رأس المال يتمدّد على شواطئ مصر

رأس المال يتمدّد على شواطئ مصر

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الخميس 30 أكتوبر 202524 دقيقة للقراءة

أُعد هذا التحقيق بدعم من أريج.

على الصخرة الشهيرة، التي حملت اسمها لاحقاً، جلست ليلى مراد تغني لـ"الهوا والمية" في فيلم شاطئ الغرام؛ تتحدث إلى البحر الذي هو "سلوتها" عن الناس "اللي بتيجى وتروح"، حينما كانت الشواطئ تجمع بين الأثرياء والبسطاء. في قصة الفيلم التقت "ليلى"، ابنة موظف التلغراف، الشاب الثري؛ جمعهما البحر الذي كان متنفساً للجميع.

لم تعد الشواطئ متاحة كما كان الحال في السابق، هذا ما أكده أحمد حسين*، الذي يسكن محافظة مطروح. يقول أحمد إنه لا يتمكن وعائلته من دخول شواطئ كانت مفتوحة أمامهم في الماضي؛ مثل رأس الحكمة أو الساحل الشمالي بدءاً من مارينا.

القرى السياحية تلتهم الشواطئ العامة

يشكو أحمد، 38 عاماً، من تغير خريطة المُتَنَزَّهات؛ إذ لم يعد أمام أهالي مطروح سوى السير على الممشى السياحي، أو البحث عن أماكن بعيدة، ما يضاعف الأعباء المادية والمعنوية. وأكد أن دخول المناطق الساحلية، بداية من مارينا، كانت متاحة أمامهم في السابق.

يوضح أحمد أن أجمل ما كان يميز مطروح هو التعامل مع الطبيعة: "بنزل الميه وبشم الهواء وبتعرض للشمس".

يكشف هذا التحقيق عن التوسع في إقامة مشروعات سياحية على الساحل الشمالي الغربي في مصر، يملكها رجال أعمال مصريون وخليجيون وصناديق سيادية في دول الخليج العربي، بالإضافة إلى استثمارات خاصة بالحكومة المصرية، فضلاً عن التوسع في تحويل المساحات العامة على الشواطئ في الإسكندرية، إلى مشروعات سياحية

ويؤكد اختفاء مظاهر الجمال مع دخول الإنشاءات والمباني بالقول: "المتاح حالياً هو تعامل استثماري بحت… عايز تستمتع بالطبيعة اللي ربنا خلقها لازم تكون قد التكلفة".

تزايد عدد القرى السياحية الشاطئية في مصر خلال ست سنوات (2019-2024) بمقدار 478 قرية سياحية. في حين بلغت حصة الشواطئ الخاصة من إجمالي الشواطئ في البلاد 88 في المئة (2024 )، مقارنة بـ 14 في المئة عام 2013، وفق تحليل بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.

بلغ عدد القرى السياحية الشاطئية في مصر 562 قرية عام 2024، فيما يصل عدد الشواطئ الخاصة إلى 500 شاطئ، وفق المصدر ذاته.

رؤوس أموال خليجية في "مواجهة" البحر

وفق قاعدة بيانات أعدتها أريج، تضمنت 106 قرى سياحية أُعلن تطويرها في المناطق الساحلية بمحافظة مطروح -معظمها تقع في المنطقة الممتدة بين العلمين ومرسى مطروح- فقد امتدت القرى السياحية على مساحة تبلغ 131 ألف دونم تقريباً، تم البدء بإنشاء غالبيتها.

كما كشف تحليل البيانات عن أن 79 من تلك القرى امتلكت واجهات شواطئ، تصل إلى 72 كيلومتراً تقريباً.

كما يكشف التحليل عن أن الاستثمارات بشراكات خليجية، لأفراد أو مؤسسات، استحوذت على واجهات شواطئ تقدر بنحو 32 كيلومتراً من الساحل الشمالي الغربي، ضمن مشروعات قرى سياحية خُصّصت لها مساحات نحو 66 ألف دونم؛ أي نحو 51 في المئة من إجمالي مساحات القرى السياحية المشمولة في التحليل. لا يشمل ذلك مشروع مدينة رأس الحكمة، الذي أعلنته الحكومة المصرية في شباط/فبراير 2024، وتستحوذ أبوظبي القابضة على حقوق تطويره. يملك مشروع رأس الحكمة واجهة بحرية بطول 44 كيلومتراً.

