على الحاجز العسكري المقام عند مدخل بلدة عين سينيا، شمالي رام الله، وُضعت مكعّبات إسمنتية خُطّ فوقها شعار "لا مستقبل في فلسطين". على هذا الحاجز، تصطفّ يوميّاً آلاف المركبات الفلسطينيّة في انتظار العبور، وقد يستمرّ انتظار ركّابها القادمين إلى رام الله، أو الذين يغادرونها، ساعات طويلةً.
كيلومترات قليلة تفصل هذا الحاجز عن الطريق الواصل بين مدينتَي رام الله ونابلس، قرب مستوطنة "شيلو" الإسرائيليّة. يشاهد المارّون به يافطةً كبيرةً تقول الجملة نفسها: "لا مستقبل في فلسطين"، مرفقةً بصورة لفلسطينيين من غزّة يحملون أمتعتهم ويمشون في الشارع.
في مواضع عدّة على الطرقات والحواجز، وضعت مجموعات استيطانيّة هذا الشعار، في رسالة واضحة للفلسطينيّين في الضفّة الغربية المحتّلة، ترمي إلى كيّ وعيهم والتأثير على البُعد النفسي لديهم، وخلق تصوّر مستقبليّ يدعو إلى هجرتهم أو تهجيرهم من وطنهم.
لافتة وضعتها منظّمة استيطانيّة تحمل شعار "لا مستقبل بفلسطين"
تهيئة نفسية لتهجير الفلسطينيين
يعمل المواطن أحمد هاني، سائق "تاكسي عمومي"، على خطّ رام الله-نابلس. يوميّاً، عند مغادرته رام الله في الصّباح، وأيضاً عند عودته إليها مساءً، يمرّ بلافتةٍ من هذه اللافتات. "لم يكن المشهد طبيعيّاً بالنسبة لنا. وكانت تدور نقاشات بين الرّكاب وتساؤلات عديدة حول الرسائل التي تحملها"، يقول لرصيف22.
ويستدرك: "لكن، مع مرور الأيام، لم يعد أحد يتحدّث عن الموضوع أو يناقشه في مركبتي من الرّكاب. فهل أصبح مشهداً مألوفاً؟ أو أنّ هناك حالةً من اللامبالاة من طرف من يرون هذا المشهد؟ وهل نجحت إسرائيل في إيصال رسالتها إلينا نحن الفلسطينيين، بأنّ لا مستقبل لنا على هذه الأرض؟ أو أنّ التغافل وعدم الاكتراث هما حالة من التّحدي؟".
لا توجد هجرة طوعية. كلّ ما يحدث هو تهجير قسريّ من خلال القصف والتدمير والتضييق على الفلسطينيين وتدمير البنية التحتيّة. هذه الممارسات من شأنها أن تؤدّي إلى إعدام كلّ مظاهر الحياة ومقوّماتها
يؤكّد أحمد، أنّ الكثير من الفرضيّات تدور يوميّاً في مخيّلته، "لكن الثابت الوحيد أنّ هناك شيئاً ما مجهولاً يتمّ تحضيره لشعبنا في المستقبل القريب"، يضيف.
"تنتشر هذه اللافتات في الضفّة الغربيّة كجزء من تهيئة نفسية للفلسطينيين في قضية التهجير. ففي ظلّ الإبادة التي حدثت في غزّة، تعمل منظّمات استيطانية مدعومة من أحزاب في الحكومة، على الإيحاء للفلسطينيين بأنّ لا مستقبل لهم في أرضهم، وأنّ عليهم أن يفكّروا في الرحيل اليوم قبل الغد، أفضل من أن يُجبروا عليه مستقبلاً"، يقول عادل شديد، الخبير في الشأن الإسرائيلي، لرصيف22.
ويضيف: "في الوقت ذاته، من الأسهل، قانونيّاً وخدماتيّاً، أن تقوم هذه المنظّمات بجولات في دول العالم، وتحديداً في الولايات المتحدة وأوروبا، من أجل جمع التبرعات، من أن تقوم بذلك قوى وأحزاب سياسية، وإن كانت تُعدّ هذه الجمعيّات امتداداً لبعض القوى السياسية في إسرائيل".
