء حتى رفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة آلاف جنيه، لأنّ "أصحاب الدخول البسيطة مش ح تقدر تستحمل". السيسي فاجأ الحضور بمقاطعة النائب قائلًا: "إنت مين؟". ردّ عليه النائب: "أنا أبو المعاطي مصطفى عضو مجلس النواب». فقال له الرئيس المصري: "نواب إيه؟ إنت دارس الموضوع اللي بتتكلم فيه... إنت عايز دولة تقوم، ولا تفضل ميته؟ لو سمحت ادرسوا المواضيع كويس وبعدين اتكلموا". ثم استطرد السيسي في توجيه حديثه الغاضب: "الدولة مش بتقوم بالعواطف والكلام اللي مش مدروس، أنا مسؤول قدامكم إنها تبقى دولة ذات شأن وقيمة، مش كلام زي نأجل وبلاش دلوقتي ومعلش... من فضلكم اللي يتصدى للموضوع يبقى دارسه دراسة كاملة".السيسي يعنف كامل الوزير: انت ما رجعتش الأرقام دي قبل كده؟
لم يسلم اللواء الركن حرب كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية في القوات المسلحة، هو الآخر من تعنيف السيسي، فخلال افتتاح عدد من المشاريع في مجالات مختلفة في مدينة بدر، وأثناء استعراض مشروعات شبكة الطرق القوميّة في المحافظات انتقد الرئيس المصري عدم الانتهاء من طريق السويس وإنجاز نسبة 75% منه فقط. قال السيسي حينها: "كامل يا وزير هو طريق السويس معاده ايمتى"، فأجاب رئيس الهيئة الهندسيّة: "معاده عدّا من 6 أشهر". فعقّب السيسي غاضباً: "طيب خير... طريق السويس مش كنا المفروض نفتتحه من 6 شهور أمال، من شبرا بنها 30%، وإحنا الجزء المتبقي من الدائري الإقليمي هيكلف تمانية مليار جنيه... إزاي؟"."انت مين؟" سؤال طرحه الرئيس السيسي على إحد النواب المصريين
عندما يعنّف السيسي نواب الأمة وشخصياتها البارزة ويحرجهم، أي رسالة يريد إيصالها؟مرة أخرى، انفعل السيسي غاضباً على رئيس الهيئة الهندسية في القوات المسلحة حين قال له: "هنراجع الأرقام تاني"، فقال له الرئيس المصري غاضباً: "وأنت ما راجعتش الأرقام ديه ليه قبل كده ليه، وراجعت البيانات ديه كويس ولا لأ؟".
السيسي لكامل الوزير: انت عايزهم يصقفولك وخلاص؟
في مشهد آخر أحرج السيسي اللواء كامل الوزير عند حديث الأخير عن تطهير جزر النيلحين. قال: "ايمتى؟ والتكلفة كام؟ إنت عايزهم يصقفولك وخلاص؟ لازم توضح للناس التفاصيل". جاء ذلك خلال شرح الوزير في مؤتمر حول الموقف بشأن إزالة التعديات على أراضي الدولة في السابع من يونيو العام الجاري. حينها كان رئيس الهيئة الهندسيّة يشرح جهود تطهير بحيرة المنزلة وحماية الأسماك الصغيرة، ووعد بعدم تكرار الأعمال المخالفة التي كانت تنتشر في البحيرة.الرئيس السيسي يحرج وزير المال
في العاشر من ديسمبر من العام الماضي أحرج السيسي الدكتور عمرو الجارحي، وزير المال، خلال الجلسة العامة الثانية حول الإصلاح الاقتصادي، إذ قال له: "احنا عاملين اللقاء ده مش للمتخصصين، احنا عاملين اللقاء ده عشان نعمل سياق معرفي وتنويري معرفي لجميع المصريين"، معتبراً أنّ ما يقوله الوزير لا يفهمه المواطن البسيط. حينها ردّ وزير المال: "هو بيبقي مرات صعبه إنك تشرحها ببساطه شديدة، لكن حاضر... أنا خلصت الجزء بتاعي".السيسي لوزير التجارة: إنتوا عندكوا مشكلة؟
في الثالث والعشرين من مايو الماضي، استوقف السيسي المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، خلال إلقاء كلمته في افتتاح المرحلة الأولى من مشروع مدينة دمياط للأثاث، وقال له: "انتو بقالكو سنتين بتوعدوني انكو هتنقلو الناس من مجرى العيون لهنا ولحد دلوقت متحققش... انتو عندكو مشكلة مع الناس؟". وزير الصناعة الذي كان يتحدث قبلها عن تخصيص 1008 وحدة سكنيّة للعاملين في مشروع مجرى العيون، رد على رئيس الجمهوريّة: "فعلاً عندنا مشكلة"، فرد السيسي: "قولي ايه المشكلة وأنا أحلها".السيسي غاضباً يقاطع وزير البترول: قول الحقيقة