وبحسب التحليل، تقف خلف تطوير عدد من القرى السياحية، ذات الواجهة البحرية، صناديق سيادية وجهات حكومية في دول الخليج العربي؛ منها أبوظبي القابضة، ودبي للاستثمارات الحكومية، والهيئة العامة للاستثمار المملوكة للحكومة الكويتية، وجهاز قطر للاستثمار عبر الديار القطرية، بالإضافة إلى وزارة المالية السعودية. استحوذت تلك المشروعات على 43 في المئة من إجمالي المساحات، وما يزيد على نصف أطوال الشواطئ لإجمالي المشروعات التي نُفذت بشراكات أو رؤوس أموال خليجية.

تضاف إلى ذلك إسهامات شركات خاصة في دول الخليج العربي، أو شراكات مع رجال أعمال كانوا أو ما زالوا في أجهزة حكومية هناك؛ منهم رئيس الديوان الأميري في إمارة عجمان ماجد النعيمي، عضو المجلس التنفيذي لحكومة الإمارة، ومحمد الهاجري، مدير تنفيذي في جهاز أبوظبي للاستثمار، الذراع الاستثماري لحكومة أبو ظبي.

كما تضم قائمة المطورين العقاريين محمد العبار، المستشار السابق لحاكم دبي، الذي تولى سابقاً منصب المدير العام المؤسس لدائرة التنمية الاقتصادية بحكومة دبي. يترأس العبار مجلس إدارة شركة إعمار مصر، المملوكة جزئياً لدبي للاستثمارات الحكومية. تبلغ استثمارات الشركة في مشروعي مراسي ومنتجع سول لاكشري بيتش في الساحل الشمالي الغربي، 18 مليار دولار أمريكي، منها 15 مليار دولار لمشروع مراسي.

تتضمن الاشتراطات البيئية لترخيص القرى السياحية الالتزام بعدم البناء داخل حرم الشاطئ (الذي يُحدد بـ 200 متر من خط الشاطئ إلى داخل اليابسة، وبموافقة الوزارة)، مع ضرورة الالتزام باشتراطات البناء في المناطق الساحلية.

ومع ذلك، يمكن للجنة العليا لتراخيص الشواطئ النظر في الموافقة على التراخيص كافة داخل منطقة الحظر، الممتدة على طول الشواطئ المصرية.

يبدو مشهد حيازة الأراضي بمحاذاة الشواطئ في الساحل الشمالي ضبابياً في عدة حالات. تبرز قصة الأرض التي أقيم عليها مشروع مراسي لشركة إعمار مصر، المملوكة جزئياً لدبي للاستثمارات الحكومية، مثالاً على ذلك. في عام 2006، فازت إعمار مصر عبر مزاد علني بقطعة أرض مساحتها ستة آلاف و200 دونم تقريباً، كانت لشركة إيجوث المملوكة للحكومة المصرية.

حصلت إعمار مصر على الأرض بسعر 160.5 جنيه مصري للمتر الواحد (يعادل وقتها 27.9 دولار أمريكي للمتر)، وبإجمالي مليار وأربعة ملايين جنيه مصري تقريباً (يعادل وقتها 174.6 مليون دولار أمريكي تقريباً). أوضحت إيجوث أنها حصلت عليها بتخصيص من وزارة السياحة. عام 2012، حصلت إعمار مصر على ترخيص لإقامة المرحلة الأولى من مشروع مراسي، لكن بعد عدة أشهر، قالت إدارة الاستثمار في محافظة مطروح إنه تبيّن لها أنها تملك الولاية على الأرض، ولا يحق لشركة إيجوث بيعها من دون العودة إليها. ورفض الشهر العقاري تسجيل قطعة الأرض.

أُوقفت تراخيص المرحلة الثانية لحين فض النزاع بواسطة لجنة متخصصة. لاحقاً أنهت إعمار بناء مراحل للمشروع، وطرحت وحداتها للبيع. فيما يكشف التقرير المالي لإعمار مصر لعام 2020، أن الأرض المُقام عليها مشروع مراسي باتت مسجلة باسم الشركة.

البحر "ملكية" غير معلنة

يقول المستشار السابق لوزير البيئة، حسام محرم، إن نظام القرى السياحية الذي بدأ في السبعينيات بإغلاق شواطئها على قاطنيها أمر غير دستوري، وقد يُنقض قضائياً حال رفع دعوى أمام المحكمة الدستورية.

ويرى محرم أن الشواطئ العامة حق للمواطنين، ولا مانع من وجود مطاعم ومتنزهات بضوابط بيئية، شريطة ألا يمتد الامتياز إلى منع المواطنين من دخول الشواطئ وقصرها على المستفيدين من القرى السياحية، حيث تُقدم الخدمات برسوم باهظة، مشيراً إلى أن 60 إلى 70 في المئة من المواطنين غير قادرين على الاستمتاع بها.

