يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق المعلومات، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
شهد الأسبوع المنقضي زخماً جديداً من المعلومات المضللة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية، والتي تراوحت بين تهديد عسكري قطري، وادعاءات ملفّقة حول قدرات الجيش المصري. حاول التضليل أن يجد لنفسه موطئ قدم في النقاش العام، لكن منصات التحقّق العربية قامت بتفنيدها وكشفت أوجه التزييف فيها.
قطر و"التوعّد بتدمير إسرائيل"
تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، صورةً لشخص زُعم أنه قائد الجيش القطري، ونُسب إليه تصريح يهدّد فيه إسرائيل، يقول فيه: "أقول لمن قصفنا: لقد لعبتم بالنار والجيش القطري قادر على تدميركم".

منصة "تيقّن"، كشفت أنّ الصورة تعود إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، غانم شاهين الغانم، وبحسب موقع مكتب الاتصال الحكومي القطري فإن سعود بن عبد الرحمن بن حسن بن علي آل ثاني، هو الذي يشغل منصب وزير الدولة القطرية لشؤون الدفاع منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2024. أما جاسم بن محمد المناعي، فهو رئيس أركان القوات المسلحة القطرية منذ كانون الأول/ ديسمبر 2024. ولم يُدلِ أيّ منهما بمثل هذا التصريح الوارد في الادّعاء.
وكانت وزارة الخارجية القطرية قد ندّدت، في 10 أيلول/ سبتمبر الجاري، بالهجوم الإسرائيلي على أراضيها وعدّته "إرهاب دولة" وانتهاكاً صارخاً لسيادتها، مؤكدةً أنها لن تتهاون مع أي مساس بأمنها، كما شدد رئيس الوزراء ووزير الخارجية على أنّ قطر تحتفظ بحق الرد.
هل توعّد قائد الجيش القطري "بتدمير إسرائيل"؟ وهل اعتذر محمد علي من السيسي وحكومته؟ وهل ردّ البرهان على بيان "الرباعية الدولية"؟… نشرة أسبوعية تتضمّن أبرز المعلومات المضللة التي راجت هذا الأسبوع وهكذا فنّدتها منصات تدقيق المعلومات العربية
مصر و"زرّ تفجير الطائرات"
نشر الناشط الإسرائيلي إيدي كوهين، مجموعةً من الادّعاءات حول مصر بما فيها زعمه أنّ الجيش المصري يعتمد فقط على طائرات أمريكية، وأنّ واشنطن قادرة على "تفجيرها" عن بُعد، كما تحدّث عن "مجاعة وأمراض" في البلاد.
لكن "صحيح مصر" أوضحت أنّ القوات الجوية المصرية تمتلك في أسطولها طائرات أمريكيةً وروسيةً وفرنسيةً وصينيةً، ولا يوجد ما يسمّى بـ"زر تعطيل" للطائرات، بينما لم تُسجَّل أي تقارير أممية عن مجاعة أو انهيار صحي شامل في مصر.
في الشأن المصري أيضاً، تداولت حسابات فيديو يُظهر المقاول المعارض محمد علي، وهو يعتذر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. لكن "متصدقش" أثبتت أنّ الفيديو مفبرك بالذكاء الاصطناعي، فيما الفيديو الأصلي تضمّن هجوماً على الحكومة المصرية.
آخر فيديو نشره محمد علي على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، كان في 10 أيلول/ سبتمبر 2025، وقال فيه إنّ القضاء الإسباني "حكم أنه لن يُرحَّل إلى مصر"، كما عبّر عن معارضته لاتفاقية الغاز الأخيرة بين مصر وإسرائيل، وعلّق على افتتاح سد النهضة في إثيوبيا وضرب إسرائيل لقطر. بالإضافة إلى ما سبق، ثمة ادعاء ثالث قدّمه الإعلامي المصري المعارض أسامة جاويش، زعم فيه أنّ إسرائيل قصفت معبر رفح من الجانب المصري. أظهر تحقق "متصدقش"، أنّ القصف الإسرائيلي لطالما استهدف الجانب الفلسطيني، باستثناء حادث عرضي أصاب برج مراقبة مصرياً.
