حملة مستمرّة ضد

حملة مستمرّة ضد "درج" و"ميغافون"... مصالح الفرقاء السياسيين تتلاقى ضد الإعلام المستقلّ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحقوق الأساسية

الأربعاء 11 يونيو 202502:42 م

*أعدّ هذا التقرير إبراهيم هلال من مجتمع التحقق العربي.

بتهمتَي "تعكير صلات لبنان بدول أجنبية" و"إثارة العنصرية والنعرات الطائفية"، تلقّت منصّة "درج" إخطاراً من مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية بدعوى قضائية ثالثة أقامها ضدها المصرفي أنطون صحناوي، على خلفية تقرير نشرته المنصة في آذار/ مارس 2025، بعنوان "درج مستهدفاً من أذرع أنطون صحناوي الإعلامية… لماذا؟"، تعقيباً على سلسلة تحقيقات نشرتها المنصّة، تناولت صحناوي وشخصيات مصرفيةً وأخرى نافذةً، مفنّدةً الشبهات المتعلقة بتسببها في الأزمة المصرفية والمالية الحالية في لبنان.

قبل هذه الدعوى القضائية، ترافقت دعويان أخريان ضد "درج" مع حملة تشويه وهجوم قادتها قنوات فضائية محسوبة على صحناوي، بجانب شخصيات إعلامية مقرّبة من مجموعة من المصرفيين اللبنانيين، وإعلاميين مرتبطين بـ"التيار الوطني الحر"، بالإضافة إلى منظمات وجمعيات أخرى مثل "جمعية صرخة المودعين". تناول "مجتمع التحقق العربي" هذه الحملة الرقمية في تحقيق سابق، كشف عن أبرز الحسابات التي تفاعلت معها، وكيف ساهمت حسابات وهمية وأخرى غير نشطة في تضخيمها، من خلال نشر خطاب مضلّل استهدف تشويه منصّتَي "درج" و"ميغافون".

في هذا التقرير، يتتبّع "مجتمع التحقق العربي" استمرار الحملة الرقمية التي تستهدف "ميغافون" و"درج"، بالتزامن مع الدعوى القضائية الجديدة ضد الأخيرة، كما يحلّل خطاب هذه الحملة وأبرز السرديات التي يتبناها، علماً أنّ أطرافاً عدة تمثّل مختلف التوجّهات السياسية في لبنان شاركت في الحملة، من التيار الوطني الحر، ومؤيدي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وأنصار اليمين الأمريكي، وصولاً إلى مؤيّدي حزب الله اللبناني.

حملة رقمية قديمة مستمرّة

خلال شهر أيار/ مايو 2025، وقبل استدعاء القائمين على منصة "درج" إلى مكتب الجرائم المعلوماتية ببيروت، تصاعد الحديث حول "درج" وجمعية "كلنا إرادة"، وزادت المنشورات التي ألصقت التهم القديمة نفسها بالمنصّة، على غرار الاتهام بـ"تلقّي تمويل مشبوه"، و"الانتماء إلى اليسار التخريبي"، و"السعي إلى شطب أموال المودعين من البنوك".

باستخدام قائمة من أكثر الكلمات المفتاحية تداولاً في هذا السياق، حصلنا على تغطية أفقية وواسعة لكل أشكال النقاش الدائر حول جمعية "كلنا إرادة" ومنصّتَي "درج" و"ميغافون" على مختلف منصّات التواصل الاجتماعي.

حملة إلكترونية منسّقة ومستمرّة ضد "درج" و"ميغافون" و"كلنا إرادة"... إليكم أبرز الأسماء المشاركة فيها، والتيارات السياسية الحاشدة ضد المؤسسات الثلاثة، والبلدان التي ينطلق منها التحريض ضدها

أظهرت التحليلات الأولية التي حصلنا عليها من أداة Meltwater، أنّ تصاعد عدد المنشورات خلال شهر أيار/ مايو الماضي، ارتبط بالجدول الزمني للانتخابات البلدية في لبنان التي بدأت يوم الرابع من أيار/ مايو 2025، إذ بلغ عدد المنشورات ذروته الأولى والثانية يومَي السابع والتاسع من أيار/ مايو المنصرم على الترتيب، قبل موعد فتح صناديق الاقتراع الخاصة بمحافظتَي الشمال وعكار يوم 11 أيار/ مايو 2025.

ثم بلغ عدد المنشورات ذروته الأعلى يوم 13 أيار/ مايو 2025، قبل موعد الاقتراع في بيروت وبعلبك والهرمل يوم 18 أيار/ مايو 2025، ووصل عدد المنشورات إلى ذروته الرابعة يوم 19 أيار/ مايو 2025، قبل اقتراع النبطية الذي أجري يوم 24 أيار/ مايو 2025.

وبرغم ارتباط المنشورات التي تناولت "درج" وجمعية "كلنا إرادة"، بالسياق السياسي في لبنان، إلا أنّ عدد مرات الوصول، الذي تجاوز 38 مليون مرة عبر مختلف المنصات، بلغ ذروته في نهاية شهر أيار/ مايو 2025. جاء ذلك بعد استدعاء القائمين على "درج"، وعقد جلسة تحقيق لم يحضرها صحافيو المنصّة، تلاها اقتحام منزل الكاتب والصحافي وسام سعادة واستجوابه.

وقد انعكست مفردات وموضوعات هذه المنشورات وارتباطها بالسياق السياسي في لبنان على سحابة الكلمات الأكثر حضوراً في المنشورات، إذ ارتبطت المنشورات التي ذكرت منصّتَي "درج" و"ميغافون" وجمعية "كلنا إرادة" بقضية المصارف وأموال المودعين، بجانب أسماء المحافظات التي جرت فيها الانتخابات البلدية.

ولم تتعدَّ نسبة المحتوى الإيجابي في هذه المنشورات كلها نسبة 5%، في حين بلغت نسبة المحتوى السلبي أو المهاجم لـ"درج" و"كلنا إرادة"، نسبة 70%، وفق تصنيف Meltwater.

لكن المنشورات المهاجمة لـ"درج" و"ميغافون" و"كلنا إرادة"، لم تظهر في شهر أيار/ مايو 2025، فبتوسيع المدى الزمني للبحث، ليشمل أشهر العام الجاري كلها، اتضحت على الرسم البياني زيادة أعداد المنشورات المرتبطة بالكلمات المفتاحية المحددة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.

وبلغ عدد المنشورات المتعلقة بسياق الحملة ذروته الأولى والثانية في 25 و27 آذار/ مارس 2025، على الترتيب، وهي الفترة التي عُيّن فيها كريم سعيد حاكماً لمصرف لبنان، خلفاً لرياض سلامة. بالتزامن مع هذا التعيين، تصاعدت حملة التشويه والتخوين الرقمية ضد "كلنا إرادة" و"درج"، قبل أن يصل عدد المنشورات إلى ذروته الكبرى في الرابع من نيسان/ أبريل 2025، بالتزامن مع تقديم الدعاوى القضائية ضد "كلنا إرادة" و"درج" و"ميغافون"، واتهامها بتلقّي تمويل خارجي وتزوير مستندات رسمية، وغيرها من الاتهامات. 

في حين بلغ عدد المنشورات نحو 29 ألف منشور، إلا أنّ عدد مرات الوصول كان أضعاف هذا الرقم، فقد بلغ نحو 396 مليون مرة بمعدل مليونَين و64 ألف مرة يومياً، وهي أرقام تعطي مؤشِّرات واضحةً على عمليات تضخيم محتوى المنشورات

وفي حين بلغ عدد المنشورات نحو 29 ألف منشور، إلا أنّ عدد مرات الوصول كان أضعاف هذا الرقم، فقد بلغ نحو 396 مليون مرة بمعدل مليونين و64 ألف مرة يومياً، وهي أرقام تعطي مؤشِّرات واضحةً على عمليات تضخيم محتوى المنشورات.

وقد انعكست هذه المؤشِّرات على التحليلات الخاصة بأنماط النشر والتفاعل على منصة "إكس"، فشكّلت نسبتا إعادة النشر والاقتباس مجتمعتين نحو 60% من إجمالي المنشورات، في حين بلغت نسبة التعليقات نحو 33%. في المقابل، لم تتعدَّ نسبة المحتوى الأصلي نحو 7% من إجمالي المحتوى المنشور في سياق الحملة.

أما سحابة الكلمات الأكثر ظهوراً في المنشورات، منذ بداية كانون الثاني/ يناير وحتى نهاية أيار/ مايو 2025، فلم تختلف كثيراً عن سحابة الكلمات الخاصة في شهر أيار/ مايو 2025 وحده، ما يشير إلى استمرارية الحملة عبر استنساخ وتكرار المحتوى وإعادة نشره بشكل متعمد، وهو ما يختلف عن النمط الطبيعي للتفاعل البشري الذي يتغير بمرور الشهور، خاصّةً عندما يكون المدى الزمني طويلاً نسبياً (خمسة أشهر).

وتُظهر قائمة الوسوم المرتبطة بالمنشورات القضايا نفسها التي برزت في السحابة الكلامية، إذ ربطت بين الاتهامات الموجّهة إلى جمعية "كلنا إرادة" ومنصّتيّ "درج" و"ميغافون"، وبين قضايا المصارف وأموال المودعين. كما برزت أسماء بعض الشخصيات، مثل: جوزيف أبو فاضل، وألبير كوستانيان، وكريم سعيد، الحاكم الجديد لمصرف لبنان.

واستهدفت النسبة الكبرى من المنشورات في إطار هجوم "المحتوى السلبي"، جمعية "كلنا إرادة"، أما العدد الأكبر من الحسابات المتفاعلة فقد غرّد من لبنان الذي ظهر في المركز الأول ضمن قائمة البلاد المتفاعلة عبر الحملة، تلته بفارق كبير الولايات المتحدة الأمريكية التي نشط منها عدد كبير من الحسابات التي ادعت أنها لـ"مودعين بالبنوك اللبنانية"، ثم جاءت بعدهما بفارق كبير نسبياً حسابات من السعودية.

الحسابات المشاركة في الحملة

إلى ذلك، شارك في الحملة ضد "درج" و"ميغافون" و"كلنا إرادة"، 5،280 حساباً على "إكس" فقط. وأظهرت التحليلات أنّ حساب Joseph Abu Fadel @AbuAbufadel أعلى الحسابات مشاركةً في الحملة، وأكثرها نشراً لمنشورات حول "درج" و"ميغافون" و"كلنا إرادة"، بإجمالي 34 منشوراً، بين إعادة مشاركة وتعليق.

وجوزيف أبو فاضل، محامٍ لبناني عُرف سابقاً بقربه من محور "الممانعة" الذي ضمّ حزب الله والنظام السوري قبل أن تتحوّل مواقفه بشكلٍ ملحوظ في السنوات الأخيرة، إلى انتقاد المحور الممانع. وفي الأول من شباط/ فبراير 2025، أعاد أبو فاضل مشاركة منشور نشره حساب "جمعية صرخة المودعين"، تتهم فيه "كلنا إرادة" بالعمل على تخريب لبنان، وتحرّض بشكل صريح وباستخدام خطاب كراهية ضد المؤسس المشارك والمدير العام لمنصة "ميغافون"، والناشط السياسي المعروف بمواقفه التقدمية ومناهضته الطائفية في لبنان، جان قصير.

وفي السادس من آذار/ مارس 2025، علّق أبو فاضل، على منشور آخر لجمعية "صرخة المودعين"، تتهم فيه "كلنا إرادة" بـ"الفساد واستخدام الرشوة" في الانتخابات النيابية. 