تقول المحامية والحقوقية، انتصار السعيد، وهي رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، إن الشواطئ العامة حق مكفول للناس، وفق الدستور: "مش معقول إن بلد فيها آلاف الكيلومترات من البحر، يتحول أغلبها لبوابات مغلقة ولافتات (ممنوع الدخول إلا للنزلاء)، وكأن البحر بات مِلْكاً خاصاً".

وأشارت إلى إمكانية الطعن القضائي إذا ثبت أن هناك ممارسات تتضمن تخصيص أو تأجير الشواطئ العامة، أو تغيير طبيعة الأرض الساحلية، بما يخالف الدستور أو القوانين البيئية.

وأكدت المحامية والحقوقية انتصار السعيد أن الموارد الطبيعية (ومنها الشواطئ والسواحل) مملوكة للشعب، وأن الدولة مسؤولة عن حمايتها وعدم التفريط فيها.

وبحسب السعيد، نصت المادتان 32 و45 من دستور 2014، وقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، على وجوب الالتزام بشروط لحماية البيئة، والحصول على موافقات بيئية قبل أي نشاط تطويري، خصوصاً في المناطق الساحلية ذات الحساسية البيئية العالية. "وليس من حق أي جهة -حتى الدولة- التنازل عن الشواطئ من دون ضوابط شفافة، وتحقيق لمصلحة عامة حقيقية"، وفق قولها.

لم يُخفِ الرئيس السابق لمركز ومدينة الضبعة، التابعة لمحافظة مطروح، اللواء حسين أبو طالب، علم السلطات بقصر استخدام شواطئ المشروعات السياحية في الساحل الشمالي على نزلائها؛ جاء ذلك إثر مطالبة إدارات حكومية في محافظة مطروح، لقرى سياحية بدفع رسوم مقابل حق الانتفاع بالشواطئ والبحر.

وقال أبو طالب في تصريح تلفزيوني إن تلك المشروعات مُنحت تراخيص لإقامة المنشآت على الأراضي المواجهة للبحر، لا لاحتكار الشواطئ التي هي ملكية عامة؛ لذا يجب الدفع مقابل ذلك. وأكد أنه لا يوجد في العقد المبرم بين المحافظة، وهي جهة الولاية، والقرية التي تقع فيها الأرض ما يشير إلى أن الشاطئ والبحر مِلك لتلك المشروعات.

يكشف تحليل البيانات عن أن المشروعات ذات الاستثمار الإماراتي شكلت نصف مشروعات التطوير باستثمار خليجي أو بشراكة خليجية، وفق قاعدة البيانات التي شملت 106 مشروعات سياحية في الساحل الشمالي الغربي

يقول أبو طالب: "القرى السياحية لها وضع خاص وقافلة على نفسها، والملاك هم اللي بيستخدموا الرمل والبحر". وأضاف: "من رابع المستحيلات أنه أي قرية، وفي الساحل الشمالي بالذات، أنه تدَخَل حَد ، مفيش حد يقدر يخش (يدخل)".

"اهتمام خاص"  

يكشف تحليل البيانات عن أن المشروعات ذات الاستثمار الإماراتي شكلت نصف مشروعات التطوير باستثمار خليجي أو بشراكة خليجية، وفق قاعدة البيانات التي شملت 106 مشروعات سياحية في الساحل الشمالي الغربي.

كما سيطرت القرى السياحية المتصلة باستثمارات إماراتية على نحو 70 في المئة من أطوال الشواطئ، التابعة لمشروعات التطوير باستثمار خليجي أو بشراكة خليجية. في حين استحوذت الاستثمارات الإماراتية على ثلثي المساحات المُقامة عليها تلك المشروعات.

برز الاهتمام الإماراتي بشكل أكبر في الإعلان عن إنشاء مدينة رأس الحكمة في الساحل الشمالي الغربي. تضم المدينة مرافق حيوية كمنطقة صناعية ومطار دولي ومراكز خدمات لوجستية، وتمتد على الجزء الأكبر من أراضي شبه جزيرة رأس الحكمة، بمساحة تبلغ نحو 170 مليون متر مربع تقريباً، وبواجهة بحرية تبلغ نحو 44 كيلومتراً، بعرض مئة متر لحرم البحر.

احتفت وسائل إعلام إماراتية بمشروع مدينة رأس الحكمة، ووصفته وكالة الأنباء الإماراتية بأنه "درة تاج" الاستثمارات الإماراتية في الخارج. يقع المشروع غرب الإسكندرية بين مرسى مطروح ومدينة العلمين الجديدة، على أراضٍ نُقلت ولايتها إلى هيئة المجتمعات العمرانية. ويُتوقع أن يستقطب المشروع استثمارات بقيمة 150 مليار دولار أمريكي، وفق ما أعلنته الحكومة المصرية.

