يشهد الصراع بين السلطة واتحاد الشغل -كبرى المنظمات النقابية في تونس- منعطفاً جديداً في واجهة الأحداث السياسية التونسية بعد فصول من "قطيعة غير معلنة"، ما أطلق مواجهةً مفتوحةً قد تعيد رسم ملامح المشهد العام التونسي، على نحو خاص لأنّ رأس السلطة التنفيذية لم يعد يخفي نيته حشر كبرى المنظمات النقابية في زاوية التهميش تمهيداً لإقصائها من لعبة السلطة.
ليس خافياً أنّ شرارة الجفاء بين القصر و"ساحة محمد علي" بدأت منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد، عن التدابير الاستثنائية بمسار 25 تموز/ يوليو 2021، حيث اختارت المنظمة العمالية آنذاك مساندة خطوات الرئيس التي عدّتها "تصحيحيةً"، مبررةً دعمها ذاك باستجابة هذا المسار لحراك شعبي انطلق في أجزاء متفرقة من البلاد.
لم يدم طويلاً "شهر العسل" بين ساكن القصر الرئاسي في قرطاج، ومنظمة حشاد - في إشارة إلى مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل، فرحات حشاد- وانتقلا إلى فصل جديد من "حرب كلامية" حملت رسائل واضحةً بأنّ المواجهة آتية ولا مفر منها وكل طرف بصدد إشهار ورقة حشد "الشارع التونسي".
الشعب في مواجهة "الأجسام الوسيطة"
"أنا أنتمي فقط إلى صفّ الشعب"؛ ذات مساء من إحدى ليالي كانون الأول/ ديسمبر 2021، توجّه أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيد، بخطاب إلى الشعب التونسي ردّاً على دعوة الاتحاد العام للشغل إلى مبادرة "الصف الثالث"، قائلاً: "تواتر الحديث عن صف ثالث، وإن أرادوا فليزيدوا صفاً رابعاً أو خامساً"، رافضاً ما أسماه "الاصطفاف مع من يريدون صناعة الصفوف".
فيما تتصاعد فصول النزاع غير المسبوق بين الرئيس واتحاد الشغل، يعيد الشارع التونسي تشكيل المشهد السياسي ويعكس حالة الاستقطاب التي تشهدها البلاد. فمن يحسم المواجهة؟
ربما لم يكن هذا الخطاب مجرّد ردّ عابر، بل عكس مشروع الرئيس السياسي المتمثل في نفي الأحزاب والمنظمات والجمعيات -أي جميع الأجسام الوسيطة- من المشهد العام في تونس، والتمسّك بـ"المشروعية الشعبية المباشرة"، بزعم أنّ الشعب التونسي وحده من يمنح شرعية "الصفوف".
بذلك، يقلب الرئيس التونسي القادم من "خارج المنظومة" الكلاسيكية، معادلة التوازنات السياسية على اعتبار أنّ الشعب التونسي في كفّة، والأحزاب والاتحاد والنخب الأخرى في كفّة أخرى.
بمرور الوقت، صَعّدت سُلطة الرئيس سعيد خطواتها في وجه "منظمة العمال". وفي أحدث خطوة، اتخذت حكومة رئيسة الوزراء التونسية سارة الزعفراني، جملة قرارات، في 11 آب/ أغسطس 2025، لعلّ أبرزها منع التفرّغ النقابي الذي يسمح لموظفي الدولة بالعمل النقابي مع الاحتفاظ برواتبهم. كما أوقفت الاقتطاع الآلي للاشتراكات النقابية من أجور العاملين في القطاع الحكومي.
وذهب كثيرون إلى القول إنّ هذه السياسات زادت من حدّة تصاعد التوتّر بين الحكومة واتحاد الشغل في ظلّ معادلة سياسية جديدة يغلب عليها طابع المواجهة المباشرة، وهو ما ألمح إليه المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، في تصريحات إعلامية، حين قال: "إلغاء التفرّغ النقابي يهدف إلى إشعال فتيل الحرب على الحق النقابي".
وبحسب الطاهري، فإنّ الخطوة الحكومية "تأتي ضمن سياق سياسي يثبت أن سلطة الرئيس الحاكمة ماضية إلى الأمام في التضييق على الحق النقابي".
وتأتي هذه التطوّرات بعد أيام من محاولة الاعتداء على مقر منظمة حشاد، من قبل أنصار الرئيس سعيد، والتي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط التونسية. فهناك من رآها تهديداً للسلم الاجتماعي، ومن عدّها جسراً لهدم ما تبقّى من الأجسام الوسيطة في البلاد.