ويشير شديد، إلى أنّ حملة تجفيف الموارد والمصادر عن الجمعيات والمؤسّسات المحسوبة على "اليسار" و"الوسط" في إسرائيل، مهّدت الساحة أمام الجمعيات اليمينيّة فحسب، وأمام دورها في جمع الأموال وتشجيع الاستيطان، وتهجير الفلسطينيين.
"لا توجد هجرة طوعية. كلّ ما يحدث هو تهجير قسريّ من خلال القصف والتدمير والتضييق على الفلسطينيين وتدمير البنية التحتيّة. هذه الممارسات من شأنها أن تؤدّي إلى إعدام كلّ مظاهر الحياة ومقوّماتها، وتالياً يمكن عدّ المسألة على أنها تهجير قسريّ"، يضيف مؤكّداً.
ولا يُمكن عدّ ما سبق "خطّةً" إسرائيليّةً. فخلال عمليّة "الجدار الحديديّ" العسكريّة التي بدأت في الضفّة في كانون الثاني/ يناير 2025، هجّرت إسرائيل بالفعل، نحو 40 ألف فلسطيني، قسراً، من بيوتهم.
منظمات استيطانية مدعومة من الحكومة
وتقف وراء هذه الحملة وهذا الشّعار، منظّمة "نقاتل من أجل الحياة" الاستيطانية، التي تنشط في مناطق المحافظات الشمالية في الضفّة، وتعمل على تكريس واقع أيديولوجي يقوم على نفي ورفض أيّ فكرة لقيام دولة فلسطينيّة.
وتؤكّد المنظّمة، التي تأسّست عام 2022، على أنّ "الحرب على الأرض ليست مجرّد حرب. إنّها حرب روحيّة بحقّ شعب إسرائيل. وإذا استسلمنا، فسنحصل على مجزرة أخرى. لقد تعلّمنا في غزّة أنّنا إذا لم نهزم العدوّ فسوف يهزمنا. وما ينطبق على غزّة، ينطبق على يهودا والسّامرة (الضفة)؛ احتلال وترحيل واستيطان".
ويقول أعضاء المنظّمة: "رصدنا ظاهرةً آخذةً في التّوسع بسبب الحرب، وهي قرار العرب الهجرة، أو تفكيرهم في ذلك بصوتٍ عالٍ، بعد أن أدركوا أنّ الإسرائيليين قرّروا ألا يتمّ إنشاء دولة فلسطينيّة قريبة منهم؛ إمّا نحن أو هم"، موضحين أنّ هدف الحملة هو منع هذه "الآمال الكاذبة"، بحسب تعبيرهم.
وفي مقابلة على القناة السابعة الإسرائيليّة، صرّح أحد أنصار المنظّمة قائلاً: "لقد تمّ تضليل الفلسطينيين طوال الوقت حول إمكانية قيام دولة فلسطينيّة، وهذا يشّجعهم على تنفيذ العمليّات الإرهابيّة".
ينتاب الإنسان المزيد من الخوف والقلق على المستقبل. بدأت أتحدث كثيراً مع زوجتي في هذا الأمر. هل سنبقى في هذه الأرض أو سيقومون بتهجيرنا؟ بعد كلّ التدمير الحاصل في قطاع غزّة، لا شيء مستحيلاً على إسرائيل وأمريكا
وربّما برزت كذلك في السنوات الأخيرة منظّمة "فتية التلال"، وهي منظّمة استيطانية تتكوّن من مجموعة من الشباب اليهود الأكثر تطرفاً وتعصباً؛ يسكنون في مستوطنات الضفة، وينشطون في إنشاء بؤر استيطانيّة، ويقومون بحملات منظّمة للاعتداء على الفلسطينييّن وتدمير ممتلكاتهم.
وُلد اسم هذه المجموعة من دعوة أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أريئيل شارون، عندما كان وزيراً للخارجيّة في عهد حكومة بنيامين نتنياهو، عام 1996، لإحباط عملية السلام واتفاقية "واي ريفير"، حيث قال حينها: "اركضوا واستولوا على أكبر عدد من التلال، تلّةً بعد تلّة".
أصبح نشاط هذه المنظّمة ظاهراً بفعل الدعم المباشر من وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير، الذي عمل على منح مزيد من الصلاحيات لهم وتسليحهم بأسلحة متطورة، والدعم الذي حصلوا عليه من وزير الأمن يسرائيل كاتس، الذي أوقف الاعتقالات الإدارية بحقّهم.