كما شاركت في الحملة قنوات فضائية ومواقع إخبارية عدة، مثل MTV، وموقع Lebanon Debate و"مجلة الجرس" المختصّة بأخبار الفن، والتي أسّستها الإعلامية اللبنانية نضال الأحمدية، وأعادت جميعها نشر الاتهامات نفسها، واستخدمت خطاباً تحريضياً ضد "كلنا إرادة" و"درج" و"ميغافون".

ووصفت قناة MTVLebanon جمعية "كلنا إرادة"، في منشور لها، بـ"المشروع التخريبي" الذي يرتكب "مخالفات قانونيةً جسيمةً".

وشاركت في الحملة حسابات شخصيات أخرى؛ مثل ماريا معلوف @bilarakib المقيمة في الولايات المتحدة، والمؤيدة لليمين الأمريكي، كما يتضح من صورتها مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

شارك في نشر سردية الحملة أيضاً، حساب الكاتب أسعد أبو خليل، الذي اتهم "كلنا إرادة" بمعاداة الشيوعية والانخراط في الحرب الباردة مع "الناتو".

كما شاركت بعض الحسابات المؤيدة لحزب الله؛ مثل حساب @mohamadkazzan، الذي ظهرت في أرشيف حسابه منشورات قديمة يدافع فيها عن أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري السابق بشار الأسد.

الحملة ضد "درج" و"ميغافون" و"كلنا إرادة" جمعت الفرقاء السياسيين في لبنان كلهم، من التيار الحر، ومؤيّدي سمير جعجع، ومؤيدي اليمين الأمريكي، وحتى مؤيّدي حزب الله


وبذلك، تكون الحملة ضد "درج" و"ميغافون" و"كلنا إرادة" قد جمعت الفرقاء السياسيين في لبنان كلهم، من التيار الحر، ومؤيّدي سمير جعجع، ومؤيّدي اليمين الأمريكي، وحتى مؤيّدي حزب الله.

اتهامات متناقضة

اتفاق الفرقاء السياسيين على شنّ الهجوم الإلكتروني ضد "درج" و"ميغافون" و"كلنا إرادة"، انعكس في منشوراتهم التي اتّهم فيها كل طرف المؤسسات الثلاثة بتنفيذ أجندة الطرف الآخر. من بين المنشورات التي حظيت بانتشار واسع على منصات التواصل الاجتماعي، خبر نشرته مجلة "السياسة" وصحيفة "نداء الوطن" المؤيدة لحزب القوات اللبنانية، يربط بين "درج" و"ميغافون" من جهة، وبين موسكو وبشار الأسد من جهة أخرى، يدّعي أصحابه أنّ المنصّتَين تتلقّيان تمويلاً من موسكو.

لاقى المنشور رواجاً واسعاً على فيسبوك تحديداً، ونُشر 4،370 مرةً، ووصل إلى أكثر من 13 ألف شخص عبر الهاتف، ونحو 1،300 شخص عبر استخدام الحاسوب.

كما لاقى منشور لحساب @bilarakib، لماريا معلوف، رواجاً واسعاً، وقد اتّهمت فيه "كلنا إرادة" بأنها "امتداد لميشال عون وتتحالف مع حزب الله". وقد شاهَد المنشور أكثر من 56 ألف شخص، وحظي بنحو 1،040 إعادة مشاركة واقتباس، بجانب عدد كبير من التعليقات.

لاقى أيضاً منشور لجوزيف أبو فاضل، كان يحرّض فيه على "كلنا إرادة"، رواجاً واسعاً، وقد أُعيدت مشاركته 70 مرةً، محققاً وصولاً يزيد عن 82 ألف مرة. 

وقد ركّزت هذه المنشورات التي حقّقت انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي ومشاهدات كبيرةً بين مستخدميه، على توجيه الاتهامات ضد "درج" و"ميغافون" وجمعية "كلنا إرادة" دون دليل.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image