تستحوذ شركة أبوظبي القابضة على حقوق تطوير رأس الحكمة، مقابل 24 مليار دولار أمريكي كدفعة مباشرة، في حين تحتفظ الحكومة المصرية بنحو 35 في المئة من المشروع. كما ستقوم أبوظبي القابضة ADQ أيضاً بتحويل 11 مليار دولار أمريكي من الودائع التي ستُستخدم للاستثمار في مشروعات رئيسية في مصر.

يضم المشروع -الذي وُصف بأنه أكبر صفقة اقتصادية عقارية سياحية في تاريخ مصر المعاصر- أحياء سكنية، وفنادق عالمية ومنتجعات سياحية، وأماكن ترفيه ومرافق أساسية، بالإضافة إلى منطقة اقتصادية حرة، ومراكز خدمات لوجستية ومرسى كبير لليخوت، ومراكز أعمال لجذب الشركات العالمية. ويتضمن المشروع بناء مطار دولي تتولى شركة أبوظبي القابضة تطويره، مقابل أن تحصل مصر على أرباح.

أطلقت مدن القابضة التي تم اختيارها لتطوير المشروع، المرحلة الأولى لمدينة رأس الحكمة، بعدد وحدات يبلغ سبعة آلاف و700 وحدة، وبقيمة مبيعات يُتوقع أن تصل إلى 6.2 مليار دولار أمريكي (300 مليار جنيه مصري) حتى نهاية العام الحالي (2025). تبدأ أسعار الوحدات من 15.9 مليون جنيه مصري (329 ألف دولار أمريكي تقريباً) للوحدة المكونة من غرفة نوم واحدة.

وترتبط "أبو ظبي القابضة" بأحد أكبر المجموعات التجارية العقارية؛ وهي مجموعة طلعت مصطفى، إذ استحوذت أبو ظبي القابضة ومجموعة "أدنيك" العام الماضي (2024) على 40.5 في المئة من شركة أيكون، الذراع الفندقي للمجموعة. وستقوم الشركتان بالاستثمار من خلال كيان ذي أغراض خاصة. كما أعلنت مجموعة طلعت مصطفى اتفاقها مع أبو ظبي القابضة، للتعاون في تطوير رأس الحكمة.

يشغل هشام طلعت مصطفى منصب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى القابضة. في عام 2010، صدر حكم بالسجن 15 عاماً ضده في قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، لكنّه حصل على عفو رئاسي عام 2017، وعاد بعدها إلى مزاولة أعماله. يشارك هشام طلعت مصطفى في مشروعات استراتيجية بالتعاون مع الحكومة المصرية، وصناديق استثمار خليجية، مثل صندوق أبوظبي القابضة (ADQ). تمتلك المجموعة مشروعات عقارية وسياحية كبرى في مصر؛ مثل مدينتي والرحاب، ومشروع ساوث ميد في الساحل الشمالي. ويشغل الآن عضو لجنة تطوير السياحة المصرية الاستشارية، التي شكّلها رئيس مجلس الوزراء المصري.

حضور حكومي

استحوذت المشروعات، التي تطورها شركات بمساهمة حكومية، على نحو ثلث المساحات المخصصة للقرى السياحية المُطوَّرة أو قيد التطوير، وفق قاعدة البيانات. كما سيطرت تلك المشروعات على 13 كيلومتراً تقريباً من أطوال الشاطئ.

حازت هيئة المجتمعات العمرانية، عبر محفظة مشروعات سيتي إيدج، المملوكة للحكومة المصرية، على النصيب الأكبر من مشروع مدينة العلمين الجديدة، الذي أُطلق عام 2018. يليها بنك التعمير والإسكان. يبدأ سعر الوحدات في المشروع من ستة عشر مليوناً وثمانمئة ألف جنيه مصري.

تضم المدينة، التي ما تزال قيد الإنشاء، مرافق سياحية وترفيهية عديدة، ومؤسسات تعليمية، وتقع على مساحة تمتد إلى نحو 200 ألف دونم، وبها ممشى على البحر المتوسط بطول 14 كيلومتراً. كما تسهم الحكومة في أربعة مشروعات أخرى مع القطاع الخاص، من خلال شركة "هايد بارك للتطوير العقاري" و"البنك الأهلي المصري" (ترجع ملكيتهما للحكومة المصرية). للحكومة المصرية. بالإضافة إلى مشروعات عبر "السعودية المصرية للتعمير"، وفق قاعدة البيانات التي تشمل 106 من المشروعات السياحية بالساحل الشمالي.

عام 2020، صدر قرار جمهوري بنقل ولاية بعض أراضي الساحل الشمالي الغربي إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة؛ بهدف إقامة مجتمعات عمرانية جديدة. وخُصّصت مساحة 707.2 ألف فدان تقريباً لصالح الهيئة.

أما أكبر المشروعات التي تشارك بها الحكومة فهو مشروع قرية ساوث ميد، بالشراكة مع رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى. تصل قيمة المشروع، المُعلن العام الماضي (2024)، إلى نحو 21 مليار دولار أمريكي. وسيقام على مساحة 23 مليون متر مربع، ويضم مارينا دولية كبيرة لليخوت والسفن السياحية.

تراوحت قيمة التعويضات، التي عُرضت على أهالي قرية جميمة، حيث سيقام المشروع، بين ثلاثة إلى سبعة آلاف جنيه مصري (62 إلى 145 دولاراً أمريكياً للمتر الواحد). في حين أعلنت مجموعة طلعت مصطفى القابضة، أن المشروع حقق في ستة أيام مبيعات بقيمة 200 مليار جنيه مصري، ويتوقع أن يحقق مبيعات بإجمالي 1.6 تريليون جنيه مصري (33.15 مليار دولار أمريكي).

الأثر البيئي مسؤولية من؟

تُعدّ دراسة الأثر البيئي من المتطلبات الأساسية للحصول على ترخيص إقامة القرى والمشروعات السياحية في مصر، ويخضع إعداد تلك الدراسة للائحة التنفيذية لقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، وتُنفذ تحت إشراف جهاز شؤون البيئة.

تُصنّف القرى السياحية ضمن الفئة (ب) أو (ج) بحسب عدة معايير؛ من أبرزها حجم المشروع وموقعه الجغرافي. وتُدرج القرى الصغيرة أو المتوسطة ضمن الفئة (ب)، في حين تُصنّف القرى الكبيرة أو الواقعة في مناطق حساسة بيئياً، مثل السواحل أو المحميات الطبيعية، ضمن الفئة (ج)، وهي المشروعات الأشد تأثيراً في البيئة، وتتطلب اشتراطات صارمة ومراجعات معمّقة، وفق الدليل الإرشادي لجهاز شؤون البيئة لأسس وإجراءات تقييم التأثير البيئي. ويشترط في هذه الحالة "التشاور العام" مع المواطنين بهدف مشاركتهم، إلى جانب الجهات المعنية، في مرحلتي التخطيط والتنفيذ للمشروعات من هذا النوع.

شكّل تطوير المنتجعات السياحية والمناطق الترفيهية، أحد تهديدات الخط الساحلي الشمالي الغربي للبحر المتوسط في مصر.

توضح سحر مهنا، الرئيسة السابقة لشعبة المصايد بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد، أن تقييم المشروعات يجب أن يشترط عدم الإضرار بطبيعة المكان أو النحر، وعدم تأثير النشاط في الحياة البحرية والنظام البيئي، مع الالتزام بقانون البيئة الذي يمنع التلوث، ويلزم بإدارة المخلفات دون التخلص منها في المجاري المائية، وتحليل عينات التربة والمياه، وفق قولها.

وتضيف سحر أنه لا بد من عمل دراسة تقييم الأثر البيئي لأي مشروع، وألا يُنفذ حتى تثبت الدراسة أن إنجاز المشروع لن يؤثر في الحياة المائية أو الكائنات، وتُختم الدراسة بختم مؤسسة حكومية.

كما أوضحت أنه يشترط عدم الاعتداء على الطبيعة في المكان، وعدم تغيير البيئة المحيطة مثل القيام بالردم أو عمل إضافات، أو التسبب بنحر الشواطئ وعدم التأثير في الحياة البحرية والنظام البيئي في المنطقة.

تبدو التعديلات التي طرأت على القانون المتعلق بتقييم الأثر البيئي، عام 2009، مثيرة للاهتمام؛ إذ نُقلت مسؤولية إجراء دراسة تقييم الأثر البيئي من الجهاز الحكومي المعني إلى صاحب المنشأة، فبعد أن كان القانون ينص على تولي "الجهة الإدارية المختصة أو المانحة للترخيص، تقييم التأثير البيئي للمنشأة"، أصبح يلزم "كل شخص طبيعي أو اعتباري، عام أو خاص بتقديم دراسة تقويم التأثير البيئي للمنشأة"، ويكون دور الجهاز الإداري تقييم ما تقدم به صاحب المنشأة، وفق المادتين 19 و20 من تعديلات قانون البيئة رقم 9 لسنة 2009، وهو ما يتفق مع ما ورد في دراسة نشرها مركز الإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية في مصر (2025).

تؤكد سحر مهنا وقوع مخالفات من مستثمرين كإنشاء سقالات تجرف التربة، أو إلقاء المخلفات في المياه. وتضيف: "البعض ممكن يقوم بإنشاء سقالة بغمضة عين، علشان تبقى أمر واقع".

مخاطر بيئية

شكّل تطوير المنتجعات السياحية والمناطق الترفيهية، أحد تهديدات الخط الساحلي الشمالي الغربي للبحر المتوسط في مصر، حيث رُصد تآكل في السواحل خلال الفترة بين عام 1990 إلى 2020، وفق دراسة نُشرت في دورية "Regional Studies in Marine Science"، وشارك فيها باحثون من جامعة الإسكندرية والمركز القومي لبحوث المياه في مصر.

وكشفت الدراسة المنشورة عام 2023، وشملت المنطقة الممتدة بين الضبعة ورأس الحكمة، عن أن الفترة بين 2010 إلى 2020 شهدت أعلى معدل لنحر الشواطئ، و بمقدار تراجع بلغ 1.12 متر سنوياً.

كما أشارت دراسة مصرية نُشرت في مجلة كلية الآداب، بجامعة بني سويف، إلى أن الفترة الواقعة بين 2016 و2023، شهدت تدخلاً بشرياً أثر بشكل كبير في "مورفولوجية" خط الشاطئ بالقطاع الممتد من مدينة العلمين حتى منطقة سيدي عبد الرحمن بالساحل الشمالي.

هذا التدخل ارتبط بتأسيس وإنشاء قرى ومنتجعات سياحية؛ قامت بعضها بتطوير الشواطئ وحمايتها هندسياً، وإنشاء مراسٍ لليخوت، وتطوير البحيرات الساحلية، ووصلها بالبحر ببواغيز صناعية، بالإضافة إلى البناء في حرم الشاطئ؛ ما انعكس على زيادة صافي نحت الشواطئ بتراجع بلغ 662.6 متر تقريباً خلال ثماني سنوات، ليسجل أكبر معدل تراجع للشواطئ خلال الفترات الزمنية التي غطتها الدراسة، للفترة من 1996 إلى 2023.

يؤكد عز الدين جمعة، 40 عاماً، صياد وغواص من مطروح ويمارس المهنة منذ 26 عاماً، أن التوسع في المشروعات السياحية أثّر بشكل بالغ في البيئة البحرية؛ نتيجة الصرف الذي يصب أحياناً في البحر، إضافة إلى المخلفات الزيتية والبلاستيكية والقمامة المُلقاة على الشواطئ.

كما أوضح أن تجريف التربة، الناجم عن الإنشاءات السياحية، شكّل طبقات جيرية تترسب في البحر، ما خلق بيئة غير مناسبة بحياة أنواع مثل "القاروص" و"الوقار الأبيض"، وأدى ذلك إلى ندرتها.

وأشار جمعة إلى أن الصيادين باتوا محرومين من الوصول إلى نحو 80 في المئة من شواطئ مطروح، بسبب القرى السياحية التي أُنشئت حديثاً في مناطق مثل "رأس الحكمة، وجميمة، وسيدي عبد الرحمن، وسيدي حنيش، وباجوش"، وتسبب ذلك في حدوث مشكلات للصيادين؛ لأن بعض أصحاب القرى يقوم بإبلاغ الأمن عند اقتراب القوارب، ما يؤدي أحياناً إلى مصادرة المعدات والقوارب، وهو ما تعرض له جمعة شخصياً أكثر من مرة.

تراجعت الشواطئ العامة في مصر بشكل كبير لصالح المشروعات السياحية. تبنت الحكومة في الإسكندرية منذ عام 2010 سياسة تقسيم الشواطئ العامة إلى (مميزة، سياحية، مجانية)، فضلاً عن تقسيم الشاطئ الواحد إلى عدة شواطئ؛ لتسهيل استغلالها تجارياً، ما أدى إلى تقلص عددها مقارنة بالشواطئ الخاصة، مع الإبقاء على 20 شاطئاً مجانياً

أما أحمد حسين* من مطروح فيقول: "لم نعد نمارس هواياتنا المعتادة كالصيد أو السباحة أو رحلات السفاري، فضلاً عن الأسعار الفلكية للخدمات، مقارنة بباقي أنحاء الجمهورية". ويضيف: "منذ عام ونصف، لم أتمكن من اصطحاب أسرتي إلى البحر".

بقيت صخرة "ليلى مراد" في مكانها، لكنّ الوصول إليها لم يعد متاحاً مجاناً؛ فمن أراد الصعود هناك اليوم، عليه أن يدفع المال أولاً لدخول الشاطئ.

محمد سعيد، صياد صنارة (بوصة) هاوٍ من الإسكندرية، لم يعد بمقدوره الوصول إلى مساحات واسعة من الساحل المصري الشمالي؛ بسبب توسع المشروعات السياحية فيها.

يلمس سعيد، 47 عاماً، تراجع كميات وأحجام الأسماك في السنوات الأخيرة، بعد توسع الاستثمارات السياحية. يقول: "الخير كان كتير في البحر، السمك كان بكميات كبيرة وأحجام كبيرة، التوسعات اللي حدثت تخيف السمك، بالإضافة إلى الصيد الجائر في ظل غياب الرقابة".

يوضح سعيد: "كنت أصطاد خمسة إلى ستة كيلوغرامات في المرة الواحدة أو المرتين عام 2010، أما الآن ففي الغالب لا تتجاوز (حصيلة الصيد) الكيلوغرام الواحد". وأشار إلى اختفاء أنواع شهيرة من الأسماك؛ مثل "الخزار" وتراجع البربون في السنوات العشر الأخيرة.

تراجعت الشواطئ العامة في مصر بشكل كبير لصالح المشروعات السياحية. تبنت الحكومة في الإسكندرية منذ عام 2010 سياسة تقسيم الشواطئ العامة إلى (مميزة، سياحية، مجانية)، فضلاً عن تقسيم الشاطئ الواحد إلى عدة شواطئ؛ لتسهيل استغلالها تجارياً، ما أدى إلى تقلص عددها مقارنة بالشواطئ الخاصة، مع الإبقاء على 20 شاطئاً مجانياً.

كما طُرح 11 شاطئاً مميزاً، و11 سياحياً بنظام المزايدة العلنية. في الوقت الراهن، أُضيفت ثلاث فئات إلى التصنيف: خاصة وعامة، والخدمة لمن يطلبها، وفق دراسة صادرة عن مركز الإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية و الاجتماعية في مصر.

وبحسب رصد أجراه المركز، فقد تحول ممشى البحر في مناطق مثل "سيدي بشر، كليوباترا، سبورتنج، كامب شيزار" إلى كافتيريات ومطاعم بسبب غياب الرقابة وتوسع البناء العشوائي على الكورنيش، في الفترة من 2011 إلى 2019، مع تحويل أجزاء منه إلى جراجات للمقاهي والمطاعم خلال الفترة من 2019 إلى 2024. كما رُدم شاطئ الشاطبي العام في 2017 لبناء جراج خاص.

تكشف قاعدة بيانات أعدتها أريج عن 78 طرحاً خاصاً بالشواطئ للمزايدة لغايات التأجير أو الانتفاع في الإسكندرية في الفترة من 2015 إلى 2024.

تُعدّ محافظة الإسكندرية مثالاً واضحاً على أثر انتشار المشروعات السياحية في تقلص الشواطئ العامة المتاحة للجمهور. ارتفع عدد الشواطئ الخاصة في الإسكندرية بشكل كبير في عشر سنوات؛ عام 2024 بلغ عدد الشواطئ الخاصة 65 شاطئاً، في حين لم تكن هناك شواطئ خاصة عام 2013. كما بلغ عدد القرى السياحية الشاطئية في المحافظة 43 قرية، عام 2024، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.

تكشف قاعدة بيانات أعدتها أريج عن 78 طرحاً خاصاً بالشواطئ للمزايدة لغايات التأجير أو الانتفاع في الإسكندرية في الفترة من 2015 إلى 2024.

كما تكشف البيانات عن أن الإدارة العامة للشؤون المالية "إدارة التعاقدات" طرحت ستة شواطئ عامة بالمزايدة في الإسكندرية عام 2021، لغايات الانتفاع أو تأجير الألعاب المائية.

عام 2016، أرست الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية عقد تأجير شاطئ البوريفاج السياحي، على شركة دبى للاستثمار السياحى، بقيمة 15 مليون جنيه تقريباً (نحو 1.7 مليون دولار أمريكي)، كما أرست عقد تأجير شاطئ ستانلى السياحي على شركة كراش للتنمية السياحية بمبلغ 4 ملايين جنيه تقريباً (نحو 450 دولاراً أمريكياً)، يتضمن العقدان زيادة بنسبة 10 في المئة سنوياً لمدة ثلاث سنوات. في العام التالي، أعلنت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية ارتفاع سعر استئجار الشواطئ، الذي وصل إلى 50 في المئة فى بعض الشواطئ، والبعض الآخر 100 في المئة، مقارنة بالأسعار نفسها العام الماضى (2024).