كان طارق الملا، وزير البترول، يقول إنّ مصر تستورد 35% من احتياجاتها البتروليّة، خلال الجلسة العامة الأخيرة حول الإصلاح الاقتصادي ورؤية الشباب، في جلسة الحوار الشهري الأولى للشباب، وكان الملا يشير حينها إلى "أنّ الدعم في الموازنة حوالي 55 مليار جنيه، وسيصل ربما إلى 65 ملياراً في الموازنة المقبلة"، حين قاطعه السيسي غاضباً: "أنت بتبسط المسألة ليه، ولازم الناس تعرف الحقيقة إن حجم العائد من استثمار الكهرباء لا يكون على المستوى المطلوب".السيسي لمحافظ الشرقيّة متهكماً: كلّ سرير محتاج نص مليون لرفع كفاءته
في مشهد أخر هاجم السيسي اللواء خالد سعيد، محافظ الشرقيّة، عندما طالب في يونيو من العام 2017، بتوفير مئة وستين مليون جنيه من أجل تحسين كفاءة مستشفى التأمين الصحي في منطقة العاشر من رمضان. عقب السيسي على هذا الطلب قائلاً: "160 مليون جنيه عشان نرفع كفاءة المستشفى... يعني كلّ سرير محتاج نص مليون لرفع كفاءته". ثم تابع حديثه ساخراً: "خلينا نريحك هات الـ16 مليون جنيه وإحنا نعملها... كامل يا وزير كام شهر عشان نرجعلهم المستشفي ديه؟" وردّ عليه اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسيّة في القوات المسلّحة، قائلاً: "3 شهور يا فندم".تعليق المتخصصين
يقول إسلام أحمد فؤاد، خبير في التواصل، لرصيف22، إنّ انفعالات السيسي خلال لقاءاته مع الآخرين هي وليدة الحدث وتعتبر انفعالات طبيعية. ويضيف: "السيسي شخصيّة عسكريّة في الأساس وكان يعمل في المخابرات، لذلك فإنّ شخصيته جادة، لهذا السبب حين يرى أنّ أحد المسؤولين يتهاون في عمله يغضب ويثور ضدّه، وعندما يتحدث آخر عن مشروعات قومية بمعلومات وأرقام مغلوطة فإنّ السيسي يعنفه". ويرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة، أنّ خلفية السيسي العسكرية هي سبب طريقة تعامله مع مرؤوسيه بهذا الشكل. ويقول لرصيف 22: "إنّ تعنيف أو إحراج السيسي لبعض المسؤولين والقادة نوع من الاستعراض أمام الكاميرات، فهو يقول من خلالها "أنا زعيم والجميع يتبع تعليماتي". ويضيف صادق أنّ الكثير منّا شاهد السيسي يطالب رئيس هيئة قناة السويس ورئيس الهيئة العامة لتنمية المنطقة الاقتصاديّة لقناة السويس مهاب مميش أن تكون مدة تنفيذ محور قناة السويس سنة واحدة بدلاً من ثلاث، وموافقة مميش على طلب الرئيس على الفور، لافتاً إلى أنّ السيسي في هذا الموقف حاول تأكيد أنّه القائد وأنّ الجميع كسالى وهو مهتم بسرعة تنفيذ المشروعات قبل موعدها المحدد. ولفت أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة إلى أنّ هذه المواقف "محرجة جداً" لهذه الشخصيات: "أن تهين لواء أو نائباً رشحّه الملايين من الشعب لكي يمثلهم، فهي إهانة له أمام أسرته وأمام المواطنين الذين يتابعون المؤتمر". كما طالب صادق من السيسي أن يلتزم بما كُتب له في بياناته وأن لا يرتجل لأنّ الارتجال غالباً ما يوقعه في الأخطاء، مشيراً إلى أنّه في خطابه الأخير في المملكة العربية السعوديّة كان ملتزماً تماماً بالبيان المكتوب، ولم يرتجل، فجاء كلامه منسقاً وقد أعجب الجميع.حتى غير المصريين لم يسلموا من الإحراج
يذكر أنّ طريقة السيسي هذه لم تتوقف عند المسؤولين المصريين بل امتدت إلى شخصيات أجنبيّة، إذ إن الرئيس المصري كان قد اعترض في مارس 2015 على المدة الزمنيّة التي حددها مستثمر إماراتي لإتمام مشروع العاصمة الجديدة، والتي كانت عشر سنوات، وقال: "لا إحنا مش بنشتغل كدة لازم المشروع يتم في أسرع وقت"، فردّ المستثمر الإماراتي: أؤمر نبدأ إيمتى، فقال السيسي: "أمر إمبارح، عشان ينجز يعني".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين