لا تزال أصداء الهجوم الإرهابي على كنيسة مار الياس، في منطقة الدويلعة في العاصمة السورية دمشق، مساء الأحد 22 حزيران/ يونيو 2025، والذي أسفر عن مقتل "25 شهيداً و63 إصابةً"، وفق آخر تحديث من وزارة الصحة السورية، تطرح أسئلةً لا إجابات تامة عنها حتى اللحظة.
أقيمت، ظهر اليوم الثلاثاء 24 حزيران/ يونيو، الصلاة الجماعية على جثامين الضحايا في كنيسة الصليب المقدس، فيما شدّد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، يوحنا العاشر، خلال صلاة خاصة لاستذكار أرواح الضحايا في كنيسة مار الياس، مساء أمس الإثنين، على أنّ ما جرى في الدويلعة "لا يمثّل سوريا ولا ينسجم مع أخلاق أبنائها"، وأنّ المسيحيين والمسلمين في سوريا "يشكّلون نسيجاً اجتماعياً واحداً لا يمكن تمزيقه"، حيث "هذه الأفعال لن تنال من وحدتنا".
نفّذ التفجير مسلّح ينتسب إلى تنظيم "داعش"، وفق ما صرّحت به وزارة الداخلية السورية، حيث دخل إلى الكنيسة وأطلق الرصاص على المُصلّين ثم فجّر نفسه.
وبحسب الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، نفّذت وزارة الداخلية، أمس الإثنين، بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات العامة، عمليات أمنيةً ضد خلايا إرهابية مرتبطة تابعة لتنظيم "داعش" في حرستا وكفربطنا، في ريف دمشق، أسفرت عن القبض على متزعِّم خلية وخمسة عناصر ومقتل اثنين آخرين، أحدهما كان المتورّط الرئيسي في تسهيل دخول الانتحاري إلى الكنيسة، والآخر كان يجهّز أيضاً لتنفيذ عمل إرهابي في أحد أحياء العاصمة، كما ضُبطت كميات من الأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى ستر ناسفة وألغام، وأيضاً عُثر على دراجة نارية مفخخة كانت معدّةً للتفجير.
لا تعتقد مرقص أنّ الغرب قد تفاجأ بالتفجير في كنيسة "مار إلياس"، و"لا هاله مشهد الضحايا، لأنه منذ البداية وازن بين حاجته - ولو الآنية - إلى هذا الجسم الجهادي الصلب وبين الحريات والتعدّدية، ورجحت لديه الكفّة الأولى"، فماذا عن الداخل؟
وصاحبت التفجير إدانات دولية وإقليمية واسعة، بالإضافة إلى حالة من القلق سيطرت على أجواء الشارع السوري، بين متخوِّف من دخول سوريا دوّامة التفجيرات والإرهاب واستهداف الأقليات الدينية، وبين من يُحمِّل الحكومة الحالية المسؤولية عن هذا الاعتداء، بسبب تساهلها مع انتشار ملامح التطرّف الديني في صفوف المجتمع دون تحرّكات جدّية لضبطها وعجزها عن تطبيق تعهداتها بإحلال الأمن والأمان، عدا عن قلق البعض من أن يكون التفجير تكراراً لما جرى مع المسيحيين في العراق في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، حيث جرى استهدافهم بقصد تهجيرهم إلى خارج دولتهم.
تمهيد أدّى إلى هذه النتيجة
ومنذ إسقاط نظام الأسد، عانت مناطق تركّز "الأقليات الدينية" في سوريا من انتهاكات ذات طابع طائفي ارتكبتها "مجموعات غير منضبطة"، وفق التعبير الحكومي، بعضها أفضى إلى إزهاق الأرواح، من بينها المجازر المروّعة ضد العلويين في الساحل السوري، والانتهاكات ضد الدروز في جرمانا وأشرفية صحنايا، فضلاً عن انتهاكات أُخرى لم تؤدِّ إلى حوادث قتل، لكنها مهّدت الطريق نحو تفاقم الحالة المتطرِّفة، على غرار "سيارات الدعوة" التي كانت تجول أحياء يتواجد فيها المسيحيون بكثافة وتدعوهم إلى اعتناق الإسلام علانيةً.
شابة سورية مسيحية، من دويلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب الخوف على سلامتها الشخصية، تقول، لرصيف22، إنّ "أيّ شخص لديه عقل ودين يستنكر ما جرى في الكنيسة، نحن اليوم نعيش بين المتطرّفين وكان على الحكومة واجب ضبط حركتهم وإبعاد أذاهم عنّا نحن المسيحيين. نحن أولاد البلد ولا نريد التهجير، كل ما نريده هو تكثيف الحماية في المناطق التي يراها المتطرّفون، وفق منظورهم، مناطق 'كفار'، فالسوريون جميعاً يريدون العيش في بلد آمن".
في الأثناء، يؤكد سعد (اسم مستعار لشاب من دويلعة طلب أيضاً عدم كشف هويته)، لرصيف22، أنّ "المسيحيين مستهدفون منذ 15 عاماً"، فـ"هناك من يريد إفراغ سوريا من المسيحيين، وشاهدنا ملامح التطرّف على مستوى سوريا خلال الأشهر الأخيرة، ويجب على الحكومة الحالية التصرّف بطريقة أفضل من ذلك ومحاربة التطرّف علناً وتأكيد جدّيتها في ذلك على الأرض"، محذّراً من أنّ "أي إجراء غير ذلك سيؤدي إلى مزيد من التفجيرات والاعتداءات ضد المسيحيين وباقي أطياف الشعب السوري، بمن فيهم المسلمين المعتدلين".
تهجير بمباركة غربية؟
بدورها، تقول الناشطة سمر مرقص، من ريف دمشق، لرصيف22، إنّ "هنالك سيناريو لم يَعُد خافياً على أحد تديره دول معيّنة، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هدفه إلغاء مفاعيل سايكس بيكو وجميع ما تلا سقوط الخلافة العثمانية من رعاية غربية مباشرة لإنشاء كيانات عربية تشبه النسخة الأوروبية، ولو ربطنا ما سبق بالمسيحيين، لأمكننا القول إنّ الغرب - ولو بشكل غير مباشر - يبارك هجرة المسيحيين من سوريا، بل إخلاء الشرق من مكوّنه المسيحي من خلال تسويقه تجارب دول لا تقبل التعدّدية ولا تسمح بالحريات الدينية والفردية إلا بالقدر الذي لا يستفز اللاوعي المحتقن للنرجسية الإسلامية"، باعتبار الإسلام هو دين الأكثرية.
"وعليه، تكون مدينة الجهاديين الفاضلة في سوريا خاليةً ممن 'لا يقيم شرع الله' ولو كان من أبنائها، وفي المقابل مُرحِّبةً بالغرباء تحت مسمى 'وحدة المعتقد'. فالجهاديون يريدون أن يتخلّى المسيحيون عن كامل مكتسباتهم التي حقّقوها في القرنين الأخيرين ليعودوا 'أهل ذمّة' ضمن شروط 'عُهدة'... لذا، أتوقّع أن يولِّد تفجير دويلعة ما يكفي من القوة للرجوع إلى الماضي، تحديداً إلى آخر اعتداء على المسيحيين في دمشق عام 1860، في ما عُرفَ بـ'طوشة النصارى'، لا لأنّ التاريخ يعيد نفسه وإنما لأنّ الخيار الذي سلكه يومها الكثير من مسيحيي دمشق، بالهجرة نحو الأمريكتين، عاد ليفرض نفسه، ولو على لوحة الانتظار، في مطار ما"، تستنتج مرقص.
أمن يؤسَّس في سياق جهادي؟
وفي إجابة عن سؤال: هل فشلت الإدارة الجديدة في الوفاء بتعهداتها الداخلية والخارجية المتعلّقة بالحفاظ على السلم الأهلي والأمن؟ تشرح مرقص أنّ "الغرب يعلم جيداً أنّ الإدارة السورية الحالية عاجزة عن ضبط الأمن بشكل كامل، وعن منع تنفيذ هكذا اعتداءات، لأنه لو كان اشترط على الإدارة هذا النوع من الشروط وطلب ضمانات لتحقيقها كأساس لتطبيع العلاقات معها، لأضاف ذلك إلى خريطة طريق تهدف إلى استبعاد الخطاب المتطرّف من التداول والعناصر الأكثر تطرّفاً عن المشهد".