سوريا وتغريدة مفبركة لوزير الدفاع
في حماة، انتشرت رواية عن خطف فتاة علوية واغتصابها في وضح النهار على أيدي عناصر مسلحة تعمل مع الأمن العام. لكن منصة "رادار" أوضحت أنّ السلطات تحقّق في الحادثة، وأنّ الفاعلين ما زالوا مجهولين.
وكان أهالي القرية التي وقعت فيها الحادثة، بمن فيهم أقارب الضحية، قد ناشدوا السلطات المعنية في بيان بـ"الإسراع في التحقيق والكشف عن الفاعلين ومحاسبتهم ليكونوا عبرةً لغيرهم، وحتى لا تتكرّر مثل هذه الجرائم…".
ادعاء آخر يتّصل بتغريدة نُسبت إلى وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، ورد فيها أنه يتوعّد إسرائيل بردٍ مباشر وقوي على أي هجوم إسرائيلي على الأراضي السورية. لكن "ترو بلاتفورم" وجدت أنّ التغريدة مفبركة.
وتداول مستخدمون فيديو قيل إنه لمداهمات إسرائيلية في دمشق، إلا أنّ منصة تدقيق المعلومات ذاتها، أوضحت أنّ الفيديو أُخرج عن سياقه الحقيقي حيث كان الجيش الإسرائيلي قد نشره عام 2023 على أنه لاقتحام مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة.
العراق و"صفقة" إطلاق سراح روسية إسرائيلية
في بغداد، انتشر تصميم مصوّر يحمل شعار "العراقية الإخبارية" مع تصريح منسوب إلى زعيم تيار الحكمة العراقي، عمار الحكيم، يصف فيه مقاطعي الانتخابات بـ"الإرهابيين". لكن "الفاحص" أثبت أنّ الصورة مفبركة باستخدام قوالب القناة الرسمية.
كذلك، صرّح السياسي إبراهيم الصميدعي، بأنّ إسرائيل لم تُذكَر في قضية إطلاق سراح الباحثة إليزابيث تسوركوف. لكن "صحيح العراق" أوضّحت أنّ مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، بنيامين نتنياهو، تحدث عنها مبكراً، وأكد احتجازها لدى "كتائب حزب الله"، فيما تناولتها وسائل إعلام دولية باستمرار منذ اختطافها.

وجاء الإفراج عن تسوركوف، في 9 أيلول/ سبتمبر الجاري، بعد اختطافها في بغداد عام 2023، وأعلنت الحكومة العراقية أنّ عملية إطلاق سراحها تمّت بجهود أمنية خاصة، بينما تحدّثت تقارير دولية عن "صفقة تبادل" مرتبطة بانسحاب القوات الأمريكية وإفراج إسرائيل عن محتجزين لبنانيين، ما أبقى ملابسات القضية مثار جدل واسع.
لم يصِب صاروخ حوثي مقرّ الموساد، ولم يهاجم عمار الحكيم مقاطعي الانتخابات البرلمانية، ولا يقتصر أسطول مصر الجوي على طائرات أمريكية… هكذا فنّدت منصات التحقّق العربية أبرز المعلومات المضللة التي راجت هذا الأسبوع
السودان وفيديو قديم للبرهان
وأُعيد ترويج مقطع لرئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، قيل إنه ردّ على بيان الرباعية الدولية بشأن استعادة الأمن والسلام في البلاد. لكن "بيم ريبورتس" أكدت أنّ الفيديو قديم ونُشر أول مرة عام 2024، ولا علاقة له بالتطورات الأخيرة.
يأتي تداول الادعاء بعد مشاورات مكثّفة أجراها وزراء خارجية دول مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، في 12 أيلول/ سبتمبر الجاري، أفضت إلى "الالتزام بمجموعة مشتركة من المبادئ، بالإضافة إلى جدول زمني لإنهاء الصراع في السودان"، بحسب البيان المشترك.
اليمن وصاروخ حوثي يستهدف الموساد
وفي سياق التطوّرات في اليمن، تداولت حسابات مقطع فيديو زُعم أنه يوثّق إصابة مبنى الموساد الإسرائيلي بصاروخ أطلقه الحوثيون. لكن منصة "صدق" اليمنية أثبتت أنّ المقطع قديم ويعود إلى قصف روسي على مدينة أوديسا الأوكرانية عام 2022.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.