في مقالة له في صحيفة "هآرتس"، يقول رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق؛ إيهود أولمرت: "هذه ليست أفعالاً عشوائيّةً، بل سياسة منظّمة من قبل القائمين عليها، تمهيداً لتهجير السكان من تلك القرى والبلدات الفلسطينيّة، وضمها بالكامل إلى دولة إسرائيل"، مضيفاً أنّ هؤلاء الشّباب يعملون في جوّ داعم ومساند من قبل جزء كبير من السّكان البالغين في المستوطنات، ومن قبل النظام الأمني الإسرائيلي.
خطّة ترامب وتأثيرها على الوعي الفلسطينيّ
جاءت تصريحات ترامب، المرتبطة بضرورة تهجير الفلسطينيين من غزّة -أو بلغة ناعمة، "نقلهم" إلى أماكن أخرى غير مكانهم "غير القابل للعيش"، كما يقول ترامب- حلقة أخرى في كيّ وعي الفلسطينيّين بمسألة هجرتهم أو تهجيرهم من بلادهم.
تجلّت هذه "اللغة النّاعمة" -وتصوير "غزّة ترامب" أو "غزّة الريفييرا" مكاناً مزدهراً وعامراً مليئاً بفرص العمل- في فيديو قصير نشره ترامب، معتمداً على الذكاء الاصطناعي، يصوّر غزّة في المستقبل بعد أن هُجّر سكانها.
وتباينت ردود الفعل في الشّارع الفلسطينيّ حول هذا الفيديو، فمنهم من سخر منه، ومنهم من توجّس. يقول المواطن ثائر عثمان، من مدينة سلفيت، لرصيف22: "نعيش اليوم في مرحلة خطيرة جدّاً. ينتاب الإنسان المزيد من الخوف والقلق على المستقبل. بدأت أتحدث كثيراً مع زوجتي في هذا الأمر. هل سنبقى في هذه الأرض أو سيقومون بتهجيرنا؟ بعد كلّ التدمير الحاصل في قطاع غزّة، لا شيء مستحيلاً على إسرائيل وأمريكا".
ويردف: "لقد بدأت أفكر في التواصل مع أقاربي في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، فربّما أؤمّن لي عملاً هناك. وإذا تيسّرت الأمور، قد أذهب أوّلاً ثمّ تلحق بي عائلتي. لا نضمن شيئاً في هذا البلد بعد كلّ ما جرى".
بحسب معهد واشنطن لدراسات الشّرق الاوسط، فإنّ رؤية ترامب، لمستقبل قطاع غزّة، أحدثت ضجةً كبيرةً على المستويين الدولي والعربي، إذ تقوم على إعادة إعمار القطاع بناءً على اعتبارات اقتصادية وربحية ونفعيّة، متجاهلةً الارتباط العميق للفلسطينيّ بأرضه. وفي المقابل، لاقت دعوته ترحيباً واسعاً في الأوساط الاسرائيلية قاطبةً، وعملت على تعزيز ائتلاف نتنياهو، وشجّعت الأحزاب الإسرائيلية اليمينيّة على البقاء في الحكومة. صرّح إيتمار بن غفير، بأنّ "الحلّ الوحيد لغزّة هو تشجيع هجرة سكّانها الطوعيّة. عندما قلتُ ذلك مراراً وتكراراً خلال الحرب، سخروا مني. هذا هو الحلّ الوحيد لمشكلة غزّة، هذه هي الإستراتيجية لـ'اليوم التالي للحرب'".
هل غابت الرؤية الفلسطينية الرسمية؟
يقول عيسى عمرو، رئيس منظّمة "شباب ضدّ الاستيطان"، وهي مؤسسة أهلية ناشطة في مقاومة الاستيطان في محافظة الخليل: "تسعى هذه المنظمات الاستيطانيّة إلى محاربة الأهالي في المناطق المستهدفة، حيث يعاني المواطنون الفلسطينيون من انعدام الأمن الشخصيّ بسبب إرهاب المستوطنين وعنفهم. ووضع هذه اليافطات، محاولة لنزع الأمل من المواطن الفلسطيني، والضغط على وعيه من خلال تصوير إسرائيل على أنّها المالك للأرض".