"الشرعية الشعبية"... معركة الرئيس الأخيرة؟
أمام الضغط غير المسبوق للنظام الحاكم لاستهداف الاتحاد، بدءاً من اتهامات سعيد بفساد قياداته والتلويح بفتح ملفات الفساد والمحاسبة، حرّكت المنظمة النقابية أنصارها في مسيرة حاشدة في 21 من آب/ أغسطس الجاري.
ولبّى آلاف التونسيين نداء الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، لدعم "القلعة الحمراء" في مناكفاتها مع السلطة الحاكمة، برسائل تحمل الكثير في طيّاتها، ربما أهمها أنّ منظمة حشاد لا تزال رقماً صعباً في الخريطة السياسية التونسية، وتستمد شرعيّتها من حزام شعبي وعمالي، وأنها لا تزال تمتلك في جعبتها أدوات ضغط وخيارات أخرى تمكّنها من "تحريك الشارع" إذا ما استمرت السلطة في خيار "المواجهة المفتوحة".
وعن تفاقم الأزمة بين القصر وساحة محمد علي، التي انطلقت منها المسيرة الشعبية الحاشدة، يرى المحلل السياسي التونسي هشام الحاجي، في حديثه إلى رصيف22، أنّ "المواجهة بين السلطة التنفيذية والاتحاد العام التونسي للشغل هي معركة مفتوحة من أجل الشرعية الشعبية والاستئثار برأس المال الرمزي"، موضحاً أنّ "الرئيس سعيد ينظر إلى نفسه كمفوّض وحيد لإنجاز ما يريده العمال، وذلك في إطار حديثه عن ضرورة بناء الدولة الاجتماعية العادلة. ومن منظور الرئيس، فإنّ قيادات اتحاد الشغل قد تخلّت عن دورها، لذا الخلاف بينهما مرشّح للتطوّر، كما يتضح من الحرب الإعلامية المتصاعدة بين الطرفين".

ويعزو المحلل التونسي، تصاعد الأزمة إلى أنّ "الرئيس التونسي ينطلق في ممارسة حكمه من باب المسلّمات، على غرار رفضه التعامل أو الحوار مع الأجسام الوسيطة من أحزاب وجمعيات ومنظمات، وتمسّكه بموقف يرفض باب الحوار مع النخب السياسية التي ينظر إليها نظرةً أخلاقيةً تركّز فقط على ما يعدّه 'فساد النخب'".
وبرأيه، استطاع قيس سعيد، سواء عبر أدوات مختلفة كالخطاب أو التهميش أو اللجوء إلى قصور العدالة، إلى إلغاء دور عدد كبير من الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات، ولم يبقَ في طريقه سوى اتحاد الشغل كـ"آخر القلاع"، وتالياً فإنّ هذه المواجهة لها أهمية رمزية وواقعية كبرى بالنسبة للرئيس سعيد.

سعيد والاتحاد… صدام "الرؤيتين"
وفي حديثه إلى رصيف22، يصف المؤرخ التونسي عبد الجليل بوقرة، الصراع الحالي بين منظمة الشغّالين والقصر الرئاسي بأنه "تصادم رؤى" مختلفة ومتناقضة في الجوهر ولا يمكن أن تتعايش في ما بينها.
ويشرح بوقرة، جذور هذا الصدام بالعودة إلى "رؤية قيس سعيد الأساسية التي كشف عنها منذ بداية حملته الانتخابية حين أفصح من دون مواربة عن أنّ العالم يعيش عصراً جديداً هو عصر ما بعد الأحزاب التي انتهى دورها في جميع بلدان العالم.
"الرئيس لا يؤمن بهذه الأجسام الوسيطة من أحزاب ونقابات. فهو يعترف فقط بالتمثيليات الشعبية الديمقراطية المباشرة، وتالياً فهو ينفي أي دور للنقابات بما فيها النقابات العمالية، وعمادة المحامين، ونقابة الأطباء، ونقابة الصحافيين"، يؤكد المؤرخ التونسي.
ومن هذا المنطلق، والحديث لا يزال لبوقرة، فإنّ "الرئيس التونسي اتخذ جملةً من القرارات في ملفات عدة، مديراً ظهره للاتحاد، ومغلقاً باب التفاوض معه بشأنها، كإلغاء المناولة وأيضاً تحدّثه عن تمسّكه بالقطاع العام دون الاتفاق مع اتحاد الشغل حول مستقبل هذه القطاعات وإعادة هيكلتها وإنقاذها من الإفلاس والغلق".