وتتابع بأنه وبعد أشهر من التقارب، لم تزل القوى الأمنية الجديدة تُبنى على أساس عقائدي جهادي يعتقد بامتلاكه الحقيقة المطلقة، ويرى الآخر، في أحسن الأحوال، جاهلاً، ولا تمثل كلمات مثل التسامح والعيش المشترك سوى شعارات من باب الاستهلاك الضروري لأجل الغاية الكبرى، فكلمة الحرية بما تعنيه لإنسان يعيش في القرن الحادي والعشرين تمثّل الكفر بعينه، ورأينا ذلك في أكثر من حادثة سابقة بُرِّرَت باعتبارها "أخطاء فرديةً".
من أجل ما سبق، لا تعتقد مرقص أنّ الغرب تفاجأ بالتفجير في "مار الياس" و"لا هاله مشهد الضحايا، لأنه منذ البداية وازن بين حاجته - ولو الآنية - إلى هذا الجسم الجهادي الصلب وبين الحريات والتعدّدية، ورجحت لديه الكفّة الأولى، أما الداخل وإن كانت الأكثرية الساحقة من السوريين فيه قد أبدت على الفور تعاطفاً مع أسر الضحايا وتنديداً بالعمل الإرهابي، فإنها أكثرية عاطفية سريعة الانفعال والسكون لا تملك تصوّراً واضحاً لما تريده من الإدارة الحالية حتّى تعدّ أنها فشلت في تحقيقه".
وبمزيد من الإحباط، تُردف: "لا أظن - برغم أنني أتمنى ذلك - أن تعمد الأكثرية السورية الصامتة إلى الضغط على الإدارة الحالية لتُسارع إلى فلترة صفوفها من العناصر المتطرِّفة وتعمد إلى تجريم الخطاب الطائفي بحزم".
"ألغام قد تنفجر في الجميع"
وحول مدى صحة الاعتقاد بأنّ تغاضي الإدارة الجديدة عن ملامح التطرّف التي ظهرت في الآونة الأخيرة، قد زاد من خطورة الواقع، توضح مرقص: "من دون شك. لكن الدولة والجمهور المولع بالتماهي مع المنتصر لا يُبصران أنّ هذه الممارسات حُبلى بالألغام التي قد تنفجر في الجميع".
تعتقد مرقص أنّ الحلول المتاحة أمام الدولة السورية الآن للخروج من المأزق هي "ببساطة، بناء دولة قانون لا ترى أيّاً من مكوناتها 'زائداً عن الحاجة'، دولة تحترم حق الفرد في الوجود وتقرير مصيره بغض النظر عن الهويات الفرعية التي ينتمي إليها"
وتتابع الناشطة السورية: "ما أدمنهُ البعض، ومع الأسف بعضهم محسوب على النخب، من تبرير الحالة الدعوية بحجة الحريات العامة، أتمنى أن يكون التفجير المؤسف قد أقنعهم بخطأ مقاربته، فالأصل أنّ الحالة الدعوية تتضمّن اتهاماً مضمراً للآخر بالكفر وليس الأمر مشكلةً في حد ذاته، لكن افتقاد سوريا - بعد سنوات الحرب - مركز حكم ثابت الأركان، قادر على منع تحوّل هذا الاعتقاد بالتكفير إلى فعل إلغائي، وتساهل الدولة مع استخفاف بعض المؤثرين بالخطاب المتطرّف، والممارسات العدائية تجاه المكوّنات السورية، هي جميعاً عوامل رئيسية في خروج الأمور عن السيطرة، وهو ما لا نتمناه".
إلى ذلك، تعتقد مرقص أنّ الحلول المتاحة أمام الدولة السورية الآن للخروج من المأزق هي "ببساطة، بناء دولة قانون لا ترى أياً من مكوناتها 'زائداً عن الحاجة'، دولة تحترم حق الفرد في الوجود وتقرير مصيره بغض النظر عن الهويات الفرعية التي ينتمي إليها، فما يهمّ الدولة من كل مواطن هو التزامه القانون لأنها تؤمن بأن الدول التي ترى بعض فئاتها أرقى من الفئات الأخرى ولا تمثّل بالتالي الحياد تجاه مكوناتها، لا بدّ أنها ستدفع شبابها عاجلاً أو آجلاً في صراع جديد، وسيتعرّض مجتمعها من جديد لمقامرة كبرى ممن يعتقدون امتلاكهم الحقيقة باسم المصلحة العامة ليجد المجتمع نفسه من جديد أمام خطر الانهيار".
صراعات داخلية
من جهته، يجزم المحامي والخبير السياسي باسل حوكان، في حديثه إلى رصيف22، بأنه "لا علاقة بين تفجير كنيسة مار الياس وبين ما يُحكى عن مخطّط لتهجير المسيحيين"، فهذا المخطّط - برأيه - لم يعد موجوداً في أجندة محدثي التفجيرات، إن كان موجوداً سلفاً أساساً.
ويشرح: "التهجير الممنهج تخطّط له دوائر الاستخبارات الغربية التي رعت الإرهاب الديني يوماً ليتمرّد بعضه عليها لاحقاً. لكن المسألة، في اعتقادي، عبارة عن صراع داخلي بين القوى الراديكالية الإسلامية الغاية منه تصفية حسابات وعمليات حلول طرف محل آخر، وكلنا يعلم حجم الخلاف بين هيئة تحرير الشام وتنظيم داعش ومن المحتمل أو المرجّح تطوّر هذا الصراع لتدخل أطراف أخرى فيه، فنرى ضجيجاً في جامع، أو صخباً في شارع، أي أنّ الأمر ليس حكراً على لون أو عرق أو طائفة. والواجب قوله إنّ أيّ شريحة سورية، خاصةً المسيحيين، تزداد عمليات هجرة أفرادها بفعل عوامل أمنية واقتصادية، وفق ما سجّل تاريخ الهجرة السورية عبر قرن من الزمان".
تغاضي أو عدم قدرة؟
كذلك، يرى حوكان أنّ الدولة الجديدة لم تتغاضَ عن حالات التطرّف التي ظهرت أخيراً، و"لنقل إنّها غير مسيطرة فعلياً على العدد الكبير من الفصائل التي شاركت في التحرير، إلى درجة أنك تسمع كلاماً من موظف حكومي من الطاقم الجديد يصل إلى مستوى تهديد مركز القرار إذا ما حاد عن العقيدة الإسلامية (وفق تصوّرهم) التي تعاهدوا على أساسها. أنت هنا لم تعد تلمس تراتبيةً أو سمات مؤسسات هرمية في الدولة، وهذا يشكّل انفلاتاً غير مسبوق في إدارة الدولة وصل إلى مرحلة 'حارة كل من إيده إله'. ومن هنا، تمدّد الإرهاب حتى بات ملحوظاً وأعتقد أنّ الوقت قد جاء لتنفيذه على الأرض، في حادث مار الياس، وقد ساعدت في ذلك الظروف اللاموضوعية التي تحدث في المنطقة كلها".
ويختم حوكان، بأنّ "الحلّ الوحيد أمام الإدارة الجديدة، التي يراقبها العالم ويدعمها، أن تكون أكثر جرأةً وتراجع قراراتها الارتجالية السابقة، لتعيد بناء مؤسسات الأمن والجيش من خلال طواقم جيدة وكافية، لتُبنى من خلالها الثقة مع كل المكون السوري، ثم بناء دولة القانون والعدالة والمساواة بعيداً عن الاستئثار واستبعاد الكل على حساب موجود ما يسمّى 'تجربة إدلب'، وإلا فإنّ الأمور مرشّحة لمزيد من التصعيد".
فائض القوة
أما السياسي طارق الأحمد، فيقارب تفجير الكنيسة في دويلعة قوله إنّ "المسألة لا تتعلّق بمحاولة تهجير المسيحيين من سوريا بقدر ما تمثّل النتائج الحقيقية للأخطاء المرتكبة منذ إسقاط النظام بحق صيغة العيش السوري، لأن طريقة الخطاب السياسي التي سادت من منطلق 'من يحرر يقرر' أخرجت الكم الهائل من الأحقاد الدفينة لمجموعات لا تعبّر عن طائفة، بل عن تيارات متشددة تكفيرية شعرت بأن هناك فائضاً كبيراً من القوة يمكن أن يُصرف".