ويضيف في حديثه إلى رصيف22: "هذه رسالة واضحة بأنّ الدولة الفلسطينيّة وحقّ تقرير المصير لن يتحقّقا، وأنّ إسرائيل هي صاحبة الولاية على كلّ شيء".
"تكمن الخطورة الأكبر، في أنّ تلك الخطط لا تواجَه بأيّ خطط فلسطينيّة رسميّة لإجهاضها ومقاومتها"، يقول شديد.
دولة إسرائيل قرّرت تنفيذ خطّة ترامب، مع تحسينات بسيطة: تقليص عدد السكان العرب. فبدلاً من تهجيرهم، الذي سيسبّب الكثير من الصّداع لإسرائيل، دعونا نتركهم يقتلون بعضهم البعض
ويشير إلى أنّ عدم وجود خطة رسميّة أو شعبيّة من قبل الفلسطينيين، سيعزّز من مخاطر هذا المشروع. "منذ بداية المشروع الصهيوني"، يضيف مؤكّداً.
من جانبه، يلفت عمرو، إلى أنّ مؤسّسته عملت على إطلاق حملة، علّقت من خلالها يافطات في الأماكن العامّة في محافظة الخليل، تؤكّد ملكيّة الفلسطينيّ لأرضه تحت شعار "هذه فلسطين". كما عملت الحملة على إزالة اليافطات التي علّقها المستوطنون، تزامناً مع توعية المواطنين بخطورة رسالتها.
"كما أطلقنا حملةً دوليّةً لتعريف المجتمع الدوليّ بمسألة 'التهجير الطوعيّ' غير الواقعي، والذي يتناقض مع تمسّك الفلسطينيّ بأرضه وحقوقه، لئلا تتكّرر تجربة التهجير عامَي النكبة والنكسة. كما نقول من خلال حملتنا إنّ معظم دول العالم غير مستعدّة لقبول مهاجرين، وإنّ ذلك لا يندرج إلّا تحت خلق صراع نفسي عند الفلسطيني، الذي يُعدّ مجرّد وجوده في أرضه مقاومةً"، يضيف عمرو.
هل يشمل التهجير فلسطينيّي الداخل؟
وذكرت صحف إسرائيليّة، أنّ قنوات فلسطينيّةً في مواقع التواصل الاجتماعي، عدّت أنّ إسرائيل ترغب في طرد كامل للفلسطينيين، ليس في الضفّة وغزّة فحسب، بل في القدس والداخل أيضاً.
تجلّت هذه السياسة من خلال تصريحات حديثة لمسؤولين إسرائيليين، منها ما صرّح به رئيس بلديّة مدينة اللدّ الليكوديّ، يائير ريفيفو، حول تصاعد الجريمة المنظّمة في المجتمع الفلسطينيّ في الداخل، قائلاً: "لم يخبروكم، لكنّ دولة إسرائيل قرّرت تنفيذ خطّة ترامب، مع تحسينات بسيطة: تقليص عدد السكان العرب. فبدلاً من تهجيرهم، الذي سيسبّب الكثير من الصّداع لإسرائيل، دعونا نتركهم يقتلون بعضهم البعض، وهكذا نتخلّص من العرب".
وقال ريفيفو، في مقابلة مع صحيفة "مكور ريشون": "كيف يقتل العرب نساءهم وأطفالهم؟ لقد أصبحت إسرائيل واحدةً من أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للعرب. وهناك المزيد والمزيد من العائلات العربية في اللدّ، التي تهاجر إلى الخارج".
يُذكر أنّه في عام 2024 وحده، قُتل 230 فلسطينيّاً في الداخل، أحيل 14.8% من الجرائم تلك فقط إلى القضاء، في ظلّ عدم وجود أيّ قرار سياسي لدى الحكومة الإسرائيليّة للتصدّي للجريمة المنظّمة، بحسب ما ترى منظّمات حقوقيّة فلسطينيّة، ولجنة المتابعة العليا في الداخل.
في حديثه إلى رصيف22، يقول الناشط السياسيّ الدكتور ثابت أبو راس، إنّ "الترانسفير هو جزء أساسيّ من أيديولوجيا الحركة الصهيونيّة وفكرها. بدأ طرحها من خلال المؤتمرات الأولى للحركة الصهيونيّة، ثمّ تنفيذها منذ قيام دولة إسرائيل وحتّى لحظتنا هذه".