يكشف الرصد، عبر استخدام خرائط الأقمار الصناعية في الفترة الممتدة بين عام 2013 و2025، عن استحواذ مشروعات سياحية على شواطئ عامة وأجزاء من البحر تم ردمها. فعلى سبيل المثال، استحوذ فندق فورسيزونز سان ستيفانو على الشاطئ قبالة برج سان ستيفانو جراند بلازا، حيث يقع الفندق المملوك لمجموعة طلعت مصطفى. تؤكد إحصاءات رسمية عدم وجود شواطئ خاصة في المحافظة حتى عام 2013.

لم يقتصر زحف الاستثمارات على شواطئ عامة، بل طال البحر من الداخل على ألسنة رملية. كما هو الحال بالنسبة للأجنحة الفندقية والفلل الشاطئية التابعة لفندق فور سيزونز سان ستيفانو.

مقارنة بين مساحة الشواطئ المتاحة للأعوام 2013-2025، فندق فورسيزونز سان ستيفانو

كما تحول لسان جليم، الذي أقيم لحماية الشاطئ من النحر، من ممشى ساحلي يقصده الجميع إلى منطقة تعج بالمطاعم والمقاهي. لتتحول المنطقة إلى مشروع سياحي يُعرف بجليم باي؛ ما أثار موجة غضب بين سكان الإسكندرية، بعد أن كانت تعرف المنطقة بـ "متنفس الغلابة". لم تُبنَ جميعها من مواد خشبية، كما تنص التوجيهات الإرشادية للبناء في مناطق الحظر. ومن تلك المنشآت ما يقع في أكثر من طابق.

وبالقرب من شاطئ نادي المعلمين، تم تحويل لسان بحري إلى منطقة مطاعم ومقاهٍ، مع ردم أجزاء من البحر والتوسع في مرافق جولدن جويل هويلز، المطل على البحر الأبيض المتوسط مباشرة. وللفندق شاطئ خاص، ومتنزه مائي، ومسابح خارجية، ومطاعم.

لسان أنشئ في شاطئ جليم تحول إلى منطقة تجارية بها مطاعم ومقاهٍ

أما في منطقة "المنتزه"، فقد أقيمت مرافق تتبع شاطئ "المنتزه باي" عام 2023، مع إزالة مساحات من الأشجار هناك في لسان بحري. تبلغ قيمة تذكرة الشاطئ 350 جنيهاً للفرد، يشمل ذلك الدخول إلى الحديقة. كما توسعت الخدمات الشاطئية الخاصة قبالة فندق "ريكسوس المنتزه"، الذي افتُتح عام 2025، لتستحوذ على أجزاء واسعة من الشاطئ القديم. كما اقتُطع جزء من حديقة، بحسب ما تظهر صور الأقمار الصناعية، لإقامة "فندق هلنان المعمورة" الذي أُنشئ عام 2022، القريب من شاطئ المعمورة المميز؛ حيث أُقيم محل الأشجار، التي تظهر بوضوح في صور الأقمار عام 2013، حمام سباحة تابع للفندق.

خضعت حدائق قصر "المنتزه" لتغيرات ضمن مشروع تطوير، بلغت قيمته نحو خمسة مليارات جنيه، تضمّن إقامة أربع بحيرات صناعية بمساحة 31 ألف متر مربع، وإنشاء قرية البرادايس السياحية. صُمّم المشروع ليطل على البحر من ثلاث جهات، بمساحة إجمالية تبلغ نحو 24 ألف متر مربع؛ يشمل أيضاً ثلاثة حمامات سباحة بمساحة إجمالية تبلغ 810 م².

منشآت سياحية أقيمت على لسان بالقرب من شاطئ نادي المعلمين، وإقامة منشآت داخل حرم الشاطئ تتبع فندق جولدن جويل هيلز بالإسكندرية

إزالة أشجار في شاطئ عام لإقامة شاطئ برادايس الخاص

إزالة مساحات خضراء في منطقة "المنتزه" لإنشاء فندق هلنان المعمورة

مقارنة بين مساحة الشواطئ المتاحة للأعوام 2013 إلى 2025 بمنطقة فندق ريكسوس

يشعر سعيد بالاستياء من سيطرة أصحاب المشروعات السياحية على الشواطئ، ومنع أصحاب المقاهي الصيادين من دخول الكورنيش إلا في بعض المناطق مقابل تذاكر أو اشتراكات عضوية، خاصة بين سابا باشا وسيدي جابر.

يقول سعيد: "لا نستطيع دخول سان ستيفانو وتوليب والمحروسة لإقامة فنادق ومنتجعات بها". وأشار إلى أن رسوم الدخول للأماكن السياحية قد تصل إلى مائة جنيه. ويضيف: "المفروض الكورنيش يرجع زي زمان، يرجع بتاع المصريين كلهم".

*اسم مستعار بناءً على طلب المصدر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image