ويحيل المؤرخ التونسي كذلك، ما يقوم به سعيد إلى "مفهوم الرئيس الخاص بالحكم، وهو الحكم المباشر القاعدي الذي تُنسف معه أشكال الوساطات كافة، بينما تقوم رؤية منظمة حشاد على 'رؤية كلاسيكية' لم يتم تطويرها وفق أحدث متغيّرات المجتمع التونسي، وهي مؤشرات غفل عنها الاتحاد ولم يأخذها في الحسبان"، وهو يلوم المنظمة النقابية على "عدم تغيير خطابها وهيكلتها، مع تراكم أخطائها إلى درجة أنها أصبحت غير قادرة عن الدفاع عن نفسها والمحافظة على مكانتها ووجودها".

إلى ذلك، يجزم بوقرة بأنه "بغضّ النظر عن أيّهما أصحّ، الرئيس أو الاتحاد، فإنّ الصدام سيتواصل بين الطرفين لأنه لا يمكن التعايش بين نظريتين متناقضتين تماماً"، مشدداً على أنّ الخلاف العلني بينهما ليس اجتماعياً أو اقتصادياً وأنه "تصادم غير مسبوق في تاريخ تونس المعاصر بين السلطة الحاكمة والمنظمة النقابية"، مذكّراً بأنه في محطات تاريخية سابقة، كان عنوان الصدام بين منظمة العمال والسلطة الحاكمة رؤية السلطة لعلاقة الاتحاد بالحكومة، التي كانت تنظر إلى الاتحاد "كجزء من نظام الحكم وشريك له في برنامجه الاقتصادي والاجتماعي".
ويستشهد بوقرة، في حديثه، بحمل العديد من النقابيين في الاتحاد حقائب في الدولة التونسية، من بينهم محمود المسعدي ومصطفى الفيلالي وأحمد بن صالح، والأخير عُرف بكونه رجل "التعاضدية التونسية" زمن حكم الحبيب بورقيبة، لافتاً إلى أنّ أبرز قيادات "البيت النقابي" كانوا أعضاء أيضاً في الديوان السياسي في الحزب الاشتراكي الدستوري وفي البرلمان ضمن قوائم حزب بورقيبة. وفي تقديره، فإنّ الرئيس لا يستهدف الاتحاد كمؤسسة بقدر ما يستهدف الأجسام الوسيطة كافة تبعاً لنظرته للحكم.
الاتحاد "أكبر قوة في البلاد"؟
لطالما تباهى قادة المنظمة النقابية التونسية بأنّ "الاتحاد أكبر قوة في البلاد"، معوّلين على إرث الاتحاد النضالي والتاريخي الراسخ في ذاكرة التونسيين، ففي 20 كانون الثاني/ يناير من عام 1946، أسّس فرحات حشاد "اتحاد عام للشغل" وهو منظمة نقابية تونسية لعبت دوراً مهماً في محاربة الاستعمار الفرنسي، وقادت العديد من الاحتجاجات والإضرابات الاجتماعية، ولمع نجمها في كبرى المحطات السياسية والمفصلية على مرّ التاريخ التونسي.
ومنذ نشأة الاتحاد، مرّت علاقته مع السلطة بمحطات وتقلّبات، وبفصول من الشدّ والجذب، وكان صدام المنظمة الأعنف مع "سلطة الحبيب بورقيبة" في كانون الثاني/ يناير 1978، في ما عُرف بـ"الخميس الأسود"، وسمّي أيضاً بـ"الطلاق الدموي" بين الاتحاد والحزب الحاكم، حدثاً مفصلياً في تاريخ البلاد.

أعوام مرّت، ولم يهدأ التوتّر بين منظمة العمال والسلطة الحاكمة، وتفاقم الخلاف في عام 1985 مع اعتقال الأمين العام للاتحاد، الحبيب عاشور، في ما عُرف آنذاك بـ"قضية سوكوب". أما في زمن زين العابدين بن علي، فقد حافظت المنظمة على كيانها ولم يسعَ النظام إلى جرّها إلى مربع المواجهة، مثلما كان الحال في فترة حكم الزعيم بورقيبة.
ومنذ ذلك التاريخ، أصبح اتحاد الشغل لاعباً مهماً في التوازن الاجتماعي في البلاد، ما دفع بحكومات ما بعد الثورة إلى كسب ودّ ساحة "محمد علي" تفادياً للإضرابات والاحتجاجات التي قد تربك مسار الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي الهشّين في تلك الفترات.