ويلفت إلى أنّ إسرائيل ترمي إلى تهجير الفلسطينيين داخلها عن طريق تضييق الخناق على بلداتهم في الداخل، وعدم توسيع المسطّحات التابعة لها، ونقل الفلسطينيين إلى مجتمع حضريّ وتحويل قراهم إلى مدن.
ويشير أبو راس، إلى سبل أخرى لسرقة الأرض وتهجير السّكان، منها سبيل يؤكّد على أنّ مشهد تهجير القرى وتدميرها لم يبق مشهداً من الماضي فقط. "هناك قرية اسمها المفجر، تقع على الساحل جنوبي حيفا، تمّ ترحيل سكّانها جنوباً إلى مدينة فلسطينيّة، من أجل إقامة محطّة كهرباء الخضيرة فوق أراضيها. هكذا، يتمّ 'نقل' النّاس بهدوء إلى تجمّعات أكبر؛ أي سياسة الترانسفير نفسها، في الداخل وفي مسافر يطّا وفي النّقب".
ولعلّ فلسطينيّي النقب البدو يواجهون السياسات الأبشع من حيث هدم البيوت وإخلاء القرى وسرقة الأرض. "إسرائيل قلّصت عدد البدو من 100 ألف إلى 11 ألف مواطن. ولا تزال تسعى إلى تجميعهم في مدن ومناطق 'حضريّة' محدودة"، يضيف أبو راس.
رسالتنا للجيل الشّاب، ألا تسمحوا لأحد بسرقة مستقبلكم. لا تتركوا قراكم ولا تفقدوا هويّتكم، ولا تندمجوا في واقع يسعى المهيمنون عليه إلى إلغائكم. هذه معركة وعي. والوعي هو أوّل خطوة لاستعادة القوّة"، يقول صالح أبو ركن، أحد مؤسّسي خيمة الاعتصامّ ضدّ أوامر الهدم، في حديثه إلى رصيف22.
ويشير إلى أنّ قضيّة التهجير القسريّ والطوعيّ، التي يواجهها الفلسطينيّون في الداخل، لا تتحقّق فقط عبر هدم البيوت والإخلاء، بل عبر تغذية العنف والجريمة والسياسات الممنهجة التي تُلغي الهويّة، وإعادة تشكيل الواقع الديمغرافيّ في إسرائيل وإضعاف الفلسطينيين كمجتمع مستقلّ له هويته وتاريخه.
ويضيف أبو ركن: "الناس يُدفعون إلى مغادرة قراهم قسراً، تحت ضغط الواقع الاقتصاديّ والأمنيّ، ما يؤدي إلى تفكّك المجتمع وتآكل هويته. هكذا تعمل إسرائيل على استبدال المجتمع ككيان مستقلّ، بأفراد معزولين، أو مندمجين في الدولة دون هويّة خاصّة بهم.
"التحدي الآن هو في إعادة بناء الوعي الجمعيّ. نحن في الخيمة نعمل على تعزيز الانتماء المحليّ، ومقاومة سياسة الهدم والتمييز التخطيطي، وتنظيم العمل الجماهيري ضد أوامر الهدم بطريقة فعّالة ومدروسة، ومواجهة العنف والجريمة، وخلق مبادرات محليّة لحفظ الأمن بدل الاعتماد على منظومة لا تبالي بحياة الفلسطينيّين في الداخل"، يقول مردفاً.
ويختم أبو ركن: "إذا لم نتحرّك الآن، سنجد أنفسنا بعد 20 أو 30 سنةً، في مجتمع ذي هويّة لا تشبه هويّتنا الأصليّة. لكن إذا بدأنا اليوم، يمكننا قلب المعادلة، واستعادة حقّنا في الأرض والهويّة والوجود".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ يوماتمنى الرد يا استاذ ?
Apple User -
منذ يومهل هناك مواقف كهذه لعلي بن ابي طالب ؟
Assad Abdo -
منذ 3 أيامشخصية جدلية
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أيامأن تسخر التكنولوجيا من أجل الإنسان وأن نحمل اللغة العربية معنا في سفرنا نحو المستقبل هدفان...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أياملم تسميها "أعمالا عدائية" وهي كانت حربا؟
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 6 أيامnews/2025/03/12/nx-s1-5323229/hpv-vaccine-cancer-rfk في هذا المقال بتاريخ لاحق يشدد الأطباء على...