تفجير "مار الياس" لم يضرّ بمسيحيي سوريا وحدهم، بل تعدّى الضرر ذلك إلى بث الخوف والذعر في داخل كل بيت سوري، ما يفرض أحد سيناريوهين: أن يصبح الجميع في سوريا الجديدة مواطنين متساويين، أو أن يُجبروا على أن يكونوا مرةً أخرى شركاء يتقاسمون الخراب، لكنه هذه المرة سيكون خراباً لا يُفرِّق بين سلطة وشعب
ويضيف، في حديثه إلى رصيف22: "أرى أنه بعد سقوط النظام لم تجد هذه المجموعات قدرةً على تصريف فائض قوتها ضد النظام لأنه أُسقِط، فما كان لها سوى أن تصرف هذا الفائض ضد المكونات المذهبية، مثل العلويين والدروز والمسيحيين. وزاد هذا الشعور الخطاب التعبوي من الذين لم يكونوا مشاركين في الثورة السورية، لكنهم وجدوا أنّ المشاركة المستجدة الانتهازية تجعلهم يحصدون السبق، ما جعل السوريين كلهم يدفعون الفاتورة، وهذا التحليل لا يتعلق بالمسيحيين فحسب، بل يُنذر بإشعال حرب أهلية سورية، فالقضية إذاً ليس سفر المسيحيين وإنما إفراغ سوريا من الجميع".
فشل في إدارة الدولة
وعن قدرة الإدارة الجديدة على الوفاء بتعهداتها تجاه السوريين والخارج، يرى الأحمد أنّ "إدارة الرئيس أحمد الشرع لم تقدّم تعهدات لا للشعب ولا لأمريكا وأخواتها، وربما كانت هناك تصريحات. لكن الموضوع المركزي هنا ليس الوفاء بالتعهدات بل فشلها في إدارة الدولة بعد حلّ كل مؤسساتها السابقة، وتالياً المسار حالياً خطأ ويتوجّب على الإدارة الجديدة الدخول في نقاش متعقّل، وعلى الدول الراعية لها أن تضغط لإيجاد حلّ سياسي، وهذا كله لم يحصل بعد، لذا ليس ممكناً أن يكون هناك سلم أهلي".
ويتابع الأحمد: "الإدارة الجديدة لم تتغاضَ فقط عن ملامح التطرّف، مثل سيارات الدعوة، لكن أيضاً عندما ظهرت مجموعة مسلحة بالخناجر في حماة، تعبّر عن رفضها عمليات التسوية، لم تقم بأيّ ردة فعل ضدها، وهذا يعني اعترافاً منها (أي السلطة) بوجود سلطات تفوق سلطتها، ويعني بالضرورة تفاقم الحالة الإرهابية".
حوار سياسي غير مشروط
وختاماً، ينادي الأحمد بضرورة دخول الإدارة الجديدة في حوار سياسي بعيداً عن أي حلّ ترقيعي تكون غير قادرة على تنفيذه، ويقصد بذلك "حلّاً سياسياً دون أي قيود أو شروط أو سرديات، وحواراً سياسياً بين كل الأحزاب والمؤسسات والتكوينات، للاشتراك في صوغ دستور جديد وانتخاب سلطة جديدة"، إذ يرى السوريون جميعاً أنّ تفجير كنيسة مار الياس لم يضرّ بأبناء الطيف المسيحي فقط، بل تعدّى الضرر ذلك إلى بث الخوف والذعر في داخل كل بيت سوري من مختلف المشارب، خوفاً على مستقبل البلاد وأبنائها، فإما أن يصبح الجميع في سوريا الجديدة مواطنين متساويين في الحقوق والواجبات، أو أن يجبروا على أن يكونوا مرةً أخرى شركاء يتقاسمون الخراب، لكنه هذه المرة سيكون خراباً لا يُفرِّق بين سلطة وشعب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.