إبان الثورة التونسية عام 2011، تزايد دور المؤسسة النقابية بشكل أكبر، وكذلك في أثناء الحوار الوطني عام 2013، والذي كان يهدف إلى الخروج من الأزمة السياسية على خلفية اغتيال السياسي التونسي محمد براهمي، وذلك بالتعاون مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وعمادة المحامين، واتحاد الصناعة والتجارة، حيث أسهم هذا الرباعي في جهود المصالحة الوطنية، وحظيت مبادرته باعتراف دولي تُوّج بحصوله على جائزة نوبل للسلام عام 2015.
ومن الثابت أنّ اتحاد الشغل شكّل قوةً نقابيةً مهمةً خلال عهد الحكومات السابقة بفضل ثقله الاجتماعي والسياسي، مستمداً شرعيته من 500 ألف منتسب يتوزّعون على مختلف القطاعات في البلاد. لكنه يواجه اليوم سلطة رئيس لا يخفي نواياه في هدم "آخر القلاع" في طريق مشروعه السياسي.
معركة بقاء؟
وفي هذا السياق، لا يستبعد رئيس حزب الائتلاف الوطني ناجي جلول، أن يُنهي ساكن قرطاج ملف اتحاد الشغل وسط التهاء المنظمة بالخلافات غير المسبوقة لـ"أجنحتها"، وهو بذلك لن يقدر على مقارعة رأس السلطة التنفيذية الذي تمكّن من سحب "الملفات الاجتماعية" من يد المنظمة، بعد إلغاء المناولة وفضّ الاعتصام المفتوح لدكاترة تونس، وهي برأيه خطوات تُحسب لسعيد.
لا يخشى الطبابي على قدرة منظمة حشاد على البقاء حيث يرى أنّ "اتحاد الشغل، وعبر التاريخ، أثبت قدرته على إدارة الصراع والتكيّف مع التحوّلات السياسية والاجتماعية"
ويلفت السياسي التونسي، في حديثه إلى رصيف22، إلى أنّ اتحاد الشغل الذي لعب أدواراً تاريخيةً بارزةً في العقود الماضية، أصبح اليوم ملتهياً بانشقاق صفوفه، بما يهدّد بنسف إرثه التاريخي بوصفه قوةً تعديليةً تدافع عن حقوق العمال والحريات والديمقراطية.
ويقرّ جلول، بأنّ "المشروع السياسي للرئيس سعيد يرتكز على منظومة الحكم الفردي، فهو يعمل على إقصاء جميع الأجسام الوسيطة، بدءاً من تهميش الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات والإعلام، ولم يتبقَّ أمام اكتمال مشروعه سوى إزاحة ساحة محمد علي من المشهد العام التونسي".
الرأي نفسه يذهب إليه الباحث في علم الاجتماع، خالد الطبابي، بقوله إنّ الزمن السياسي الذي فتحه قيس سعيد بسجاله مع اتحاد الشغل، كان مواتياً مع ما يعيشه البيت النقابي من وهن جرّاء نزاعاته الداخلية.
ويضيف الطبابي، في تصريح لرصيف22، أنه "كما في أغلب الشعبويات اليمينية، فإنّ الرئيس سعيد يوظّف الملفات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها من التحرّكات لتثبيت 'شرعية مجتمعية' تساعده في الحفاظ على دعم الحاضنة الشعبية لحكمه".
كما يؤكد أنّ "اتحاد الشغل، وعبر التاريخ، أثبت قدرته على إدارة الصراع والتكيّف مع التحوّلات السياسية والاجتماعية، وذلك لما يتمتع به من قدرة على حشد عدد كبير من الأحزاب والنخب السياسية، وهي واحدة من نقاط القوة الأساسية له خصوصاً بفضل ثقله التنظيمي والمؤسساتي، والبنيوي والمجتمعي".
وفي تقدير الطبابي، فإنّ الاتحاد لا يزال لاعباً محورياً في المشهد السياسي التونسي، مستفيداً من أدوات الضغط مثل الاحتجاجات والاعتصامات والمسيرات لتحقيق المطالب الاجتماعية، كما أنه لا يستبعد أن يلجأ الاتحاد في مراحل لاحقة إلى استخدام ورقة التعاطف الدولي لتعزيز أوراقه الداخلية والخارجية بوجه سلطة الرئيس.
وفيما تتصاعد فصول النزاع غير المسبوق بين الرئيس واتحاد الشغل، يعيد الشارع التونسي تشكيل المشهد السياسي ويعكس حالة الاستقطاب التي تشهدها البلاد ليتجه المشهد العام نحو المزيد من التعقيد، ما يُبقي تونس عند مفترق طرق مفتوح على جميع السيناريوهات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.